الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
بريطانيا مصدومة من تعذيب الطفل آرثر لابينجو هيوز البالغ من العمر ستة أعوام

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

بريطانيا مصدومة من تعذيب الطفل آرثر لابينجو هيوز البالغ من العمر ستة أعوام

 


الخبر:


أدت الإساءة المروعة التي تعرض لها الطفل آرثر لابينجو هيوز البالغ من العمر ست سنوات على يد والده وزوجة أبيه إلى كشف الغطاء عن مشكلة إساءة معاملة الأطفال في بريطانيا. وكان آرثر قد تعرّض للاعتداء الجسدي والتسمم والتجريد من الإنسانية على مدى أشهر عدة أثناء فترة الإغلاق. وبعد أن توفي مع أكثر من 130 إصابة في جسده، قال الخبراء إن حالته تتوافق مع التعريف الطبي لتعذيب الأطفال. وقالت دي لورا هاريسون من شرطة ويست ميدلاندز، التي حققت في القضية "إنها بالتأكيد أسوأ قضية إساءة معاملة لطفل واضطررت إلى التحقيق فيها... ونعلم أن هذا ما يحدث خلف كثير من الأبواب المغلقة، ولكننا حققنا في هذه القضية فقط" (الغارديان)

 

التعليق:


إن حالة إهمال آرثر هي فقط قمة جبل الجليد، فمنذ 31 آذار/مارس 2019، تمت رعاية 54,380 طفل في إنجلترا وويلز من طرف السلطات المحلية بسبب خطر التعرّض للإساءة أو الإهمال من والديهم. وحوالي نصف البالغين (52٪) الذين تعرضوا للإيذاء، وهم دون سن 16 عاماً، قد تعرضوا أيضاً للعنف المنزلي في وقت من أوقات حياتهم؛ مقابل 13٪ ممن لم يتعرضوا للإيذاء قبل سن 16 سنة. وأدت جائحة كوفيد-19 إلى جعل قضية إهمال الأطفال أسوأ بكثير بالنسبة لبلد لا يفتخر باحترامه لحقوق الإنسان فحسب، بل يبشّر العالم بفضائلها. ولكن في حالة آرثر، صوّرت وسائل الإعلام البريطانية والديه على أنهما شريران ودعت إلى إجراء تحقيق عام.


يكاد يكون من المعتاد أن تستجيب حكومات بريطانيا لحالات إهمال الأطفال من خلال إطلاق تحقيقات عامة. ولكن في الماضي، أدت نتائج هذه التحقيقات إما إلى أن تلعب مؤسسة الخدمات (الاجتماعية) دوراً أكبر في منع إساءة معاملة الأطفال أو لسن تشريعات جديدة تهدف إلى توفير حماية أكبر لهم من الوالدين المسيئين. وفي كثير من الأحيان تفشل هذه الإجراءات في وقف المد المتزايد لإساءة معاملة الأطفال المنتشرة في المجتمع في بريطانيا. وقد أدى ذلك بالبعض إلى المطالبة بإجراءات أكثر صرامة، مثل إبعاد الأطفال بشكل دائم عن الآباء القاسين أو حتى تجريدهم من حقهم في الإنجاب. من المستبعد جداً أن تحرز الحكومة الحالية أي تقدّم في الحد من سوء معاملة الأطفال، لأن السبب الرئيسي وراء إساءة معاملة الأطفال هو الفردانية الجامحة، التي رفضت الحكومات وعلماء الاجتماع والآباء على حد سواء الاعتراف بها مراراً وتكراراً.


إن الفردية هي ركيزة مهمة للعلمانية الغربية وتهيمن على العديد من العلاقات الدائمة بين الناس في المجتمعات الغربية. وتنص الفردية على أن يضع الناس مصالحهم أولاً وقبل كل شيء. وهذا يوجد عند الناس عقلية أنانية ويشجعهم على تلبية احتياجاتهم الخاصة قبل احتياجات الآخرين. وعلاوة على ذلك، تقود الفردانية الناس إلى اعتبار المسؤولية عن الغير عبئاً وعائقاً أمام تحقيق دوافعهم الأنانية. لذلك، من الشائع أن تجد أشخاصاً في الغرب، لا سيما في المجال (الاجتماعي)، يدخلون ويغادرون أعمالهم من أجل تجنب المسؤولية، وكل ذلك له تأثير ضار على المجتمع. ومن ثم، فإن الزنا المتفشي، والإجهاض، والأسر وحيدة الوالد، والآباء يتجنبون تكاليف إعالة الأطفال، والأمهات اللاتي يتخلين عن الأطفال ليتمكن من الحفاظ على وظائفهن المعيشية، والآباء الذين يتخلون عن أطفالهم ويضعونهم في دور الحضانة، وإساءة معاملة الأطفال الوحشية، كلها أعراض للفردانية.


إن الحكومات في الغرب غير قادرة على التعامل مع آثار الفردية والأضرار التي تسببها للمجتمع. وذلك لأن دور الحكومة هو ضمان الفردية نفسها لرعاياها وليس فرض قيود على فردية الناس. لذلك، فإن الشغل الشاغل للحكومة هو توفير رفاهية الفرد وليس الأسرة أو المجتمع بشكل عام. وعلى سبيل المثال، عند التعامل مع قضية إساءة معاملة الأطفال، تنظر تلك الحكومات إلى الطفل وحقوقه على أنها منفصلة عن حقوق الأم وحقوق الأب. وبطبيعة الحال، فإن أي حلول تنشأ عن هذا النوع من التفكير ستركز أكثر على الحفاظ على شخصية الطفل أو الأم أو الأب أكثر من تركيزها على حماية الأسرة أو المجتمع. وبهذه الطريقة، لا تتحمل الأسرة والمجتمع أي مسؤولية جماعية تجاه إساءة معاملة الأطفال، حيث يتم تطبيق القانون والمسؤولية على مستوى الفرد فقط.


بينما يقتصر مفهوم الفردية في الإسلام على علاقة الإنسان بالله وعلاقة الإنسان مع ذاته، أي في أمور العبادة والمأكل والملبس والأخلاق. وبالنسبة للعلاقات مع الآخرين، فإنه يُسمح للأفراد بتلبية احتياجاتهم بشرط ألا ينتهكوا حقوق الأفراد الآخرين أو يتعدوا الحدود التي يفرضها الإسلام من أجل الحفاظ على المجتمع. وفي جميع أنواع العلاقات، فإنه يُطلب من المسلمين السعي لنيل رضا الله من خلال تطبيق الأحكام الشرعية. وعندما تطبّق هذه القوانين تنتج شخصية فريدة ومميزة للإنسان، شخصية الإيثار وليس الأنانية، ولم تقتصر الأحكام الشرعية على تنظيم العلاقة بين الوالدين والطفل ولكن أيضاً تنظيم الأسرة والمجتمع.


لقد أشاد الإسلام بالأسرة، حيث قال رسول الله ﷺ: «تَزَوَّجُوا الْوَلُودَ الْوَدُودَ، فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» البيهقي. وقد نهى الإسلام عن قتل الأطفال وتعذيبهم، حيث قال الله سبحانه: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً﴾، وقد حرّم الإسلام إهمال الأبناء، وألزم الوالدين بتوفير المأكل والملبس والمأوى وتلبية مختلف المتطلبات الأخرى لهم، حيث قال رسول الله ﷺ: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْماً أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَعُولُ» أبو داود.


وبالتالي، فإن الإسلام ينظر إلى الأطفال على أنهم نعمة، وينظر إلى الأسرة على أنها تلعب دوراً محورياً في استقرار المجتمع. ولكن اليوم، تهدد الفردية النسيج المجتمعي في الغرب من خلال تآكل القيم العائلية وانتهاك الحقوق المدنية. وإذا تُركت الفردية بلا جدال ودون رادع، فإنها ستؤدي إلى تفتيت المجتمعات في البلاد الإسلامية وغيرها. والموقف الشرعي تجاه الأسرة والمجتمع أكثر مسؤولية بكثير من النظرة الأنانية للعلمانية. لذلك من الضروري أن يدعو المسلمون في الغرب للإسلام العظيم، وأن يفضحوا زيف وخطر الفردية، وأن يسعوا لتقديم الإسلام لغير المسلمين على أنه الحل الوحيد لمشاكل المجتمع.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد المجيد بهاتي – ولاية باكستان

 

آخر تعديل علىالجمعة, 10 كانون الأول/ديسمبر 2021

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع