الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

  براغماتية السلاح أيهما يتحكم بالآخر: البندقية أم المبدأ؟

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

 

أحمد القصص *

 

حين نشأ "حزب الله" سنة 1982، كانت مقاومة الاحتلال (الإسرائيلي) إحدى أهم قضاياه، ولكنها لم تكن قضيته الوحيدة. إذ كان كسائر الحركات ذات الطابع الإسلامي ترفع شعارات تتعلق بالنظرة إلى المجتمع وطريقة عيشه وإلى الحياة السياسية وما يجب أن تكون عليه، وإلى الاقتصاد ونظامه الأمثل وإلى قضايا التربية والثقافة والأخلاق... وكان يقارب هذه القضايا من زاوية إسلامية بقدر ما يحمل من أدبيات إسلامية، ما يعني أنه كان متمايزاً إلى حدٍّ بعيد عن التنظيمات اللبنانية الأخرى ذات الطابع العلماني، وبالمقابل قريباً من سائر الحركات الإسلامية، من حيث رفضُها للأطروحات العلمانية، وأيضاً من حيث استعصاؤها على "اللبننة"، إذ معظم هذه الحركات - بما في ذلك "حزب الله" - كانت لا تعترف بالحدود التي تمزق البلاد الإسلامية، ولا ترى في الوطنية القطرية مدىً صالحاً لثقافتها وأيديولوجيتها ومشاريعها السياسية، فالإسلام أوسع وأبعد مدى من أن يُفصَّل على قياس دولة قطرية مصطنعة، ولا سيما على قياس لبنان. ولا يخفى على أحد أن الثورة الإسلامية التي قادها الإمام الخميني كانت المستنهِض الأكبر لنشأة الحزب وحركته، إلا أنّ ثقافة مؤسسي الحزب وأفكارهم كانت قد بدأت بالتشكل قبل ذلك، استلهاماً من كتابات الإمام محمد باقر الصدر، التي كانت بدورها متأثرة - كما يرى الكثير من الدارسين لتلك الحقبة - بكتابات الإمام تقي الدين النبهاني مؤسس "حزب التحرير"·

 

إلا أن السنين دارت وتعاقبت ليتحول "حزب الله" إلى تنظيم آخر كلياً، بحيث لم يحتفظ من نشأته الأولى بغير اسمه وعلمه الأصفر، إضافة إلى كثير من وجوهه المؤسِّسة الأولى. إذ تغيّر خطابه الفكري والسياسي، من خطاب ذي طابع إسلامي إلى خطاب فاقد للهوية، فهو في يومنا هذا ليس خطاباً إسلامياً ولا هو خطاباً عروبياً، وليس بخطاب وطني ولا لبرالي ولا يساري... بل هو خطاب يأخذ من كلّ من هذه الأطروحات المتناقضة نصيباً مبتوراً ليشكل منها معاً خطاباً لا ينطلق من أي مسلّمات فكرية، ولا من أي مبدأ أساس، وإنما هو خطاب ذرائعي يجعل الغاية مبرِّرة للواسطة ومنشِئة للأفكار، حيث لا يكون مقياس الأفكار: هل هي صحيحة أم خطأ؟ ولا: هل هي إسلامية أم غير إسلامية؟ ولا: هل هي إمامية جعفرية أم غير ذلك؟ بل المقياس هو: ما مدى صلاحية هذه الأفكار لتحقيق الهدف؟ أو: كم بإمكانها أن تخدم الهدف الذي بات محوراً للحزب؟ ولو بمعزل عن المبدأ. وهكذا تحول الهدف إلى مبدأ! وبالتالي إلى مصنع للأفكار والمواقف، ومحوراً لثقافة جديدة قابلة للتلون والتغير من يوم إلى آخر، لتواكب الأجواء والأنواء والعواصف التي تعصف بهذا الهدف وتحيق به من كل جانب. على أي هدف نتكلم؟ بالطبع نتكلم على ما سمَّوه "مشروع المقاومة". فتحت عنوان المقاومة، ومع اضطرار الحزب إلى تعزيز تحالفات سابقة والتخلي عن أخرى وبناء تحالفات جديدة بسبب الخلل الذي أحدثه الانسحاب المفاجئ للجيش السوري من لبنان سنة 2005، أمسى الخطاب السياسي للحزب يعيش غربة تامة عن الأدبيات الإسلامية وخالياً من أي إشارة إلى أحكام الإسلام في شؤون الحكم والاقتصاد والتربية والسياسة الخارجية، بل بات هذا الخطاب متماهياً إلى أبعد مدى مع الخطاب البعثي ومع الخطاب العوني والخطاب القومي السوري... بل حتى مع خطاب خصومه السياسيين في لبنان بعد أن قرر منافستهم في اعتماد الأعراف الطائفية السياسية اللبنانية والمزايدة عليهم في احترام الدستور وتفسيره وتأويل نصوصه وتبادل الاتهامات بمخالفة بنوده ومقدمته ومنطوقه ومفهومه وروحه...!

 

لا شك أن المقاومة التي مارسها "حزب الله" في جنوب لبنان ضد الاحتلال (الإسرائيلي) هي بحد ذاتها عمل نبيل وشريف، ولا يسع أحداً يحكّم الشرع أن يكون رافضاً لهذه المقاومة من حيث هي جهاد ضد المحتل. فهي من وجهة النظر الشرعية الإسلامية من الجهاد الذي طلبه الإسلام وجعله من أعظم العبادات. ولطالما كنّا من المناصرين للمقاومة عند كل عملية جهادية وعند كل مواجهة مع أي عدوان إسرائيلي. ولكن تبقى هناك مشكلة في القرار السياسي الذي يقبع وراء المقاومة ووراء بندقيتها، ووراء غطائها السياسي. فعلى الرغم من ضخامة الشعارات التي رفعتها إيران الثورة منذ نشأتها، والتي اتسمت بالتراجع عاماً بعد عام، وعلى الرغم من "شعار" الممانعة الذي رفعه النظام السوري، فإن المؤكد أن تحرير فلسطين ليس في جدول أعمال أي من هاتين الدولتين، وليست المقاومة وسلاحها في نظر الدولتين الراعيتين لها سوى عامل من عوامل القوة في المنطقة، وبالتالي ورقة يستخدمانها عند اللزوم، سواء في المعادلة الإقليمية أو في المعادلة اللبنانية الداخلية التي لا تنفك بدورها عن تلك الإقليمية، أو في عملية التفاوض بين النظام السوري و(إسرائيل). ولما كان الراعيان للمقاومة وسلاحها جزءاً من الانقسام الحاصل في لبنان ومحيطه، أدى ذلك تلقائياً إلى أن يكون "حزب الله" جزءاً من الاصطفاف السياسي الحاصل فيهما، فتورط نتيجة هذا الاصطفاف في تحالفات سياسية لا تمتّ إلى المبدأ والهوية الإسلامية بصلة، بل تتناقض معها إلى أبعد الحدود. وقد ازداد تورطه هذا مع تقدم السنين وتفاقم حتى أفقده كل خصوصية سياسية أو ثقافية أو أيديولوجية مبدئية... سوى خصوصية واحدة وأيديولوجيا فريدة: هي التفوق العسكري والأمني الذي وفّره "مشروع المقاومة"·

 

فعند نشأة الحزب في أوائل الثمانينات كانت شعاراته الإسلامية الواضحة تنأى به عن كافة التيارات والكيانات السياسية، ولا سيما العلمانية منها، بما في ذلك النظام السوري الذي تعاطت قيادته في لبنان بتحفظ شديد مع الحزب الناشئ، بل بلغ هذا التحفظ حد المشهد الدموي في بعض الحالات المعروفة. وكان الارتباط الوحيد المسلّم به لدى أركان الحزب آنذاك هو الارتباط بإيران الثورة، مع الاحتفاظ بشيء من الخصوصية أيضاً. ولكن بعد مرور سنوات قليلة تمكن النظام السوري بالتعاون مع حليفه الإيراني من نسج علاقة تحالف مع "حزب الله" تحت عنوان القناعة المشتركة بأهمية المقاومة، وتغليب الأولويات المتفق عليها على الخلافات الفكرية والسياسية. فكان معظم تركيز الحزب على المقاومة، والنأي بنفسه عن الخلافات الداخلية السياسية في لبنان "قدر الإمكان". وبالفعل شهدت تلك المرحلة إنجازات للمقاومة الإسلامية رفعت الحزب إلى مكانة عالية في لبنان، وإلى مكانة أعلى في العالم العربي وسائر العالم الإسلامي، وبلغت هذه المكانة ذروتها مع تحرير جنوب لبنان سنة 2000، إذ سُجّل أول انسحاب إسرائيلي تحت وطأة الأعمال الجهادية المسلحة الخالية من أي تنازل سياسي، فإذا بالسيد حسن نصر الله يحظى بشعبية قلما نالها زعيم عربي في التاريخ المعاصر. ولم يلتفت مؤيدو المقاومة داخل لبنان وخارجه، إلى ما كان يثار دائماً عن الخلاف المذهبي بين السنة والشيعة، ما وفر للمقاومة وزعيمها فرصة تاريخية لإثبات إمكانية اجتماع المسلمين سنة وشيعة على صعيد واحد في مواجهة خصومهم الذين يتربصون بهم الدوائر. وكان من أهم ما وفرته هذه المكانة للحزب أنه أصبح بإمكانه أن يتجاوز صفة التنظيم المسلح المقاوم المتصالح مع النظام السوري حرصاً على حماية ظهره وعبور سلاحه، إلى لاعب أساسي في تحديد قضايا المنطقة، وفي مقدمتها نظرة الشعوب في تطلعها إلى استعادة هويتها وسلطانها المسلوبَين. فهل التقط الحزب هذه الفرصة التاريخية أم فرّط بها ولم يقدّر لها قيمتها؟ الجواب المؤلم هو أن "حزب الله" هدر هذه الفرصة، سنة تلو سنة، ومناسبة تلو مناسبة، حتى وصل في الأسابيع الأخيرة التي عاشتها المنطقة العربية بثوراتها المباركة إلى القضاء عليها قضاءً مبرماً.

 

كانت الضربة النوعية الأولى التي سددها الحزب إلى نفسه في 8 آذار 2005م، حين أنزل عشرات الآلاف - وربما أكثر - من مؤيديه إلى شوارع بيروت ليعلن "وفاءه" للنظام السوري ورئيسه وسياسته متحدياً بذلك أكثر من نصف سكان لبنان، ومستفزاً مشاعر فريق كبير من المسلمين الذين عانوا الأمرّين من بطش هذا النظام ومن إذلاله لهم وتنكيله بهم. حصل هذا في وقت كان فيه النظام السوري هو الحليف الأضعف والأحوج لحلفه مع الحزب، ولم يكن الحزب مضطراً إلى تقديم هذا العربون الذي دفع ثمنه باهظاً من شعبيته التي نالها خلال تاريخه المقاوم. ففي هذا المنعطف الخطير وازن الحزب بين الحفاظ على امتداده الشعبي ولا سيما الإسلامي، وبين تعزيز صلته الإستراتيجية مع النظام السوري، فإذا به يختار - وهو مدرك لما يفعل- إهدار رصيده الشعبي الذي دفع ثمنه دماً وشهداء وتضحيات، مقابل خطب وُدِّ نظامٍ كان هو الأحوج لخطب وُدّه في تلك المرحلة. وكان القرار غير الحكيم "وغير الذكي" بمظاهرة الثامن من آذار 2005م الرحم التي أنجبت مظاهرة الرابع عشر من الشهر نفسه، فقد أدت هذه مظاهرة 8 آذار - بما أثارته من مخاوف وما شكلته من استفزاز للعصبيات الطائفية ويا للأسف - إلى حشد مئات الآلاف من المسلمين وغير المسلمين وراء تيارات طائفية علمانية، لا تمت بصلة إلى التطلعات المبدئية والتاريخية للأمة بصلة. وارتسم مشهد محزن مؤلم مبكٍ لم نره من قبل، ألا وهو انقسام طائفي جديد في لبنان، طرفاه: السّنة والشيعة! فأي فخر وأي شرف في أن تكون مظاهرة 8 آذار مفتتحة لهذا العهد الأسود؟!

 

كانت هذه هي الخسارة الفادحة الأولى للحزب في تاريخ مغامراته السياسية، ويا ليت الأمر وقف عند هذا الحد. إذ ما لبث أن أهدر فرصة تاريخية أخرى لم يعرف لها قيمتها الحقيقية، أعني فرصة الانتصار "الميداني" الذي حققه المقاومون على الجيش الإسرائيلي في عدوان تموز 2006م. إذ على الرغم من أن هذا الانتصار لم يعوض الحزبَ خسارتَه الشعبية داخل لبنان إلا بقدر محدود، فإن المؤكد أن رصيده ارتفع أكثر وأكثر في المحيط العربي والإسلامي، حتى رُفعت صور "قائد المقاومة" آنذاك في الجامع الأزهر وبعض العواصم الإسلامية. ولكن من جديد - ويا للأسف مرة أخرى - أهدر الحزب هذه الفرصة الجديدة منذ أن عسكر أتباعه في وسط بيروت شهوراً تحت عنوان إسقاط حكومة السنيورة، وعلق في اعتصامه هذا، وراح يبحث لنفسه عن مخرج منه فلا يجد، إلى أن وجد المخرج في خطيئة كانت أكبر من كل ما سبقها من الخطايا، أعني بذلك خطيئة 7 أيار 2008، فكان "الاجتياح" العسكري لبيروت، ومن ثم تفويض كرامة أبنائها لشبّيحة الميليشيات المتحالفة مع الحزب، تحت "ذريعة" قرار مجلس الوزراء تفكيك شبكة الاتصالات التابعة للمقاومة. فكان مشهداً باعثاً على الذهول: إذ ما علاقة شبكة الاتصالات بأزقة بيروت وشوارعها؟! وما شأن الناس الذين أهينت كراماتهم وأتلفت ممتلكاتهم في بيروت بقرار مجلس الوزراء؟! ولماذا دفع سكان بيروت ثمن القرار "الطائش" لمجلس الوزراء ووقف الاجتياح عند أسوار القصور التي خرج منها ذلك القرار؟! بالطبع تكفلت الأيام القليلة التالية بالجواب: ليست القضية قضية تفكيك شبكة اتصالات، ولم يكن بإمكان أحد أصلاً تنفيذ ذلك القرار، والحقيقة هي أن كرامة سكان بيروت استُعملت وسيلة ضغط للوصول إلى الدوحة. كان ارتكاساً مريعاً ذلك الحدث الذي أتى بعد أيمان مغلظة بأن سلاح المقاومة لن يستدرج إلى الداخل!

 

ويا ليت الأمر وقف عند ذلك الحد. فها نحن بعد ثلاث سنوات من ذلك الحدث نصل إلى منعطف تاريخي غير مسبوق في خطورته وأهميته منذ قرن من الزمان، لنصدم من جديد بقرار من الحزب بإيقاع طلاق بائن بينونة كبرى، لا بينه وبين أهل لبنان وحسب، وإنما بينه وبين أهل بلاد الشام قاطبة، بل بينه وبين أمة قررت أن تحيا من جديد وتثور على الطغاة الذين استعبدوها عشرات السنين وأذلوها وساموها سوء العذاب. فقد نصب قائد المقاومة نفسه قيماً على هذه الثورات ليصنفها بين ثورات شريفة وأخرى عميلة، وليصنف الطغاة بين خونة وآخرين شرفاء، وليتهم بالعمالة والطائفية ومعاداة المقاومة أبطال الشام الذين بدأوا يقدمون آلاف الشهداء للتحرر من أعتى الأنظمة القمعية العلمانية في المنطقة، وليعطي شهادة حسن سلوك للجزار الذي دشن مهرجاناً للدم والذبح والقتل والمجازر والتشريد! وليدعو أهل سوريا للالتفاف حول جزارهم! لماذا يا سيد المقاومة؟! جواب لسان الحال: لأن بندقيتي أغلى من دمكم وكرامتكم وتطلعكم نحو الحياة الكريمة والعزيزة! وجزاركم حمى ظهري ودعمني في مواجهة خصومي وشكل جسراً بيني وبين إيران! والمقاومة تستحق ثمناً لها كرامة شعب تداس في التراب!

 

هذه هي براغماتية السلاح، فالسلاح هو المبدأ وهو العقيدة وهو المقياس وهو السلطان وهو مصنع الثقافة والمواقف السياسية، وهو الذي يحدد الأولياء والأصدقاء والحلفاء، ولو كانوا ألد أعداء الأمة، وهو الذي يقرر من هم الخصوم والأعداء وأهل الريبة، حتى ولو كانوا عشرات الملايين من أبناء هذه الأمة. ولكن مع ذلك، تعالوا نصغي قليلاً إلى منطق السلاح فنسأله السؤال التالي: هل ترى أيها السلاح أن مصلحتك الآن تكمن لدى النظام المتهالك في سوريا أم لدى أهل سوريا الثائرين؟! لو تسنى للسلاح أن يجيب لقال: كنت أرى مصلحتي لدى النظام الحاكم حين بدا راسخ القدم، لأنه كان قادراً على التحكم بطريقي بين إيران ولبنان، ولأنه كان الظهير الذي يجب أن أركن إليه أو آمن جانبه على الأقل، أما الآن وبعد أن كرّ مسلسل انهيار الطغاة وآذن أهل سوريا بإسقاط طاغيتهم، فإن مصلحتي بكل تأكيد هي مع أهل سوريا والأمة التي "يفترض" أن أنتمي إليها! فالأمة باقية والطغاة إلى زوال، وكيف لي أن أبيع أمة بنظام هالك لا محالة عاجلاً أم آجلاً؟! وإن كنتُ غير واثق من سقوطه عاجلاً فالأجدر بي أن أتريث في استفزاز أهل الشام ريثما تنجلي الصورة!

 

إذن حتى منطق السلاح الذي نأباه ونرفضه بديلاً عن لغة المبدأ، لا يسعف الحزب في تبرير موقفه المستفز لأهل الشام وسائر الأمة. ما يعطيهم الحق بالسؤال التالي: لا المبدأ ولا أحكام الشرع ولا العقل ولا حتى منطق السلاح ينفع لتفسير هذا الموقف العجيب، فما الذي يقبع وراءه إذن؟! وأين هو من انتمائكم لهذه الأمة؟!

 

لطالما رفضنا يا سيد المقاومة التسليم بتورطكم في نظرية تحالف الأقليات، على الأقل لأننا لا نحبها لكم ولسائر المسلمين، مع عدم تبرئتنا لحلفائكم ولأوليائكم منها. ولكنكم اليوم تضعون خاتمكم على هذه التهمة، إذ ليس بالإمكان العثور على تفسير لموقفكم الباعث على الذهول والدهشة غير هذه النظرية! لقد استوحى المؤسسون للحزب اسمه من قوله تعالى: (فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ)، وعليه ندعوكم إلى قراءة سياق هذه الجملة في كتاب الله تعالى والذي يوضح الصفات التي لأجلها سمِّي المؤمنون "حزب الله"، صفات الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين، والبراء ممن سواهم من الذين لا يتخذون من دين الله تعالى مبدأً ومنهجاً لحياتهم. قال تعالى: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ· وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ· يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ). فأين هذه المعاني القرآنية من ولاءاتكم وعداواتكم؟

 

هذه السطور ليست مزايدة ولا مكايدة، وليست اصطفافاً في صفوف خصومكم، فعقلاؤكم أعرف الناس بأن كاتبها وحزبه لم يصطفوا يوما وراء أحد، لا وراءكم ولا وراء غيركم، ولطالما نصحوكم بإخلاص وتجرد، ما يعني أنها نصيحة جديدة، نصيحة ما قبل فوات الأوان، على أمل أن لا يكون الأوان قد فات! فيا أيها "المقاومون": (أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ)؟!

 

 *رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في لبنان.                           

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع