الأربعاء، 25 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

خطبة جمعة طلب مرضاة الله واجب على كل مسلم

بسم الله الرحمن الرحيم

 

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلّ عليه وآله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً. وبعد

قال الله عز وجل: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} [البقرة: 207]، وقال سبحانه عن المنافقين: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ} [ التوبة: 62]، وعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من التمس رضي الله بسخط الناس رضي الله تعالى عنه وأرضى الناس عنه ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس». والرضى خلاف السخط، وإرضاء الله هو طلب رضوان الله عز وجل، وهو ضد سخطه سبحانه على عبده، قال تعالى: {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [آل عمران: 15]، وقد بيّن المولى سبحانه في كتابه الكريم شرف طلب رضوانه من أنه من أجلّ الأعمال، فهو أعلى مطلوب للنبيين في غير آية، قال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} [الفتح: 29]، وقال سبحانه عن موسى: {وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى * قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} [طه: 83، 84].

أيها المسلمون: إن إرضاء الله لا يكون إلاّ بطاعته والانتصار لدينه الذي أنزل على عبده محمد صلى الله عليه وسلم، ولا بد أن يكون همنا الأوحد هو العمل على إرضاء الله عز وجل، وفي هذا الأسبوع مرت أحداث تدل على مدى الخلل الذي أصبح يهدد الأمة، يهددنا في طريقنا لإرضاء ربنا سبحانه وتعالى.

الأول: هو ما تم من فصل الشيخ سعد الشتري من هيئة العلماء بأرض الحرمين لأنه أنكر المنكر المتمثل في أسلوب كلية التقانة التي افتتحت في الأيام الماضية بالحجاز حيث أنكر ذلك الشيخ _ جزاه الله خيرا عن الإسلام والمسلمين - الاختلاط داخل الجامعة، وتمت مهاجمته من صحف المملكة وتم فصله لهذا الإنكار، المشكلة ليست في فصله لأن قول الحق ربما يتبعه عدم رضا الظالمين، قال تعالى على لسان لقمان عليه السلام: {يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأمُورِ} [لقمان: 17]، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد يصيب المسلم من جراءه أمر! وقال صلى الله عليه وسلم: «سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله»، ولكن المشكلة في المسلمين الذين سكتوا على هذا المنكر، فهل كان سكوتهم لإرضاء الله عز وجل؟ وما فائدة ما علموه من دينهم، أليس لتبليغ هذا الدين؟ أم أنهم يريدون ان يرضوا ذلك الملك؟ والحدث الثاني: في مصر حيث جاء شيخ الأزهر زائراً للمعاهد الأزهرية ووجد بعض المنقبات، فأمرهن بترك النقاب وأصدر قراراً بترك النقاب في المعاهد الأزهرية للمعلمات والطالبات، ويظهر في ذلك سعيه لإرضاء حاكم مصر، وشيخ الأزهر نفسه قد افتى قبلاً بحواز الربا في البنوك وغير ذلك، لإرضاء حاكم مصر.

ونحن هنا في السودان أيها الأحباب، توجد كثير من المنكرات كالاختلاط في الجامعات وغيرها، ولكن لا نرى أحداً من المسلمين يتكلم في ذلك، ولا يريد ولا يعمل لتغيير حياتنا بالإسلام، وإزالة ذلك المنكر، فبسكوتنا عن هذه المنكرات من نريد أن نرضي؟ هل نسعى لإرضاء الله عز وجل بهذا السكوت؟ والله عز وجل لا يرضا لعباده أن يعيشوا على معصية، وهو سبحانه إنما يرضى عن عباده الذين يتقربون إليه بما يحب ويرضى قال تعالى: {الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ * يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}  [التوبة: 20- 22].

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى آله ومن والاه إلى يوم الدين وبعد،،،

إن طلب رضوان الله هو طمع لما عند الله من الرحمة والأجر والثواب وهو وحده المتصرف في الرحمة والأجر والثواب والذين من دونه لا يملكون من ذلك شيئاً، ولذلك قال الله عز وجل مبيّنا خطأ المنفاقين لإرضائهم لغير الله: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ} [التوبة]. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة الحق، يرضي الله عز وجل، فإذا تركنا - والعياذ بالله - ذلك يكون إرضاءً لغير الله - والعياذ بالله - وذلك إما طمعاً فيما عند الناس من رضاهم وعدم سخط الحكام، فهي مصيبة كأن يخاف المسلم من ضياع وظيفة أو عمل إذا قال بالحق، في حين أن الرزق بيد الله وحده، وهو الرزاق ذو القوة المتين، وكما أن الرزق بيد الله فالموت أيضاً بيده وحده سبحانه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَلا لا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ رَهْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ إِذَا رَآهُ أَوْ شَهِدَهُ فَإِنَّهُ لا يُقَرِّبُ مِنْ أَجَلٍ وَلا يُبَاعِدُ مِنْ رِزْقٍ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ أَوْ يُذَكِّرَ بِعَظِيمٍ» [مسند الإمام أحمد]، وقال صلى الله عليه وسلم: «أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر»، وقال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الْمُنْكَرَ وَلاَ يُغَيِّرُوهُ أَوْشَكَ اللَّهُ أَنْ يَعُمَّهُمْ بِعِقَابِهِ».

أيها المسلمون: لقد ذكر الله عز وجل صورتين لمن يعمل لهدم الإسلام ويهلك الحرث والنسل، ولمن يشري نفسه إبتغاء مرضاة الله أمثال صهيب الرومي الذي أعطى كل ماله للمشركين مقابل ان يلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال سبحانه: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ * وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} [ البقرة: 204- 207].

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع