الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

الرعاية الصحية في الدولة الإسلامية – الحلقة السابعة والعشرون

 

سوف نتطرق في هذه الحلقة والتي تليها إلى تعليم الطب والتأهيل المهني والبحث العلمي

 

 

يشهد قطاع الصحة في العديد من الدول الغربية والبلاد الإسلامية تزايدا في ارتكاب أخطاء طبية قاتلة ومتكررة خاصة في المستشفيات، ففي بريطانيا مثلا، يذهب نحو 12 ألف مريض سنويا ضحية سوء تشخيص المرض والوصفات الطبية الخاطئة والعمليات الجراحية غير المناسبة، وكشف خبراء في مجال الصحة خلال ندوة عقدت بجدة أنه خلال خمس سنوات سجل 25 ألفاً و900 خطأ طبي في المستشفيات السعودية.

 

ومن ناحية أخرى انتشرت ظاهرة عالمية وصارت توضع لها التشريعات وتعقد لها المؤتمرات، وهي ظاهرة الأطباء المزيفين، ففي الخرطوم مثلا وبعد مداهمة العديد من العيادات تم ضبط ما يتراوح بين 30-40 طبيبا مزيفا، لم يدرسوا الطب ولا حتى أي مهنة طبية، بل منهم من لم يكمل مرحلة الابتدائي وشارك في عمليات جراحية ولسنوات، كما تم ضبط ﺑﺎﺋﻊ ﺧﻀﺎﺭ ﻳﺤﻤﻞ ﺷﻬﺎﺩﺓ ﺑﻜﺎﻟﻮﺭﻳﻮﺱ ﻣﺰﻭﺭﺓ ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﺼﻴﺪﻟﺔ، ﻭﺷﻬﺎﺩﺓ ﻃﺒﻴﺐ ﻣﺰﻭﺭة ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺟﻮﺑﺎ ﻛﻠﻴﺔ ﺍﻟﻄﺐ.

 

لقد نهى الإسلام عن ممارسة التطبيب ممن لم يعرف منه الطب، فقد جاء في الحديث المرفوع الذي رواه أبو داود وابن ماجه عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده: «مَنْ تَطَبَّبَ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ طِبٌّ قَبْلَ ذَلِكَ فَهُوَ ضَامِنٌ»، ولفظ تطبب يدل على تكلف الشيء والدخول فيه بكلفة، ككونه ليس من أهله، أو كونه من أهل علمه النظري لكنه لا يحسن تطبيقه.


ولذلك كان على الدولة الإسلامية أن تضع معايير يعلم من خلالها من هو الطبيب من غيره، وأن تمنع من لم تنطبق عليه هذه المعايير من مزاولة الطب. فإن تكلف ما لم يكن من مجال علمه أو تخصصه فأضر بالمريض فإنه يكون مسؤولا عن جنايته، وضامنا بقدر ما أحدث من ضرر، لأنه يعتبر بعمله هذا متعديا، ويكون الضمان في ماله. ويشمل في حكم الضمان أيضا مساعدو الأطباء من ممرضين وأخصائيي أشعة أو صيادلة وغيرهم ممن مارس منهم المهنة دون أهلية معتبرة للقيام بها وأضر بالمريض.

 

ويتولى جهاز الحسبة منع أي شخص لم يحصل على الترخيص الملائم من تقديم الخدمة الصحية، ولا يكتفى بمجرد تضمينه الضرر الناتج عن فعله، بل يعزر بمقدار ما ادعى من علم ومارس من مهنة لم يكن أهلا لها، ويعاقب ويشهر به، لأن إدعاء الأهلية والعلم من الجاهل غش نهى عنه الشرع، فقد روى مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا».

 

لقد كانت الدولة الإسلامية تراقب الممارسات الطبية والأطباء، فكانوا يمتحنون الأطباء والصيادلة، فقد امتحن الصيادلة زمن المأمون والمعتصم، وأمر الخليفة المقتدر الطبيب الكبير سنان بن ثابت بن قرة سنة 316 هـ بمنع سائر المتطببين من التصرف وممارسة مهنتهم إلا بعد إجراء امتحان لهم، فامتحن يومئذ أكثر من ثمانمائة طبيب. وكان كل من يقوم بممارسة مهنة الطب، يؤخذ عليه قَسَمُ الطبيب المسلم والذي كان يعتمد على المحافظة على سر المريض وعلاجه دون تمييز، وأن يحفظ كرامة المهنة وأسرارها.

 

لذلك يجب على الدولة الإسلامية أن تقيم لجنة من الأطباء المتخصصين ورجال التدريس مهمتهم وضع برنامج لتدريس الطب في الجامعات، ووضع الحد الأدنى من المواد الدراسية والمهارات المطلوب من الطبيب أن يلم بها ويتقنها حتى يمنح ترخيصا لمزاولة الطب. وتوضع أيضا برامج لكل تخصص طبي من قبل المتخصصين في ذلك المجال لمنح ترخيص بمزاولة تخصصات معينة من الطب لمن يتقنها، وذلك كالجراحة والباطنية وطب الأطفال وما إلى ذلك، وتؤسس لجان مشابهة لمهن التمريض والصيدلة وباقي المواضيع المتعلقة بالطب. 

 

أما الأطباء الذين درسوا الطب في جامعات خارج الدولة الإسلامية فينظر، فإن كان قد عمل في الطب مدة كافية في تلك الدولة بحيث اكتسب خبرة ودراية في مجاله، منح ترخيصا لمزاولة الطب، وإن لم يكن قد عمل مدة كافية أختبر في المواد الدراسية والمهارات المطلوبة ممن درس الطب في الدولة الإسلامية، فإن اجتاز الاختبار منح ترخيصا، وإلا فإنه يدرس ما ينقصه من المواد والمهارات حسب نتيجة الاختبار ثم يمنح الترخيص.



كما وتهتم الدولة بتدريس المهارات الطبية الأساسية كالإسعافات الأولية والإنعاش القلبي في دورات خاصة ومجانية، وتكون هذه الدورات إلزامية لأفراد الشرطة والجيش والمعلمين في المدارس، واختيارية لباقي الرعية. ويقام جهاز خاص بالإرشاد الصحي يكون تابعا لمصلحة الصحة ومرتبطا بمصلحة الإعلام وظيفته تقديم الإرشادات الصحية العامة للرعية عن طريق الإعلام، وتقديم الإرشادات الصحية الخاصة لكل قطاع وفق ما يلزمه، كالإرشادات الخاصة لعمال المناجم، والقوات المسلحة، والسائقين وغيرهم.

 

 

                                                        جمع وإعداد: راضية عبد الله

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع