- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
هناك قانون واحد في التعامل مع أمريكا وحلفائها
لكن هناك قانون آخر للسودان وبقية العالم في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي
(مترجم)
الخبر:
في غضون ساعات من الإطاحة بالرئيس السوداني السابق في انقلاب عسكري، ذكرت رويترز في 12 نيسان/أبريل أن "مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة دعا السودان يوم الجمعة إلى التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية، التي أصدرت قرار اعتقال، ومذكرة توقيف بحق الرئيس المخلوع عمر البشير بسبب جرائم حرب مزعومة منذ ما يقرب من 15 عاماً". وسرعان ما أصبح الانقلاب، الذي مكن النظام العسكري السوداني من الإطاحة بالرئيس السابق صباح يوم الخميس، مجرد تغيير في وجه النظام. فقد كانت هناك دعوة سريعة للمحكمة الجنائية الدولية للشروع في العمل، وهذا يمثل نفاقاً مدقعاً. يواجه البشير خمس تهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وتهمتين بارتكاب جرائم حرب فيما يتعلق بالعمليات العسكرية في دارفور بين عامي 2003 و2008، والآن يتم استدعاء السودان لتقديم البشير إلى محكمة خارجية لمحاكمته على جرائم في دارفور، والتي كانت في حد ذاتها موضوع تحريض خارجي يسعى لتمزيق السودان.
التعليق:
غالباً ما كانت السلطات الاستعمارية تستخدم المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي كأداة لتحقيق غاياتها الخاصة، والتي تكشف عن مغالطة مفهوم القانون الدولي عندما تكون السيادة مع الدول وتمارس وحدها القوة العسكرية والاقتصادية التي تستخدمها، وهي إكراه الآخرين. من الواضح أن الأقوياء هم وحدهم الذين يستطيعون فرض إرادتهم على الضعفاء، وأي هيئة دولية لا يمكن أن تكون إلا أداة في يد الأقوياء، في حين إن مثل هذه الهيئة تكون عاجزة عندما يسعى الضعيف إلى طلب حمايتها من الأقوياء، وهذا ما نراه اليوم.
لقد طُلب من السودان في غضون ساعات إرسال البشير إلى لاهاي، بينما أظهرت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي في اليوم نفسه، أظهرت نفسها عاجزة عن تحقيق العدالة لضحايا الحرب الأمريكية على الإرهاب في أفغانستان!
أشاد ترامب بقرار المحكمة الجنائية الدولية (ICC) في لاهاي اليوم، 12 نيسان/أبريل، برفض طلب كبير المدعين العامين بالمحكمة التحقيق في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المزعومة المرتكبة في أفغانستان. قال كبير المدعين العامين في تشرين الثاني/نوفمبر 2017، إنه "قرر أن هناك أساساً معقولاً للاعتقاد" بأن أمريكا قد ارتكبت جرائم حرب. ومع ذلك، عندما تكون أمريكا على خطأ، فإن الأمر يستغرق سنوات قبل التوصل إلى قرار سلبي، لكن عندما يكون الديكتاتور المخلوع على خطأ لا يستغرق الأمر سوى بضع ساعات حتى تتحول عجلات العدالة.
كان سبب عدم السعي إلى مقاضاة أمريكا هو أن القضاة الذين نظروا في الوقت المستغرق منذ الفحص التمهيدي عام 2006 والذي كان طويلاً للغاية مع الأخذ في الاعتبار: "المشهد السياسي المتغير في أفغانستان منذ ذلك الحين" وكذلك "عدم التعاون مع المدعي العام، الذي كان من المرجح أن يصبح أكثر ندرة في حالة السماح بإجراء تحقيق". إذا لم ترغب أمريكا ونظام عملائها في أفغانستان في التعاون، فلن يكون هناك عدالة دولية، على الرغم من اعتقادهم بوجود "أساس معقول للنظر في ارتكاب جرائم داخل اختصاص المحكمة الجنائية الدولية في أفغانستان".
إذا كان عام 2006 فترة من الماضي البعيد، فلماذا لا تعتبر كذلك بالنسبة لدارفور؟ وهنا بيان المتحدثة باسم الأمم المتحدة لحقوق الإنسان رافينا شمداساني التي تطالب بمحاسبة البشير: "نحن نشجع السلطات في السودان على التعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية، هناك قرار لمجلس الأمن يعود إلى عام 2005 يدعو حكومة السودان إلى التعاون التام وتقديم المساعدة". ومن الغريب أنه يمكن للقانون الدولي أن يعود إلى عام 2005، لكنه لن يكون قادراً على العودة إلى عام 2006 إذا ما عارضت أمريكا ذلك. لقد وصفت منظمة العفو الدولية قرار عدم متابعة التحقيقات في جرائم الحرب ضد أمريكا وحلفائها "بالتخلي عن الصدمة للضحايا" والذي "سيُنظر إليه في نهاية المطاف على أنه استسلام جنوني لتهديد واشنطن وتهديداتها". نعم، إنه بالفعل هو!
كانت البلطجة الأمريكية في هذه القضية فعالة. أعلن وزير الخارجية مايك بومبيو الشهر الماضي أن أمريكا ستحرم أو تلغي تأشيرات دخول للموظفين الذين قد يسعون للتحقيق في جرائم الحرب الأمريكية، وبعد ذلك قام المدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية بذلك. فقد ألغيت تأشيرة دخوله إلى أمريكا. كان بومبيو مبتهجاً اليوم فقال: "نحن نرحب بهذا القرار ونكرر موقفنا بأن أمريكا تعامل المواطنين الأمريكيين بأعلى المعايير القانونية والأخلاقية"، وحذر من أن "أي محاولة لاستهداف أمريكا، أو الموظفين (الإسرائيليين)، أو المتحالفين الذين ستتم مقاضاتهم، سوف يصطدمون برد سريع وقوي".
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الدكتور عبد الله روبين