الأربعاء، 25 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي (ح 104)  

 

شركة العنان

 

 

\n

الحمد لله الذي شرع للناس أحكام الرشاد، وحذرهم سبل الفساد، والصلاة والسلام على خير هاد، المبعوث رحمة للعباد، الذي جاهد في الله حق الجهاد، وعلى آله وأصحابه الأطهار الأمجاد، الذين طبقوا نظام الإسلام في الحكم والاجتماع والسياسة والاقتصاد، فاجعلنا اللهم معهم، واحشرنا في زمرتهم يوم يقوم الأشهاد يوم التناد، يوم يقوم الناس لرب العباد.

\n


أيها المؤمنون:

\n


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: نتابع معكم سلسلة حلقات كتابنا إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي، ومع الحلقة الرابعة بعد المائة، وعنوانها:

\n

\n

\"شركة العنان\". نتأمل فيها ما جاء في الصفحة الخمسين بعد المائة من كتاب النظام الاقتصادي في الإسلام للعالم والمفكر السياسي الشيخ تقي الدين النبهاني.
يقول رحمه الله: \"شركة العنان، وهي أن يشترك بدنان بماليهما، أي أن يشترك شخصان بماليهما على أن يعملا فيه بأبدانهما، والربح بينهما. وسميت شركة عنان؛ لأنهما يتساويان بالتصرف كالفارسين إذا سويا بين فرسيهما، وتساويا في السير فإن عنانيهما يكونان سواء. وهذه الشركة جائزة بالسنة وإجماع الصحابة، والناس يشتركون بها منذ أيام النبي صلى الله عليه وسلم، وأيام الصحابة. وهذا النوع من الشركة يجعل فيه رأس المال نقودا؛ لأن النقود هي قيم الأموال وأثمان المبيعات. أما العروض فلا تجوز الشركة عليها إلا إذا قومت وقت العقد، وجعلت قيمتها وقت العقد رأس المال. ويشترط أن يكون رأس المال معلوما يمكن التصرف به في الحال. فلا تجوز الشركة على رأس مال مجهول، ولا تجوز بمال غائب، أو بدين، لأنه لا بد من الرجوع إلى رأس المال عند المفاصلة. ولأن الدين لا يمكن التصرف به في الحال، وهو مقصود الشركة. ولا يشترط تساوي المالين في القدر، ولا أن يكون المالان من نوع واحد، إلا أنه يجب أن يقوما بقيمة واحدة حتى يصبح المالان مالا واحدا، فيصح أن يشتركا بنقود مصرية وسورية، ولكن يجب أن يقوما بقيمة واحدة، تقويما يذهب انفصالهما، ويجعلهما شيئا واحدا؛ لأنه يشترط أن يكون رأس مال الشركة مالا واحدا شائعا للجميع، لا يعرف أحد الشريكين ماله من مال الآخر. ويشترط أن تكون أيدي الشريكين على المال. وشركة العنان مبنية على الوكالة والأمانة؛ لأن كل واحد منهما يكون بدفعه المال إلى صاحبه قد أمنه، وبإذنه له في التصرف قد وكله.

\n

\n

ومتى تمت الشركة صارت شيئا واحدا، وصار واجبا على الشركاء أن يباشروا العمل بأنفسهم، لأن الشركة وقعت على أبدانهم. فلا يجوز لأحدهم أن يوكل عنه من يقوم ببدنه مقامه في الشركة في التصرف. بل الشركة كلها تؤجر من تشاء، وتستخدم بدن من تشاء أجيرا عندها لا عند أحد الشركاء. ويجوز لكل واحد من الشريكين أو الشركاء أن يبيع ويشتري على الوجه الذي يراه مصلحة للشركة. وله أن يقبض الثمن والمبيع، ويخاصم في الدين، ويطالب به، وأن يحيل ويحال عليه، ويرد بالعيب. وله أن يستأجر من رأس مال الشركة ويؤجر؛ لأن المنافع أجريت مجرى الأعيان، فصار كالشراء والبيع. فله أن يبيع السلعة، كالسيارة مثلا، وله أن يؤجرها باعتبارها سلعة للبيع، فصارت منفعتها في الشركة كالعين نفسها. فأجريت مجراها. ولا يشترط تساوي الشريكين في المال، بل يشترط تساويهما في التصرف. أما المال فيصح أن يتفاضلا في المال، ويصح أن يتساويا، والربح يكون على ما شرطا. فيصح أن يشترطا التساوي في الربح، ويصح أن يشترطا التفاضل فيه. وقد كان علي رضي الله عنه يقول بهذا: «الربح على ما اصطلحوا عليه». (رواه عبد الرزاق في الجامع).

\n


أما الخسارة في شركة العنان فإنها تكون على قدر المال فقط، فإن كان مالهما متساويا في القدر فالخسارة بينهما مناصفة، وإن كان أثلاثا فالخسران أثلاثا. وإذا شرطا غير ذلك لا قيمة لشرطهما، وينفذ حكم الخسارة دون شرطهما، وهو أن توزع الخسارة على نسبة المال؛ لأن البدن لا يخسر مالا، وإنما يخسر ما بذله من جهد فقط، فتبقى الخسارة على المال، وتوزع عليه بنسبة حصص الشركاء. وذلك أن الشراكة وكالة، وحكم الوكالة أن الوكيل لا يضمن، وأن الخسارة تقع على مال الموكل. روى عبد الرزاق في الجامع عن علي رضي الله عنه قال: «الوضيعة على المال، والربح على ما اصطلحوا عليه»\".

\n


وقبل أن نودعكم أحبتنا الكرام نذكركم بأبرز الأفكار التي تناولها موضوعنا لهذا اليوم:

\n


1. تعريف شركة العنان: هي أن يشترك بدنان بماليهما، أي أن يشترك شخصان بماليهما على أن يعملا فيه بأبدانهما، والربح بينهما.
2. سبب تسميتها: سميت شركة عنان؛ لأنهما يتساويان بالتصرف كالفارسين إذا سويا بين فرسيهما، وتساويا في السير فإن عنانيهما يكونان سواء.
3. حكم مشروعية شركة العنان: هذه الشركة جائزة بالسنة وإجماع الصحابة.

\n


4. محظورات شركة العنان:

\n


1) لا تجوز الشركة على عروض التجارة إلا إذا قومت وقت العقد، وجعلت قيمتها رأس المال.
2) لا تجوز الشركة على رأس مال مجهول، ولا تجوز بمال غائب.
3) لا تجوز الشركة بدين لسببين:

\n


الأول: لأنه لا بد من الرجوع إلى رأس المال عند المفاصلة.
الثاني: لأن الدين لا يمكن التصرف به في الحال، وهو مقصود الشركة.

\n


5. شروط شركة العنان: يشترط في شركة العنان ما يأتي:

\n


1) أن يجعل رأس المال نقودا؛ لأن النقود هي قيم الأموال وأثمان المبيعات.
2) أن يكون رأس المال معلوما يمكن التصرف به في الحال.
3) أن يكون رأس مال الشركة مالا واحدا، لا يعرف أحد الشريكين ماله من مال الآخر.
4) أن تكون أيدي الشريكين على المال.

\n


6. ما لا يشترط في شركة العنان: لا يشترط في شركة العنان ما يأتي:

\n


1) لا يشترط تساوي المالين في القدر.
2) لا يشترط أن يكون المالان من نوع واحد. بل يشترط أن يكونا مالا واحدا. وإذا كان المالان من نوعين مختلفين يجب أن يقوما بقيمة واحدة حتى يصبح المالان مالا واحدا.

\n


7. الأساس الذي تبنى عليه شركة العنان:

\n


شركة العنان مبنية على الوكالة والأمانة؛ لأن كل واحد منهما يكون بدفعه المال إلى صاحبه قد أمنه، وبإذنه له في التصرف قد وكله.

\n


8. من الأحكام الشرعية المتعلقة بشركة العنان:

\n


1) متى تمت الشركة صارت شيئا واحدا. وصار واجبا على الشركاء أن يباشروا العمل بأنفسهم.
2) لا يجوز لأحد الشركاء أن يوكل عنه من يقوم ببدنه مقامه في الشركة في التصرف.
3) الشركة كلها تؤجر من تشاء، وتستخدم بدن من تشاء أجيرا عندها لا عند أحد الشركاء.
4) يجوز لكل واحد من الشركاء أن يبيع ويشتري على الوجه الذي يراه مصلحة للشركة.
5) يجوز لكل واحد من الشركاء أن يقبض الثمن والمبيع، ويخاصم في الدين، ويطالب به.
6) يجوز لكل واحد من الشركاء أن يحيل ويحال عليه، ويرد بالعيب.
7) يجوز لكل واحد من الشركاء أن يستأجر من رأس مال الشركة ويؤجر.
8) لا يشترط تساوي الشريكين في المال، بل يشترط تساويهما في التصرف.
9) يصح أن يتفاضل الشريكان في المال، ويصح أن يتساويا، والربح يكون على ما شرطا.

\n


9. الخسارة في شركة العنان: تكون الخسارة في شركة العنان على قدر المال فقط:

\n


1) إن كان مال الشريكين متساويا في القدر فالخسارة بينهما مناصفة.
2) إن كان مال الشريكين أثلاثا فالخسران أثلاثا.
3) إذا شرطا غير ذلك لا قيمة لشرطهما، وينفذ حكم الخسارة دون شرطهما، وهو أن توزع الخسارة على نسبة المال.
4) البدن لا يخسر مالا، وإنما يخسر ما بذله من جهد فقط.
5) تبقى الخسارة على المال، وتوزع عليه بنسبة حصص الشركاء.
6) الشراكة وكالة، وحكم الوكالة أن الوكيل لا يضمن، وأن الخسارة تقع على مال الموكل.

\n


أيها المؤمنون:

\n


نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة، موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى، فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما، نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه، سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام، وأن يعز الإسلام بنا، وأن يكرمنا بنصره، وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة في القريب العاجل، وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها، إنه ولي ذلك والقادر عليه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

\n

\n

آخر تعديل علىالجمعة, 04 كانون الأول/ديسمبر 2015

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع