الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
لبنان: أزمات بعضها فوق بعض

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لبنان: أزمات بعضها فوق بعض

 

 

 

الخبر:

 

استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان، وازدياد حدة النقص في الاحتياجات اليومية للسكان، من كهرباء ووقود وخدمات طبية وأدوية، وفقدان سلع أساسية من الأسواق في ظل شلل سياسي تام ومضي نحو المجهول بشهادة السياسيين والمراقبين.

 

التعليق:

 

يحاول كثير من المتصدرين للمشهد القاتم في لبنان، طرح حلول تستند إلى منطلق واحد، هو فساد الطبقة الحاكمة، وضرورة تغييرها بدماء جديدة، نظيفة اليد، وأكثر مهنية وخبرة في إدارة البلاد، وهو منطلق يكاد يطغى تماما على خطاب المثقفين والإعلاميين والمحازبين، وكذلك في الرأي العام المسيطر على الشارع اللبناني.

 

لا شك أن فساد وفشل الوسط السياسي الحاكم في لبنان منذ عقود، قد ساهم في وصول لبنان إلى هذا الدرك من الهاوية، لكن حصر مشكلة لبنان في زعماء العصابات الحاكمين له، واقتصار رؤية الحل في تغييرهم وكف أيديهم ومحاسبتهم، هو نوع من التعمية عن حقيقة الداء، ومساهمة في تكريس المشكلة، وحتى إن كان تغيير الزعماء الحاليين، سيخفف من آثار سرقاتهم وفشلهم، إلا أنه لن يتجاوز تخفيف الأعراض، وسيبقي الحل الجذري للداء بعيدا عن متناول الناس.

 

فمشكلة لبنان هي في أزماته الثلاث:

 

الأولى: أزمة كيان هزيل صغير هش، ليس فيه مقومات دولة، لا من الناحية الجغرافية ولا من الناحية السكانية ولا من حيث الموارد، وهو كيان صنعه الكافر المستعمر ليكون بؤرة قلاقل وصراعات، تتنازعه دول تسيطر كل منها على طائفة أو أكثر، وتستعملها ذريعة للتدخل في شؤونه بحجة حماية الطوائف الصغيرة، ولذا كان لبنان نفسه هو أكبر أزماته.

 

الثانية: أزمة مكونة من نظام حكم رأسمالي القيم، طائفي الأداء. ولذا فإن فساد الرأسمالية المتوحشة، التي زادت الفقير فقراً، وسحقت شعب لبنان وما زالت، يزيد من سوئها شبح المحاصصة والمحسوبيات في التركيبة الإدارية والحكم، على حساب الكفاءة والمهنية، ويجعل الولاء للطائفة ممثلة بزعيمها، وليس للبلد والمصلحة العامة كما يتشدق دهاقنة الوسط السياسي في لبنان.

 

الثالثة: أزمة زعماء عصابات مجرمين، حكموا البلاد لعقود، بعقلية صاحب مزرعة بقر أو دواجن، لا بعقلية حاكم، حيث كان همهم الهيمنة والثراء ونهب الثروات، وليس رعاية شؤون الناس، فالأمانة عندهم مغنم، والناس في عيونهم غنم، يطعمونهم بقدر ما يستفيدون منهم، وإن لزم أن يذبحوهم (حقيقة أو مجازا) فعلوا بلا تردد! مطمئنين إلى أن الاصطفاف الطائفي، والتجييش العاطفي، كفيل بإبقائهم في سدة الحكم على رقاب الناس.

 

وما لم تعالج هذه الأزمات الثلاث: الكيان والنظام والحكام، مجتمعة، فسيبقى لبنان ينتقل من كارثة إلى أخرى، لأن منبع أزماته ذاتي، وحلها بعودته جزءاً من كيان أكبر، ودولة حقيقية، تحكم بعدل الإسلام ورحمته، خلافة راشدة، يسعد بها أهل الأرض ويرضى عنها رب السماوات والأرض.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

الشيخ عدنان مزيان

عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

آخر تعديل علىالإثنين, 12 تموز/يوليو 2021

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع