الثلاثاء، 24 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/26م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحَمْدُ للهِ الذِي شَرَعَ لِلنَّاسِ أحكَامَ الرَّشَاد, وَحَذَّرَهُم سُبُلَ الفَسَاد, وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى خَيرِ هَاد, ‏المَبعُوثِ رَحمَةً لِلعِبَاد, الَّذِي جَاهَدَ فِي اللهِ حَقَّ الجِهَادِ, وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الأَطهَارِ الأمجَاد, الَّذِينَ طبَّقُوا نِظَامَ ‏الِإسلامِ فِي الحُكْمِ وَالاجتِمَاعِ وَالسِّيَاسَةِ وَالاقتِصَاد, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ يَومَ يَقُومُ الأَشْهَادُ ‏يَومَ التَّنَاد, يَومَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العِبَادِ. ‏

 

 

إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي

 

السبب الرابع من أسباب التملك: إعطاء الدولة من أموالها للرعية (ح 80)

 

 

 


الحَمْدُ للهِ الذِي شَرَعَ لِلنَّاسِ أحكَامَ الرَّشَاد, وَحَذَّرَهُم سُبُلَ الفَسَاد, وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى خَيرِ هَاد, ‏المَبعُوثِ رَحمَةً لِلعِبَاد, الَّذِي جَاهَدَ فِي اللهِ حَقَّ الجِهَادِ, وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الأَطهَارِ الأمجَاد, الَّذِينَ طبَّقُوا نِظَامَ ‏الِإسلامِ فِي الحُكْمِ وَالاجتِمَاعِ وَالسِّيَاسَةِ وَالاقتِصَاد, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ يَومَ يَقُومُ الأَشْهَادُ ‏يَومَ التَّنَاد, يَومَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العِبَادِ. ‏

\n


أيها المؤمنون: ‏

\n


السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا إِروَاءُ الصَّادِي مِنْ نَمِيرِ النِّظَامِ ‏الاقتِصَادِي, وَمَعَ الحَلْقَةِ الثَّمَانِينَ, وَعُنوَانُهَا: \"إِعطَاءُ الدَّولَةِ مِنْ أموَالِهَا لِلرَّعِيَّةِ\". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَةِ ‏التَّاسِعَةَ عَشْرَةَ بَعدَ المِائَةِ مِنْ كِتَابِ النِّظَامِ الاقتِصَادِي فِي الإِسلامِ لِلعَالِمِ وَالمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ ‏النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ: ‏

\n


‏\"وَمِنْ أسبَابِ التَّمَلُّكِ إِعطَاءُ الدَّولَةِ مِنْ أموَالِ بَيتِ المَالِ لِلرَّعِيَّةِ، لِسَدِّ حَاجَتِهِمْ، أوِ لِلانتِفَاعِ بِمِلكِيَّتِهِمْ. ‏أمَّا سَدًّ حَاجَتِهِمْ فَكَإِعطَائِهِمْ أموَالاً لِزِرَاعَةِ أرَاضِيهِمْ، أو لِسَدِّ دُيُونِهِمْ، فَقَد أعْطَى عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ مِنْ بَيتِ المَالِ، ‏لِلفَلاحِينَ فِي العِرَاقِ أموَالاً أعَانَهُمْ بِهَا عَلَى زِرَاعَةِ أرَضِهِمْ، وَسَدَّ بِهَا حَاجَتَهُمْ دُونَ أنْ يَستَرِدَّهَا مِنهُمْ. ‏
وَأمَّا حَاجَةُ الجَمَاعَةِ لِلانتِفَاعِ بِمِلْكِيَّةِ الفَردِ، فَتَكُونُ فِي تَملِيكِ الدَّولَةِ لأفرَادِ الأُمَّةِ مِنْ أملاكِهَا، وَأموَالِهَا ‏المُعَطَّلَةِ المَنفَعَةِ، بِأَنْ تُقطِعَ الدَّولَةُ بَعضَ الأرْضِ، الَّتِي لا مَالِكَ لَهَا، كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ حِينَ ‏قَدِمَ المَدِينَةَ فَقَدْ أقْطَعَ أبَا بَكْرٍ وُعُمَرَ، كَمَا أقْطَعَ الزُّبَيرَ أرْضًا وَاسِعَةً، فَقَدْ أقْطَعَهُ رَكْضَ فَرَسِهِ فِي مَوَاتِ النَّقِيعِ، وَأقطَعَهُ ‏أرْضًا فِيهَا شَجَرٌ وَنَخْلٌ، وَكَمَا أقْطَعَ الخُلَفَاءَ الرَّاشِدُونَ مِنْ بَعدِهِ أرْضًا لِلمُسلِمِينَ. فَهَذَا الَّذِي تُقطِعُهُ الدَّولَةُ لِلفَردِ ‏يُصبِحُ مِلْكًا لَهُ بِهَذَا الإِقطَاعِ، لأنَّ الجَمَاعَةَ فِي حَاجَةٍ إِلَى هَذِهِ المِلكِيَّةِ لِلانتَفَاعِ بِهَا، وَلِتَسخِيرِ الفَردِ لِهَذَا الانتِفَاعِ، ‏وَاستِخدَامِ نَشَاطِهِ الذِّهْنِي، أوِ الجِسْمِيِّ لِلجَمَاعَةِ، بِسَبَبِ هَذِهِ المِلكِيَّةِ. وَاستِعمَالُ لَفظِ \"الإِقطَاعِ\" هُنَا استِعمَالٌ ‏لُغَوِيٌّ وَفِقْهِيٌّ، وَلا عَلاقَةَ لَهُ بِالنِّظَامِ الإِقطَاعِيِّ الخَاصِّ الَّذِي لَمْ يَعرِفْهُ الإِسلامُ. وَيَلْحَقُ بِمَا تُعطِيهِ الدَّولَةُ لِلأفَرَادِ، مَا ‏تُوَزِّعُهُ عَلَى المُحَارِبِينَ مِنَ الغَنَائِمِ. وَمَا يَأذَنُ بِهِ الإِمَامُ بِالاستِيلاءِ عَلَيهِ مِنَ الأسلابِ\". ‏

\n


ونَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: إِعطَاءُ الدَّولَةِ مِنْ أمْوَالِهَا لِلرَّعِيَّةِ عَمَلٌ مَشرُوعٌ, وَهُوَ ‏مِنَ السُّنَّةِ الفِعلِيَّةِ, فَعَلَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بِوَصفِةِ نَبِيًّا وَرَسُولاً, وَبِوَصْفِهِ حَاكِمًا وَرَئِيسًا لِلدَّولَةِ, وَدَلِيلُهُ ‏مِنَ السُّنَّةِ مَا رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ فِي سُنَنِهِ قَالَ: «قُلْتُ لِقُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ حَدَّثَكُمْ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ قَيْسٍ الْمَأْرِبِيُّ حَدَّثَنِي ‏أَبِي عَنْ ثُمَأمة بْنِ شَرَاحِيلَ عَنْ سُمَيِّ بْنِ قَيْسٍ عَنْ سُمَيْرٍ عَنْ أَبْيَضَ بْنِ حَمَّالٍ أَنَّهُ وَفَدَ إلى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ ‏وَسَلَّمَ فَاسْتَقْطَعَهُ الْمِلْحَ فَقَطَعَ لَهُ, فَلَمَّا أَنْ وَلَّى قَالَ رَجُلٌ مِنْ الْمَجْلِسِ: أَتَدْرِي مَا قَطَعْتَ لَهُ؟ إِنَّمَا قَطَعْتَ لَهُ الْمَاءَ ‏الْعِدَّ. قَالَ: فَانْتَزَعَهُ مِنْهُ. فَأَقَرَّ بِهِ وَقَالَ: نَعَمْ».‏

\n


وَشَرْحُ الحَدِيثِ وَتَفسِيرُ مَعَانِيهِ كَالآتِي: قَوْلُهُ: (الْمَأْرِبِيُّ) مَنْسُوبٌ إلى مَأْرِبَ بِفَتْحِ الْمِيمِ, وَسُكُونِ الْهَمْزَةِ, ‏وَكَسْرِ الرَّاءِ, وَقِيلَ: بِفَتْحِهَا (الْمَأْرَبِيُّ) مَوْضِعٌ بِالْيَمِينِ. وَقَوْلُهُ: (وَفَدَ): أي قَدِمَ. وَقَوْلُهُ: (اِسْتَقْطَعَهُ): أي سَأَلَهُ أَنْ ‏يُقْطِعَ إِيَّاهُ. وَقَوْلُهُ: (الْمِلْحَ): أي مَعْدِنَ الْمِلْحِ. وَقَوْلُهُ: (فَقَطَعَ لَهُ): لِظَنِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يُخْرِجَ مِنْهُ الْمِلْحَ ‏بِعَمَلٍ وَكَدٍّ. وَقَوْلُهُ: (فَلَمَّا أَنْ وَلَّى): أي أَدْبَرَ. وَقَوْلُهُ: (قَالَ رَجُلٌ مِنْ الْمَجْلِسِ): هُوَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ عَلَى ‏مَا ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ، وَقِيلَ إِنَّهُ الْعَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ. وَقَوْلُهُ: (الْمَاءَ الْعِدَّ): بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، أي الدَّائِمُ ‏الَّذِي لَا يَنْقَطِعُ. وَقَوْلُهُ: الْعِدُّ أيِ الْمُهَيَّأُ. قَوْلُهُ: (فَأَقَرَّ بِهِ وَقَالَ: نَعَمْ). أي فَأَقَرَّ بِهِ قُتَيْبَةُ، وَقَالَ: نَعَمْ.‏

\n


فِي هَذَا الحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى إِبَاحَةِ إِعطَاءِ الدَّولَةِ مِنْ أمْوَالِهَا لِلرَّعِيَّةِ, فَأبيَضُ بْنُ حَمَّالٍ قَدْ طَلَبَ مِنَ الرَّسُولِ ‏صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أنْ يُقطِعَهُ أرْضًا مِنْ أمْلاكِ الدَّولَةِ فَأعطَاهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ تِلْكَ الأَرضَ, وَلَولا أنَّ ‏الأَرْضَ كَانَتْ تَحوِي المِلْحَ بِكَمَّيَّاتٍ كَبِيرَةٍ غَيرِ مُنقَطِعَةٍ لَمَا تَرَاجَعَ الرَّسُولُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ عَنْ عَطَائِهِ, فَالمَعدِنُ ‏غَيرُ المُنقَطِعِ لا يَصِحُّ أنْ يُمَلَّكَ مِلْكِيَّةً فَردِيَّةً, بَلْ تَكُونُ مِلْكِيَّتُهُ مِلْكِيَّةً عَامَّةً؛ لِذَا فَإِنَّ الرَسُولَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ‏امتَنَعَ عَنْ إِقطَاعِ أرْضِ المِلْحِ؛ لأنَّهَا مِلْكِيَّةٌ عَامَّةٌ. أمَّا حِينَ كَانَتِ الأرْضُ لِلدَّولَةِ, فَقَدْ أقْطَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ ‏عَلَيهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَدِمَ المَدِينَةَ أبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ كَمَا أقْطَعَ الزُّبَيرَ أرْضًا وَاسِعَةً. ‏

\n


إِنَّ إِعطَاءَ الدَّولَةِ مِنْ أمْوَالِهَا لِلرَّعِيَّةِ سَوَاءٌ أكَانَ المَالُ نَقْدًا أو أرضًا أو سِلَعًا أو أيَّ شَكْلٍ آخَرَ مِنْ أشكَالِ ‏المَالِ هُوَ مُبَاحٌ بِدَلالَةِ هَذَا الحَدِيثِ, وَهَذَا العَطَاءُ هُوَ سَبَبٌ مِنْ أسْبَابِ التَّمَلُّكِ الشَّرعِيَّةِ لِلمَالِ. فَلِلخَلِيفَةِ أوْ مَنْ ‏يَنُوبُ عَنهُ مِنْ مُعَاوِنِينَ أو وُلاةٍ أو عُمَّالٍ، أنْ يُعطُوا مِنْ أمْوَالِ الدَّولَةِ لأفرَادِ الرَّعِيَّةِ لِسَدِّ حَاجَاتِهِمْ أو لِلانتِفَاعِ ‏بِمِلكِيَّتِهِمْ. وَمِنَ الأمثِلَةِ عَلَى سَدَّ الحَاجَاتِ: أنْ تُعطِيَ الدَّولَةُ لِلأفرَادِ أمْوَالاً لِسَدِّ دُيُونِهِمْ ... أو تُعطِي المُزَارِعِينَ ‏أمْوَالا لِزِرَاعَةِ أرَاضِيهِمْ. أمَّا الأمثِلَةُ عَلَى الانتِفَاعِ بِمِلْكيتهم فَأَنْ تُمَلِّكَ الدَّولَةُ أفْرَادًا مِنَ الأُمَّةِ مِنْ أمْلاكِهَا وَأموَالِهَا ‏المُعَطَّلَةِ المَنفَعَةِ كَأنْ تُقطِعَهُمْ بَعْضَ الأرْضِ لِيَعْمَلُوا فِيهَا فَيَكْسِبُونَ المَالَ الحَلالَ وَيُفِيدُونَ المُجتَمَعِ بِإِنتَاجِهِمْ, فَهَذَا ‏الَّذِي تُقطِعُهُ الدَّولَةُ لِلفَردِ يُصبِحُ مِلْكًا لَهُ بِهَذَا الإِقطَاعِ. ‏

\n

\n

\n

\"irwaa\"

\n

أمَّا نَتَائِجُ إِعطَاءِ الدَّولَةِ مِنْ أمْوَالِهَا لِلرَّعِيَّةِ فَإِنَّهُ تَنشِيطُ الحَرَكَةِ الاقتِصَادِيَّةِ, وَتَوفِيرُ المَوَادِّ الزِّرَاعِيَّةِ وَالصِّنَاعِيَّةِ ‏الَّلازِمَةِ لِلمُجتَمَعِ, فَالأرضُ المُقْطَعَةُ تَكُونُ مُعَطَّلَةً لا فَائِدَةَ مِنهَا, لَكِنْ حِينَ تُعْطَى لأحَدِهِمْ فَإِنَّهُ سَيَعمَلُ فِيهَا, ‏وَيُحَوِّلُهَا إِلَى أرْضٍ مُنتِجَةٍ صَالِحَةٍ, فَيَخدِمَ نَفسَهُ بِأنْ يَجِدَ مَصْدَرًا لِلْكَسْبِ وَيَخدِمَ الْمُجتَمَعَ بِإِنتَاجِ بَعْضِ مَا يَحتَاجُهُ ‏مِنَ السِّلَعِ أوِ الطَّعَامِ, وَهِيَ مِنْ طُرُقِ القَضَاءِ عَلَى البَطَالَةِ, وَاستِثْمَارِ الأَرْضِ, وَاستِصْلاحِهَا, وَفَوقَ ذَلِكَ فَإِنَّهَا ‏تُقَوِّي العَلاقَةَ بَينَ الدَّولَةِ وَالرَّعِيَّةِ؛ إِذْ يُظْهِرُ مُتَابَعَةَ الدَّولَةِ لِرَعَايَاهَا, وَحِرْصَهَا عَلَى مَصَالِحِهِمْ, وَتَوفِيرَهَا لاحتِيَاجَاتِهِمْ ‏مِمَّا يَعُودُ بِالفَائِدَةِ وَالمَصلَحَةِ عَلَى الْمُجتَمَعِ عَامَّتِهِ. وَيَلحَقُ بِمَا تُعطِيهِ الدَّولَةُ لِلأفرَادِ مَا تُوَزِّعُهُ عَلَى الْمُحَارِبِينَ مِنْ ‏غَنَائِمَ, وَمَا يَأذَنُ بِهِ الإِمَامُ بِالاستِيلاءِ عَلَيهِ مِنَ الأسلابِ فَكُلُّهَا أمْوَالٌ مُبَاحَةٌ وَمِلْكُهَا شَرْعِيٌّ. وَهِيَ وَإِنْ كَانَ لَيسَ ‏لَهَا وَاقِعٌ الآنَ إِلاَّ أنَّ المُستَقبَلَ القَرِيبَ سَيُعِيدُ وَاقِعَهَا إِلَى حَيَاةِ الأُمَّةِ, فَحِينَ قِيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ قَرِيبًا بِإِذْنِ اللهِ مِنْ ‏جَدِيدٍ سَتُعِيدُ سِيرَةَ الخِلافَةِ المَاضِيَةِ تَحمِلُ مِشْعَلَ الجِهَادِ, وَتَفتَحُ البِلادَ, وَتُوَزِّعُ الغَنَائِمَ عَلَى الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ ‏اللهِ. وَيَسألُونَكَ مَتَى هُو؟ قُلْ: عَسَى أنْ يَكُونَ قَرِيبًا ... اللَّهُمَّ آمِينَ! ‏

\n


وَقَبلَ أَنْ نُوَدِّعَكُمْ مُستَمِعِينَا الكِرَامَ نُذَكِّرُكُمْ بِأَبرَزِ الأفكَارِ التِي تَنَاوَلهَا مَوضُوعُنَا لِهَذَا اليَومِ:‏

\n


أولاً: مِنْ أسبَابِ التَّمَلُّكِ إِعطَاءُ الدَّولَةِ مِنْ أموَالِ بَيتِ المَالِ لِلرَّعِيَّةِ لِسَبَبَينِ: ‏

\n


‏1)‏ لِسَدِّ حَاجَتِهِمْ: كَإِعطَائِهِمْ أموَالاً لِزِرَاعَةِ أرَاضِيهِمْ، أو لِسَدِّ دُيُونِهِمْ. ‏

\n


‏2)‏ لِلانتِفَاعِ بِمِلكِيَّتِهِمْ: كَإِعطَائِهِمْ أموَالاً يستعينون بِهَا عَلَى زِرَاعَةِ أرَضِهِمْ، وَسَدِّ حَاجَتِهِمْ بِهَا.

\n


ثانيًا: لَفظُ \"الإِقطَاعِ\" استِعمَالٌ لُغَوِيٌّ وَفِقْهِيٌّ لا عَلاقَةَ لَهُ بِالنِّظَامِ الإِقطَاعِيِّ الَّذِي لَمْ يَعرِفْهُ الإِسلامُ. ‏

\n


ثالثًا: مِنْ نَتَائِجِ إِعطَاءِ الدَّولَةِ مِنْ أمْوَالِهَا لِلرَّعِيَّةِ: ‏

\n


‏1)‏ تَنشِيطُ الحَرَكَةِ الاقتِصَادِيَّةِ, وَالقَضَاءُ عَلَى البَطَالَةِ. وَإِيجَادُ التَّوَازُنِ الاقتِصَادِيِّ فِي المُجتَمَعِ.

\n


‏2)‏ تَوفِيرُ المَوَادِّ الزِّرَاعِيَّةِ وَالصِّنَاعِيَّةِ الَّلازِمَةِ لِلمُجتَمَعِ. ‏

\n


‏3)‏ استِثْمَارِ الأَرْضِ وَاستِصْلاحِهَا, وتَحوِيلُ الأرْضِ المُعَطَّلَةِ إِلَى أرْضٍ مُنتِجَةٍ صَالِحَةٍ.‏

\n


‏4)‏ يَخْدِمَ المَرْءُ نَفسَهُ بِأنْ يَجِدَ مَصْدَرًا لِلْكَسْبِ, وَيَخدِمَ الْمُجتَمَعَ بِإِنتَاجِ بَعْضِ مَا يَحتَاجُهُ مِنَ السِّلَعِ أوِ الطَّعَامِ. ‏

\n


‏5)‏ وَفَوقَ ذَلِكَ فَإِنَّهَا تُقَوِّي العَلاقَةَ بَينَ الدَّولَةِ وَالرَّعِيَّةِ؛ إِذْ يُظْهِرُ مُتَابَعَةَ الدَّولَةِ لِرَعَايَاهَا, وَحِرْصَهَا عَلَى مَصَالِحِهِمْ, ‏وَتَوفِيرَهَا لاحتِيَاجَاتِهِمْ مِمَّا يَعُودُ بِالفَائِدَةِ وَالمَصلَحَةِ عَلَى الْمُجتَمَعِ عَامَّتِهِ.‏

\n


رابعًا: يَلْحَقُ بِمَا تُعطِيهِ الدَّولَةُ لِلأفَرَادِ، مَا تُوَزِّعُهُ عَلَى المُحَارِبِينَ مِنَ الغَنَائِمِ. وَمَا يَأذَنُ بِهِ الإِمَامُ بِالاستِيلاءِ عَلَيهِ مِنَ ‏الأسلابِ.‏

 


أيها المؤمنون: ‏

\n


نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ ‏وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الَمولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ ‏يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ على منهاج النبوة في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن ‏يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم عَلى حُسنِ استِمَاعِكُم, وَالسَّلامُ ‏عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه. ‏

\n

\n

آخر تعديل علىالجمعة, 04 كانون الأول/ديسمبر 2015

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع