الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
بوريس يدافع عن الرأسمالية الجشعة لكنه يخطئ إصابة الهدف

بسم الله الرحمن الرحيم

 

بوريس يدافع عن الرأسمالية الجشعة لكنه يخطئ إصابة الهدف

(مترجم)

 

 

 

الخبر:

 

بعد أن تفاخر أمام نوابه بأن "سبب نجاحنا للقاح هو الرأسمالية، وبسبب جشع الشركات، يا أصدقائي.." سرعان ما حاول سحب تعليقه.

 

فيما يعبر تراجعه عن مخاوف بشأن الصورة العامة، إلا أن دعوته الغريزية للجشع تمثل اعتقاداً مبدئياً. هذا رجل، بعد كل شيء، تفاخر بأن أحدا لم يكن "متشبثا بالمصرفيين بقدر ما فعلت" خلال محاولته المنتصرة تولي قيادة حزب المحافظين، والذي أعلن ذات مرة أن عدم المساواة أمر ضروري لتغذية "روح الحسد" وكان هذا الجشع "حافزا قيما للنشاط الاقتصادي".

 

ومع ذلك، فإن نسب انتصار التطعيم الشامل لبريطانيا إلى "الجشع" و"الرأسمالية" هو ببساطة أمر غير صحيح. فكما ذكرت المجلة الطبية البريطانية، فإن "لقاح أسترازينيكا اكتشفه في الأصل معهد جينر في أكسفورد وحصل على أكثر من مليار جنيه إسترليني من المال العام". شاركت أسترازينيكا في التجارب والتصنيع، لكنها لم تتحمل أية مخاطر مالية. كما ذكرت العام الماضي، "من المتوقع أن يتم تعويض نفقات تطوير اللقاح بتمويل من الحكومات".

 

في الواقع، يدخل الجشع والرأسمالية المعادلة كعقبات أمام التلقيح العالمي. تطالب دول مثل الهند وجنوب أفريقيا، بالإضافة إلى منظمة الصحة العالمية، بالتنازل عن براءات الاختراع الخاصة بحقوق الملكية الفكرية للقاحات لضمان إمداد التحصين إلى البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. ليس هذا فقط لصالح شعوب جنوب الكرة الأرضية - فحياتهم مقدسة كحياتنا - ولكن لصالح البشرية جمعاء. وقد علمنا أن التكلفة ستكون باهظة، فالسماح للفيروس بالانتشار يزيد من خطر حدوث طفرات خطيرة مع مقاومة اللقاحات الموجودة. حكومتنا هي من بين من يمنعون الدول الفقيرة من تصنيع نسخهم الخاصة. هذا هو الجشع حقا.

 

تعليقات جونسون، مهما كانت فاشلة من جانبه، إلا أنها تسلط الضوء على أسطورة مشتركة حول حقيقة الرأسمالية التي تبجل رواد النظام الاقتصادي المدفوع أساساً بالربح قصير الأجل - بغض النظر عن التكلفة المجتمعية أو البيئية - هذا النظام باعتباره محركاً للابتكار والذوق الريادي. ولكن الإنجازات العظيمة التي نحققها اليوم هي غالباً أفكار الدولة والقطاع العام. غالباً ما تضطر هيئة الخدمات الصحية الوطنية إلى دفع أسعار باهظة للأدوية التي تم تطويرها بتكلفة عامة ضخمة. في عام 2017، أنفقت مليار جنيه إسترليني على الأدوية التي تم تطويرها بمساعدة الاستثمار العام.

 

هذا يذهب إلى ما هو أبعد من الأدوية الكبيرة. يعد iPhone حالة مذهلة تمثل براعة القطاع العام تقنية الشاشة التي تعمل باللمس، ونظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، والبطارية، والتعرف على الصوت، وفي الواقع تم تطوير الإنترنت ككل بفضل أبحاث الدولة.

 

بالنظر إلى تجنب الضرائب على النطاق الصناعي من جانب العديد من الشركات الكبيرة، فإليك حجة تحتاج إلى تكرارها مراراً وتكراراً.

 

دون الكثير من سخاء الدولة المشيطنة، لا يمكن لأي شركة أن تربح. تمدهم الدولة بالطرق والبنى التحتية الأساسية الأخرى وتحمي ممتلكاتهم. إنها تثقف القوى العاملة لديها، ومن خلال الرعاية الصحية العامة، تمنعهم من الإصابة بالمرض لدرجة أنهم لم يستطيعوا العمل عندما انهار القطاع المالي - وهو أكبر فشل للقطاع الخاص في عصرنا - لكن الدولة أنقذته، فيما تُرك السكان على النطاق الأوسع يدفعون التكاليف من خلال خفض الخدمات العامة ومدفوعات الضمان (الاجتماعي).

 

نظراً لأن الجشع والرأسمالية يشكلان تهديداً مدمراً لحياة الإنسان ومستقبل الكوكب مع قيام الشركات الخاصة بالضغط ضد تنظيم توزيع الهواء النظيف للتخفيف من عواقب التلوث، الذي يقتل الملايين كل عام، إلى جانب الحماية البيئية المهمة - فقد كان جونسون بالتأكيد على حق في زلته. لا بد من الإشادة ببرنامج التطعيم البريطاني لأنه ينقذ الأرواح ويمهد الطريق لاستعادة حرياتنا، إلا أن ذلك لا يبرر الجشع أو الرأسمالية، بل العكس تماماً. (صحيفة الجارديان)

 

التعليق:

 

إن كلمة رأسمالية لا تحظى بشعبية كبيرة لدرجة أن المدافعين عنها ينتهزون كل فرصة للدفاع عنها، ويكون ذلك غالباً بشكل غير صحيح ومنطق ملتو. والخطأ الشائع هو زعمهم أن دافع الربح هو اختراع رأسمالي، بينما هو جانب عالمي للطبيعة البشرية، وليس خاصاً بأي وجهة نظر معينة عن الحياة. لقد حاول الاشتراكيون بشكل كارثي إنكار مثل هذه الطبيعة البشرية، ويحاول الرأسماليون دائماً دحضها بواجهة زائفة من المجادلات.

 

كل من الرأسمالية والاشتراكية مبدآن ولدا من رحم التجربة الأوروبية الخالصة للكنيسة والنخبة الأرستقراطية. أولئك الذين يعرّفون اليوم النظام الاقتصادي الرأسمالي بشكل صحيح على أنه سبب للدمار الكبير والبؤس في العالم، والذين يدافعون عنه، يجدون صعوبة في معالجة حقيقة أن الرأسمالية هي أكثر بكثير من مجرد نظام اقتصادي.

 

أعطت الكنيسة الأوروبية الشرعية للنخبة الأرستقراطية، ولكنها تنافست معها أيضاً على السلطة. أخيراً، نُحِّيت الكنيسة من السلطة، لكن النخبة المتميزة بقيت، مستخدمة الديمقراطية للسيطرة على الناس بدلاً من الملكية. حتى اليوم، تسيطر النخبة الرأسمالية على جميع جوانب المجتمع تماماً كما كان أسلافها الأرستقراطيون من قبلهم. حُرم الدين من دوره، فيما تجذرت العقيدة العلمانية. دون العلمانية لن تكون هناك رأسمالية، ودون انتهاكات الكنيسة الأوروبية، ما كان لأحد أن يفكر في العلمانية للحظة.

 

من الشائع الآن أن يشعر السياسيون والكتاب في الغرب بالحرج من مدى الجشع والأنانية التي جلبتها العلمانية إلى بلدانهم. يدافعون عنها بعصبية في بعض الأحيان، ثم يتراجعون بسرعة ليعلنوا التزامهم بالتوازن والاعتدال. مثل هذا الارتباك والتفكير المشوش دليل على أن الإخفاقات الصارخة لمبدئهم العلماني تصبح أكثر وضوحاً يوماً بعد يوم. ومع ذلك، فبدلاً من توجيه الأنظار إلى الحقيقة الساطعة الجلية، نراهم يلومون النظريات الاقتصادية الرأسمالية، على أمل يائس أن يسمح لهم التغيير البسيط برؤية يوم آخر.

 

هذا النفور من التأمل الذاتي الصادق والتشكيك في الجذور العلمانية هو في المقام الأول خوفاً من عدم تمكنهم من العثور على معتقد بديل، إلى جانب التلقين الذي تلقوه منذ ولادتهم بأنه لا يجب أخذ الدين على محمل الجد والاحتفاظ به في أماكن أداء طقوسه. الحملة الإعلامية الشرسة المزعومة لتشويه صورة الإسلام والمسلمين، و"الحرب على الإرهاب" التي ابتكرتها النخبة الرأسمالية وساستها، والمحاولات التشريعية الجديدة لمنع أي ترويج للإسلام السياسي؛ جميعها تخدم هدفاً واحداً، وهو منع أي شخص في الغرب بدأ يشك في سحر الرأسمالية من التفكير بجدية في أن الإسلام يمكن أن يكون ذلك البديل الذي يبحثون عنه.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

يحيى نسبت

الممثل الإعلامي لحزب التحرير في بريطانيا

آخر تعديل علىالثلاثاء, 30 آذار/مارس 2021

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع