الثلاثاء، 24 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/26م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
الانتكاسة في الثورة: لماذا؟ وعلى من تقع المسؤولية؟

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الانتكاسة في الثورة: لماذا؟ وعلى من تقع المسؤولية؟

 

 

 

الخبر:

 

يكثف النظام السوري الإجرامي هجماته على الغوطة الشرقية، فقسمها إلى أقسام حتى يتمكن من لقاء كل فصيل مسلح ليتفرد به فيقضي عليه، فيتفرج كل فصيل على ما يحدث لإخوته في المنطقة الأخرى ولا يتحرك لنصرته، وهكذا تمكن من إخراج فصيل "فيلق الرحمن" من منطقته في "دوما"، بعدما أخرج فصيل "أحرار الشام". والآن الدائرة على فصيل "جيش الإسلام" لإخراجه من منطقته في "دوما"! وقد وافقت هذه الفصائل على طلبات روسيا على إخراج "هيئة تحرير الشام" وغيرها، متوهمة أن العدو سوف يسكت عنها!

 

التعليق:

 

من الخبر يفهم الكثير؛ إن هذه الفصائل منفصلة عن بعضها البعض، بل هي متنافرة بقدر تنافر الداعمين لها، فكل فصيل تدعمه دولة وهي التي تتحكم فيه، وهذه الدول متنافرة حسب تبعيتها وحسب دورها الذي أوكلته لها الدولة الاستعمارية المتبوعة، فلعبت هذه الدول في الفصائل حسب مصالحها، ومنعتها من أن تنصر أخواتها من الفصائل التي تتعرض لهجوم وحشي فتقاوم وحيدة.

 

ولهذا كان اختلاف الفصائل واقتتالها؛ تعود كالكفار تضرب أعناق بعضها بعضا، فاستباحت سفك دماء مسلمين؛ مؤمن يقتل مؤمنا متعمدا! فما جزاؤه؟ وفي سبيل من؟ ولماذا؟ ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون وموقوفون ومحاسبون؟ أم أصابتهم غفلة، وأعمتهم حفنة من النقود المسمومة، وغرتهم قطع السلاح ذات الأهداف المقيدة، فأصبحت أيديهم مكبلة، وعقولهم مقفلة عن سماع الحق، وخدعتهم سيطرتهم على المناطق التي أصبحوا فيها مطوقين ولا يفكرون في فك الطوق والنفاذ إلى مقر الطاغية، فتوهم كل فصيل أنه أصبح دولة، وإن كانت أقل من دولة البغدادي! والتي سيطرت على مساحات أضعاف مما سيطرت عليه الفصائل الأخرى، ثم اضمحلت إلى أن انحسرت في شعاب الجبال وأطراف القرى وبطون الصحاري والأودية...؟!

 

منعتهم هذه الدول الداعمة من دخول العاصمة والانقضاض على النظام وإسقاطه، حتى قال الذي عينوه لفترة وجيزة في وظيفة "كبير المفاوضين" فاغتر باللقب وتوهم أنه على وشك أن يصبح رئيسا للدولة السورية، قال إنه "لا توجد إرادة دولية" لاقتحام العاصمة! وكل فطن وواع يسأله: هل الثورة قامت بإرادة دولية حتى تأتمر بهذه الإرادة؟! وهل "الإرادة الدولية" تسمح بإسقاط النظام؟! بل إنها لا تسمح بقيام ثورة أية ثورة تخل بالنظام الدولي الذي أقامته وتحكمت فيه خاصة الدولة الأولى في العالم، وهي أمريكا، والتي تعتبر النظام السوري ضمن هذه المنظومة نظاما مشروعا تعترف به، وله ممثله في الأمم المتحدة بنيويورك في أمريكا، وله قنصلية عامة ما زالت فاعلة تمثله في إسطنبول بتركيا أردوغان كبير الخادعين، وله سفارات وقنصليات عامة ما زالت عاملة في أغلب الدول التي ادعت أنها صديقة للشعب السوري! فكيف ينخدع عاقل بذلك؟ وكيف يخضع ثائر لإرادة دولية؟! أنت ثائر على الإرادة الدولية، ولست نظاما داخل المنظومة الدولية التابعة لمقررات الأمم المتحدة ومجلس الأمن! لقد ثرت عليها فكيف تنتظر منها أن تنصفك أو تنصرك أو تسمح لك بالخروج عليها؟ أين العقل وأين الفهم؟! أم أنك تخدع نفسك بأنك ستحقق شيئا عن طريق المفاوضات أم أنهم خدعوك بأنهم سيحققون لك ذهاب قرينهم المجرم بشار؟

 

كان من المفروض شرعا أن تنصر الفصائل بعضها بعضا، لأن القضاء على فصيل معناه: الدور قادم على الفصيل الآخر، وهكذا حتى تنتهي كل الفصائل. لأنها كلها جنس واحد مهما اختلفت فيما بينها، هكذا ينظر إليها العدو، فهو لا ينظر إلى أن هذا الفصيل أفضل من ذاك، بل يريد القضاء على كل من يدعو إلى إسقاط النظام أو يدعو إلى عودة الإسلام. فكل نظام من الأنظمة القائمة في العالم الإسلامي يسعى للحفاظ على كيانه وعلى حدوده التي رسمها سايكس وبيكو، وكل الحكام يسعون للحفاظ على كراسيهم وعلى إرث عائلاتهم. فهل يعقل أنهم سينصرون ثائرا أو داعيا إلى الله؟!

 

كان من المفروض غريزيا أن يشكلوا جبهة واحدة مهما تعددت فصائلهم، لأن مصيرهم واحد، بل يجب عليهم أن يهاجموا العدو الذي يهاجم طرفا منهم، لأنه سيأتي على باقي الأطراف. أما أن يبقوا متفرجين على تناوله لأطرافهم ولا يفعلون شيئا كالأغنام التي تهاجمها الذئاب! فتلك مصيبة كبرى. علما أن الكلاب التي تتقاتل مع بعضها، إذا هوجمت تتحد في وجه المهاجم وتذب عن مصيرها المشترك!

 

لقد ابتليت الثورة بهذه الفصائل التي فقدت وعيها واتبعت الدول الإقليمية التي فرقتها وأوصلتها إلى هذه الحال، والتي لها مصالح خاصة ومصالح لأسيادها في الدول الكبرى التي تتبعها، ولا مصلحة لها بعودة الإسلام ولا بإسقاط النظام، لأن معنى ذلك أن الدور سيأتي على أنظمتها، لأنها لا تختلف عن النظام السوري من حيث إنها أنظمة عميلة تابعة للدول الكبرى وأنها لا تطبق الإسلام، بل تحارب الداعين لتطبيقه.

 

كان من المفروض أن ترفض الفصائل المفاوضات والمؤتمرات ووقف إطلاق النار تحت مسمى وقف التصعيد الذي لم يلتزم به النظام يوما واحدا، فكان يخرقة مستغلا ذلك للهجوم عليها وعلى المناطق المحررة، ولا أحد يضغط عليه ليوقفه عند حده، وهو مدعوم من روسيا مباشرة ومن الإرادة الدولية بصورة غير مباشرة. فابتليت الفصائل بقادة هواة في العمل المسلح وفي العمل السياسي، وكذلك بمفتين هواة لا مجتهدين ولا علماء، بل منهم من يفتي بفتاوى حسب إرادة دول داعمة ضاغظة حتى تجعل هذه الفصائل تتنازل عن ثوابتها وأهدافها وراياتها حتى عن أسمائها!

 

كان من المفروض أن تتبع هذه الفصائل قيادة سياسية واعية مخلصة، حتى يتم التنسيق فيما بينها في كيفية تحقيق الهدف المشترك، وفي اتخاذ المواقف المشتركة، وتحديد الآراء المشتركة، وفي رسم الخطط سواء في الدفاع عن بعضها بعضا أو الهجوم على النظام لإسقاطه، فتتبعها بتوجيهاتها لتكون هذه الفصائل التي ملكت القوة أهلا للنصرة، حتى تتمكن تلك القيادة السياسية من بناء دولة عظيمة. علما أن هذه القيادة موجودة بين ظهرانيهم وهي ناصحة أمينة لهم؛ فحذرتهم ونصحتهم فيما سبق ذكره، وهي واعية على فكرتها وعيا تاما، فلديها الأفكار والبرامج الناضجة والجاهزة للتطبيق ولديها الرجال القادرون والقديرون الذين يتصفون بصفة رجل الدولة ألا وهي قيادة حزب التحرير، فهلا وثقوا بها وأصغوا لها وارتبطوا بها بدلا من ارتباطهم بتلك الدول التي لا تدعمهم في الحقيقة وإنما تخدعهم وتهلكهم، وقد ثبت ذلك لهم بالدليل القاطع؟ ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ﴾.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

أسعد منصور

آخر تعديل علىالأربعاء, 28 آذار/مارس 2018

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع