الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
هجوم دوما الكيماوي - «يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا»

بسم الله الرحمن الرحيم

 

هجوم دوما الكيماوي

«يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا»

 

 

الخبر:

 

توعد الرئيس الأمريكي ترامب بأن بشار الأسد "الحيوان" سيدفع ثمنا باهظا جراء الهجوم الكيماوي الذي شنه على سكان دوما يوم السبت 7 نيسان 2018. ووعدت بريطانيا وفرنسا بالمشاركة في الهجمات المتوقعة.

 

التعليق:

 

أجمع المراقبون والمحللون على أن الضربة الأمريكية، لو حصلت، لن تؤثر كثيرا في مجريات الصراع في سوريا، على غرار الهجوم الصاروخي على مطار الشعيرات قبل عام من الآن، حين أمر ترامب، في 7 نيسان 2017، بإطلاق 59 صاروخ توماهوك كروز ردا على الهجوم الكيماوي الذي شنته عصابات النظام السوري على خان شيخون في إدلب. تلك الضربة الصاروخية التي كانت مجرد عرض عضلات للكاوبوي الأمريكي، لتسجيل موقف وإرسال رسالة بأنه يستطيع التدخل كيف يشاء ومتى يشاء، بغض النظر عن خرقة الشرعية الدولية المتمثلة بقرار مجلس الأمن. وفعلا ففي اليوم التالي لضربة مطار الشعيرات استأنف سلاح الجو السوري ضرباته المعتادة وكأن شيئا لم يحصل.

 

والآن يتساءل المراقبون ماذا يريد ترامب من هذه الضربة، التي يتفقون على أنها ستكون تكرارا لضربة الشعيرات وإن كان بجرعة أقوى وأشد، كما أنهم يتفقون على أن الهدف من توجيه ضربة هذه المرة لن يكون بحال إسقاط نظام بشار، دون أن يصدحوا بحقيقة عمالة نظام سفاح دمشق لأمريكا، وأن أمريكا هي التي حمته ومنعت سقوطه مرارا منذ بدء الثورة في سوريا.

 

الجديد في الرد الأمريكي على هجوم دوما يستشف من خلال مواقف الدول المعنية: فرنسا وبريطانيا وروسيا وايران، بل والصين؛ فقد صرح وزير الدفاع الصيني الجديد أنه توجه في أول زيارة خارجية له إلى روسيا، لكي يُظهر للعالم "المستوى العالي لتطور علاقاتنا الثنائية وعزم قواتنا المسلحة على تعزيز التعاون الاستراتيجي". وليس هذا فقط، بل وصل الوفد العسكري الصيني إلى موسكو لكي يبعث منها رسالة إلى أمريكا ويؤكد دعم بلاده لروسيا. وقال: أتينا لكي نُخطر الأمريكيين بالعلاقات الوثيقة بين القوات المسلحة للصين وروسيا، وخاصة في الوضع الحالي. جئنا لندعمكم. (وكالة سبوتنيك 2018/4/6)

 

وكان ترامب قد صرح، في 2018/3/29، بأنه يريد سحب القوات الأمريكية من سوريا بعد أن تمت هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية، بل وقام بمنع صرف مبلغ 200 مليون دولار كانت مرصودة لأعمال تأهيل البنية التحتية في المناطق التي تسيطر عليها تنظيمات الأكراد شرق سوريا. ولكن قراره هذا سرعان ما واجه معارضة من القادة العسكريين، ومنهم الجنرال جوزيف فوتيل، قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأمريكي، الذي صرح بأن المهمة الصعبة لم تبدأ بعد في سوريا، وأن هناك حاجة ماسة للقوات الأمريكية للبقاء إلى حين استكمال المهمة، ووافقه في ذلك برت ماكغورك، المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، بأن "المهمة لم تنجز بعد، وما زال أمامنا الكثير من العمل". أما جيمس دوبنز، أحد دبلوماسيي إدارة أوباما، فدعا إلى أن تربط أمريكا سحب قواتها من سوريا بصفقة تتضمن سحب القوات الإيرانية منها، مع إعطاء النظام ضمانات للأكراد. (موقع المونيتور 2018/4/6)

 

من الواضح أن أمريكا لا تستهدف من الضربة العسكرية لا تحطيم النظام السوري، ولا الدخول في مواجهة عسكرية مع روسيا في سبيل الانتقام لضحايا الهجوم الكيماوي في دوما. وإنما تأتي في سياق رسم الأدوار في صياغة مرحلة ما بعد الأسد. فكل من الدول الطامعة من روسيا وإيران إلى فرنسا وبريطانيا تتزاحم للحصول على حصة من كعكة إعادة إعمار سوريا، وأيضا حصة من النفوذ السياسي والاقتصادي. أما معاقبة بشار، وشركائه في الجريمة، فآخر ما يخطر ببال الساسة الأمريكان. نعم إن التصريح الصيني لافت للنظر ويدل على تطلع الصين لتبوُّؤ مكان على طاولة النظام الدولي الـ"متعدد الأقطاب"، فالصين اليوم غير الأمس، وتريد أن يكون لها كلمة في تقرير الشؤون الدولية، وصوتا مسموعا مهما كان ضئيلا.

 

هذه المواقف المتسارعة من هذه الدول تذكرنا بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا»، فَقَالَ قَائِلٌ: وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ؟ قَالَ: «بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزَعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ»، فَقَالَ قَائِلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْوَهْنُ؟ قَالَ: «حُبُّ الدُّنْيَا، وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ».

 

فلا عجب، في ظل غياب دولة الخلافة التي تردع الأعداء الطامعين في ديننا وأمتنا، أن نرى تداعي هذه الدول، سواء الكافرة أو أنصارها من حكام الأنظمة في العالم الإسلامي الساعين في مرضاة قادة دول الكفر، ومعهم مشايخ السوء المشغولون بمباريات "البلوت" أو الغارقين في تبيان أحكام الحيض والنفاس، بينما هم صم بكم عمي عن تداعي هذه الذئاب الضارية المتنافسة في سفك دماء المسلمين وهتك أعراضهم ونهب ثرواتهم! فأصبحت أمة المليار ونصف المليار مسلم كالأيتام على مائدة اللئام، فلا معتصم يلبي استغاثة المكلومين، ولا خليفة يقاتَل من ورائه ويُتقى به!

 

اللهم قيض لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر ويقتص فيه من الظالمين المجرمين، إنك ولي ذلك والقادر عليه.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

د. عثمان بخاش

مدير المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

 

 

آخر تعديل علىالسبت, 14 نيسان/ابريل 2018

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع