الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول -  (ح 98) - معنى القضاء والقدر نقله المعتزلة من الفلسفة اليونانية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول

 (ح 98)

معنى القضاء والقدر نقله المعتزلة من الفلسفة اليونانية

 

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين، واجعلنا معهم، واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين. أما بعد:

 

أيها المؤمنون:

 

مستمعينا الكرام مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير:

 

السَّلَامُ عَلَيكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وبركاتُه، وَبَعْد: نُواصِلُ مَعَكُمْ حَلْقَاتِ كِتَابِنَا:"وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول". وَمَعَ الحَلْقَةِ الثامنة والتسعين، وَهِيَ بِعُنْوَانِ: "معنى القضاء والقدر نقله المعتزلة من الفلسفة اليونانية".

 

يقول الشيخ تقي الدين النبهاني - رحمه الله -: "وعلى ذلك فإن جميع ما تقدم لا دخل له ببحث القضاء والقدر ولا يدخل تحت مدلوله فلا علاقة له بجميع ما تقدم مطلقاً، وإنما القضاء والقدر معنى جاء من الفلسفة اليونانية نقله المعتزلة وأعطوا فيه رأياً، ورد عليهم أهل السنة والجبرية ورد أهل السنة على الجبرية، وحصر البحث في نفس المعنى وظل البحث على صعيد واحد.

 

فالمسألة إذن معنى جاء في الفلسفة اليونانية وبرز أثناء الجدال الذي كان يحصل بين المسلمين والكفار الذين كانوا يتسلحون بالفلسفة اليونانية، وهو معنى يتعلق بالعقيدة فيراد إعطاء رأي الإسلام في هذا المعنى. فالمعتزلة أعطوا فيه رأياً، والجبرية ردوا عليهم وأعطوا فيه رأياً آخر، وأهل السنة ردوا على الجميع وأعطوا رأياً قالوا عنه أنه رأي ثالث خرج من بين الرأيين ووصفوه (بأنه خرج من بين فرث ودم لبناً خالصاً سائغاً للشاربين).

 

وعلى هذا فموضوع البحث صار معروفاً وهو الموضوع الذي جاء من الفلسفة اليونانية. وبما أنه يتعلق بالعقيدة فيجب أن يصرّح المسلم عن اعتقاده في هذا الموضوع ما هو؟ وقد صرّح المسلمون بالفعل برأيهم وكانوا ثلاثة مذاهب.

 

وعلى هذا فلا يجوز إرجاع مسألة القضاء والقدر إلى ما ورد عن معنى القضاء في اللغة والشرع ولا إلى ما ورد عن معنى القدر في اللغة والشرع، ولا يجوز أن يتخيل ويتصور للقضاء والقدر معنى يؤتى به من مطلق الفرض والتصور والتخيل فيقال أن القضاء هو الحكم الكلي في الكليات فقط، والقدر هو الحكم الكلي في الجزئيات وتفاصيله، أو يقال أن القدر هو التصميم الأزلي للأشياء، والقضاء هو الإنجاز والخلق بمقتضى ذلك التقدير والتصميم. نعم لا يجوز ذلك لأن هذا مجرد تخيّل وتصوّر ومحاولة التمحل في تطبيق بعض الألفاظ اللغوية والشرعية محاولة فاشلة لأنها لا تدل عليه بل تدل على معانٍ عامة، وتخصيصها بها دون مخصص تحكّم بغير دليل.

 

وكذلك لا يجوز أن يقال: إن القضاء والقدر سر من أسرار الله، وإننا نُهينا عن البحث فيه؛ لأنه لم يرد نص شرعي أنه سر من أسرار الله فضلاً عن أنه موضوع محسوس يجب أن يُعطى الرأي فيه فكيف يقال: لا يبحث؟!

 

علاوة على أنه بحث عقلي وموضوع يتعلق في الأمور التي يبحثها العقل من حيث كونها واقعاً محسوسًا. ومن حيث تعلقها بالإيمان بالله. ولذلك لا بد من بحـث القضاء والقدر بمدلوله الذي وضع موضع البحث وصار جزءًا من العقيدة". ونقول راجين من الله عفوه ومغفرته ورضوانه وجنته: هذه الفقرة اشتملت على الأفكار الآتية: 

 

أولا: يواصل الشيخ تقي الدين النبهاني - رحمه الله - حديثه عن موضوع القضاء والقدر فيقول: "وعلى ذلك فإن جميع ما تقدم لا دخل له ببحث القضاء والقدر، ولا يدخل تحت مدلوله؛ فلا علاقة له بجميع ما تقدم مطلقًا".

 

ثانيًا: يبين الشيخ - رحمه الله - أن معنى القضاء والقدر أخذه المتكلمون من الفلسفة اليونانية فيقول: "وإنما القضاء والقدر معنى جاء من الفلسفة اليونانية نقله المعتزلة، وأعطوا فيه رأيًا.

 

ثالثا: يذكر الشيخ - رحمه الله - أن معنى القضاء والقدر أخذ بالتوسع والانتشار بين المتكلمين أخذه المعتزلة، ورد عليهم أهل السنة والجبرية، ورد أهل السنة على الجبرية، وحصر البحث في نفس المعنى، وظل البحث على صعيد واحد.

 

رابعا: يؤكد الشيخ - رحمه الله - أن معنى القضاء والقدر جاء في الفلسفة اليونانية، وبرز أثناء الجدال الذي كان يحصل بين المسلمين والكفار الذين كانوا يتسلحون بالفلسفة اليونانية، وهو معنى يتعلق بالعقيدة فيراد إعطاء رأي الإسلام في هذا المعنى.

 

خامسا: يذكر الشيخ - رحمه الله - أن المتكلمين انبروا للرَّد على الكفار، والمسلمين المتسلحين بالفلسفة اليونانية، وكان ردهم على النحو الآتي:

 

1. المعتزلة أعطوا فيه رأيًا.
2. والجبرية ردوا عليهم، وأعطوا فيه رأيًا آخر.
3. وأهل السنة ردوا على الجميع، وأعطوا رأيًا قالوا عنه: إنه رأي ثالث خرج من بين الرأيين ووصفوه بأنه: (خرج من بين فرث ودم لبنًا خالصًا سائغًا للشاربين).

 

سادسا: وعلى هذا فموضوع البحث صار معروفًا، وهو الموضوع الذي جاء من الفلسفة اليونانية. وبما أنه يتعلق بالعقيدة فيجب أن يصرّح المسلم عن اعتقاده في هذا الموضوع ما هو؟

 

سابعا: وقد صرّح المسلمون بالفعل برأيهم وكانوا ثلاثة مذاهب.

 

ثامنا: يذكر الشيخ - رحمه الله - خلاصة ما توصل إليه باجتهاده هو في هذه المسألة فيقول:

 

1. "وعلى هذا فلا يجوز إرجاع مسألة القضاء والقدر إلى ما ورد عن معنى القضاء في اللغة والشرع، ولا إلى ما ورد عن معنى القدر في اللغة والشرع".


2. "ولا يجوز أن يتخيل، ويتصور للقضاء والقدر معنى يؤتى به من مطلق الفرض والتصور والتخيل فيقال: إن القضاء هو الحكم الكلي في الكليات فقط، والقدر هو الحكم الكلي في الجزئيات وتفاصيله، أو يقال: "إن القدر هو التصميم الأزلي للأشياء، والقضاء هو الإنجاز والخلق بمقتضى ذلك التقدير والتصميم".


3. "نعم لا يجوز ذلك لأن هذا مجرد تخيّل، وتصوّر، ومحاولة التمحل في تطبيق بعض الألفاظ اللغوية، والشرعية محاولة فاشلة؛ لأنها لا تدل عليه، بل تدل على معانٍ عامة، وتخصيصها بها دون مخصص تحكّم بغير دليل".


4. "وكذلك لا يجوز أن يقال: إن القضاء والقدر سر من أسرار الله، وإننا نُهينا عن البحث فيه؛ لأنه لم يرد نص شرعي أنه سر من أسرار الله، فضلاً عن أنه موضوع محسوس يجب أن يُعطى الرأي فيه، فكيف يقال: لا يبحث؟!".


5. "علاوة على أنه بحث عقلي وموضوع يتعلق في الأمور التي يبحثها العقل من حيث كونها واقعًا محسوسًا. ومن حيث تعلقها بالإيمان بالله".


6. "ولذلك لا بد من بحث القضاء والقدر بمدلوله الذي وضع موضع البحث وصار جزءَا من العقيدة".

 

أيها المؤمنون:

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة، مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِمًا، نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ، سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام، وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا، وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه، وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فِي القَريبِ العَاجِلِ، وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها، إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم عَلى حُسنِ استِمَاعِكُم، وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير الأستاذ محمد النادي

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع