الثلاثاء، 24 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/26م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول  (ح 92) كلمة قدر من الألفاظ المشتركة التي لها عدة معان

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول

  (ح 92) 

كلمة قدر من الألفاظ المشتركة التي لها عدة معان

 

 

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين، واجعلنا معهم، واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين. أما بعد:

 

أيها المؤمنون:

 

 

أحبّتنا الكرام:

 

السَّلَامُ عَلَيكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وبركاتُه، وَبَعْد: نُواصِلُ مَعَكُمْ حَلْقَاتِ كِتَابِنَا: "وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول". وَمَعَ الحَلْقَةِ الثانية والتسعين، وَهِيَ بِعُنْوَانِ: "كلمة قدر من الألفاظ المشركة التي لها عدة معان".

 

يقول الشيخ تقي الدين النبهاني - رحمه الله -: "ويتبين من هذا كله أن كلمة قدر من الألفاظ المشتركة التي لها عدة معانٍ منها التقدير والعلم والتدبير والوقت والتهيئة، وجعل في الشيء خاصية، ولكن على تعدد هذه المعاني لم يرد فيها أن القدر معناه أن يفعل العبد الفعل جبراً عنه، ولم يرد فيها أن القدر الحكمُ الكلي في الجزئيات وتفاصيله، ولا ورد فيها أن القدر سر من أسرار الله. وعلى هذا فلكلمة (القدر) معانٍ لغوية استعملها القرآن بهذه المعاني، واستعملها الحديث بمعاني القرآن، ولم يكن هنالك خلاف في معانيها، لا فيما وردت في القرآن ولا فيما وردت فيه من الحديث، وهذه المعاني للفظة لغوية، فلا دخل للعقل فيها. وإذا كان لم يرد لها أي معنى شرعي غير هذه المعاني لا في حديث ولا في آية، فلا يقال عن معنى يصطلح عليه إنه معنى شرعي. ومن هذا نتبين أن هذه المعاني التي في الآيات ليس المقصود منها القدر الذي اختلف فيه المتكلمون فيما بعد، وأن المعاني التي في الأحاديث إنما يُقصد بها تقدير الله وعلمه، أي كتابته في اللوح المحفوظ، ولا شأن لها في بحث القضاء والقدر الذي أورده المتكلمون. وأما ما أخرجه الطبراني بسند حسن من حديث ابن مسعود رفعه: «إذا ذُكر القدر فأمْسكوا» أي إذا ذُكر علم الله وتقديره للأشياء فلا تخوضوا في ذلك، لأن كون تقدير الأشياء من الله يعني أنه كتبها في اللوح المحفوظ وهذا يعني أنه علمها، وكون الله عالماً بها هو من صفات الله التي يجب الإيمان بها، فيكون معنى الحديث أنه إذا ذكر أن الله هو الذي قدر الأشياء وعلمها أي كتبها في اللوح المحفوظ فلا تخوضوا في مناقشة ذلك بل امسكوا وسلموا.

 

وكذلك ما أخرج مسلم من طريق طاووس: «أدركتُ ناساً من أصحاب رسول الله r يقولون كل شيء بقدر» فإن معناه بتقدير من الله أي بعلم منه. وقال عليه الصلاة والسلام: «... وان أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعـلت لكان كذا وكذا ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل» أخرجه مسلم من طريق أبي هريرة، ومعناه كتب الله في اللوح المحفوظ أي عَلِم. وهذا كله من باب صفات الله، وأنه هو الله يعلم الأشياء قبل وقوعها، وأنها تَجري على قدر منه، أي على علم. ولا دخل لذلك في بحث القضاء والقدر".

 

ونقول راجين من الله عفوه ومغفرته ورضوانه وجنته: اشتملت هذه الفقرة على الأفكار الآتية:

 

أولا: يتبين من هذا كله أن كلمة قدر من الألفاظ المشتركة التي لها عدة معانٍ منها: التقدير، والعلم، والتدبير، والوقت، والتهيئة، وجعل خاصية في الشيء.

ثانيا: على تعدد هذه المعاني لم يرد فيها أن القدر معناه واحدًا من المعاني الثلاثة التي ذكرها المتكلمون وهي:

 

  1. أنَّ القَدَرَ أنْ يفعلَ العبدُ الفِعْلَ جَبْراً عَنْهُ.
  2. أنَّ القَدَرَ هُوَ الحُكْمُ الكُلِّيُّ فِي الجُزْئِيَّاتِ، وَفِي تَفَاصِيلِهِ.
  3. أن القدر سر من أسرار الله.

 

ثالثا: وعلى هذا فلكلمة (القدر) معانٍ لغوية استعملها القرآن بهذه المعاني، واستعملها الحديث بمعاني القرآن، ولم يكن هنالك خلاف في معانيها، لا فيما وردت في القرآن، ولا فيما وردت فيه من الحديث، وهذه المعاني للفظة لغوية، فلا دخل للعقل فيها.

 

رابعًا: إذا كان لم يرد لكلمة (القدر) أي معنى شرعي غير هذه المعاني، لا في حديث، ولا في آية، فلا يقال عن معنى يصطلح عليه إنه معنى شرعي.

 

خامسا: من هذا نتبين أن هذه المعاني التي في الآيات ليس المقصود منها القدر الذي اختلف فيه المتكلمون فيما بعد، وأن المعاني التي في الأحاديث إنما يُقصد بها تقدير الله وعلمه، أي كتابته في اللوح المحفوظ، ولا شأن لها في بحث القضاء والقدر الذي أورده المتكلمون.

 

سادسًا: أما ما أخرجه الطبراني بسند حسن من حديث ابن مسعود رفعه: «إذا ذُكر القدر فأمْسكوا» أي إذا ذُكر علم الله وتقديره للأشياء فلا تخوضوا في ذلك، لأن كون تقدير الأشياء من الله يعني أنه كتبها في اللوح المحفوظ وهذا يعني أنه علمها، وكون الله عالماً بها هو من صفات الله التي يجب الإيمان بها، فيكون معنى الحديث أنه إذا ذكر أن الله هو الذي قدر الأشياء، وعلمها أي كتبها في اللوح المحفوظ فلا تخوضوا في مناقشة ذلك بل امسكوا وسلموا.

 

سابعًا: وكذلك ما أخرج مسلم من طريق طاووس: «أدركتُ ناسًا من أصحاب رسول الله r يقولون: كل شيء بقدر» فإن معناه بتقدير من الله أي بعلم منه.

 

ثامنا: وقال عليه الصلاة والسلام: «... وان أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعـلت؛ لكان كذا، وكذا، ولكن قل: قدَّرَ اللهُ وما شاء فعل» أخرجه مسلم من طريق أبي هريرة، ومعناه كتب الله في اللوح المحفوظ أي عَلِم.

 

تاسعا: هذا كله من باب صفات الله، وأنه هو الله يعلم الأشياء قبل وقوعها، وأنها تَجـري على قدر منه، أي على علم. ولا دخل لذلك في بحث القضاء والقدر.

 

لقد كان منهج الشيخ تقي الدين النبهاني - رحمه الله - في دراسة، وبحث موضوع (القضاء والقدر) منهجاً حصيفاً، ودقيقاً، وراقياً مشتملاً الخطوات الآتية:

  1. بيَّن كيف نشأت مسألة القضاء والقدر عند المتكلمين.
  2. تتبع المعاني المتعددة لكلمة ( قدر) التي وردت في أقوال المتكلمين
  3. تتبع المعاني المتعددة لكلمة (قدر) التي وردت في القرآن الكريم.
  4. تتبع المعاني المتعددة لكلمة (قدر) التي وردت في الحديث النبوي الشريف.
  5. تتبع المعاني المتعددة لكلمة (قدر) التي وردت في أقوال الصحابة.
  6. بيَّن أن تلك المعاني كلها لم يرد فيها ما أورده المتكلمون لكلمة (قدر) من معان.

 

أيها المؤمنون:

 

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة، مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِمًا، نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ، سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام، وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا، وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه، وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فِي القَريبِ العَاجِلِ، وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها، إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم ، وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير الأستاذ محمد النادي

آخر تعديل علىالسبت, 16 كانون الأول/ديسمبر 2023

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع