الثلاثاء، 24 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/26م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

تأملات في كتاب: "من مقومات النفسية الإسلامية" الحلقة الثامنة والستون

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على إمام المتقين, وسيد المرسلين, المبعوث رحمة للعالمين, سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, واجعلنا معهم, واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين.


أيها المسلمون:


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد: في هذه الحلقة نواصل تأملاتنا في كتاب: "من مقومات النفسية الإسلامية". ومن أجل بناء الشخصية الإسلامية, مع العناية بالعقلية الإسلامية والنفسية الإسلامية, نقول وبالله التوفيق: عنوان حلقتنا لهذا اليوم هو: "أحاسنكم أخلاقا" وهو مأخوذ من الحديث الذي رواه الترمذي في سننه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا, وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني مجلسا يوم القيامة, الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون". قالوا يا رسول الله, قد علمنا الثرثارون والمتشدقون, فما المتفيهقون؟ قال: "المتكبرون".


الأخلاق هي السجايا، ويجب ضبطها بمفاهيم الشرع, فما حسنه الشرع من هذه الأخلاق يكون حسنا، وما قبحه يكون قبيحا. وذلك أن الأخلاق جزء من الشريعة، وقسم من أوامر الله ونواهيه، فقد حث الشرع على الأخلاق الحسنة، ونهى عن الأخلاق السيئة، وعلى المسلم، وبخاصة حامل الدعوة، أن يحرص على الاتصاف بالأخلاق الحسنة وفق أحكام الشرع المتعلقة بها. ومن الجدير ذكره والتركيز عليه أنه يجب أن تكون الأخلاق مبنية على أساس العقيدة الإسلامية، وأن يتصف المؤمن بها على أنها أوامر ونواه من الله تعالى، فيصدق لأن الله أمر بالصدق، ويكون أمينا لأن الله أمر بالأمانة، وليس لكي تحقق هذه الأخلاق له نفعا ماديا بأن يقبل الناس بكثرة على تجارته، أو لكي ينتخبوه. وهذا هو الذي يميز صدق المؤمن من صدق الكافر، الأول صدق لأن الله يأمر بالصدق، والثاني صدق لتحقيق منفعة له من وراء ذلك. وشتان بين الصدقين.

 

ومن النصوص المتعلقة بالخلق: الحديث المتفق عليه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "إن من خياركم أحاسنكم أخلاقا". وأخرج مسلم في صحيحه عن النواس بن سمعان قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم فقال: "البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في نفسك, وكرهت أن يطلع عليه الناس".

 

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن، وإن الله ليبغض الفاحش البذيء". رواه الترمذي وقال: حسن صحيح, وابن حبان في صحيحه. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال: "تقوى الله تعالى وحسن الخلق". وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار فقال: "الفم والفرج" رواه الترمذي وقال صحيح، وابن حبان في صحيحه، والبخاري في الأدب المفرد، وابن ماجة وأحمد والحاكم.

 

وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا, وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا, وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه". رواه أبو داود في سننه, وقال النووي: حديث صحيح. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم" رواه الترمذي وقال حسن صحيح, وأحمد في سننه, وأبو داود في مسنده, وابن حبان في صحيحه. وفي الباب عن عائشة وأبي ذر وجابر, وأنس وأسامة بن شريك, ومعاذ وعمير بن قتادة وأبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه، وهي أحاديث حسان. منها ما رواه أحمد في مسنده عن أبي ثعلبة الخشني ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أحبكم إلي وأقربكم مني محاسنكم أخلاقا, وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني مساويكم أخلاقا الثرثارون المتشدقون المتفيهقون". ومن الأخلاق الحسنة نذكر:


أولا: الحياء: عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على رجل من الأنصار، وهو يعظ أخاه في الحياء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعه فإن الحياء من الإيمان" متفق عليه. وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحياء لا يأتي إلا بخير" متفق عليه. وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الإيمان بضع وسبعون -أو بضع وستون- شعبة، فأفضلها: قول لا إله إلا الله، وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان" متفق عليه.


ثانيا: الحلم والأناة والرفق: روى مسلم في صحيحه عن ابن عباس وأبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأشج عبد القيس: "إن فيك لخصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة". وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله" متفق عليه. وروى مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه".
وروى مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه". وروى مسلم عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من يحرم الرفق يحرم الخير". وروى مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بيتي هذا: "اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به".


فإذا التزم المسلم بالأخلاق الفاضلة, باعتبارها أحكاما شرعية واجبة الاتباع طاعة لله: امتثالا لأوامره, واجتنابا لنواهيه, فإنه يسمو ويرقى في المرتقى السامي من علي إلى أعلى, ومن شاهق إلى شاهق, ولله در الناظم حيث قال:


صف ذا ثنا كم جاد شخص قد سما        دم طـيبا زد في تـقى ضع ظـالما

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


محمد احمد النادي

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع