- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
نظام السودان المدعوم من أمريكا يحاول الاستمرار دون عمر البشير
(مترجم)
الخبر:
وفقاً لمقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز وشارك في تأليفه رئيس مكتبهم في القاهرة، الصحفي السابق لصحيفة الجارديان ديكلان والش، فإن الرئيس السوداني عمر حسن البشير مخلوع ولكن ليس نظامه. في الوقت الذي أعلن فيه الجيش السوداني في وقت الغداء يوم الخميس أنه أقال أخيراً الرئيس عمر حسن البشير، وانفجرت موجة قصيرة من الفرح خارج المقر العسكري في الخرطوم حيث تجمعت حشود ضخمة من المحتجين.
ما يقرب من أربعة أشهر من الاحتجاج، وعشرات القتلى على أيدي قوات الأمن والهتافات التي لا نهاية لها من "الثورة!" قد وصل أخيرا إلى هذا: الإطاحة بالزعيم المحتقر الذي حكم بلادهم الشاسعة، التي ابتليت بالمجاعة والحرب، لمدة 30 سنة.
لكن الفرحة سرعان ما تلاشت عندما أدرك المحتجون من سيحل محل البشير. فالرجل البائس الذي قرأ الخطاب على شاشات التلفزيون هو عوض محمد أحمد بن عوف، وزير الدفاع وأحد المقربين من البشير. وكان الجنرال ابن عوف، مثله مثل البشير، قد اتُهم بارتكاب جرائم حرب في منطقة دارفور بغرب السودان.
لزم المحتجون الصمت عندما قال في خطابه إنه سيفرج عن السجناء السياسيين، ولكن هذا سيكون بفترة انتقالية مدتها سنتان يقودها مجلس عسكري، وتعليق للدستور السوداني، وحلّ الحكومة، وحظر التجول ابتداءً من الساعة 10 مساء.
واحتشد المحتجون في تلك الليلة وبانت موجة من الغضب جعلت المحتجين يرددون ويهتفون "لا نستبدل لصا بلص" وردد آخرون "لا نريد الشخص نفسه"، وفي غضون ساعات كان هناك تهكم على النظام يتداول عبر الإنترنت "لقد سقط النظام مرة، وبإمكانه أن يسقط مرة أخرى".
التعليق:
لم يتمكن عمر البشير من النجاة من هذه الأزمة الأخيرة في حكمه الذي دام 30 عاماً على السودان، حيث سقط بعد 9 أيام فقط من حاكم الجزائر الذي دام حكمه 20 عاماً، عبد العزيز بوتفليقة، الذي أُجبر على الاستقالة بعد احتجاجات جماهيرية في بلاده. لكن، في كلتا الحالتين، لا تزال أنظمتهم قائمة. في الجزائر، تم تعيين زميل مقرب من بوتفليقة، رئيس مجلس الشيوخ في البرلمان، عبد القادر بن صالح رئيساً مؤقتاً. وفي السودان من المعروف أن وزير الدفاع ابن عوف قريب من عمر البشير.
وكما يتضح من البيان الصادر عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية روبرت بالادينو، فإن أمريكا وباعتبارها الداعم الفعلي للنظام السوداني، وافقت ضمنياً على التغيير في السودان، حيث أكد البيان أن أمريكا تدعو "السلطات الانتقالية إلى ممارسة ضبط النفس وإتاحة الفرصة" للمشاركة المدنية داخل الحكومة.
وعلى الرغم من تحقيق "الاستقلال" من الحكم الاستعماري منذ عدة عقود، لا تزال البلاد الإسلامية تخضع لأنظمة الحكم التي تركها المستعمرون، برئاسة طبقة حاكمة عميلة تابعة ومملوكة للغرب سياسياً وفكرياً. مع تقدم النهضة الإسلامية داخل الأمة الإسلامية، قام هؤلاء الحكام على نحو متزايد بإخفاء سياساتهم الخائنة المؤيدة للغرب بخطابات إسلامية زائفة وقواعد شرعية مزيفة. فعمر البشير كان أستاذاً قديماً في الفن، عميلاً أمريكياً قوياً قام بتمويه انقلابه العسكري عام 1989 بواجهة إسلامية ولكن هناك الكثيرين مثله اليوم - سلطان بروناي يستخدم عقوباته الشبيهة بالشريعة كغطاء لاستمرار السيطرة البريطانية السرية على بروناي بثروتها النفطية الهائلة وقاعدتها العسكرية ذات موقع استراتيجي، وغيره كرئيس الوزراء الباكستاني عمران خان يستخدم صورة "طالبان خان" لبيع الجهاد في أفغانستان لأمريكا في مقابل الحصول على قروض وشروط صندوق النقد الدولي التي لن تؤدي إلا إلى زيادة تثقل كاهل الاقتصاد الباكستاني الغارق.
مع تزايد الوعي السياسي في الأمة، أصبح من الصعب على هؤلاء العملاء الاستمرار في خداع شعوبهم بالتزامهم الإسلام. ففي كل من الجزائر والسودان، تستمر الاحتجاجات الجماهيرية، حيث يرى هؤلاء المحتجون بوضوح أنه لم يتغير شيء حقاً، فكلا النظامين يحاولان ببساطة الاستمرار كما كانا في السابق. إن الوعي السياسي الحقيقي لا يعني فقط فهم الحقائق السياسية ولكن أيضاً تطبيق وجهة نظر الفرد في الحياة على هذه الحقائق. كمسلمين، فإن الوعي السياسي الحقيقي لا يعني فقط معرفة أن حكامنا هم عملاء غربيون ولكن أيضاً إدراك أن أصل مشاكلنا هو النظام السياسي الذي تركه المستعمرون في بلادنا ويستمرون في استغلالنا من أجل مصلحتهم الخاصة. لن تتحرر الأمة الإسلامية أبداً من الاستعمار الغربي إلا بطرد الحكام العملاء الذين يحمونهم. وهذا سيتحقق عندما نقيم دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة.
يقول الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
فائق نجاح