الثلاثاء، 24 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/26م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام (ح51) مقارنة بين المبادئ الثلاثة من حيث تنفيذ النظام

بسم الله الرحمن الرحيم

 

بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام

 

(ح51) مقارنة بين المبادئ الثلاثة من حيث تنفيذ النظام

 

 

 

الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ. 

 

أيها المؤمنون:

 

 

السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا "بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام" وَمَعَ الحَلْقَةِ الحَادِيَةِ وَالخَمْسِينَ, وَعُنوَانُهَا: "مُقَارَنَةٌ بَينَ الـمَبَادِئِ الثَّلاثَةِ مِنْ حَيثُ تَنفِيذُ النِّظَامِ". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَةِ السَّابِعَةِ وَالثَّلاثِينَ وَالثَّامِنَةِ وَالثَّلاثِينَ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالـمِ وَالـمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ.

 

يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ: "وَأمَّا مِنْ حَيثُ تَنفِيذُ النِّظَامِ فَالـمَبدَأُ الشُّيُوعِيُّ يَرَى أنَّ الدَّولَةَ وَحْدَهَا هِيَ الَّتِي تُنَفِّذُ النِّظَامَ بِقُوَّةِ الجُنْدِيِّ وَصَرَامَةِ القَانُونِ، وَتَتَولَّى عَنِ الفَردِ وَعَنِ الجَمَاعَةِ شُؤُونَهُمْ، وَهِيَ الَّتِي تُطَوِّرُ النِّظَامَ. وَالرَّأسْمَالِيَّةُ تَرَى أنَّ الدَّولَةَ إنَّمَا تُشْرِفُ عَلَى الْحُريَّاتِ، فَإِذَا اعْتَدَى أحَدٌ عَلَى حُريَّةِ غَيرِهِ مَنَعَتْ هَذَا الاعتِدَاءَ، لأنَّهَا وُجِدَتْ لِضَمَانِ الحريَّاتِ، وَإِذَا لَمْ يَعتَدِ أحَدٌ عَلَى حُريَّةِ آخَرَ وَلَوِ اسْتَغَلَّهُ وَأخَذَ حُقُوقَهُ، وَلَكِنْ بِرِضَاهُ، لا يَكُونُ هُنَاكَ اعتِدَاءٌ عَلَى الحُريَّاتِ، فَلا تَتَدَخَّلُ الدَّولَةُ، وَلِذَلِكَ فَالدَّولَةُ مَوجُودَةٌ لِضَمَانِ الْحُريَّاتِ. وَأمَّا الإِسلامُ فَيَرَى أنَّ النِّظَامَ إنَّمَا يُنَفِّذُهُ الفَردُ الـمُؤمِنُ بِدَافِعِ تَقوَى اللهِ، وَتُنَفِّذُهُ الدَّولَةُ بِشُعُورِ الْجَمَاعَةِ بِعَدَالَتِهِ، وَبِتَعَاوُنِ الأُمَّةِ مَعَ الحَاكِمِ بِالأمْرِ بِالـمَعرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الـمُنكَرِ، وَبِسُلطَانِ الدَّولَةِ. وَتَتَولَّى الدَّولَةُ شُؤُونَ الجَمَاعَةِ، وَلا تَتَوَلَّى عَنِ الفَردِ شُؤُونَهُ إِلاَّ إِذَا عَجِزَ عَنْهَا، وَلا يَتَطوَّرُ النِّظَامُ أبَداً. وَالدَّولَةُ لَهَا صَلاحيَّةُ تَبَنِّي الأحْكَامِ الشَّرعِيَّةِ إِذَا تَعَدَّدَتْ نَتَائِجُ الاجتِهَادِ فِيهَا. وَالقِيَادَةُ الفِكرِيَّةُ لِمَبدَأِ الإسلامِ مُتَّفِقَةٌ مَعَ فِطْرَةِ الإِنسَانِ، وَهِيَ عَلَى عُمْقِهَا سَهْلةٌ مَيْسُورَةٌ، سُرْعَانَ مَا يَفْتَحُ لَهَا الإِنسَانُ عَقْلَهُ وَقلْبَهُ، وَسُرعَانَ مَا يُقْبِلُ عَلَيْهَا ليَفْهَمَهَا، وَلِيتَعَمَّقَ فِي فَهْمِ دَقَائِقِهَا بِشَغَفٍ وتَقْدِيرٍ، لأنَّ التَدَيُّنَ فِطْرِيٌّ فِي الإِنسَانِ، وَكُلُّ إِنسَانٍ بِفِطْرَتِهِ مُتَدَيِّنٌ، وَلا تَستَطِيعُ أيَّةُ قُوَّةٍ أنْ تَنْزِعَ مِنْهُ هَذِهِ الفِطْرَةَ، لأنَّهَا مُتَأَصِّلَةٌ فِيهِ، فَالإِنسَانُ بِطَبعِهِ يَشْعُرُ أنَّهُ نَاقِصٌ، وَأنَّ هُنَاكَ قُوَّةً أكْمَلَ مِنهُ، وَأنَّ هَذِهِ القُوَّةَ تَسْتَحِقُّ التَّقدِيسَ، وَالتَّديُّنُ هُوَ الاحتِيَاجُ إِلَى الخَالِقِ الـمُدَبِّرِ، النَّاشِئُ عَنِ العَجْزِ الطَّبِيعِيِّ فِي تَكوِينِ الإِنسَانِ، وَهُوَ غَرِيزَةٌ ثَابِتَةٌ لَهَا رَجْعٌ مُعَيَّنٌ هُوَ التَّقدِيسُ، وَلِذَلِكَ كَانَتِ الإِنسَانِيَّةُ فِي جَمِيعِ العُصُورِ مُتَدَيِّنةً تَعبُدُ شَيئاً، فَعَبَدَتِ الإِنسَانَ، وَالأفْلاكَ، وَالْحِجَارَةَ، وَالحَيَوَانَ، وَالنِّيرَانَ، وَغَيرَ ذَلِكَ. وَلَمَّا جَاءَ الإِسلامُ بِعَقِيدَتِهِ جَاءَ لِيُخْرِجَ الإِنسَانيَِّةَ مِنْ عِبَادَةِ الـمَخلُوقَاتِ إِلَى عِبَادَةِ اللهِ الَّذِي خَلَقَ كُلَّ شَيءٍ".

 

وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: بَعدَ أنْ قَارَنَ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ بَينَ الـمَبَادِئِ الثَّلاثَةِ مِنْ حَيثُ العَقِيدَةُ, وَانبِثَاقُ النِّظَامِ عَنهَا, وَمِنْ حَيثُ مِقْيَاسُ الأعْمَالِ وَالنَّظرَةِ إِلَى الـمُجتَمَعِ, شَرَعَ يُقَارِنُ بَينَهَا مِنْ حَيثُ تَنفِيذُ النِّظَامِ:

 

الـمَبدَأُ الشُّيُوعِيُّ: يُمكِنُ إِجْمَالُ تَنفِيذِ الشُّيُوعِيِّينَ لِلنِّظَامِ بِالنُّقَاطِ الثَّلاثَةِ الآتِيَةِ:

1- يَرَى أنَّ الدَّولَةَ وَحْدَهَا هِيَ الَّتِي تُنَفِّذُ النِّظَامَ بِقُوَّةِ الجُنْدِيِّ وَصَرَامَةِ القَانُونِ.

2- يَرَى أنَّ الدَّولَةَ تَتَولَّى عَنِ الفَردِ وَعَنِ الجَمَاعَةِ شُؤُونَهُمْ.

3- يَرَى أنَّ الدَّولَةَ هِيَ الَّتِي تُطَوِّرُ النِّظَامَ.

 

الرَّأسْمَالِيَّةُ: يُمكِنُ إِجْمَالُ تَنفِيذِ الرَّأسْمَالِيَّةِ لِلنِّظَامِ بِالنُّقطَتَينِ الآتِيَتَينِ:

1- تَرَى أنَّ الدَّولَةَ إنَّمَا تُشْرِفُ عَلَى الْحُريَّاتِ، فَإِذَا اعْتَدَى أحَدٌ عَلَى حُريَّةِ غَيرِهِ مَنَعَتْ هَذَا الاعتِدَاءَ.

2- تَرَى أنَّ الدَّولَةَ وُجِدَتْ لِضَمَانِ الحريَّاتِ، إِذَا لَمْ يَعتَدِ أحَدٌ عَلَى حُريَّةِ آخَرَ وَلَوِ اسْتَغَلَّهُ وَأخَذَ حُقُوقَهُ، وَلَكِنْ بِرِضَاهُ، لا يَكُونُ هُنَاكَ اعتِدَاءٌ عَلَى الحُريَّاتِ، فَلا تَتَدَخَّلُ الدَّولَةُ.

 

الإِسلامُ: يُمكِنُ إِجْمَالُ تَنفِيذِ الإسلامِ لِلنِّظَامِ بِالنُّقَاطِ الخَمْسِ الآتِيَةِ:

1- يَرَى أنَّ النِّظَامَ إنَّمَا يُنَفِّذُهُ الفَردُ الـمُؤمِنُ بِدَافِعِ تَقوَى اللهِ.

2- يَرَى أنَّ النِّظَامَ تُنَفِّذُهُ الدَّولَةُ بِشُعُورِ الْجَمَاعَةِ بِعَدَالَتِهِ، وَبِتَعَاوُنِ الأُمَّةِ مَعَ الحَاكِمِ بِالأمْرِ بِالـمَعرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الـمُنكَرِ، وَبِسُلطَانِ الدَّولَةِ.

3- يَرَى أنَّ الدَّولَةَ وَتَتَولَّى شُؤُونَ الجَمَاعَةِ، وَلا تَتَوَلَّى عَنِ الفَردِ شُؤُونَهُ إِلَّا إِذَا عَجِزَ عَنْهَا.

4- يَرَى أنَّ النِّظَامَ لا يَتَطوَّرُ أبَداً.

5- يَرَى أنَّ الدَّولَةَ لَهَا صَلاحيَّةُ تَبَنِّي الأحْكَامِ الشَّرعِيَّةِ إِذَا تَعَدَّدَتْ نَتَائِجُ الاجتِهَادِ فِيهَا.

 

مِنْ خِلالِ مُقَارَنَاتِهِ بَينَ القِيَادَاتِ الفِكرِيَّةِ الثَّلاثِ يَستَنتِجُ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ أنَّ القِيَادَةَ الفِكرِيَّةَ لِمَبدَأِ الإسلامِ مُتَّفِقَةٌ مَعَ فِطْرَةِ الإِنسَانِ، وَهِيَ عَلَى عُمْقِهَا سَهْلةٌ مَيْسُورَةٌ، سُرْعَانَ مَا يَفْتَحُ لَهَا الإِنسَانُ عَقْلَهُ وَقلْبَهُ، وَسُرعَانَ مَا يُقْبِلُ عَلَيْهَا ليَفْهَمَهَا، وَلِيتَعَمَّقَ فِي فَهْمِ دَقَائِقِهَا بِشَغَفٍ وتَقْدِيرٍ.

 

يُعَلِّلُ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ سُرعَةَ استِجَابَةِ الإِنسَان لِعَقِيدَةِ الإِسلامِ بِالأسبَابِ السَّبعَةِ الآتِيَةِ:

1- لأنَّ التَدَيُّنَ فِطْرِيٌّ فِي الإِنسَانِ، وَكُلُّ إِنسَانٍ بِفِطْرَتِهِ مُتَدَيِّنٌ.

2- لأنَّهُ لا تَستَطِيعُ أيَّةُ قُوَّةٍ أنْ تَنْزِعَ مِنْهُ هَذِهِ الفِطْرَةَ، لأنَّهَا مُتَأَصِّلَةٌ فِيهِ.

3- الإِنسَانُ بِطَبعِهِ يَشْعُرُ أنَّهُ نَاقِصٌ، وَأنَّ هُنَاكَ قُوَّةً أكْمَلَ مِنهُ، وَأنَّ هَذِهِ القُوَّةَ تَسْتَحِقُّ التَّقدِيسَ.

4- لأنَّ التَّديُّنُ هُوَ الاحتِيَاجُ إِلَى الخَالِقِ الـمُدَبِّرِ، النَّاشِئُ عَنِ العَجْزِ الطَّبِيعِيِّ فِي تَكوِينِ الإِنسَانِ.

5- لأنَّ التَّديُّنُ هُوَ غَرِيزَةٌ ثَابِتَةٌ لَهَا رَجْعٌ مُعَيَّنٌ هُوَ التَّقدِيسُ.

6- لأنَّ الإِنسَانِيَّةَ فِي جَمِيعِ العُصُورِ مُتَدَيِّنةٌ لا بُدَّ لَهَا مِنْ أن تَعبُدَ شَيئاً، فَعَبَدَتِ الإِنسَانَ وَالأفْلاكَ، وَالْحِجَارَةَ وَالحَيَوَانَ وَالنِّيرَانَ، وَغَيرَ ذَلِكَ.

7- لأنَّهُ لَمَّا جَاءَ الإِسلامُ بِعَقِيدَتِهِ جَاءَ لِيُخْرِجَ الإِنسَانيِّةَ مِنْ عِبَادَةِ الـمَخلُوقَاتِ إِلَى عِبَادَةِ اللهِ الَّذِي خَلَقَ كُلَّ شَيءٍ.

 

 Boloogh 20 08 2024

 

أيها المؤمنون:

 

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِمًا, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الـمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

آخر تعديل علىالثلاثاء, 20 آب/أغسطس 2024

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع