الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
الحلفاء الذين دمّروا روسيا المتغطرسة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحلفاء الذين دمّروا روسيا المتغطرسة

(مترجم)

 

 

 

الخبر:

 

روسيا تهدّد الولايات المتحدة بسبب خططها لنشر صواريخ أمريكية بعيدة المدى على الأراضي الألمانية. وموسكو تعد بـ"إجراءات موازية".

 

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: "إذا نفّذت الولايات المتحدة الأمريكية مثل هذه الخطط، فإننا سنعتبر أنفسنا أحراراً من الوقف الاختياري الأحادي الجانب الذي اتخذناه سابقاً لنشر الأسلحة الهجومية المتوسطة والقصيرة المدى، بما في ذلك زيادة قدرات القوات الساحلية في أسطولنا البحري". (آر بي سي أوكرانيا)

 

التعليق:

 

لقد مرّ قرابة عامين ونصف العام منذ بدء الغزو الروسي الكامل لأوكرانيا. وخلال هذه الفترة، لا شكّ أن المبادرة في هذه الأزمة تعود إلى الولايات المتحدة. وربما يختلف البعض ويقول إن روسيا هي التي اتخذت الخطوات الأولى في هذه الحرب وأنها تواصل الضغط على ساحة المعركة.

 

نعم، في الأسابيع الأولى كانت المبادرة إلى جانب روسيا، التي نفذت عملية ناجحة لغزو خاطف لأراضي أوكرانيا، عندما كانت القوات الروسية على بعد 25 كيلومترا من الحي الحكومي في العاصمة الأوكرانية كييف.

 

ولكن، بعد بضعة أسابيع فقط، وحتى في 3 و7 آذار/مارس 2022، خلال المفاوضات الأوكرانية الروسية في بيلاروسيا، أصبح من الواضح أن روسيا قد وقعت في فخ ماهر في أوكرانيا، نسجته أمريكا لها.

 

يمكن الحديث عن العديد من أسباب فشل الحملة العسكرية الروسية في أوكرانيا، سواء أكانت استخبارات عسكرية غير صحيحة، أو تقييمات غير صحيحة للمزاج السياسي للشعب الأوكراني، ما خلق لروسيا وهم النصر السهل في حالة حدوث غزو واسع النطاق، على غرار ما حدث في شبه جزيرة القرم في ربيع عام 2014.

 

ومع ذلك، فإن الخطأ الرئيسي لروسيا، الذي أصبح بالفعل سبب الهزيمة في هذه الحرب، هو حقيقة أن قوة بوتين هي قوة العسكريين (بما في ذلك قوات الأمن)، الخالية من البصيرة السياسية والإبداع.

 

هذه الأسبقية للأساليب العسكرية على الأساليب السياسية هي سمة مميزة ليس لروسيا بوتين فقط، ولكن أيضا لروسيا لعدة قرون. حتى القيصر الروسي ألكسندر الثالث (1845-1894) قال: "في العالم كله لدينا فقط اثنان من الحلفاء المخلصين؛ جيشنا والبحرية".

 

بعد وصول بوتين إلى السلطة في عام 1999، بدأت عملية الإطاحة بالأساليب السياسية مرة أخرى بسبب إدخال أساليب القوات العسكرية والأمنية من النخبة السياسية الروسية، المصابة بالفعل بهذه الأفكار.

 

على سبيل المثال، يلاحظ المترجم الروسي وعالم الثقافة والمؤرخ، ومرشح العلوم التاريخية ك. ف. دوشينكو أنه منذ بداية القرن الحادي والعشرين، أصبحت عبارة "حليفيْ روسيا" شائعة للغاية بين النخبة السياسية في روسيا، ووفقاً للباحث "في بعض الأحيان يُضاف حليف ثالث إلى الحليفين". على مرّ السنين، تم استخدام هذه الكلمات بأشكال مختلفة في خطاباتهم؛ يقول فلاديمير بوتين "... قال ألكسندر الثالث ذات مرة: الجميع خائفون من جسامتنا. وبالتالي ليس لدينا سوى حليفين؛ الجيش والبحرية"، وأيضا ف. ف. دوشينكو الذي قال: "كان لدينا القيصر ألكسندر الثالث، الذي قال إن روسيا لديها حليفان فقط؛ جيشها وبحريتها". وكذلك زيوغانوف الذي قال: "الجيش هو الكنيسة الثانية، والمعبد الثاني لدولتنا، واليوم لدى روسيا ثلاثة حلفاء؛ الجيش والبحرية وبيلاروسيا"، وأيضا دي أو روجوزين الذي قال: "لدى روسيا ثلاثة حلفاء؛ الجيش والبحرية وصناعة الدفاع"، وغيرهم من السياسيين الروس. وفي شكل معدّل قليلاً، تم تضمين الاقتباس في أغنية "العم فوفا، نحن معك" لفياتشيسلاف ونيكولاي أنتونوف، التي تم أداؤها لأول مرة في عام 2017: "أصدقاؤنا الحقيقيون هم البحرية والجيش".

 

إن روسيا اليوم مريضة بالتحديد بالمرض الذي تحدث عنه الشيخ تقي الدين النبهاني رحمه الله في كتاب الشخصية الإسلامية 2، في موضوع "معنى تولي الخليفة قيادة الجيش". وفي النصف الثاني من الموضوع يحذر من التهديد الذي يشكله وصول أشخاص ذوي عقلية عسكرية إلى السلطة على أمن أي شعب ودولته.

 

مما لا شك فيه أن الحكم مسألة سياسية تتطلب محو الأمية السياسية والذكاء والإبداع. إن كون القوات المسلحة للدولة في يد الحاكم هو أحد الأدوات التي يجب استخدامها جنبا إلى جنب مع الأدوات الأخرى. يجب أن تكون السياسة الخارجية للدولة شاملة، حيث تضمن الخطط والأساليب والمناورات السياسية، إلى جانب الوسائل العسكرية، وضعاً تتكامل فيه كل هذه الأدوات ويعزز بعضها بعضا. إن وصول أشخاص ذوي عقلية عسكرية إلى السلطة يؤدي إلى حقيقة أنهم، باعتبارهم متخصصين في مجال معين، يمكنهم إغفال الجوانب الفكرية والسياسية.

 

إن الميل إلى العمل العسكري الأحادي الجانب دون مراعاة الوضع السياسي الدولي، إلى جانب تجاهل المناورات السياسية، قد أدى إلى تركيع حتى أقوى القوى العظمى عبر التاريخ.

 

وأحدث مثال على ذلك هو محاولة الولايات المتحدة، تحت قيادة المحافظين الجدد، احتلال العراق من جانب واحد في عام 2003. ثم، دون الحصول على موافقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أعلنت أمريكا غزو العراق من جانب واحد. وبصق المحافظون الجدد على الوضع الدولي وقرروا إنهاء القضية العراقية بالقوة. وقد وصلت الأمور إلى النقطة التي بدأ فيها وزير الدفاع الأمريكي في ذلك الوقت، دونالد رامسفيلد، في تسمية القوى العظمى الأوروبية التي عارضت بلاده بـ"أوروبا القديمة". ونتذكر جميعا الضرر السياسي الذي أحدثه ذلك على الصورة الدولية للولايات المتحدة.

 

إن حقيقة أن إنفاقها العسكري يتجاوز إنفاق الدول العشر التالية مجتمعة لم يساعد الولايات المتحدة. في حين إن من بين هذه الدول جميع القوى العظمى الحديثة بالإضافة إلى الصين وألمانيا.

 

بالعودة إلى الأزمة الأوكرانية، فقد عانت القيادة السياسية الروسية، الخاضعة لتأثير الجيش، على الرغم من القرب التاريخي واللغوي والديموغرافي والجغرافي من الأوكرانيين، عانت من انهيار كامل في محاولاتها لإبراز نفوذها السياسي على أوكرانيا. وكانت حجتها الأخيرة هي "الجيش والبحرية"، أي الغزو المادي وضم الأراضي. وهذا على النقيض من الولايات المتحدة الموجودة في قارة أخرى، كما يقولون "في الخارج"، فإنها بفضل الخطط والأساليب والمناورات السياسية، تمكنت من فرض قيادتها في المواجهة الأوكرانية الروسية.

 

ونتيجة لذلك، كما يمزح الأوكرانيون الآن، أصبح الجيش الذي كان الجيش الثاني في العالم، اليوم حتى في حرب محلية على أراضي أوكرانيا، في المرتبة الثانية بعد الجيش الأوكراني.

 

اليوم، بسبب هيمنة الجيش، تحولت روسيا إلى فزاعة يسهل استفزازها، وهي في الأساس كلب أمريكي مقيد على أبواب الاتحاد الأوروبي، يخيف الدول الأوروبية، بما في ذلك القوى العظمى، ويلقي بها في أحضان أمريكا.

 

يجب على الأمة الإسلامية، التي هي على أعتاب استعادة نظامها السياسي؛ الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، يجب أن تفهم تماما تهديد وجود الجيش في الحكم من أجل تجنب مصير روسيا اليوم في الساحة الدولية.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

فضل أمزاييف

رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في أوكرانيا

آخر تعديل علىالخميس, 01 آب/أغسطس 2024

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع