الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي (ح 156) معاجة الإسلام لمسألة كنز النقود

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي

(ح 156)

معاجة الإسلام لمسألة كنز النقود

 

 

 

الحمد لله الذي شرع للناس أحكام الرشاد, وحذرهم سبل الفساد, والصلاة والسلام على خير هاد, المبعوث رحمة للعباد, الذي جاهد في الله حق الجهاد, وعلى آله وأصحابه الأطهار الأمجاد, الذين طبقوا نظام الإسلام في الحكم والاجتماع والسياسة والاقتصاد, فاجعلنا اللهم معهم, واحشرنا في زمرتهم يوم يقوم الأشهاد يوم التناد, يوم يقوم الناس لرب العباد.

 

أيها المؤمنون:

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: نتابع معكم سلسلة حلقات كتابنا إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي, ومع الحلقة السادسة والخمسين بعد المائة, وعنوانها: "معالجة الإسلام لمسألة كنز النقود" نتأمل فيها ما جاء في الصفحة الثانية والخمسين بعد المائتين من كتاب النظام الاقتصادي في الإسلام للعالم والمفكر السياسي الشيخ تقي الدين النبهاني.

 

يقول رحمه الله: "فالنقود هي أداة التبادل، بين مال ومال، وبين مال وجهد، وبين جهد وجهد، فهي المقياس لهذا التبادل، فإذا اختفت من السوق، ولم تصل إليها أيدي الناس، عدم هذا التبادل، ووقف دولاب الاقتصاد. وبقدر وجود هذه الأداة متوفرة بين أيدي الناس، بقدر ما يدفع سير العمل إلى الأمام. وذلك أنه ما من دخل لشخص، أو هيئة، إلا ومصدره شخص آخر، أو هيئة أخرى. فالأموال التي تجبيها الدولة من الضرائب هي دخل للدولة، ولكنها إنفاق من الناس. والنفقات التي تنفقها الدولة على الموظفين، والمشاريع، وأرزاق الجند، وغيرها، هي دخل لهؤلاء، وإنفاق من الدولة. والنفقات التي ينفقها الموظف، والجندي، وغيرهما، هي دخل لمن تشترى السلع منهم، كصاحب المنزل، واللحام، والخضري، والتاجر، وغيرهم وهكذا... فتكون دخول الناس في المجتمع، ونفقاتهم الإجمالية، تسير في شكل دائرة مستمرة، فإذا كنز شخص النقد فإنه يكون قد سحب من السوق نقدا، وهذا بالطبع لا ينتج إلا من تقليل إنفاقه، فيؤدي حتما إلى تقليل ما يدخل للآخرين الذين يعطيهم، أو يتبادل معهم ما كنزه من النقد. وهذا يؤدي إلى تقليل إنتاجهم؛ لأن الطلب على السلع قد قل، وهذا يؤدي إلى البطالة، وإلى هبوط الاقتصاد في جملته. ومن هنا كان كنز النقد مؤديا حتما إلى وجود البطالة، وهبوط الاقتصاد من قلة ما يدخل للناس. إلا أن الذي يجب أن يعلم أن هذا الضرر إنما يأتي من كنز النقد، لا من ادخاره، فالادخار لا يوقف دولاب العمل، وإنما الذي يوقفه هو الكنز. والفرق بين الكنز والادخار، هو أن الكنز عبارة عن جمع النقد بعضه فوق بعض لغير حاجة، فهو حبس النقد عن السوق. وأما الادخار فهو خزن النقد لحاجة من الحاجات، كأن يجمع النقد ليبني بيتا، أو ليتزوج، أو ليشتري مصنعا، أو ليفتح تجارة، أو غير ذلك. فهذا النوع من جمع النقد لا يؤثر في السوق، ولا في دولاب العمل؛ لأنه ليس حبسا للمال، وإنما هو تجميع له لإنفاقه، فهو سيدور حين يوضع موضع الإنفاق. ولذلك لا يوجد خطر من الادخار، والخطر إنما هو من كنز النقد، أي من جمع بعضه فوق بعض لغير حاجة. وقد أباح الإسلام ادخار الذهب والفضة؛ لأنه جمع للنقد لحاجة، فأباح للمكاتب أن يشتغل ويجمع النقد بعضه فوق بعض؛ ليؤدي ما وجب عليه لسيده ليعتق، وأباح للرجل جمع النقد بعضه فوق بعض؛ ليجمع مهر امرأة ليتزوجها، وأباح جمع النقد بعضه فوق بعض، حتى يقوم بأداء فريضة الحج، ولم يجعل في هذا النقد المجموع من الذهب والفضة سوى الزكاة عليه إذا بلغ مقداره النصاب، وحال عليه الحول. والذهب والفضة، حين نزلت الآية في منع كنزهما، كانت ذاتهما أداة للتبادل، ومقياسا للجهد في العمل، والمنفعة في المال، سواء أكانت مسكوكة، كالدراهم والدنانير، أم لم تكن مسكوكة، كالسبائك. وعليه، فالنهي منصب على الذهب والفضة بوصفهما أداة للتبادل".

 

وقبل أن نودعكم أحبتنا الكرام نذكركم بأبرز الأفكار التي تناولها موضوعنا لهذا اليوم:

 

نظام الاقتصاد في الإسلام يعالج كنز النقود:

 

1. النقود هي أداة التبادل، بين مال ومال، وبين مال وجهد، وبين جهد وجهد.

2. النقود هي المقياس لهذا التبادل.

3. إذا اختفت النقود من السوق، ولم تصل إليها أيدي الناس، عدم هذا التبادل، ووقف دولاب الاقتصاد.

4. بقدر وجود هذه الأداة متوفرة بين أيدي الناس، بقدر ما يدفع سير العمل إلى الأمام.

 

كنز المال سحب للنقد من السوق:

 

1. دخل الشخص أو الهيئة مصدره شخص آخر أو هيئة أخرى.

2. الأموال التي تجبيها الدولة من الضرائب هي دخل للدولة.

3. النفقات التي تنفقها الدولة على الموظفين والمشاريع وأرزاق الجند وغيرها هي دخل لهؤلاء.

4. النفقات التي ينفقها الموظف والجندي وغيرهما هي دخل لمن تشترى السلع منهم.

5. إذا كنز شخص النقد فإنه يكون قد سحب هذا النقد من السوق.

 

كنز المال يؤدي حتما إلى البطالة وهبوط الاقتصاد:

 

1. كنز المال يؤدي حتما إلى تقليل ما يدخل للآخرين الذين يعطيهم، أو يتبادل معهم.

2. كنز المال يؤدي إلى تقليل الإنتاج؛ لأن الطلب على السلع قد قل.

3. تقليل الطلب على السلع يؤدي إلى البطالة، وإلى هبوط الاقتصاد في جملته.

4. كنز النقد يؤدي حتما إلى وجود البطالة.

5. قلة ما يدخل للناس يؤدي إلى هبوط الاقتصاد.

 

الفرق بين كنز المال وادخاره:

 

1. الكنز: جمع النقد بعضه فوق بعض لغير حاجة، فهو حبس النقد عن السوق.

2. الادخار: خزن النقد لحاجة من الحاجات، كأن يجمع النقد ليبني بيتا، أو ليتزوج.

3. الادخار لا يوقف دولاب العمل، وإنما الذي يوقفه هو الكنز.

4. الضرر إنما يأتي من كنز النقد، لا من ادخاره.

5. ادخار المال لا يؤثر في السوق، ولا في دولاب العمل؛ لأنه ليس حبسا للمال، وإنما هو تجميع له لإنفاقه، فهو سيدور حين يوضع موضع الإنفاق.

6. لا يوجد خطر من الادخار والخطر هو من كنز النقد أي من جمع بعضه فوق بعض لغير حاجة.

 

مشروعية الادخار:

 

وقد أباح الإسلام ادخار الذهب والفضة؛ لأنه جمع للنقد لحاجة.

1. أباح للمكاتب أن يشتغل ويجمع النقد بعضه فوق بعض؛ ليؤدي ما وجب عليه لسيده ليعتق.

2. أباح للرجل جمع النقد بعضه فوق بعض؛ ليجمع مهر امرأة ليتزوجها.

3. أباح جمع النقد بعضه فوق بعض، حتى يقوم بأداء فريضة الحج.

4. لم يجعل في هذا النقد المجموع من الذهب والفضة سوى الزكاة عليه إذا بلغ مقداره النصاب، وحال عليه الحول.

 

النهي عن كنز الذهب والفضة بوصفهما أداة للتبادل:

 

1. حين نزلت الآية في منع كنز الذهب والفضة كانت ذاتهما أداة للتبادل ومقياسا للجهد.

2. النهي عن كنز الذهب والفضة سواء أكانت مسكوكة كالدراهم والدنانير أم لم تكن كالسبائك.

3. النهي منصب على الذهب والفضة بوصفهما أداة للتبادل.

 

أيها المؤمنون:

 

نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. نشكركم على حسن استماعكم, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

آخر تعديل علىالأحد, 30 آب/أغسطس 2020

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع