الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
"سقوط حر" للاقتصاد اللبناني

بسم الله الرحمن الرحيم

 

"سقوط حر" للاقتصاد اللبناني

 

 

 

الخبر:

 

رويترز 2020/4/30 - يعتزم لبنان طلب مساعدة من صندوق النقد الدولي بعد أن وافق على خطة إنقاذ اقتصادي تنطوي على خسائر كبيرة لنظامه المصرفي، في الوقت الذي يستهدف فيه رسم مسار الخروج من أزمة تُعتبر أكبر تهديد للاستقرار منذ الحرب الأهلية في الفترة بين 1975 و1990.

 

التعليق:

 

مع بلوغ العملة الصعبة التي تحتاجها الحكومة اللبنانية لاستيراد بعض السلع وكذلك دفع ربا الديون السابقة، ومع تخلف لبنان للمرة الأولى في آذار/مارس عن دفع ما ألزم نفسه به من زيادات ربوية للمؤسسات الدولية، ومع فقدان الليرة اللبنانية لنصف قيمتها فإن تقارير الحكومة اللبنانية تصف ما يجري بأنه "سقوط حر" للاقتصاد، أي أنها تعترف بفشلها التام في إدارة شؤون البلاد.

 

وأما هذا التدهور الاقتصادي الشامل فقد اندفع الناس للتظاهر والاعتصام قبل الحجر الصحي الناتج عن تفشي فيروس كورونا عالمياً، ثم عادت الاحتجاجات بشدة في طرابلس الشمال وبعض المدن اللبنانية الأخرى، كلها تنادي برحيل الطبقة السياسية الفاشلة. ولم تستطع الحكومة اللبنانية التغطية على هذا الفشل الذريع بإطلاق موجة من الصراعات السياسية بين رئيس الوزراء الذي يظهر كواجهة لحزب إيران والرئيس عون ضد حاكم مصرف لبنان المركزي الذي يدافع عنه الحريري، وبغض النظر عن كون هذا الصراع حقيقياً بين أذناب الدول الاستعمارية المختلفة فإن هذا الصراع لم يحجب الشعب في لبنان عن قول كلمته: لترحل الطبقة السياسية بكافة رموزها.

 

وهذا الموقف الشجاع والواضح من الشعب اللبناني، حتى بغض النظر عن بعض استخداماته من بعض السياسيين، فإنه يعيد المشكلة إلى أصولها الأولى.

 

وهذه الأصول تقول بأن السياسيين ومن مختلف مشاربهم الحزبية والتبعية الخارجية فإنهم كلهم قد رتعوا في المال العام على مدى عقود، بحيث أصبح الهدر العام والفساد وسوء الحكم هي السمة البارزة للحكم في لبنان، وهي وإن كانت تشمل الأنظمة العربية كلها ويمكن أن تنفجر في أي بلد آخر غير لبنان إلا أن الشعب اللبناني كان سباقاً إلى قول الحقيقة بأن يرحل كافة السياسيين بكافة أنواعهم وبغض النظر عن الدولة التي هم عملاء لها، إذ لا يوجد في الحكم في لبنان رجال مستقلون يعملون لخدمة لبنان ومصالح شعبه، بل كلهم تابعون لجهات أجنبية، بعضهم عميل مباشر للدول الاستعمارية أمريكا وبريطانيا وفرنسا، وبعضهم عميل لعملاء هذه الدول مثل عملاء إيران وعملاء السعودية وغيرهم.

 

والحقيقة الماثلة اليوم آثارها بكل وضوح أمام اللبنانيين هي أن من أراد أن يعادي الله فإن الله سيقصمه، وكل تلك الطبقة السياسية حتى بمسميات أحزابها الإسلامية كانت تعادي الله عبر اتباع النظام الربوي في التعامل مع القروض والمؤسسات المانحة للدولار. وقد بلغ مستوى الربا في لبنان أزمة شديدة، إذ تدفع الدولة نصف إيراداتها السنوية على شكل ربا لتلك الديون، بمعنى أن الشعب اللبناني الدافع للضرائب يكد ويشقى من أجل أن تمتلئ جيوب أصحاب تلك القروض بالنقود التي حصلت من عرق جبين الشعب اللبناني، وهذا كله عبر سياسة ممنهجة من الطبقة السياسية برمتها.

 

وهذه الطبقة ترتع في الفساد، وما دام وضع أشخاصها ممتازاً فيكون شعارهم: لا يهمني إن مات الشعب اللبناني، وأحسنهم طريقة من يقول بأنه لم يتسبب في هذه الأزمة التي تعود جذورها لعقود من الزمن قبل أن يصبح رئيساً أو وزيراً أو مسؤولاً، ولكنه كحال رئيس الوزراء اليوم الذي يرى الأزمة ويرى أبعادها ولا بد أنه يفهم أن الربا هو بيت القصيد في الأزمة الاقتصادية في لبنان، فإنه لا يرى حلاً للخروج من الأزمة إلا عبر مزيد من القروض ومزيد من الربا، أي أنه يستمر في السير في الطريق ذاتها التي أوصلت البلاد لهذه الحافة الخطيرة.

 

والأغرب من كل ذلك أن هذا يتجلى في عصر الوقاحة السياسية، فلا أحد منهم يعترف بذنبه، ولا يقدم استقالته إلا ليخرج من باب حتى يدخل من الباب نفسه مرة أخرى، فهم لا يستحيون من فشلهم عبر عقود، ولا من فشل النظام الذي يتبعونه، ولا يقدمون كلمة "آسف" للشعب اللبناني، والتي من مفهومها ترك الحكم لمن لم تتلوث أيديهم ولا أيدي أحزابهم بهذا الهدر والفساد وسوء الإدارة، لذلك فإن طريق المسلمين لن يكون سهلاً بدفع هذه الطبقة السياسية إلى هاوية سحيقة، حتى لا يعود لها أثر البتة في حكم بلاد المسلمين في قادم الأيام، وحتى يتمكن المسلمون من ذلك فإن الطريق لا تزال مليئة بأشواك العصر الجبري.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

بلال التميمي

آخر تعديل علىالأحد, 03 أيار/مايو 2020

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع