الثلاثاء، 24 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/26م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
منذ متى كانت أمريكا حكماً عادلاً تنصف الدول وترضى عن عميل؟!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

منذ متى كانت أمريكا حكماً عادلاً تنصف الدول وترضى عن عميل؟!

 

 

الخبر:

 

أصدرت وزارة الخارجية السودانية بياناً صحفياً أوردته وكالة (سونا) للأنباء وهذا نص البيان: (تعرب وزارة الخارجية عن أسفها البالغ لإعلان وزارة الخارجية الأمريكية يوم 2018/1/4 إعادة إدراج السودان في قائمة بلدان تشكل قلقا خاصاً، ضمن تقريرها الدوري الخاص بالحريات الدينية. إن هذا الإعلان يتناقض والعديد من الإشادات التي حظي بها السودان من العديد من الرموز وقادة المؤسسات الدينية العالمية، أبرزها كبير أساقفة كانتر بري ثم مفوض الحريات الدينية بالاتحاد الأوروبي ووفد الكونجرس الأمريكي وزيارة مفوض شئون الأديان بالخارجية الأمريكية ورئيس الكنيسة الإثيوبية الذي زار كنيسة الجالية بالسودان وأشاد بمستوى الأمن والحرية واحترام حقوق (المسيحيين) في السودان مستنكرا الأصوات التي تتحدث عن انتهاك لحرية الأديان ومشيداً بمستوى التعايش والتسامح الديني الذي يتمتع به السودان وكذا مخاطبة السيد جون سولفيان نائب وزير الخارجية الأمريكي للعديد من القيادات الدينية المختلفة بمسجد النيلين في تشرين الثاني/نوفمبر 2017م.

 

إن هذا الانفتاح واستقبال هذه الوفود الزائرة يؤكد ثقة السودان واستناده لتاريخ ممتد من التعايش والتسامح بين الأديان والأعراف وحضارة عريقة عمرها آلاف السنين تجعل هذا البلد يوفر (لمواطنيه) والمقيمين فيه واللاجئين حريات واسعة لممارسة حقوقهم وشعائرهم الدينية من خلال (844) كنيسة تتبع لها (319) مؤسسة تعليمية إضافة لـ(173) مركزاً ثقافياً وصحياً وتشهد عليها الكنائس التي تجاور المآذن والمنتشرة في العديد من بقاع السودان. وتود وزارة الخارجية أن تدعو نظيرتها الأمريكية في ضوء الارتباط البناء القائم بين البلدين إلى مراجعة إعلانها السالب وإنصاف هذا البلد الذي يستضيف ملايين اللاجئين دون أن يَسأل أحداً منهم عن ديانته، ويمارسون شعائرهم الدينية بكل حرية. إن الوزارة مستعدة لمواصلة الحوار حول هذا الموضوع المهم لبيان حقائق الواقع والتجربة السودانية المميزة إقليميا ودولياً والتي تستند لدستور للبلاد يكفل ويصون الحريات الدينية). (2018/1/8) السودان نيوز. 

 

التعليق:

 

إن الذي أثار انتباهي في هذا البيان الصحفي هي الطريقة التي تفكر بها هذه الحكومة، والطريقة التي تتعامل بها مع القرارات الأمريكية ذات الصلة، والتي تتالت على الحكومة كالصواعق، وقد وصفها رئيس الجمهورية، بأن أمريكا تتعامل معنا بالعصي وبدون أي جزرة! ومع ذلك تقدم الحكومة في هذا البيان الدنية في دينها ودنياها!! ولتبيان ذلك نقف عند ثلاث نقاط وردت في هذا البيان الصحفي الذي صدر من وزارة الخارجية.

 

فقد ذكر البيان أن وزارة الخارجية تأسف لموقف أمريكا بالرغم من الإشادات التي حظي بها السودان من الرموز الدينية العالمية، وبالرغم من كثرة الكنائس التي سمحت بها الحكومة، والتي تقف بجوار المآذن، وكذلك ما سمحت به من ملحقات للكنائس من مراكز صحية وتعليمية. وهذا الأسف مبني على توقعات الحكومة بأن الذي قامت به سيجلب لها القبول والرضا عند الحكومة الأمريكية! نعم إنها تعمى القلوب التي في الصدور، ألم يقرأوا كتاب الله الذي نزل من فوق سبع سماوات، ﴿وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾؟ أولم يقرأوا التاريخ؟! ومنذ متى كانت أمريكا ترضى عن عميل لها مهما كان مخلصا في تنفيذ أوامرها؟ أولم يقرأوا الواقع وتلك النتائج الكارثية التي أوصلوا لها السودان من جراء انصياعهم للأوامر الأمريكية وتصديقهم بوعودها؟!

 

أما النقطة الثانية والتي تزيدني حيرة واستغرابا أن البيان يطلب من أمريكا أن تنصفهم! يا سبحان الله، منذ متى كانت أمريكا حكماً عادلا يطلب منه الإنصاف؟! فأي شعب تدخلت أمريكا بشأنه فأنصفته؟! هل أنصفت البوسنا والهرسك، وهل أنصفت شعب أفغانستان، أم شعب العراق، أم سوريا، أم فلسطين، أم أنصفت السودان حينما فصلت جنوبه عن شماله، ووضعت ما تبقى من السودان على صفيح ساخن قابل للتفتت في أي لحظة؟! ألم يصفها الرئيس السوداني حين زيارته لروسيا بأنها عدو، وطلب من روسيا أن تحميه منها، بل وصفها بأنها هي التي تثير المشاكل في الشرق الأوسط بكامله؟! ومع كل ذلك يُطلب منها الإنصاف! أم على قلوب أقفالها.

 

وأخيرا يدعو بيان الخارجية السودانية إلى مزيد من الحوار، لتبيان بعض النقاط، وكأن كل ما قدمه من حجج وبراهين، وكل ما ساقوه من شهادات، هو أمر مبهم يحتاج إلى توضيح! فما زالوا يلهثون وراء الحل من خلال مزيد من الحوار. إن أمريكا تفسر مثل هذه المواقف الضعيفة بأنها نوع من الخنوع والتزلف الذي ينم على أن صاحبه لديه المزيد من الاستعداد للتنازل، ولا تفهم هذه المواقف إلا من هذه الزاوية.

 

إن أمريكا وكل قوى الاستكبار لا تفهم إلا لغة القوة، والقوة وحدها ولا شيء غيرها، من مثل ما قدمه رئيس كوريا الشمالية، فحينما ملأ ترامب الدنيا ضجيجاً، مهددا ومتوعدا كوريا الشمالية بالويل والثبور وعظائم الأمور، ردت عليه كوريا بإطلاق صاروخ بالستي، وصفته بأن مداه يمكن أن يصل إلى أي بقعة في أمريكا، بماذا رد ترامب، قال إنه على استعداد لتلقي أي مكالمة هاتفية من رئيس كوريا الشمالية!! هذه هي اللغة التي تفهمها أمريكا، وهذه هي مواقف العز التي تليق بالمسلمين وهذه هي الوجهة التي يجب أن تتيممها الحكومة...

 

فإذا أرادت الحكومة أن تقف موقفا يشرفها، موقف عزة وكرامة، عليها أولاً أن تتصالح مع نفسها، فتتوب إلى الله عز وجل، وتطلب منه العفو والصفح، وأن تتصالح مع شعبها وترد عليهم المظالم، وتطلب منهم السماح، وقبل ذلك وبعده تتصالح مع ربها وتضع نظامه الذي ارتضاه لها موضع التطبيق والتنفيذ، وتتجه بكلياتها إليه سبحانه وتعالى، وتعلنها خلافة راشدة على منهاج النبوة، مستندة في ذلك من بعد الله إلى أمة فاق تعدادها المليار ونصف المليار، حينئذ تستطيع الحكومة وبملء فيها أن تقول لأمريكا اخسئي...

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

المهندس/ حسب الله النور – الخرطوم

 

 

آخر تعديل علىالسبت, 13 كانون الثاني/يناير 2018

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع