الأربعاء، 25 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول  (ح 87) كيف نشأت مسألة القضاء والقدر (12)

بسم الله الرحمن الرحيم

 

وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول

 (ح 87)

كيف نشأت مسألة القضاء والقدر (12)

 

 

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين، واجعلنا معهم، واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين. أما بعد:

 

أيها المؤمنون:

 

 

أحبّتنا الكرام:

 

السَّلَامُ عَلَيكُمْ وَرَحْـمَةُ اللهِ وبركاتُه، وَبَعْد: نُواصِلُ مَعَكُمْ حَلْقَاتِ كِتَابِنَا: "وقفات تأملية مع كتاب الشخصية الإسلامية - الجزء الأول". وَمَعَ الحَلْقَةِ السابعة والثمانين، وَهِيَ بِعُنْوَانِ: "كيف نشأت مسألة القضاء والقدر (12)".

 

يقول الشيخ تقي الدين النبهاني - رحمه الله -: "ولما كان (القضاء والقدر) اسماً واحداً لمسمى، ولو كان مركباً من كلمتين فهما مندمجتان مع بعضهما ومندرجة إحداهما تحت الأخرى، فقد غلب ظهور بحث القضاء والقدر فيما بعد على بحث فعل العبد أكثر منه على بحث الخاصيات التي يحدثها الإنسان. واستمر النقاش في (القضاء والقدر) وصار كلٌ يفهمه على وجه يخالف الوجه الآخر.

 

وقد جاء بعد شيوخ المعتزلة، وشيوخ أهل السنة تلامذتهم وأتباعهم واستمر النقاش بينهم وتجدد في كل عصر، ونظراً لضمور المعتزلة وغلبة أهل السنة صار النقاش يميل إلى جانب رأي أهل السنة، وصار المتناقشون يختلفون في القضاء والقدر وصاروا يضعون لها معانٍ جديدة يتخيلونها من عند أنفسهم ويحاولون تطبيق ألفاظ اللغة أو ألفاظ شرعية عليها فصار بعضهم يقول (القضاء والقدر) سر من أسرار الله لا يعرفه أحد، وصار بعضهم يقول لا يجوز البحث في القضاء والقدر مطلقاً لأن الرسول نهى عن ذلك ويستدل بحديث: «إذا ذُكِرَ القدر فأمسكوا».

 

وصار بعضهم يفرِّق بين القضاء والقدر فيقول: إن القضاء هو الحكم الكلي في الكليات فقط، والقدر هو الحكم الجزئي في الجزئيات وتفاصيله.

 

وبعضهم يقول: إن القدر هو التصميم، والقضاء هو الإنجاز، وعلى هذا الرأي أن الله يصمم العمل، أي يرسمه ويضع تصميمه، فيكون قد قدَّر العمل فهو القدر، وأنه تعالى ينفذ العمل وينجزه فيكون قد قضى العمل فهو القضاء. ومنهم من قال أن المراد بالقدر التقدير وبالقضاء الخلق.

 

وبعضهم يجعل الكلمتين متلازمتين فيقول إن القضاء والقدر أمران متلازمان لا ينفك احدهما عن الآخر، لأن أحدهما بمنـزلة الأساس وهو القدر والآخر بمنـزلة البناء وهو القضاء، فمن رام الفصل بينهما فقد رام هدم البناء ونقضه. ومنهم من فرَّق بينهما فجعل القضاء شيئاً والقدر شيئاً آخر". 

 

ونقول راجين من الله عفوه ومغفرته ورضوانه وجنته: يتابع الشيخ تقي الدين النبهاني - رحمه الله - حديثه عن بيان الكيفية التي نشأت بها عند المتكلمين مسألة القضاء والقدر، وذلك من خلال الأفكار الآتية: 

 

أولًا: ولما كان (القضاء والقدر) اسماً واحداً لمسمى، ولو كان مركباً من كلمتين فهما مندمجتان مع بعضهما ومندرجة إحداهما تحت الأخرى، فقد غلب ظهور بحث القضاء والقدر فيما بعد على بحث فعل العبد أكثر منه على بحث الخاصيات التي يحدثها الإنسان. واستمر النقاش في (القضاء والقدر) وصار كلٌ يفهمه على وجه يخالف الوجه الآخر.

 

ثانيا: ذكر الشيخ الاختلاف الذي وقع بين أتباع وتلاميذ شيوخ المعتزلة، وشيوخ أهل السنة، فقال: "وقد جاء بعد شيوخ المعتزلة، وشيوخ أهل السنة تلامذتهم، وأتباعهم، واستمر النقاش بينهم، وتجدد في كل عصر، ونظرًا لضمور المعتزلة، وغلبة أهل السنة صار النقاش يميل إلى جانب رأي أهل السنة، وصار المتناقشون يختلفون في القضاء والقدر، وصاروا يضعون لها معانٍ جديدة يتخيلونها من عند أنفسهم، ويحاولون تطبيق ألفاظ اللغة، أو ألفاظ شرعية عليها".

 

ثالثًا: أورد الشيخ أمثلة على الاختلاف الذي وقع بين أتباع، وتلاميذ شيوخ المعتزلة، وشيوخ أهل السنة على النحو الآتي:

 

  1. صار بعضهم يقول: "(القضاء والقدر) سرٌ من أسرارِ الله، لا يعرفه أحد".
  2. وصار بعضهم يقول: "لا يجوز البحث في القضاء والقدر مطلقاً؛ لأن الرسول نهى عن ذلك، ويستدل بحديث: «إذا ذُكِرَ القدر فأمسكوا»".
  3. وصار بعضهم يفرِّق بين القضاء والقدر فيقول: "إن القضاء هو الحكم الكلي في الكليات فقط، والقدر هو الحكم الجزئي في الجزئيات، وتفاصيله".
  4. وبعضهم يقول: "إن القدر هو التصميم، والقضاء هو الإنجاز، وعلى هذا الرأي: إن الله يصمم العمل، أي يرسمه، ويضع تصميمه، فيكون قد قدَّر العمل فهو القدر، وأنه تعالى ينفذ العمل، وينجزه، فيكون قد قضى العمل فهو القضاء.
  5. ومنهم من قال: "إن المراد بالقدر التقدير، وبالقضاء الخلق".
  6. وبعضهم يجعل الكلمتين متلازمتين فيقول: "إن (القضاء، والقدر) أمران متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر؛ لأن أحدهما بمنزلة الأساس، وهو القدر، والآخر بمنزلة البناء، وهو القضاء، فمن رام الفصل بينهما فقد رام هدم البناء ونقضه".
  7. ومنهم من فرَّق بينهما فجعل القضاء شيئاً، والقدر شيئًا آخر.

 

أيها المؤمنون:

 

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة، مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِمًا، نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ، سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام، وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا، وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه، وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فِي القَريبِ العَاجِلِ، وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها، إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم ، وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير الأستاذ محمد النادي

آخر تعديل علىالأربعاء, 06 كانون الأول/ديسمبر 2023

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع