الركون إلى الأشخاص أم الركون إلى الأفكار ح3 والأخيرة
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
نتابع معكم حديثنا في موضوع الركون إلى الفكر أم إلى الأشخاص من حيث انتهينا في الحلقة السابقة،
وقلنا أن محور حديثنا في هذه الحلقة سيكون عن المخاطر التي يجب أن تراعى لتحقيق أهداف الأمة وغاياتها عند القيادة أو أخذها :-
1- على الصعيد الفكري :
إذ قد يكون الضرب من الخارج من قبل نظم الكفر أو من قبل أوساط سياسية ضعيفة الفهم والقدرة ولا تنظر إلا لقيادة مشاعرية، أو قد تكون الأوساط السياسية لا تنظر إلى خدمة الإسلام خالية من الأمانة ، وهذا بعينه الذي قد جرأ الكفار على التهجم على أفكار الإسلام والنظر إلى حرف مسار الأمة من خلال استخدام هذه الأوساط السياسية لتحقيق مصالحه، لاستنادهم لهذا الدعم الخارجي على أن تكون تلك الأوساط تحترم القوانين الدولية والسلم الداخلي والخارجي والمعاهدات على أساس الديمقراطية، عندها ترضى عنهم نظم الكفر .
وكما نعلم أن نظم الكفر ما زالت تتهجم على فكرة الإسلام ومنها الجهاد وإقامة الخلافة وتعدد الزوجات وغيرها من الأفكار، ما أدى عند البعض إلى محاولة الدفاع والرد، فنجد أن الرد باهت ضعيف لضعف فهم الأمة الإسلام واهتمامهم بأفكاره، وهذا الرد الباهت لن يوصل إلى النتائج المرجوة، بل يحقق مصالح الكفار ويعمل على الهاء المسلمين وإشغالهم عن الأهداف الحقيقية .
أما الرد القوي المؤثر يكون من قبل رجال أقوياء أمناء قادرين على حمل الدعوة، يعتمد عليهم وأنهم أهلا للثقة والأمانة لضرب الباطل ودمغه، لأنهم مدركين حقيقة الصراع بين الأمة الإسلامية كافة وبين الكفار شعوبا وأمما وانه صراع دائم، ومدركون أن أي عمل للتغيير لا بد له من الاعتماد على الفكر المبدئي أولا، يحمله الأفراد بقيادة سياسية واعية ومرتبطين بالفكر ارتباطا وثيقا، عندها يحقق ثقة الأمة وطاعتها، لاعتماده على الأفكار التي يقوم عليها المجتمع وهو يقوم بذلك بصراع فكري ويتقي الحجج والبراهين القوية الواضحة المسكتة للكفار لضمان ضرب خطط الكفار، وهذه القيادة تتمتع بطول النفس من ملاحقة ومتابعة الأفكار ومصالح الأمة ومقارعة الكفار وكشف مؤامراتهم .
2- على الصعيد الداخلي :
التقصير بحمل الفكرة ( أي فكر الإسلام وتطبيقه ) إذ إن اعتماد الناس على من يحملون الإسلام ويدعون له، فان حصل عندهم التقصير في فهمه وتطبيقه فانه يؤدي إلى زعزعة ثقة الأمة بأفكار الإسلام والذي بدوره يؤدي إلى الانتكاس ويفقد الثقة بالأشخاص الذين اعتمدوا عليهم وقد حصل هذا بالفعل سابقا عندما كان عند الأمة مفهوم أن جيش الأمة الإسلامية لا يقهر كمفهوم، فقد أدرك الكفار أن وراء هذه القوة ثروة فكرية مبدئية تُحمل بكل قوة، فعمل الكفار إلى زرع زعزعة ثقة المسلمين بالإسلام، وقد انتصر الكفار في هذا التحدي لإدراكهم أن من يحملون الإسلام ويدعون له عندهم ضعف في الفهم والتطبيق وان اعتماد الناس عليهم سوف يحقق أهداف الكفر للنجاح في هذا التحدي، وقد أعقب هذا النجاح مع الأسف من هزيمة للمسلمين إلى هزيمة أخرى وهي الهزيمة السياسية على الساحة السياسية .
وعلى هذا الأساس لا بد أن يُدرك أمناء الأمة أن العمل لقيادة الأمة والركون إليهم لا بد له من التحصن بالفهم والتطبيق، وأن الوعي السياسي أمر لازم وانه لا بد لهم من التفكير في الحقائق ولا سيما من يتحملون المسؤوليات لان الأفكار كثيرة وقد تكون سببا للخطأ أو الضلال، فلا يصح اخذ أي فكر على انه حقيقة - بل على انه فكر يجري تطبيقه على الواقع فان انطبق عليه كان حقيقة، مع مراعاة انه قد تحصل مغالطات إما على الحقائق كحقائق، بالتشكيك مثلا في حقيقة من الحقائق بأنها ليست حقيقة، مثل تشكيك الناس بان يهود أعداء للمسلمين حقيقة وان يهود أعداء لأهل فلسطين حقيقة وللصرف طمسوا الحقيقة الأولى بأنهم أعداء للمسلمين وأبقو الحقيقة الأخرى بأنهم أعداء لأهل فلسطين فعزلت قضية فلسطين عن باقي الأمة.
ومثلا: السلطان للأمة حقيقة وانتخاب ممثلين ينوبون عن الأمة لتحقيق هذا السلطان حقيقة - فطمست حقيقة السلطان وجعلوا حقيقة الممثلين والوكلاء هي البارزة، فلعبوا على وتر هذه الحقيقة من جهة الولاء للقوانين الدولية وجعلوا السيادة لنظم الكفر بدلا من سيادة الشرع .
وقد تكون المغالطات :
بفهم الحقائق - بتغير الظرف
مثلا :
إن الإسلام قوة لا تغلب حقيقة وجعلوها بتغير الظرف بأنه أول الزمان حقيقة ومع تغير الظرف ليس بحقيقة، ومثلا وجود الأحزاب السياسية حقيقة ومع تغير الظرف جعلوها بان تكون أحزاب سياسية على أساس لا يخالف القوانين الدولية، ومثلا أهل القوة وأهل الرأي حقيقة ومع تغير الظرف جعلوا أهل القوة وأهل الرأي حقيقة مستقلة كمؤسسة عسكرية حيادية وكأنها لا تنتمي للأمة بل للقوانين الدولية والمحافظة على القانون الوضعي .
ومن المغالطات أيضا :
إيجاد أعمال تصرف عن الحقائق .
مثلا: الأمة لا تنهض إلا بالفكر حقيقة، وللصرف رفعت من قيمة الأعمال المادية من مظاهرات وثورات لصرف الناس عن الفكر لإشغالهم عن الحقيقة الأساسية، ومثلا الأمة تريد التغيير وربيع الثورات حقيقة وللصرف شجعت فكرة أن حرية الرأي في ظل الديمقراطية لصرف الناس عن سقف المطالب المراد به للتغيير إلى الحكم بما انزل الله .
وعليه لا بد أن تنتبه التيارات الإسلامية الفاعلة بين الأمة هذا الخطر والحرص من المغالطات والتمسك بالحقائق بيد من حديد .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أبو زياد غوشة