الأربعاء، 25 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
الرعاية الصحية في الدولة الإسلامية – الحلقة السابعة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الرعاية الصحية في الدولة الإسلامية – الحلقة السابعة

 

 

 

بعد أن بينا في الحلقة السابقة أن الحفاظ على البيئة وحمايتها من التلوث والآفات يعتبر من أهم ركائز الرعاية الصحية، سوف نبدأ بعرض الأمور الواجب على الدولة أن تقوم بها للحفاظ على بيئة نظيفة :

 

 أولا: التقليل من التلويث الصناعي:


الصناعة أساس هام من أسس الحياة الاقتصادية لأية أمة أو أي شعب في أي مجتمع، وفوق ذلك، فإن كون الدولة الإسلامية دولة صاحبة رسالة تحمل الإسلام إلى باقي الأمم بالدعوة والجهاد، يقتضي أن تكون الصناعة في هذه الدولة مبنية على أساس الصناعة الحربية وأن تكون على أرفع درجة من التقدم والتطور، قال سبحانه وتعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ) [الأنفال 60]


إلا أن الصناعة الحديثة تنتج انبعاثات مختلفة في الهواء، وتدفقات سائلة في الأنهار والبحار والمياه الجوفية، ومخلفات صلبة أخرى، وهنالك أيضا الفضلات المشعة الناتجة عن الصناعات النووية. وكل هذه الانبعاثات والمخلفات تؤثر بصورة أو بأخرى على صحة الإنسان وتؤدي إلى تلوث البيئة وإفسادها. والرسول (صلى الله عليه وسلم) حين يأمرنا كأفراد في الحديث الشريف: "اتَّقُوا الْمَلاعِنَ الثَّلاثَ: الْبَرَازَ فِي الْمَوَارِدِ وَالظِّلِّ وَقَارِعَةِ الطَّرِيقِ"، رواه ابن ماجه في سننه، فإنه أراد به منع الضرر اللاحق بالمسلمين، فيكون علة يقاس عليها كل ما آذى المسلمين في مواردهم العامة وبيئتهم وطرقهم ومنها الفضلات الصناعية، بل إنه (صلى الله عليه وسلم) جعل إماطة الأذى (مطلق الأذى) ‏عن الطريق من شعب الإيمان، بقوله: "الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ -أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ- شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ"،

 

لذلك ولأن الإمام راع ومسؤول عن رعيته كان فرضا على الدولة أن تقلل أو تعالج هذه الفضلات الصناعية بصورة تحافظ على البيئة وصحة الرعية، ويكون علاج هذه المشكلة في الدولة الإسلامية بتخصيص مناطق صناعية بعيدة عن المناطق السكنية للصناعات الملوثة، ومراقبة المنشآت الصناعية والزراعية وأية مصادر أخرى للتلوث، وإلزام تلك المنشآت والمصادر - سواء ما كان منها داخلا في الملكية الخاصة أم العامة - باتباع أساليب ونظم الإنتاج النظيف، كوحدات معالجة الفضلات الصناعية، وبعدم السماح بتسرب الملوثات للبيئة المحيطة بما يتعدى الحدود المسموح بها، وهذه الحدود يقوم بتعيينها أهل الاختصاص من العلماء، بحيث يسمح فقط بالحد الأدنى من الانبعاثات والفضلات التي لا تؤثر على التوازن البيئي.


كما وتهتم الدولة بإنشاء مصانع لإعادة تصنيع الفضلات الصناعية المباحة واستغلالها ثانية كأشكال جديدة من المادة والطاقة، وهو ما يسمى بإعادة التدوير، للتقليل من كمية المخلفات الصناعية. وما يتبقى بعد ذلك من هذه المخلفات غير القابلة للاستغلال أو التدوير، فإنه يتم التخلص منه بالدفن في المناطق النائية. ويتم إنشاء فريق من العلماء لدراسة واستحداث سبل جديدة للتخلص من هذه المخلفات غير القابلة للاستغلال أو التدوير وإزالة خطرها وضررها عن الرعية. 


وبما أن التلويث البيئي من المخالفات التي تضر بالجماعة، فإن قاضي الحسبة في الدولة الإسلامية هو المسؤول عن مراقبة المصانع والمنشآت، للحد من الانبعاثات الضارة بالبيئة، ويجب عليه الاستعانة بأهل العلم والمختصين بالبيئة للقيام بذلك، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. وتحدد عقوبات تعزيرية رادعة بحق أصحاب المصانع في حال تعديهم الحد المسموح به من الانبعاثات الصناعية، ويغلق المصنع إن لم تردعه العقوبات واستمر في تلويث البيئة.

 

والبيئة الطبيعية لا تحد بحدود الدولة، والمخلفات الملوثة من دولة معينة قد تؤثر على البيئة في الدول المجاورة، خصوصا إذا انتقلت الملوثات عبر الهواء أو مجاري المياه. ولذلك يجب على الدولة الإسلامية منع الدول المجاورة من تلويث البيئة ومنعها من إلقاء مخلفاتها الصناعية في أراضي الدولة الإسلامية، ويعتبر أي تجاوز لهذه الشروط من قبل الدول المجاورة تعديا على الدولة الإسلامية ورعاياها يستوجب إعلان الجهاد والحرب أو تراجع تلك الدول عن التلويث.

 

 

 

جمع وإعداد: راضية عبد الله

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع