الأربعاء، 25 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

الأونروا أداة لابتزاز أهل فلسطين والتحكّم بحياتهم وبمصائرهم وعقول أجيالهم

 

 

الخبر:

 

إيقاف الولايات المتّحدة الأمريكية وعدد من الدول تمويلها للأونروا.

 

التعليق:

 

لقد كان قرار عدد من الدول إيقاف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (الأونروا) والتي أنشئت عام 1949 عقب الاحتلال الصهيوني لمعظم الأراضي الفلسطينية مثار جدل وتعليق من الساسة والإعلاميين والناشطين وحتّى الرأي العامّ. وقد ركّزت معظم المواقف والتعليقات على ما سوف يترتّب على هذا القرار من ضرر على عشرات الآلاف من الفلسطينيين المستفيدين من إعانات الأونروا ووظائفها، لا سيّما الذين يعيشون في المخيّمات داخل فلسطين وخارجها.

 

قد تكون ثمّة قراءات وتحليلات متعدّدة للخلفية السياسية لهذا القرار ومدى جدّيته والغاية منه. وتعليقي هنا سيلتفت إلى الجانب المبدئي لا إلى التحليل السياسي.

 

لا يخفى على أحد أنّ هيئة الأمم المتّحدة هي أداة من أدوات الدول الكبرى في فرض إرادتها على العالم، وفي مقدّمة هذه الدول الولايات المتّحدة الأمريكية ذات الكلمة العليا فيها. وعليه فإنّ إنشاء وكالة الأونروا عقب الاحتلال الصهيوني سنة 1948 إنّما هو تكملة للقرار الدولي الذي أفضى إلى هذا الاحتلال، أي قرار هيئة الأمم المتّحدة الذي استصدرته الولايات المتّحدة الأمريكية عام 1947 بتقسيم فلسطين بين دولة يهودية وأخرى فلسطينية. وكان من أهمّ غايات إنشاء هذه الوكالة إظهار الدول الكبرى والمنظّمة الدولية بمظهر المحايد المساعد للنازحين والوسيط الذي ينبغي أن يلجأ إليه الفلسطينيون للبحث عن حلّ لمشكلاتهم، وفي مقدّمتها قضيّة اللاجئين وحقّ عودتهم إلى ديارهم. وهكذا يتحوّل الجاني الأكبر الذي اتّخذ القرار بقيام كيان الاحتلال إلى حَكَم ووسيط محايد، بل منجد ومغيث لأهل فلسطين!

 

لقد كان وَكل حكّام المسلمين أمرَ اللاجئين لمنظّمة دولية يهيمن عليها أعداء فلسطين والعالم الإسلامي بأسره إحدى الجرائم الكبرى التي ارتكبها هؤلاء الحكّام منذ ذلك اليوم وحتّى يومنا هذا، إذ جُعلت إغاثة الملايين من المنكوبين الذين شرّدوا من ديارهم في أيدي أعداء الأمّة، بحيث جُعلت هذه الإغاثة أداة لابتزازهم وللتحكّم بحياتهم وبمصائرهم وعقول أجيالهم. وكان من آخر تجلّيات تحكّم وكالة الأونروا ابتزازها أهل فلسطين لتسويق أفكار الجندرة واتفاقيّة سيداو، عبر مناهج التعليم والدورات التدريبية وما شاكلها، حتّى داخل قطاع غزّة نفسه الذي تتولّى حماس السلطة فيه منذ سنوات طويلة. فكانت هذه الوكالة سبيلاً للكفار على المسلمين رضيت به أنظمة العالم الإسلامي طوال عشرات السنين بدل أن تتحمّل هي مسؤولية إغاثة المنكوبين المشرّدين من أبناء أمتّها، ولم يكترث هؤلاء الحكّام لقول الله تعالى: ﴿وَلَن يَجعَلَ اللهُ لِلكافِرينَ على المؤمنينَ سَبيلاً﴾. وها هو التهديد بإيقاف تمويل الأونروا ومن ثَمّ تعطيل عملها يُستخدم في مرحلة حرجة ليشكّل ابتزازاً وضغطاً على أهل فلسطين لإخضاعهم لتسوية تريد الولايات المتّحدة فرضها بالقوّة على جميع الأطراف.

 

عسى هذا الذي جرى يعيد تذكير المسلمين بخطورة الركون إلى أعدائهم الكافرين وخطورة الاتّكاء إليهم، وعساهم يستحضرون معاني قوله تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ اللهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾، قال الطبري رحمه الله في تفسير الوليجة: (هو الشيء يدخل في آخر غيره، يقالُ منه: "ولج فلان في كذا يلجِه، فهو وليجة". وإنما عنى بها في هذا الموضع: البطانة من المشركين. نهى الله المؤمنين أن يتّخذوا من عدوّهم من المشركين أولياء، يفشون إليهم أسرارهم، ﴿وَاللهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾، يقول: والله ذو خبرة بما تعملون، من اتّخاذكم من دون الله ودون رسوله والمؤمنين به أولياءَ وبطانةً، بعدما قد نهاكم عنه).

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

أحمد القصص

 

 

آخر تعديل علىالسبت, 10 شباط/فبراير 2024

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع