الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
خلفية النزاع بين أذربيجان وأرمينيا

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

خلفية النزاع بين أذربيجان وأرمينيا

 


الخبر:


في الساعات الأولى من صباح يوم الأحد 2020/09/27، بعد العملية العسكرية التي شنها الجيش الأرميني ضد مواقع الجيش الأذري في المنطقة، تصاعد التوتر في المنطقة بشكل سريع، وفقد كثير من الناس حياتهم خلال الاشتباكات التي استمرت طوال اليوم. وبسبب التصريحات المتضاربة للطرفين، لم يُعرف بعد عدد الأشخاص الذين لقوا حتفهم في الاشتباكات، لكن الجيش الأذري صرح بأن 12 منظومة دفاع جوي تابعة لأرمينيا قد دمرت خلال القتال، بينما أصدر الجيش الأرميني بياناً يفيد بتدمير طائرتين مروحيتين و3 دبابات تابعة لأذربيجان. (خبر ترك)

 

التعليق:


في واقع الأمر، وقعت في 12 تموز/يوليو، اشتباكات في توفوز، وهي منطقة حدودية بين أذربيجان وأرمينيا، وردّت أذربيجان على قاذفات الصواريخ ونيران المدفعية الأرمينية في المواقع العسكرية والمدنية بالدبابات والمدافع. إن هجوم أرمينيا على منطقة توفوز يرجع إلى أهميتها الجيوسياسية الحاسمة؛ لأن خطوط الطاقة المهمة لأذربيجان تمر عبر هذه المنطقة. فعلى سبيل المثال، يمر خط أنابيب باكو - تبليسي - جيهان وباكو - تبليسي - أرضروم إلى تركيا عبر هذه المنطقة، كما أن خط أنابيب النفط بين باكو وسوبسا يمتد على طول هذا الخط إلى الساحل الجورجي. ولهذه المنطقة موقع جغرافي مهم من حيث أمن إمدادات الطاقة في تركيا وأمن الطلب على الطاقة في أذربيجان، وأمن النقل والمواصلات. وبالمثل، فإن الإيرادات التي يتم الحصول عليها من خلال هذه الخطوط مهمة جدا من حيث الاستقرار الاقتصادي والتنمية المستدامة في أذربيجان. وبالإضافة إلى خطوط الكهرباء، تمر خطوط النقل والخدمات اللوجستية الحرجة مثل خط سكة حديد باكو - تبليسي - كارس عبر هذه المنطقة بالطريقة نفسها.


ولذلك، إذا تم قطع هذا الخط وتعطلت الخدمات اللوجستية المقدمة من هذه المنطقة، فمن الضروري أن تجد أذربيجان طريقا بديلا إلى تركيا وأوروبا. وفي واقع الأمر، وبالنظر إلى الصراع في المنطقة نفسها في عام 2014، وإصابة المدنيين نتيجة لذلك، يمكننا القول إن الهجوم كان يستند في الواقع إلى استراتيجية قديمة، وليس هو استراتيجية جديدة. ولذلك، ومع وقوع هذه الصراعات في توفوز، تحاول أرمينيا أن توجه انتباه المجتمع الدولي والمنظمات الدولية العاملة في المنطقة بعيدا عن الصراع على ناغورنو كاراباخ من خلال إثارة الصراع في مناطق أخرى. وتخطط كاراباخ لمنع التوصل إلى حل سياسي بإضافة أبعاد مختلفة للمشكلة ولفت الانتباه إلى نقاط مختلفة عن الخطوات التي اتخذتها ضد القانون الدولي.


من المعروف أن الولايات المتحدة ترغب في إزالة النفوذ الروسي عن أرمينيا وفتح باب إلى أرمينيا من خلال تطوير العلاقات مع تركيا. وكما هو الحال دائماً، فإن تركيا تخدم أمريكا في هذا الأمر بطريقة مخزية. وفي الواقع، أعلن البيت الأبيض في 2008/09/30 في مكالمة هاتفية بين الرئيس عبد الله غول والرئيس جورج دبليو بوش أنه "تم أيضاً تناول دعم الزعيمين للجهود الرامية إلى تحسين العلاقات التركية الأرمينية". وإضافة إلى ذلك، وبعد تفكك الاتحاد السوفيتي في عام 1991، بدأت منظمة حلف شمال الأطلسي في وضع سياسات تستهدف المناطق السوفيتية السابقة. وعلى وجه الخصوص، فإن تأسيس حلف شمال الأطلسي لمجلس التعاون لشمال الأطلسي، الذي يضم أذربيجان وأرمينيا، في عام 1992، واستمراره في مجلس الشراكة الأوروبية الأطلسية في عام 1997، فضلا عن التكليف ببرنامج الشراكة من أجل السلام في عام 1994، كان ينظر إليه من جانب روسيا على أنه تهديد لأمنها القومي.


وإضافة لحلف شمال الأطلسي تعتبر روسيا أن تطوير الاتحاد الأوروبي لاستراتيجياته في إطار سياسة الجوار الأوروبية للمنطقة هو سياسة توسعية ومسألة أمنية ضدها. كل هذه الاستراتيجيات في السياسة الخارجية هي في الواقع من بين الأسباب المحددة للصراع المستمر اليوم. وفي ضوء كل هذه المعلومات، من المفهوم أن روسيا هي أهم عامل ينبغي التأكيد عليه عند تقييمنا لأسباب الصراع؛ لأن هذين البلدين لهما أهمية جيوسياسية بالنسبة لروسيا سواء في زمن روسيا القيصرية أو روسيا السوفيتية، أو روسيا الحالية.


إن أسباب تدخل روسيا في سياسات هذين البلدين هي في المقام الأول بيع الأسلحة إلى كلا البلدين. حيث تستورد أذربيجان أكثر من نصف أسلحتها من روسيا. وتوفر المنتجات الروسية الصنع في مخزون الأسلحة والعربات المدرعة والدبابات المستوردة من روسيا، دخلا اقتصاديا لقيادة موسكو وتشكل في الوقت نفسه مصدرا للنفوذ السياسي. ولا يختلف الوضع بالنسبة لأرمينيا؛ حيث إن روسيا لديها قاعدة عسكرية في مدينة غومرو، التي تبعد ساعتين عن العاصمة يريفان. في الواقع، ووفقا للبيانات الرسمية، يوجد أكثر من 5 آلاف جندي روسي في أرمينيا، بما في ذلك قاعدة غومرو العسكرية. وهذه القواعد والوجود العسكري يفتح مجال نفوذ كبير لروسيا في المنطقة. وفي حين يُنظر إلى الوجود العسكري الروسي في المنطقة على أنه جبهة أمنية ضد أذربيجان وتركيا لحكم يريفان، فإنه يُنظر إليه أيضاً على أنه إمكانية لشراء أسلحة أرخص. بمعنى آخر، تهدف أرمينيا إلى ترسيخ أمنها ضد الدول المقابلة، وبالتالي ضد الدول المعادية لروسيا، من خلال جعل روسيا تدعمها. لذلك، عند النظر إلى السياسات التي يتم تنفيذها بشأن الأمن في المنطقة في هذا السياق، فإن استمرار الصراع، ونظرة البلدين إلى بعضهما بعضاً على أنها مسألة أمن وبقاء، تسهم في تعزيز مكانة القوة العظمى من خلال إعطاء روسيا الفرصة لتعزيز نفوذها السياسي والعسكري والاقتصادي في المنطقة. وعلاوة على ذلك، فإن قيادة موسكو لا تحقق القوة الاقتصادية والسياسية من خلال انعدام الثقة الذي نشأ في المنطقة فحسب، بل تمنع أيضاً الدول والمؤسسات الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، من الحصول على النفوذ في المنطقة من خلال استمرار الصراع.


كما هو الحال بالنسبة لجميع القضايا، ينبغي أن ننظر إلى المسألة بين أذربيجان وأرمينيا من وجهة نظر الإسلام. فكما هو معروف، فإن أرمينيا لم تنسحب من أراضي أذربيجان التي احتلتها، وهي تحتلها منذ عام 1994. والإسلام يحرم قبول هذا الاحتلال الذي يقسم أراضي أذربيجان إلى قسمين. في الواقع، على الرغم من تطبيق العلمانية بشكل صارم في أذربيجان، وأن حكامها تتحكم فيهم الدول الكافرة، فإن الشعب الأذري هو شعب مسلم وهذه البلاد هي بلاد إسلامية. وعلى الرغم من أن عدد سكان أرمينيا أقل من 3 ملايين نسمة، إلا أنها لا تزال تشكل غلياناً في المنطقة بدعم روسي. إن الشيء الوحيد الذي يجب القيام به هو إعادة أراضي إقليم ناغورنو كاراباخ وضمه إلى أذربيجان. وبالتأكيد فإن القوة الوحيدة التي ستفعل ذلك إنما هي دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، القائمة قريبا بإذن الله.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
رمضان أبو فرقان

 

آخر تعديل علىالسبت, 17 تشرين الأول/أكتوبر 2020

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع