الثلاثاء، 24 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/26م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
تدابير قيس سعيّد الاستثنائية وحل المعضلة التونسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

تدابير قيس سعيّد الاستثنائية وحل المعضلة التونسية

 


الخبر:


أصدر الرئيس التونسي قيس سعيد يوم 2021/9/22 أمرا رئاسيا يتعلق بتدابير استثنائية يتولى هو بموجبها إعداد مشاريع التعديلات المتعلقة بالإصلاحات السياسية وتضم هذه التدابير: "مواصلة تعليق جميع اختصاصات مجلس نواب الشعب، ومواصلة رفع الحصانة البرلمانية عن جميع أعضائه، ووضع حد لكافة المنح والامتيازات المسندة لرئيس مجلس النواب وأعضائه، والتدابير الخاصة بممارسة السلطة التشريعية، والتدابير الخاصة بممارسة السلطة التنفيذية، بالإضافة إلى مواصلة العمل بتوطئة الدستور وبالبابين الأول والثاني منه وبجميع الأحكام الدستورية التي لا تتعارض مع هذه التدابير الاستثنائية، إضافة إلى إلغاء الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين، على أن يتولى رئيس الجمهورية إعداد مشاريع التعديلات المتعلقة بالإصلاحات السياسية بالاستعانة بلجنة يتم تنظيمها بأمر رئاسي"، وأعلن عن "زيادة صلاحيات رئيس الجمهورية بأن يتولى ترؤس مجلس الوزراء، وله أن يفوض لرئيس الوزراء ترؤسه، ويسهر رئيس الجمهورية على تنفيذ القوانين ويمارس السلطة الترتيبية، وله أن يفوض كامل هذه السلطة أو جزءا منها لرئيس الحكومة. ويمارس رئيس الجمهورية خاصة الوظائف التالية: القيادة العليا للقوات المسلحة، وإشهار الحرب وإبرام السلام بعد مداولة مجلس الوزراء، وإحداث وتعديل وحذف الوزارات وكتابات الدولة والمؤسسات العمومية والمصالح الإدارية وضبط اختصاصاتها وصلاحياتها، وإقالة عضو أو أكثر من أعضاء الحكومة أو البت في استقالته، واعتماد الدبلوماسيين للدولة في الخارج، وقبول اعتماد ممثلي الدول الأجنبية لديه، والتعيين والإعفاء في جميع الوظائف العليا والمصادقة على المعاهدات والعفو العام، ولرئيس الجمهورية أن يعرض على الاستفتاء أي مشروع مرسوم وإذا ما اقتضى الاستفتاء إلى المصادقة على المشروع فإن رئيس الجمهورية يصدره في أجل لا يتجاوز 15 يوما من تاريخ الإعلان عن نتائج الاستفتاء".

 

التعليق:


الكثيرون قالوا إن هذه التدابير والإجراءات تخالف دستور تونس لعام 2014. ولكن إذا دققنا في هذا الدستور فنراه غامضا في موضوع السلطة التنفيذية التي هي مدار البحث. فيقول الفصل رقم 71 "يمارس السلطة التنفيذية رئيس الجمهورية وحكومة يرأسها رئيس الحكومة". فإذن هناك رأسان على رأس السلطة التنفيذية! وذلك سوف يؤدي إلى التنازع كما حدث قبل انقلاب سعيّد في 2021/7/25 وبعد انقلابه هذا على جزء من السلطة التنفيذية وعلى السلطة التشريعية وهي البرلمان. فعندما انقض على كافة السلطات اعتبر تدابيره أنها تساير الدستور بسبب هذا الغموض. والفصل رقم 77 يعطيه حق حل البرلمان! فهناك غموض في ممارسة السلطة التنفيذية وتداخل في الصلاحيات وعند ممارسة الصلاحيات يبدو التناقض والنقص.


وهذا يثبت أن البشر عاجزون مهما سمت عبقرياتهم، فإن التناقض والنقص سيظهران، وقد ظهرا في دستور تونس. فهذا الدستور وضعه بشر عاجزون، وهو لا يستند إلى أسس شرعية يؤمن بها الشعب تمثل مجموعة المفاهيم والمقاييس والقناعات التي تنبثق من الإسلام دين الشعب التونسي، بل وضع تحت رقابة ممثلي دول الكفر الاستعمارية وأُخرج بعلمهم وصدر بمباركتهم. فهو ليس كما افترى راشد الغنوشي بعد وضعه عام 2014 بأنه أفضل دستور بعد دستور رسول الله ﷺ الذي وضع في المدينة المنورة! علما أن الرسول ﷺ كتب كتابا حدد فيه العلاقات بين فئات الناس وكيفية التعامل معهم. فقد جعل المهاجرين والأنصار ومن تبعهم من المؤمنين أمة من دون الناس. وأما اليهود وغيرهم من الكفار فعليهم أن يتحاكموا إلى الله ورسوله لا غير، وألا يخرجوا من المدينة إلا بإذن محمد ﷺ ولا يتعاونوا مع أية قوة أجنبية.


وأما دستور تونس فهو بعيد كل البعد عن كتاب الله وسنة رسوله. فقد أكد النظام الغربي الجمهوري والديمقراطي، وأن الشعب صاحب السيادة ومصدر السلطات أي أن التشريع للبشر، وأكد الدولة المدنية التي تعني الدولة التي لا يكون أساسها الدين، أي التي تفصل الدين عن الدولة.


وعندما يأتي قيس سعيّد وهو أستاذ دستور، وهو يدرك حقيقة هذه الدساتير وهي بشرية وهو من البشر، فيسهل عليه أن يخالفه تحت مسمى تدابير استثنائية! وإن كانت مخالفته لم تأت إلى الأسس، وإنما أقر أساس الدستور غير القائم على الإسلام، ولكنه تعرض لنظام الحكم فيه ليعزز صلاحياته حتى يتمكن من التأثير في سياسة البلد ويتمكن من خدمة المصالح الفرنسية في الداخل وفي الخارج. إذ إنه أظهر ارتباطا بفرنسا، ودافع عن استعمارها لتونس ولم يعتبره استعمارا، علما أن تونس ما زالت مستعمرة فكريا وسياسيا واقتصاديا للدول الغربية ومؤسساتها التي تتحكم فيها.


ولهذا فلا قيمة للدستور في نظر قيس بن سعيّد لأنه يدرك أن بشرا مثله وضعوه، ولا قيمة له في نظر المنتقدين له بأنه خالف الدستور، فهم يدركون أنه دستور بشري يمكن التلاعب به، فيريدون أن يتمسكوا به للحفاظ على مناصبهم ومصالحهم. ولهذا لا ابن سعيّد على حق، ولا المنتقدين له على حق، فكلاهما "في الهوى سوى"! ﴿فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾.


وعليهم أن يرجعوا عن غيهم وضلالهم، وأن يلتزموا بالدستور الإسلامي المستنبط من كتاب الله وسنة رسوله ﷺ والذي قدمه حزب التحرير للناس وبيّن الأسباب الموجبة له، فهو واضح كل الوضوح؛ فلا غموض فيه ولا تداخل في الصلاحيات ولا تناقض ولا تشاكس. فالخليفة هو صاحب الصلاحيات ومعاونو التفويض يساعدونه في ذلك. والجميع يلتزم به ويطبقه لأنه أوامر ونواه من الله سبحانه وتعالى. ﴿فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً﴾.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أسعد منصور

 

آخر تعديل علىالجمعة, 01 تشرين الأول/أكتوبر 2021

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع