الثلاثاء، 24 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/26م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي   (ح 133)   الفقـر

بسم الله الرحمن الرحيم

 

إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي (ح 133)

 

الفقـر

 

 


الحمد لله الذي شرع للناس أحكام الرشاد، وحذرهم سبل الفساد، والصلاة والسلام على خير هاد، المبعوث رحمة للعباد، الذي جاهد في الله حق الجهاد، وعلى آله وأصحابه الأطهار الأمجاد، الذين طبقوا نظام الإسلام في الحكم والاجتماع والسياسة والاقتصاد، فاجعلنا اللهم معهم، واحشرنا في زمرتهم يوم يقوم الأشهاد يوم التناد، يوم يقوم الناس لرب العباد.


أيها المؤمنون:


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: نتابع معكم سلسلة حلقات كتابنا إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي، ومع الحلقة الثالثة والثلاثين بعد المائة، وعنوانها: "الفقر". نتأمل فيها ما جاء في الصفحة الحادية عشرة بعد المائتين من كتاب النظام الاقتصادي في الإسلام للعالم والمفكر السياسي الشيخ تقي الدين النبهاني.


يقول رحمه الله: "الفقر في اللغة الاحتياج. يقال فقر وافتقر ضد استغنى، وافتقر إليه احتاج. فهو فقير، جمعه فقراء. أفقره ضد أغناه. والفقر مصدر، ضد الغنى. وذلك أن يصبح الإنسان محتاجا وليس له ما يكفيه. والفقير في الشرع هو المحتاج الضعيف الحال الذي لا يسأل. عن مجاهد قال: "الفقير الذي لا يسأل". وعن جابر بن زيد مثل ذلك قال: "الفقير الذي لا يسأل" وعن عكرمة: "الفقير الضعيف" وقال تعالى: (رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير). (القصص 24) أي إني لأي شيء أنزلت إلي، قليل أو كثير من خير، فقير أي محتاج. وقال تعالى: (وأطعموا البائس الفقير). (الحج 28) البائس الذي أصابه بؤس، أي شدة، والفقير الذي أضعفه الإعسار. فمجموع الآيات والآثار تدل على أن الفقر هو الاحتياج. والذي يحتاج إلى تفصيله هو معنى الاحتياج. وفي النظام الاقتصادي الرأسمالي يجعلون الفقر شيئا نسبيا، وليس هو مسمى لشيء معين ثابت لا يتغير، فيقولون: "إن الفقر هو عدم القدرة على إشباع الحاجات من سلع وخدمات". وبما أن الحاجات تنمو وتتجدد كلما تقدمت المدنية؛ لذلك كان إشباع الحاجات يختلف باختلاف الأشخاص والأمم. فالأمم المنحطة تكون حاجات أفرادها محدودة، فيمكن إشباعها بالسلع والخدمات الضرورية، ولكن الأمم الراقية، المتمدنة، المتقدمة ماديا، تكون حاجاتها كثيرة، ولذلك يحتاج إشباعها إلى سلع وخدمات أكثر، فيكون اعتبار الفقر فيها غير اعتباره في البلدان المتأخرة. فمثلا يعتبر عدم إشباع الحاجة من الكماليات في أوروبا وأمريكا فقرا، ولكن عدم إشباع الحاجات الكمالية في مصر، أو العراق مثلا، مع إشباع الحاجات الأساسية، لا يعتبر فقرا. وهذا الاعتبار في النظام الاقتصادي الرأسمالي خطأ؛ لأنه يجعل معنى الأشياء اعتباريا وليس حقيقيا.

 

وهذا خطأ لأن الشيء له واقع حقيقي فيعرف بواقعه، وليس هو شيئا اعتباريا ولا واقع له، ولأن التشريع الموضوع للإنسان لا يجعل النظام مختلفا باختلاف الأفراد، ما دام قد جاء للإنسان بوصفه إنسانا، لا بوصفه فردا. فلو كانت الدولة تحكم أفرادا في أسبانيا، وأفرادا في اليمن فإنه لا يصح أن تختلف نظرتها للفقر في بلد عن بلد آخر؛ لأن كلا منهم إنسان قد وضع العلاج لمشاكله. وقد اعتبر الإسلام الفقر اعتبارا واحدا للإنسان في أي بلد وفي أي جيل. فالفقر في نظر الإسلام هو عدم إشباع الحاجات الأساسية إشباعا كاملا. وقد حدد الشرع هذه الحاجات الأساسية بثلاثة أشياء هي: المأكل، والملبس، والمسكن. قال تعالى: (وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك). (البقرة 233) وقال: (أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم). (الطلاق 6) روى ابن ماجه عن أبي الأحوص قال: قال عليه الصلاة والسلام: "ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن". مما يدل على أن الحاجات الأساسية، التي يعتبر عدم إشباعها فقرا هي: الطعام، والكسوة، والمسكن. أما ما عدا ذلك فيعتبر من الحاجات الكمالية. فلا يكون من لم يشبع الحاجات الكمالية مع إشباعه الحاجات الأساسية فقيرا. والفقر بالمعنى الإسلامي، وهو فقدان ما يشبع الحاجات الأساسية، من الأمور التي تكون سببا لانحطاط الأمة وهلاكها. وقد جعله الإسلام من وعد الشيطان قال الله تعالى: (الشيطان يعدكم الفقر). (البقرة 268) واعتبر الإسلام الفقر ضعفا وأمر بالعطف على الفقراء قال تعالى: (إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم). (البقرة 271) وقال: (وأطعموا البائس الفقير). (الحج 28)".


وقبل أن نودعكم مستمعينا الكرام نذكركم بأبرز الأفكار التي تناولها موضوعنا لهذا اليوم:


1. الفقر في اللغة: الفقر في اللغة الاحتياج. يقال فقر وافتقر ضد استغنى، وافتقر إليه احتاج. فهو فقير، جمعه فقراء. أفقره ضد أغناه. والفقر مصدر، ضد الغنى. وذلك أن يصبح الإنسان محتاجا وليس له ما يكفيه.
2. الفقير في الشرع: الفقير في الشرع هو المحتاج الضعيف الحال الذي لا يسأل.
3. أقوال بعض الصحابة وبعض العلماء الموثوق بأقوالهم:


1) عن مجاهد قال: "الفقير الذي لا يسأل".
2) عن جابر بن زيد مثل ذلك قال: "الفقير الذي لا يسأل".
3) عن عكرمة: "الفقير الضعيف".


4. بعض النصوص الشرعية التي تدل على أن الفقر هو الاحتياج:


1) قال تعالى: (رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير). أي إني لأي شيء أنزلت إلي، قليل أو كثير من خير، فقير أي محتاج.
2) قال تعالى: (وأطعموا البائس الفقير). البائس الذي أصابه بؤس، أي شدة، والفقير الذي أضعفه الإعسار.
5. الفقر في النظام الرأسمالي: الفقر هو عدم القدرة على إشباع الحاجات من سلع وخدمات.


6. إشباع الحاجات في النظام الرأسمالي:


1) الحاجات تنمو وتتجدد كلما تقدمت المدنية.
2) إشباع الحاجات يختلف باختلاف الأشخاص والأمم.
3) الأمم المنحطة تكون حاجات أفرادها محدودة، فيمكن إشباعها بالسلع والخدمات الضرورية.
4) الأمم الراقية، المتمدنة، المتقدمة ماديا، تكون حاجاتها كثيرة، يحتاج إشباعها إلى سلع وخدمات أكثر، فيكون اعتبار الفقر فيها غير اعتباره في البلدان المتأخرة.


7. بيان خطأ النظام الرأسمالي في اعتبار الفقر وفي إشباع الحاجات:


1) يعتبر عدم إشباع الحاجة من الكماليات في أوروبا وأمريكا فقرا.
2) عدم إشباع الحاجات الكمالية مع إشباع الحاجات الأساسية في مصر مثلا لا يعتبر فقرا.
3) هذا الاعتبار في النظام الاقتصادي الرأسمالي خطأ للأسباب الآتية:


"لأنه يجعل معنى الأشياء اعتباريا وليس حقيقيا. وهذا خطأ لأن الشيء له واقع حقيقي فيعرف بواقعه، وليس هو شيئا اعتباريا ولا واقع له.


"لأن التشريع الموضوع للإنسان لا يجعل النظام مختلفا باختلاف الأفراد، ما دام قد جاء للإنسان بوصفه إنسانا، لا بوصفه فردا.


"لو كانت الدولة تحكم أفرادا في إسبانيا، وأفرادا في اليمن فإنه لا يصح أن تختلف نظرتها للفقر في بلد عن بلد آخر؛ لأن كلا منهم إنسان قد وضع العلاج لمشاكله.


8. اعتبار الفقر وإشباع الحاجات في النظام الاقتصادي الإسلامي:


1) اعتبر الإسلام الفقر اعتبارا واحدا للإنسان في أي بلد وفي أي جيل.
2) الفقر في نظر الإسلام هو عدم إشباع الحاجات الأساسية إشباعا كاملا.
3) حدد الشرع هذه الحاجات الأساسية بثلاثة أشياء هي: المأكل، والملبس، والمسكن.
4) الفقر بالمعنى الإسلامي هو فقدان ما يشبع الحاجات الأساسية.
5) الفقر من الأمور التي تكون سببا لانحطاط الأمة وهلاكها.
6) جعل الإسلام الفقر من وعد الشيطان قال الله تعالى: (الشيطان يعدكم الفقر).
7) اعتبر الإسلام الفقر ضعفا وأمر بالعطف على الفقراء قال تعالى: (وأطعموا البائس الفقير).

 

أيها المؤمنون:


نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة، موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى، فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما، نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه، سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام، وأن يعز الإسلام بنا، وأن يكرمنا بنصره، وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة في القريب العاجل، وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها، إنه ولي ذلك والقادر عليه. نشكركم على حسن استماعكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

آخر تعديل علىالجمعة, 04 كانون الأول/ديسمبر 2015

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع