الثلاثاء، 24 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/26م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
الرعاية الصحية في الدولة الإسلامية – الحلقة الرابعة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الرعاية الصحية في الدولة الإسلامية – الحلقة الرابعة

 

 

 

بعد أن تناولنا سابقا القسم الأول من الرعاية الصحية ألا وهو الرعاية الصحية النفسية سوف نتناول اليوم القسم الثاني وهو الرعاية الصحية الجسدية.

 

تتعلق الصحة الجسدية بسلامة أعضاء الجسم وانتظام عملها، بحيث تجري أفعاله معها على المجرى الطبيعي. والرعاية الصحية الجسدية تكون بالوقاية من الأمراض قبل وقوعها أو تفشيها، وعلاجها إن وقعت، ومتابعتها إن طالت أو كانت مزمنة. ولذلك تكون الرعاية الصحيّة للأصحاء والمرضى، بحفظ الصحة عند الأوائل وردّها قدر المستطاع عند الأواخر.

 

ويدخل علاج الأمراض النفسية كانفصام الشخصيّة  والاكتئاب السريرِي وغيرها ضمن الرعاية الصحيّة الجسديّة، لأن هذه الأمراض تتعلق بعمل الدماغ كعضو، وتتأثر بالعقاقير والكيماويات، وليس لها علاقة مباشرة بالمفاهيم.

 

إن الدول الرأسمالية الكبرى ظلت تُسمِعُ العالم أن منظومتها الصحية هي من أعظم المنظومات الصحية في العالم من حيث المستشفيات، وما تحويه من اهتمامات في النظافة وتيسير الإجراءات العلاجية، والإنسانية في التعامل، وأنها المتقدمة عالميا في استخدام أحدث العلاجات وأنفعها ....الخ، إلا أن وباء فيروس كورونا جاء ليبين لمن كان على أعينهم غشاوة، الحقيقةَ كاملة، حيث لا استعداد عندهم، فلا قدرة استيعابية لأعداد المرضى، والنقص الهائل في الكميات اللازمة من مستلزمات الوقاية والعلاج، وكيف أن السرقات والقرصنة للحصول عليها انتشرت بين تلك الدول، كما أن الوحشية واللاإنسانية وانعدام القيم والأخلاق برزت في تعاملهم مع ذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن والمرضى الضعفاء والمهمشين، بأن تكون هذه الفئات هي آخر من يتم إخضاعهم لأجهزة التنفس الصناعي إذا تفشى فيروس كورونا بشكل كبير.

 

إن فساد الرأسمالية ليس فقط فيما أنتجته من أمراض عديدة نتيجة الحرية الشخصية والانحلال الخلقي، بل أيضا ظهر الفساد في كل نواحي الرعاية الصحية تقريباً وخاصة في نظام التأمين الصحي وشركاته.

 

فنظام التأمين الصحي هو أحد الأحكام الترقيعية التي ابتكرها الرأسماليون لإطالة عمر نظامهم، إذ لو خلّي بين الرأسمالية والناس من غير الترقيعات لثاروا عليها ولأسقطوها من شدة ما يقع عليهم من جور وظلم، ففي نظام التأمين الصحي يطبق نظام يدعى (نظام تجميع المخاطر) ويمَكِّنُ هذا النظام مجموعة واسعة من الأشخاص من تقاسم المخاطر والرعاية الطبية المُكلِفَة، بحيث يتم جمع الأموال المخصصة لذلك عن طريق الدفع المسبق، وإدارة هذه الأموال بطريقة تضمن تحمل جميع أفراد تلك الجماعة تكاليف الرعاية الصحية في حال الإصابة بالمرض بدلاً من أن يتحمل كل فرد تلك التكاليف على حدة وبدلاً من أن تتحملها الدولة.

 

وفي هذا النظام يواصل الأشخاص الأصحاء الذين لا يحتاجون إلا إلى رعاية صحية محدودة تمويل الأشخاص المرضى الذين يعتمدون بشكل أكبر على الموارد الصحية المتاحة، كما أن المؤَمَن قد لا يتعالج بمقدار ما اقتطع من أجره أو ما دفعه، وطبعا هذا الفارق لا يعاد إليه. وقد يصاب المؤَمَن بمرض نادر أو يحتاج إلى علاج خاص ولا يوفره له برنامج التأمين بحجة أن الاتفاق الموقع لا يشمل هذه الخدمات وبذلك يكون قد دفع التأمين طوال حياته حتى إذا مرض واحتاجه لم يجده فالهدف الأسمى للدول الرأسمالية كما قلنا، تحقيق الربحية والمنفعة المادية.

وتكتب شركات التأمين عقودها بصورة معقدة وغير مفهومة لكثير من الناس حتى تتهرب قدر الإمكان من دفع التأمين وتتحلل من إلزامية العقد إذا احتاج إليه المتعاقد بحجة الإخلال بشرط من شروط التأمين، ووضعت هي بدورها هذه الشروط وأحكمتها بطريقة لا يأتي بها كاملة إلا قلة من الناس فتكون هذه الشروط أعظم مصيدة لتَصَيُّدِ الثغرات والتحلل من الالتزامات.

 

وإلى نظرات مستفيضة وموضحة حول الرعاية الصحية الجسدية في الدولة الإسلامية وكيف طَبَّق الخلفاء الأحكام المتعلقة بها ندعوكم لمتابعتنا في الحلقات القادمة.

 

 

 

 جمع وإعداد: راضية عبد الله

آخر تعديل علىالسبت, 03 شباط/فبراير 2024

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع