الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
من أي تقليد تشتكي، عندما يكون حكمك ذاته تقليداً بالفعل!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

من أي تقليد تشتكي، عندما يكون حكمك ذاته تقليداً بالفعل!

(مترجم)

 

 

 

الخبر:

 

تحدّث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في حفل افتتاح جامعة ابن خلدون فقال: "أعتقد أنه على مدار الثمانية عشر عاماً الماضية، ومع المحاسبة الصادقة، نجحنا في مجال العمل والخدمات التاريخية في جميع المجالات، لكننا لم نتمكن من تحقيق التقدّم الذي كنا نتمناه في التعليم والثقافة. على أية حال، كدولة وكأمة، فقد تأثرنا بالأفكار الغربية، إنها لخسارة كبيرة لجمهوريتنا أن يكون الطريق الذي نرغب في سلوكه لتنشئة أجيالنا ليكونوا ذوي تفكير مستقل، ومعرفة مستقلة، وضمير مستقل، قد تحول هذا الطريق من أقصى اليمين، الأكثر ابتذالاً، والأكثر تشويهاً إلى مُقلد غربي". (وكالة الأناضول 2020/10/19م)

 

التعليق:

 

لقد أصبح التناقض بين أقوال وأفعال أردوغان أمراً شائعاً. والظاهر أن تمسكه بموقفه، ومخالفته لنفسه، وإنكار ما قاله أخيراً أمر واضح، وأريد أن أوضّح هذا الأمر في هذه القضية. "في إحدى الجامعات يدعو المعلم الطالب إلى المنصة ويطلب منه أن يخبره بالموضوع الذي أعدّه، ويبدأ الطالب بشرح المادة، ثم يطلب المعلم من الطالب الصعود على الطاولة وإخباره حول الموضوع، ويخبر الطالب بالموضوع على الطاولة ويستمر هذا الموقف ككرسي على الطاولة أو كرسي فوق كرسي وما إلى ذلك... لدرجة أن الخوف من السقوط من مكانه أثناء صعوده يشوّه تماسك الموضوع الذي يرويه الطالب، ويصبح الخطاب منفصلاً وغير متناسق". وبهذه الطريقة، يعطي المعلم طلابه درساً موجزاً ​​وملخّصاً ​​كان يتطلب تدريسه ساعات.

 

في الواقع، لا يختلف وضع حكام البلاد اليوم عن وضع هذا المثال. فالخوف من السقوط من حيث هم يضع مسافات بينهم وبين المجتمع. من الغريب الحديث عن شر الغرب وأن نحكم المجتمع وفق السياسات الغربية! وقبل كل شيء، فإن التعبير عن هذه القضية كخسارة للجمهورية يخدع المجتمع بالكامل. والآية التالية هي حجة عليك لأنك خدعت المجتمع بوضعه على منصة الديمقراطية بغلاف تربية الأجيال الدينية، مع أن حكومتك موجودة في كل مجال. "دعنا ننشئ أجيالاً دينية"، أنتم تصنعون أجيالاً تبتعد أكثر فأكثر عن دينها كل يوم؛ ﴿وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ﴾.

 

أي تقليد تشتكي منه وأنت الحاكم وأنت السلطة التنفيذية وترتبط بأعداء الإسلام وتوقّع معهم معاهدات اقتصادية وسياسية وعسكرية؟! أي نوع من الضمير، أي نوع من الإذن لنفسك أن تلعب مع قوانين هذا المجتمع من أجل الدخول إلى الاتحاد الأوروبي ومحاولة بيع أخلاقك وقيمك وإيمانك من أجل مصلحة صغيرة؟!

 

ألست أنت الشخص الذي شرّع الزنا من أجل الانضمام للاتحاد الأوروبي؟! ألست أنت من أعطى الإذن القانوني للمثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية (LGBT) الذين يلعنهم الله؟! ألست من يؤّمن لهم تكوين الجمعيات وتكوين رأي عام؟! لقد تقدمت المسلمين في كل مجال في التقليد حيث إنك أنت الذي تبنيت المساواة بين الجنسين في المجتمع، ودمّرت الأسرة والجيل والمجتمع. أنت اليوم في السلطة، ولكنك أيضاً مفتون بالغرب الذي يدير جوهر الديمقراطية. مع كل هذه الجوانب، كيف تجرؤ على الحديث عن التقليد؟!

 

أتساءل ما إذا كان أردوغان يدرك هذا التناقض، بتنفيذه ما هو بعيد عن حضارة المسلمين ولكنه قريب من الغرب وتطبيقه على الشعب المسلم. وبعد ذلك يتحدث عن الماضي وعن تفوق المسلمين في العلوم والتقنية والفنون. إن السبب الذي جعل المسلمين قدوة للعالم في العلم والمعرفة في الماضي، هو أنهم طبقوا أحكام دينهم الذي آمنوا به في كل مناحي الحياة، وحكموا بنظام الخلافة وطبقوا أحكام الشريعة. إذا كان أردوغان صادقاً حقاً في أقواله، وإذا كان فخوراً بتاريخ المسلمين، وإذا كان ينوي إعادة إحياء أمته بالتفوق في العلم والتقنية، فليُوجد جيلاً يقود العالم أيضاً، جيلاً يخضع به الكفار تحت أقدام المسلمين، ويجب أن يتخلى على الفور عن حكم النظام الديمقراطي العلماني الذي يعتبره الإسلام كفراً ويجب أن يتوب إلى الله. وبعد ذلك يعتبر الحكم بأحكام الإسلام أمراً مصيرياً، إما الحياة أو الموت. وبهذه الطريقة تصبح حاكماً تؤكد أفعاله أقواله، وإلاّ فإن الأمة ستظل في واد وأنت تبقى في واد آخر.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

أحمد سابا

آخر تعديل علىالإثنين, 26 تشرين الأول/أكتوبر 2020

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع