الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
ذرف دموع التّماسيح

بسم الله الرحمن الرحيم

 

ذرف دموع التّماسيح

(مترجم)

 

 

 

الخبر:

 

ندّدت منظمة التعاون الإسلامي يوم الثلاثاء ببناء وافتتاح معبد رام ماندير الذي تمّ بناؤه في موقع مسجد بابري الذي يعود تاريخه إلى خمسة قرون في أيودهيا بالهند. (الفجر الباكستانية)

 

التعليق:

 

تظهر قصة مسجد بابري صعود وسقوط الإمبراطورية المغولية. حيث قام الإمبراطور المغولي الأول ظهير الدين بابور بإنشاء هذا المسجد، ولم ينشأ أي نزاع على الإطلاق حتى نجح البريطانيون في زرع الكراهية بين المسلمين والهندوس، أي في عام 1853، حيث طالبت طائفة نيرموهي أخارا الهندوسية بموقع المسجد، التي تقول إنّ مكان العبادة الإسلامي تمّ بناؤه بعد هدم معبد هندوسي. وفي عام 1859، قسمت الإدارة الاستعمارية البريطانية الموقع إلى قسمين منفصلين للهندوس والمسلمين، وسُمح للمسلمين بالصلاة في الداخل، بينما سُمح للهندوس بالصلاة في الفناء الخارجي.

 

وفي عام 1885، تمّ تقديم التماس إلى محكمة محلية للحصول على إذن لبناء "تشابوترا" أو منصة أمام مسجد بابري لعبادة رام (إله هندوسي). وتمّ رفض هذا الالتماس مرتين وأمر القاضي بالوضع الراهن، قائلاً إن الوقت قد فات لتعديل "خطأ ارتكب منذ أكثر من 350 عاما".

 

وبعد تقسيم شبه القارة الهندية في عام 1947، حافظ الهندوس المتطرفون على جهودهم، وفي 22 و23 كانون الأول/ديسمبر من عام 1949، أعلنت الحكومة الهندية أن المسجد "ملكية متنازع عليها" وأغلقت البوابة بعد أن وضع الكهنة الهندوس أصناماً للآلهة الهندوسية داخل المسجد. وبعد ذلك لم تُقم صلاة المسلمين في المسجد. وواصل الهندوس، مثل كل غير المسلمين وكارهي الإسلام، بذل قصارى جهدهم لتحقيق أهدافهم وبدأت حركة كبيرة في إعادة بناء ماندير بدلاً من المسجد، ما أدى إلى أعمال شغب عام 1992، ما أسفر عن مقتل ما يقرب من 2000 شخص. ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾.

 

ما يجعل المكان مقدساً في الإسلام هو الاعتقاد بأن الله سبحانه وتعالى هو مالك الكون، وهو وحده صاحب الحقّ في العبادة. وعبادته تتضمن الاستسلام والطاعة الكاملة، حتى في حفظ حقوق أهل الذمة (الجزية لسكان الدولة الإسلامية). فقد وصل سيدنا عمر رضي الله عنه إلى فلسطين في أوائل نيسان/أبريل 637م وقام بجولة في المدينة، بما في ذلك كنيسة القيامة، وعندما حان وقت صلاة الظهر، دعاه البطريرك صفرونيوس للصلاة داخل الكنيسة، لكن سيدنا عمر رفض، وقال إنه إذا صلى داخل الكنيسة فيمكن للمسلمين لاحقاً أن يفترضوا أن هذا يجب أن يتحول إلى مسجد، وبهذه الطريقة سيتم حرمان النصارى من أحد أقدس مواقعهم. وبدلاً من ذلك صلى خارج الكنيسة حيث تمّ بناء مسجد سمي فيما بعد مسجد عمر.

 

حتى في شبه القارة الهندية، احترم المغول مشاعر رعاياهم الهندوس، ولهذا السبب أدى تمرد عام 1857 على أساس استخدام دهن البقر في الخراطيش إلى إرسال موجات من الصدمة عبر الهندوس. حتى لو لم يتم اعتبار وصية الإمبراطور بابور التي تحرم الذبح العلني للأبقار صحيحة، فإن رد فعل الهندوس على الخراطيش يظهر أنهم لم يواجهوا أبداً هذا النوع من التمييز في ظلّ الحكم الإسلامي.

 

نحن نرى الكثير يحدث في جميع أنحاء العالم والمسلمون هم الأكثر تأثراً لأنهم هم الذين لا يمكنهم ممارسة الإسلام إلّا من خلال التمسك بشكله الأصلي، فلا زيادة ولا تغيير في أمر الله سبحانه وتعالى.

 

تمتد عملية هدم المسجد بابري وبناء رام ماندير على مدى 140 عاماً. وهذا يدل على مستوى القوة والسلطة التي يتمتع بها المسلمون في العالم، حتى بعد تدمير سلطتهم المركزية، الخلافة.

 

هذا الحدث، مثل كل الأحداث في جميع أنحاء بلاد المسلمين، يرمز إلى رغبة غير المسلمين في محو اسم الإسلام. ما لا يفهمونه هو أنهم يستطيعون هدم المباني وقتل المسلمين في ظل صمت حكام المسلمين، لكنهم لا يستطيعون محو الإسلام من العالم. يمكن لمؤسسات مثل منظمة التعاون الإسلامي أن تذرف دموع التماسيح على خسارة هذا المسجد كما فعلت بسبب قتل الفلسطينيين، لكن يجب أن نطمئن إلى أن الله وعد المؤمنين بالنصر، ويوماً ما سيعيش المؤمنون في رحمة الله، ولن يكون للخونة والعملاء مكان يختبئون فيه إلاّ المثوى الأخير لأوليائهم الكافرين، وهو الجحيم. ﴿الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً﴾.

 

ينبغي للأمة الإسلامية أن تستمد القوة من هدي النبي محمد ﷺ، وأن تقتدي به، وتواجه الصعاب في طريقها، وتستمر في الكفاح حتى تحقق النصر، والتوفيق من الله. ويجب أن نعلم أننا لن نخسر معركة حتى نستمر في القتال استسلاماً لرب العالمين، وهذه المعركة هي لإقامة حكم الله في هذه الأرض. وسواء شهدنا ذلك اليوم أم لا، لا يمكننا أن ننكر حتميته. إذا كنا جزءا من هذا النضال، فنحن جنود الله سبحانه.

 

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

إخلاق جيهان

آخر تعديل علىالإثنين, 29 كانون الثاني/يناير 2024

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع