الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
المشيشي وسعيّد: توتر بين الرؤساء والحكّام أم أزمة يتجاوز عمقها الأقزام؟

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

المشيشي وسعيّد: توتر بين الرؤساء والحكّام أم أزمة يتجاوز عمقها الأقزام؟

 


الخبر:


يبدو أن التوتر بين قرطاج والقصبة متواصل في تونس، وسط أنباء عن احتمال إجراء رئيس الحكومة هشام المشيشي تغييرات قد تطال وزراء محسوبين على الرئيس قيس سعيّد.


وفي هذا السياق، حذرت أحزاب وكتل برلمانية، الأربعاء 7 تشرين الأول/أكتوبر 2020 رئيس الوزراء من تحويل حكومة الكفاءات المستقلة إلى حكومة سياسية، مدعومة من جبهة برلمانية واسعة تقودها حركة النهضة، وسط توقعات بإجرائه تعديلات وزارية قد تشمل على وجه الخصوص الوزراء الذين اختارهم سعيد، وذلك على خلفية توتر العلاقة بين الطرفين. (العربية)

 

التعليق:


ربما لم يعد خافيا على كل متابع في تونس أن البلد صارت تحكمه سياسة التخبط على جميع المستويات، من طرف هواة لا يمارسون الحكم، وإنما يمارسون الإدارة في حدودها الدنيا، ما يعكس وجود أزمة إدارة تضاف إلى أزمة الحكم التي تعصف بالبلاد. ففضلا عن غياب فلسفة وبرامج للحكم، والاكتفاء بترديد شعارات فضفاضة تصرف الأذهان عن البرامج والرؤى السياسية الواضحة والمتبلورة، فإن النزاع السياسي صار هو سيّد الموقف، سواء أكان تلقائيا أم مفتعلا، انطلاقا من قادة ورموز السلطات الثلاث، مرورا بصراع الدّيَكة الذي خيّم على المشهد البرلماني منذ أشهر، ووصولا إلى المعارك الوهمية التي يختلقها الإعلام لمزيد إبعاد الناس عن قضاياهم المصيرية وحشد القطعان البشرية بعد شفط منسوب وعيها وراء حلول وهمية على شاكلة التغييرات الحكومية والتحويرات الوزارية، ليتواصل عرض سيرك سياسي أدخل الجميع في دوامة من العبث الديمقراطي المتواصل وحالة من "اللانظام" يبحث فيها كل مهرّج سياسي عن حزام برلماني يشرعن عبره ترسانة التشريعات الرأسمالية المخالفة لدين الله في قطعيّاته، وواقع التدمير الممنهج لبلد انطلقت منه ذات يوم شرارة ثورة الأمة، ليجد نفسه اليوم قد دخل بامتياز مرحلة "اللاّدولة".


إن عمق الأزمة، يتطلب بدرجة أولى استحضار أنها ليست وليدة اللحظة، إنما تم إخمادها حين جيء بورقة (الإسلام المعتدل) إلى الحكم بعد أن ثار الناس ضد نظام علماني ديمقراطي في عيون الغرب، حيث تم قبول تشريك الإسلاميين المضبوعين والمنخدعين بالديمقراطية في برنامج الفشل السياسي الجماعي، ومن ثم اعتبار الإسلام فاشلا بعد إفراغه من محتواه، ما دام هو سبب الأزمة على رأي رئيس فرنسا ماكرون الذي صدّر مؤخرا أزمة الغرب الحضارية إلى الإسلام، في دعوة ضمنية إلى العدول عن مبدأ الإسلام العظيم لصالح مبادئ الثورة الفرنسية وقيمها الديمقراطية العفنة، مع أن المشروع السياسي الحضاري للإسلام وحكمه الرشيد لم يُجرب بعد وهو الفرض والوعد، بل مع أن الديمقراطية هي سبب الداء وهي التي أعلنت وفاتها في عقر دارها وأقيمت لها الجنائز الرمزية، وثار الناس ضد منتجاتها في كل أصقاع الدنيا.


إن نهم السلطة واللهف على كرسي الحكم والقفز فوق النقاش الفكري المُجدي حول نمط المجتمع وطبيعة النظام الصالح لحكم البشرية ومحاولات تأجيل هذا النقاش وتعويضه بالمزايدات الشعبوية الفارغة لكسب أصوات انتخابية، في الوقت الذي لا يزال فيه حراك الأمة متواصلا غير مكترث بالحدود الاستعمارية ولا بطبيعة النظام العالمي المفروض عليها، بل في الوقت الذي يدفع فيه المخلصون من أبناء الأمن والجيش ثمن وعيهم على حقيقة الإرهاب مزيدا من الإرهاب الذي يريق دماءهم، إن ذلك كلّه لا يمكن مطلقا أن يصدر من قادة الأمة ومفكريها وسياسييها ونخبها ومن ينطبع بالفكر الإسلامي المبدئي، إنما هي أمراض خبيثة تسيطر على عقول العملاء والخونة والفاسدين وكل من تحكمهم الرغبات الآنية الأنانية التي تسهل عمليات ترويضهم وإشباع جوعاتهم وميولات شخصياتهم النرجسية وانتدابهم من الدوائر الغربية المتربصة بالأمة وتقديمهم في ثوب "الحكام" وما هم في الحقيقة سوى مجرد أقزام أمام أسيادهم الصليبيين. وعليه، لا يُتوقع أن تقف دوامة الصراعات والنزاعات في بلاد الإسلام ما دام أمر المسلمين بأيدي أعدائهم وليس بأيديهم، وما دام أمانهم وسلطانهم بأمان الكفر وسلطانه.


إن المطلوب اليوم من الجميع، وعلى رأسهم قيادات الأمن والجيش، هو سحب البساط من تحت النظام الديمقراطي المتهاوي والتسريع بدفنه بدل إنقاذه والمشاركة فيه كما يطلب الغرب الرأسمالي الذي يقتات من رفع شعارات الديمقراطية في الوقت الذي يواصل فيه امتصاص دماء الشعوب، وتحقيق الواجب الشرعي بإقامة دولة الإسلام، دولة الخلافة الراشدة الموعودة على أنقاض هذا الدمار الشامل الذي خلّفته مرحلة "اللادولة" في البلاد الإسلامية.


قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
م. وسام الأطرش – ولاية تونس

 

آخر تعديل علىالسبت, 10 تشرين الأول/أكتوبر 2020

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع