الثلاثاء، 24 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/26م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
التبعيّة المستدامة

بسم الله الرحمن الرحيم

التبعيّة المستدامة

الخبر:

صادقت تونس، بموجب أوامر رئاسية، على تعبئة 300 مليون دولار لدعم الأمن الغذائي... ونشرت الرئاسة الأمر عدد 344 لسنة 2024 مؤرخ في 5 حزيران/يونيو 2024 يتعلق بالمصادقة على اتفاق القرض المبرم بتاريخ 26 آذار/مارس 2024 بين تونس والبنك الدولي للإنشاء والتعمير لتمويل مشروع دعم التدخل العاجل من أجل الأمن الغذائي بتونس.

وينص الأمر على المصادقة "على اتفاق القرض المبرم بتونس بتاريخ 26 آذار/مارس 2024 بين الجمهورية التونسية والبنك الدولي للإنشاء والتعمير بمبلغ قدره 300 مليون دولار أمريكي، لتمويل مشروع دعم التدخل العاجل من أجل الأمن الغذائي بتونس".

التّعليق:

تونس تقترض من البنك الدّولي، وتزعم السّلطة أنّها بذلك "تضمن" الأمن الغذائي للتّونسيين! وهي تُعلن عن سياستها (أو جزء منها) في حلّ أزمات المعيشة التي ما انفكّت تفتك بالبلاد وأهلها فتكا! فهل يضمن البنك الدّولي غذاء التّونسيين؟ هل سنكون في مأمن بعد هذه القروض المتتالية؟

جاء الخبر في سياق يوهم أنّ السّلطة شخّصت الواقع وعرفت داءه وأنّها ماضية في العلاج، الذي يحمي تونس من التّدخّلات الخارجيّة ويضمن لأهلها أمن أقواتهم. وأنّ القروض ليست إلّا تمويلا لمشاريع و"إصلاحات" وضع أسسها الرّئيس وحكومته. فهل الأمر كما يبدو؟

- يعلم الجميع أنّ البنك الدّولي ليس إلّا أداة من أدوات الهيمنة على الشّعوب، وذلك أنّ قروضه مشروطة ولا يتمتّع بها إلّا من خضع لشروطه.

- مفهوم الأمن الغذائي الذي يتحدّث عنه الرئيس، هو مفهوم وضعته جماعة البنك الدّولي وأضرابهم من المؤسّسات الدّوليّة الاستعماريّة، إذ هو حسب منظمة الأغذية والزراعة الدولية "الفاو": "توفير الغذاء لجميع أفراد المجتمع بالكمية والنوعية اللازمتين، بما يلبي احتياجاتهم بصورة مستمرة من أجل حياة صحية ونشطة". فهو، إذن، مجرّد "توفير الغذاء" دون التعرض إلى سبل وإمكانيات توفيره، ولا علاقة له بعملية الإنتاج المحلي، ثمّ إنّ ارتباطه بالبنك الدّولي يجعل مهمّة توفير الاحتياجات الغذائية عابرة للجغرافيا وللحدود دون أن يكون للفلّاح المحلي ولا للموارد المحلية والذاتية فعل أساسي في تحقيقها. بل يستبعد المسؤولية الإلزامية للإنتاج المحلي في توفير الاحتياجات الغذائية ويطرح سياسة التوريد كحل أساسي. ومن ثمّ يكون الأمن الغذائي تحت سطوة الشّركات العابرة للقارّات، فهي التي يُشترط أن تشرف على عمليّة توفير الغذاء عالميّا، وهي التي مُكّنت من السّيطرة على كلّ عمليّات الإنتاج بدءاً من البذور إلى السّماد فالأدوية، وصولا إلى ترويج المحاصيل.

- وفي هذا الإطار تكون قروض البنك الدّولي في حقيقتها عمليّة إدماج أرض تونس وفلّاحيها تحت إشراف القوى العالميّة، التي تُحدّد سياساتها الزّراعيّة ومشاريعها في ما يسمّى بالصّناعات الغذائيّة، وتحدّد لها حصصها في السّوق وتحدّد الأسعار...

- يتضح ممّا تقدّم أنّ "دعم الأمن الغذائي" الذي يقترض من أجله الرئيس إنّما هو دعم لمصالح النظام الرأسمالي العالمي، عبر ما يشكّله من مؤسسات مالية دولية وشركات كبرى، وتوظيفه لسلاح الغذاء وفقا لأجندات التحكم في خيرات الشعوب ومقدّراتها.

وبذلك يكون الاقتراض ضمن "خطّة" الأمر الواقع لجعل السياسة الزراعيّة ومنها الغذائيّة تحت سيطرة القوى الاستعماريّة، وضمن مسار دعائيّ تلفّه الخطب الرّنّانة الجوفاء عن الفساد والفاسدين ووعود الوهم عن إعادة أموال الشّعب المنهوبة... والهدف أن يستكين الشّعب وأن يرضى بواقعه وأن ينتظر قوته من الأجانب.

وخلاصة الأمر، إنّ سياسة حكّام تونس (إن صحّ أن نسمّيها سياسة)، في سياق هذا الخبر، هي في وجه من وجوهه معاقبة لشعب تونس على ثورته بتجويعه وتركيعه وقتل كلّ نفس ثوريّ فيه، لأنّه ثار على منظومة غربيّة رأسماليّة علمانيّة.

وعليه فإنّ المسألة ليست مسألة غذاء وتوفيره، إنّما الأمر حرب حضاريّة شاملة يشنّها الغرب المستعمر بواسطة خدّامه ليستديم استعباد الشّعوب المسلمة، ولذلك تراه يستهدف الشّعوب الأكثر حركة وحيويّة ووعيا، ومنها الشّعب التّونسي، ولذلك نقول إنّنا في أخطر مرحلة يلعب فيها الغرب آخر أوراقه معنا؛ وهذا يستلزم مزيدا من الوعي ومزيدا من الإصرار على قلع المنظومة الغربيّة من بلادنا، ورفع هيمنتها وسيطرتها.

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

محمد الناصر شويخة

عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية تونس

آخر تعديل علىالأربعاء, 12 حزيران/يونيو 2024

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع