الثلاثاء، 24 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/26م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
لماذا عدالة نظام الإسلام أعظم من مفهوم المساواة؟

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لماذا عدالة نظام الإسلام أعظم من مفهوم المساواة؟

 

 

 

الخبر:

 

تحدث الإعلامي زياد كريشان في برنامج ميدي شو ليوم الجمعة السابع عشر من أيلول/سبتمبر 2019 في فقرة مع زياد كريشان حول الثورة المحافظة، واستهل حديثه "بتمهيد حول مفهوم فكرة ثقافة حقوق الإنسان... والتي تقول إن كل المجتمعات قبل هذه الفكرة كانت تعيش في التمييز، بما فيها الثقافة الإسلامية، لا بمقتضى ما صنعه البشر بل بمقتضى طبيعة البشر، وإن فكرة حقوق الإنسان تقوم على أن البشر كبشر متساوون مهما كانت ثقافاتهم أو أديانهم أو أجناسهم، وتحدث عن نقد هذه الفكرة من جهة التيار اليساري... ومن جهة أخرى انتقدها المحافظون الذين لا يؤمنون بالمساواة بل طوروا أن الأساسي في الدنيا ليس المساواة بل الأساس هو العدل، وأن فكرة العدل التي نتبجح بها ونعتبر أن الثقافة الإسلامية قائمة عليها تعني "أن كل واحد في بلاصتو" المرأة مرأة والرجل رجل والشريف شريف والوضيع وضيع ونجد ذلك الكلام "وخلقناكم طبقات الي مثماش منو بلكل" حتى نبرر كل أشكال التمييز بين البشر بمقتضى فكرة العدل بما فيها الميراث وغير الميراث...". انتهى

 

التعليق:

 

قبل الحديث عن المساواة والعدل وعن المفهوم الموسع للعدل في منظومة الحكم في الإسلام، أردت فقط في البداية توضيح حقيقة مفهوم حقوق الإنسان، هذا العجل المقدس، هذا المفهوم آتٍ من المبدأ الرأسمالي بعقيدته الفاسدة المنتنة وكونها تعبيرا عن نظرة هذا المبدأ للفرد والمجتمع، إذ نشأت فكرة حقوق الإنسان في أوروبا في القرن السابع عشر الميلادي بعد أن انتصر رجال الفكر على رجال الكنيسة فقرروا فصل الدين عن الحياة، وبرزت فكرة حقوق الفرد مقابل الدولة التي أصبحت تعرف فيما بعد بحقوق الإنسان والتي اكتسبت بعدا دوليا بعد الحرب العالمية الثانية على يد هيئة الأمم المتحدة لتصبح بمثابة قانون دولي على مقاييس الدول الغربية الكافرة، تلك الدول التي تمارس أعمالا بعيدة كل البعد عن كرامة الإنسان، فهي تمارس التمييز العنصري وتمارس سياسة الاستعمار ضد غيرها من الشعوب وتكيل بمكيالين في مواقفها من المشاكل الدولية حاملة مشعل حقوق الإنسان لما له من بريق أخاذ في عيون الكثيرين من المسلمين بسبب الظلم والبطش الواقع عليهم من حكامهم، فأتت تلك الدول المستعمرة ورفعت شعار رفع الظلم وحماية الحريات ولكن على طريقتها ووفق وجهة نظرها في الحياة.

 

أما عن مفهوم العدالة أو العدل في الإسلام فهو مفهوم أوسع بكثير من أن يختزل في نقاش سقيم بين حقوق المرأة والرجل أو بين ما شابهها من الإرهاصات المتنطعة للفكر العلماني، فقول الله تعالى ﴿ولَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى﴾ [آل عمران: 36] هو من باب العدل وليس من باب المساواة وقوله تعالى ﴿لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا﴾ [البقرة: 286] هو من باب العدل وليس من باب المساواة.

 

وحتى نرفع مستوى النقاش الفكري، بعيدا عن الأحقاد الدفينة والرواسب الفكرية الراكدة، أردت أن أبيّن لك يا زياد كريشان أهم مميزات نظام الإسلام والتي تجعل منه أهلا لتحقيق العدل:

 

أولاً: إنها أحكام كاملة وشاملة لكل أمور الحياة العملية، ولكل شؤون الإنسان، دون إهمال أي ناحية منها مهما صغرت، فبينت هذه الأحكام علاقة الإنسان مع نفسه، في جميع المجالات؛ في الحاجات العضوية في المطعومات والملبوسات والمشروبات... كما أنها بينت كيف تكون علاقة الإنسان مع غيره من البشر في كل أمر دون إهمال لأي ناحية، في كل شؤون المعاملات؛ في البيع والشراء والزواج والطلاق والميراث والقضاء والعقوبات… كما بيَّن الإسلام كيف تكون علاقة الإنسان مع خالقه جل جلاله في أمور العبادات والعقائد.

 

ثانياً: إن أحكام الإسلام جاءت دقيقة ومفصلة في كل المعالجات، ولأي أمر يحدث مستقبلاً، ويستجد في حياة الإنسان؛ فذكرت تفاصيل التفاصيل في المسألة الواحدة المتعلقة بالمعالجات، فعالجت الأمور التي تعترض حياة الإنسان الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بشكل مفصل، ووضعت قواعد كلية عامة استنبطت منها أسس وقواعد فقهية للأحكام المستجدة.

 

ثالثاً: جاءت هذه الأحكام مناسبة لطبيعة الإنسان وخلقته، تحقق له المصلحة وتدفع عنه الضرر والمفسدة من حيث إشباعها لجميع الغرائز والحاجات العضوية إشباعاً كاملاً غير منقوص، ومن حيث إن هذه الأحكام تجلب الراحة والطمأنينة والسعادة لهذا الإنسان، وتنظم حياته بشكل منضبط مستقيم، يحقق العدل والاستقرار والاستقامة في كل مناحي الحياة.

 

ومع هذه الإحاطة والشمول والتفصيل لشؤون الإنسان ولغرائزه وحاجاته العضوية، فإن هذه الأحكام تناسب هذا الإنسان، وتوافق خلقته التي خلقه الله عليها، ولا تتسبب له بالمشقة والعنت والتعب، بل إنها تجلب الخير لهذا الإنسان، والسعادة والرفاهية وخاصة العدل، والسبب في ذلك أن هذه الأحكام هي من عند العليم الحكيم، يعلم ما يسعد هذا الإنسان وما يشقيه، ويحيط إحاطة كاملة بخلقته وتركيبته النفسية والمادية.

 

وهذا بعكس النظام الرأسمالي وغيره من النظم التي صاغتها عقول قاصرة محدودة النظرة غير محيطة بما يصلح أحوال الخلائق من معالجات؛ فجاءت الأحكام ناقصة غير محيطة لجميع شؤون الإنسان، وقاصرة أيضاً عن معالجة الأمور المستجدة، بشكل ينسجم مع أسسها وقواعدها ولا يخرج عنها، ومعوجة لا تجلب السعادة ولا الطمأنينة في الحياة لا للفرد ولا للمجتمع، وغير شاملة لكل مناحي الحياة، وغير دقيقة في طريقة عرض المعالجات للمشكلة الواحدة.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

ممدوح بوعزيز

آخر تعديل علىالأحد, 29 أيلول/سبتمبر 2019

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع