الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
زيارات الوفود الأمنية والعسكرية التركية والمصرية لليبيا: مراميها وأهدافها!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

زيارات الوفود الأمنية والعسكرية التركية والمصرية لليبيا: مراميها وأهدافها!

 

 

 

الخبر:

 

قام وزير الدفاع التركي ورافقه وفد عسكري رفيع المستوى مشكل من رئيس الأركان وقادة الجيوش البرية والبحرية بزيارة مفاجئة للعاصمة الليبية طرابلس يوم 2020/12/26. وقد وافق البرلمان التركي يوم 2020/12/23 على مذكرة الرئيس التركي أردوغان تتعلق بتمديد بقاء القوات التركية في ليبيا مدة 18 شهرا. فقام حفتر عقب ذلك يهدد تركيا وينذرها بالحرب إذا لم ترحل. وقام وفد أمني مصري بزيارة لطرابلس وقدم عروضا وشروطا.

 

التعليق:

 

أول ملاحظة على زيارة الوفد رفيع المستوى هو عدم اجتماعه ولقائه مع فايز السراج قائد الجيش الليبي ورئيس المجلس الرئاسي ورئيس حكومة الوفاق. فعندما جاء وزير الدفاع التركي يوم 2020/7/4 إلى طرابلس اجتمع مباشرة مع السراج. ولكن في هذه المرة ومعه وفد عسكري على أرفع مستوى لم يجتمع معه، بل اجتمع مع من هو أقل منه في الصلاحية في النظام الليبي وهو رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري ووزير الدفاع صلاح الدين النمروش ووزير الداخلية فتحي باشاغا وقام بزيارة مقرات القوات التركية هناك. مما يدل على أن هناك قطيعة بين السراج وتركيا، حيث خذلته وأوقفت دعمها في عمليته لاسترجاع سرت والجفرة وأجبرته على توقيع اتفاقية وقف إطلاق نار دائم والبدء بالمفاوضات مع الطرف الآخر الذي تعتبره أنقرة مارقا وغير شرعي وهو طرف حفتر. فأعلن السراج أنه سيستقيل في 2020/10/31، ما أغضب أردوغان فضغط عليه حتى يتراجع، ولكن أوروبا وخاصة بريطانيا، وهو تابع لها، طلبت منه أن يتراجع. فأجّل استقالته إلى نهاية سنة 2021 حيث ستجري انتخابات عامة.

 

وأعلنت وزارة الدفاع التركية يوم 2020/12/27 أن زيارة وزير الدفاع والوفد العسكري المرافق كانت من جانب تركيا فقط. أي أن تركيا فرضت هذه الزيارة على طرابلس ولم تكن الأخيرة راغبة فيها، وهذا ما يؤكد القطيعة بين السراج وتركيا، وقد اعتبر صديقا لتركيا ووقع معها مذكرة تفاهم تتعلق بالتعاون الأمني والعسكري المشترك واتفاقية ترسيم الحدود البحرية يوم 2019/11/27. إذ أرادت بريطانيا عن طريق عميلها السراج استخدام تركيا لدحر قوات حفتر عن طرابلس والعمل على استعادة المناطق التي يسيطر عليها وخاصة في منطقة الهلال النفطي التي تشمل محيط سرت وكذلك الجفرة حيث تتمركز فيها قوات حفتر الجوية. فكان الدعم التركي محدودا، فخيبت آمال السراج ومن وراءه بالسيطرة على هذه المنطقة، وأبقت حفتر حيا يسيطر عليها وعلى شرق ليبيا حتى تمكنه أمريكا بضغوطها المباشرة، وعن طريق الضغوط التركية والمصرية والروسية حتى تمليه على حكومة الوفاق الليبية المعترف بها دوليا.

 

ونشرت صفحة وزارة الدفاع التركية صورا لمغنين أتراك يحيون حفلا في قاعدة عسكرية تركية في قاعدة معيتيقة الليبية، وأظهرت الصور وزير الدفاع التركي ويجلس بجانبه رئيس المجلس الأعلى المشري ووزيري الدفاع والداخلية في حكومة الوفاق، يجلسون بجوار بعضهم بدون تباعد كوروني وهم يشاهدون مغنية ترتدي ملابس تدل على احتفالات عيد الميلاد النصراني ورأس السنة الميلادية ويتناولون الطعام والشراب في جو انسجامي. مما يدل على أن الهدف من الزيارة أيضا هو كسر الجمود في العلاقات بين تركيا وحكومة الوفاق، وهذا يؤكد وجود التوتر بين الطرفين.

 

وأما تصريحات حفتر فهي فقاعات صابون تخدم تركيا أكثر، وهو يعرف أنها حافظت على وجوده في سرت والجفرة وشرق ليبيا وتعمل على جعل حكومة السراج تقبله. وزيارة الوفد التركي هي للحفاظ على هيبة تركيا لمن يهدد قواتها بأنها لن تسكت عنه، وبذلك قام وزير الدفاع التركي وأطلق التهديدات لمن سيمس بالقوات التركية. وحفتر لا يتحرك إلا بأوامر أمريكا، ويظهر أيضا أنها أرادت كهربة الأجواء بواسطة تركيا وحفتر بعد اختيار مجلس الأمن لدبلوماسي بلغاري كمبعوث أممي لليبيا ودبلوماسي أفريقي كنائب له فاضطرت أمريكا للموافقة لمسايرة الأمر، فمنذ استقالة غسان سلامة في شهر آذار الماضي لم يتمكن المجلس من اختيار مبعوث أممي دائم، فقد رفضت أمريكا الذين عرضتهم أوروبا ولم تتمكن من فرض الدبلوماسية الأمريكية ستيفاني وليامز والتي تعمل منذ نيسان الماضي كمبعوث بالإنابة مدة ستة أشهر، وقد قامت بأعمال سياسية مؤثرة بعقد حوارات بين الأطراف الليبية في تونس مضادة للحوارات التي تعقدها بريطانيا في المغرب. فأرادت أن تواصل هذه الحرب حتى تتمكن من ضرب النفوذ البريطاني وفرض الحلول الأمريكية وكسب العملاء لحساب بلادها حتى تتمكن أمريكا من بسط نفوذها في ليبيا.

 

وعقب زيارة الوفد التركي قام وفد مصري رفيع المستوى يتكون من وكيلي وزارة الخارجية والدفاع ونائب رئيس جهاز المخابرات بزيارة طرابلس يوم 2020/12/27 وعقد اجتماعا مع نائب رئيس المجلس الرئاسي معيتيق ووزير الداخلية باشاغا ورئيس جهاز المخابرات في ليبيا، وذلك لأول مرة منذ 6 سنوات، أي منذ فشل محاولة انقلاب حفتر الاستيلاء على الحكم في طرابلس عام 2014 بدعم مصري وبتخطيط أمريكي. فقال وزير الداخلية الليبي فتحي باشاغا: "اللقاءات مع الوفد الأمني المصري اليوم في العاصمة طرابلس كانت مثمرة وبناءة، وجرى من خلالها استعراض سبل تعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي المشترك بما يحفظ مصالح الدولتين والمنطقة..." (بوابة الوسط الليبية 2020/12/27) فأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الليبية محمد القبلاوي أن الوفد المصري وضع شروطا للطرف الليبي أو وثيقة طالبه بالقبول بها. وكان الغرض منها العمل على إعادة العلاقات الدبلوماسية لطبيعتها والتعاون بين البلدين في مجالات عدة، وقال إن الوفد المصري وعد الجانب الليبي بإعادة عمل السفارة المصرية من داخل طرابلس في أقرب الآجال. كما جرى الاتفاق على ضرورة وضع حلول عاجلة لاستئناف الرحلات الجوية إلى القاهرة". (ليبيا الآن 2020/12/27)

 

وهكذا تواصل أمريكا ضغوطها على حكومة الوفاق الليبية، وتقدم لها إغراءات عن طريق مصر، حتى تتمكن من فرض عملائها على حكومة الوفاق الليبية مقدمة لسحب البساط من تحت بريطانيا خاصة وأوروبا عامة. وليس من السهل أن تتمكن من ذلك بسبب وجود وسط سياسي كبير تابع لبريطانيا ووجود دول إقليمية كالجزائر والمغرب وتونس وقطر والإمارات تعمل لحساب بريطانيا، وكل منها تقوم بدورها الذي تسنده لها بريطانيا.

 

وبذلك ستبقى ليبيا في دوامة الصراع الدولي وأدواته الإقليمية والمحلية حتى يتدارك الناس الأمر فلا يسيرون وراء هذا الناعق أو ذاك ولا تخدعهم حيل وألاعيب هذا أو ذاك، ولا يرغبوا عن الإسلام نظاما وحكما ولا يقبلوا غير المخلصين لدينهم الواعين سياسيا وعيا تاما قادة لهم.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

أسعد منصور

آخر تعديل علىالثلاثاء, 29 كانون الأول/ديسمبر 2020

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع