الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
رحمة الإنسان محدودة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

رحمة الإنسان محدودة

(مترجم)

 

 

 

الخبر:

 

صوّت النيوزيلنديون لإضفاء الشرعية على القتل الرحيم لأولئك الذين يعانون من مرض عضال، في انتصار لنشطاء يقولون إن الأشخاص الذين يعانون من آلام شديدة يجب أن يُمنحوا خياراً بشأن كيفية وموعد إنهاء حياتهم. (الجارديان، 2020/10/30م)

 

التعليق:

 

القتل الرحيم قانوني في هولندا وبلجيكا ولوكسمبورغ وكندا وكولومبيا، وعلى الرغم من أنه غير قانوني في سويسرا إلا أن الانتحار بمساعدة الطبيب أمر قانوني. والآن اختار الناخبون في نيوزيلندا السماح بهذا الإجراء أيضاً.

 

يتنوع العمر الذي يمكن فيه للشخص أن يتخذ قراراً بشأن القتل الرحيم، وعادة ما تستند الأسباب إلى مرض عضال أو حالات طبية تسبب معاناة لا تطاق. في بعض البلدان، يمكن للأطفال وكذلك البالغين اختيار القتل الرحيم.

 

في حين إن الأمراض يمكن أن تختبر شخصاً ما، إلا أن الرغبة في إنهاء الحياة عند أسرته ومقدمي الرعاية له ترتبط بمعتقدات الشخص وما يتم تحديده على أنه الهدف في الحياة.

 

في النظام العلماني، لا يُناقش الغرض من الحياة علانية ويترك للناس اكتشافه من خلال السلطات الدينية، ويمكنهم اختيار اتباعه. وإذا ما كان هناك مفهوم للحياة بعد الموت في العديد من المعتقدات، فإن اتباع مدونة أخلاقية في الحياة لتحقيق أفضل الحياة الآخرة يأتي تبعا لذلك، وعادة ما يكون هذا رمزاً يقرره الإنسان لنفسه، بشكل جماعي أو بنفسه.

 

تعلمنا العلمانية أن أهمية الحياة تقتصر على هذه الحياة الدنيا. حتى لو كان لديك معتقد ديني، فإن المجال الرئيسي هو هذا المجال، فيما يتم تهميش الدين في المجتمع. إن الرأسمالية التي لا تناقش الآخرة تعلمنا أيضاً الانتفاع الأقصى من هذه الحياة. تهيمن الأفكار العلمانية والرأسمالية على المجتمعات التي نعيش فيها. لذا، فإذا كانت هذه هي الحياة الرئيسية وكنا بحاجة إلى الاستمتاع بها من خلال اكتساب الملذات وتقليل الألم، فإن المرض والألم يُنظر إليه على أنه أمر سيئ. ومن ثم، يُنظر إلى إنهاء الحياة لتجنب الألم كخيار بل خيار رحيم أو جيد!

 

تختلف العقلية الإسلامية عن العلمانية والرأسمالية. فالحياة الدنيا محدودة والحياة الآخرة غير محدودة. الآخرة متفق عليها في الإسلام على أنها غاية المسلم. وليس هناك اعتقاد باهت قائم على الأماني بل عقيدة قاطعة وواضحة تقوم على القبول العقلاني للقرآن الذي يقود المسلمين إلى فهم الآخرة غير المحسوسة. على الرغم من أن العقل البشري لا يستطيع استيعاب هذه الحقيقة، إلا أن الاعتقاد جازم حيث إن المصادر تفسر ذلك وقد تم إثباتها والإيمان بها. هذا ليس اقتناعاً عاطفياً ولكنه اقتناع فكري قائم على الدليل لا على عقل بشري محدود. هذا الأساس القوي يؤدي إلى قناعات وأفعال قوية في الحياة.

 

قُدمت قواعد السلوك أيضاً بطرق واضحة، لذلك لا نحتاج إلى النظر إلى الحقائق والتساؤل، "ما رأي الله في ذلك؟" أو "ما الذي يريده الله مني؟" أو المعضلات الأخلاقية، "ما هو أفضل نهج هنا؟" بدلاً من ذلك لدينا معايير لجميع الأفعال ونستخدم هذا كأساس عند الحكم على جميع المشاكل التي نواجهها في الحياة.

 

سواء أكنا نحن أنفسنا مرضى أو أحد أفراد الأسرة مريض، فإنه بالنسبة للمسلمين، يُنظر إلى المعاناة على أنها كفارة ونعمة وفرصة لدخول الجنة. يمكن استخدام الألم كفرصة لإرضاء الله سبحانه وتعالى من خلال سبيل ربما لم نكن قادرين على تحصيله بأنفسنا. يقول الرسول ﷺ: «مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حَزَن وَلاَ أَذًى وَلاَ غمٍّ، حتَّى الشَّوْكَةُ يُشَاكُها إِلاَّ كفَّر اللَّه بهَا مِنْ خطَايَاه» (رواه البخاري)

 

بالنسبة لمقدمي الرعاية والعائلة، هناك أيضاً فرص للخدمة والمساعدة وكسب الحسنات. أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَعُودُ مُسْلِماً غُدْوَةً إلا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِنْ عَادَهُ عَشِيَّةً إلا صَلَّى عَلَيْهِ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ حَتَّى يُصْبِحَ، وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ فِي الْجَنَّةِ».

 

مع التركيز على الآخرة، نعلم أيضاً أن الحياة والألم سينتهيان في الوقت الذي أمر به الله سبحانه وتعالى، لذا فإن الانتحار والقتل الرحيم وجعل إنهاء الحياة في أيدي البشر يعتبر جريمة ولن يكون شرعياً أبداً.

 

توضح هذه الحالة كيف يحتاج المجتمع إلى الأفكار الصحيحة كأساس وليس إلى تعريفه الخاص بـ"التعاطف". سيغذي المجتمع الإسلامي رعاياه بثقافة تذكرهم بالهدف من الحياة والصلة بالله سبحانه وتعالى. وسيضمن للرعية رؤية الحياة كما هي وليس على أنها مكان للراحة والمتعة. كما أنه سيعلم المقاييس اللازمة للأفعال، حتى لا يستخدم الناس عقولهم المحدودة ويقرروا بأنفسهم ما هو "جيد" و"سيئ". كمجتمع، ندعم ونساعد بشكل جماعي، لذلك لا يتحمل الفرد أو الأسرة الألم والمعاناة دون تذكير ومساعدة. "زيارة المريض لا تقتصر على من تعرفهم، بل تشرع لمن تعرفهم، ومن لا تعرفهم". (النووي في شرح مسلم)

 

أنتجت هذه المعايير والأفكار الانسجام والعناية بالناس وسمحت لهم بالوصول إلى أعلى مستويات السلوك والتصرف. هذا ما يفتقر إليه العالم ولا يمكن ضمانه إلا عندما يتم تطبيق النظام الإسلامي بشكل شامل مع نظامه التعليمي والتثقيفي للأمة والمجتمع ككل.

 

 

 

كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

نادية رحمن

آخر تعديل علىالإثنين, 02 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع