الثلاثاء، 24 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/26م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

خطبة جمعة وجوب الحب في الله

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله الذي جعل الشمس ضياءً والقمر نوراً، الحمد لله الذي جعل الليل والنهار آيتين فمحى آية الليل، وجعل آية النهار مبصرة لنبتغي فضلاً من ربنا، ولنعلم عدد السنين والحساب وكل شيء فصله تفصيلا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله، اللهم فصلّ عليه وآله وسلم تسليماً كثيراً... أما بعد،

قال الله رسول صلى الله عليه وسلم: «وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لاَ تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلاَ تُؤْمِنُونَ حَتَّى تَحَابُّوا ». ثُمَّ قَالَ « هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى شَىْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلاَمَ بَيْنَكُمْ »، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةََ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم  قَالَ: «إِنَّ اللهَ عَزَّوَجَلَّ يَقُوْلُ: يَوْم الْقِيَامَة أين المتحأَبُون بِجَلَالِيْ الْيَوْم أظلهم فِي ظلي يَوْم لا ظل إِلَّا ظلي». في الأحاديث الشريفة يبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عظمة ووجوب التحاب في الله عز وجل، والحب في الله يعني أن تحب العبد لله؛ أي بسبب إيمانه وطاعته لأن (في) هنا للتعليل مثل قوله صلى الله عليه وسلم: «دخلت امرأة النار في هرة حبستها»، أي بسببها.

أيها المسلمون: إننا لن نفلح في هذه الدنيا ولن نفوز في الآخرة إلا باتباع شرع الله عز وجل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَثَلِي وَمَثَلُ الْأَنْبِيَاءِ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَوْقَدَ نَارًا فَجَعَلَ الْفَرَاشُ وَالْجَنَادِبُ يَقَعْنَ فِيهَا قَالَ وَهُوَ يَذُبُّهُنَّ عَنْهَا قَالَ وَأَنَا آخِذٌ بِحُجَزِكُمْ عَنْ النَّارِ وَأَنْتُمْ تَفَلَّتُونَ مِنْ يَدِي»،وقال عليه افضل الصلاة وأزكى التسليم: «كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا مَنْ أَبَى قَالُوا وَمَنْ يَأْبَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى». إنه لأمر عجيب أيها المسلمون أن الذين يدخلون النار ولا يدخلون الحنة هم الذين رفضوها، نعم رفضوا الجنة فاستحقوا النار والعذاب، وبالتالي لا بد أن نحرص على طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم حتى ندخل جنة عرضها السوات والأرض، وننال رضوان من الله أكبر.

أيها المسلمون: إن حبنا لبعضنا البعض واجب علينا بل من أهم الواجبات، ولكنه يجب أن يكون على أساس العقيدة، وصرفه عن غير ذلك يحول الحياة إلى جحيم لا يطاق، وبالتالي فإن المحبة التي دلت عليها النصوص كلها إنما هي الحب في الله، وليس الحب في المصلحة، أي بسبب المصلحة، فهي تؤدي إلى المهالك، ولننظر إلى سلوكنا مع بعضنا البعض، وكيف تدخل الشحناء على كل أركان حياتنا، فمثلاً نجد البعض يدخل دار الأسرة فنجد الزوج منذ أن يدخل البيت ويدخل والعبوس يملأ وجهه، وربما يضرب برجله كل شيء يقابله، لأنه ينظر إلى أهل بيته أنهم عبء عليه، بل وربما الاخوة من النسب ربما يداخلهم الشقاق لأتفه الأسباب فيتقاطعان ويهجران بعضهم البعض، وكل واحد لا يقبل عذر الآخر، ولا يبحث عن عذر أخيه، وكذا الجيران نسبة لتحويل المحبة الشرعية عن مجراها، فتجد الخصام لأتفه الأسباب، وربما الهجران وعدم التزاور في الله سبحانه، وحتى إذا آذى جار جاره لا ينظر كل إلى الآخر من زاوية العقيدة، فهذا يؤذي ويتعدى دون أن يرا عي حرمة الجار في الإسلام، أما الذي أوذي فتكون باباً له حتى يفتح نيران الأذية والقطيعة معاملة بالمثل، وتقطع كل حبال الاخوة والجيرة والمحبة، وكذا النساء مع بعضهن يتعاملن ويحببن بعضهن بناء على المصلحة، فلا يصلن بعضهن إلا لمن يكافئهن في العمل فيكون الحال كمن يأخذ الأجر من المخلوق وليس من الخالق سبحانه، وهذا ينتج خصام أيضاً لأن اللوم يدخل بينهن ليسس لله وليس  نصحاً لارادة الخير، بل للمكافئة الشخصية فتنتج البغضاء والكفران في العشير، وغير ذلك أيها الأحباب. ومن الأمثلة كذلك نجد الذي يقود سيارته في الشارع العام وأخطأ عليه أحد كأن قطع الطريق امامه، فإنه ينظر إليه فقط من زاوية المصلحة وليس من زاوية العقيثدة الإسلامية ناسين قوله تعالى: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا)، لا ينظر لذلك بل يسارع لمعالجة الأمر بالسباب والشتائم، فيصفه بصفات الحيوانات والكلاب، اكرمكم الله فهل هذا يستقيم؟!

أيها المسلمون: إن كل ذلك يحدث لأننا لا ننظر إلى هذه الأعمال من زاوية العقيدة الإسلامية، التي تجعل بعضنا حرام على بعضنا، قال صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وقال عليه الصلاة والسلام: «لا تَحْقِرنَّ مِنَ المَعرُوفِ شَيئاً وَلَوْ أنْ تَلقَى أخَاكَ بِوَجْهٍ طَليقٍ » رواه مسلم، فإذا بدأنا أيها الأحبة الكرام  بالمحبة في الأسرة فإن الشرع جعل الحياة بين الزوجين حياة صحبة ومودة ورحمة وليس حياة مصلحة وكل ذلك في الله عز وجل لا أن يتعدى الزوج على زوجه، ولا أن يقصر كل في واجبه تجاه الآخر، لكن لا بد  أن تكون الرحمة لا العبوس والبغض والقسوة، وعندما يدخل الرجل بيته يبدأ بالسلام وليس السب والبغض، وهذا الذي طلب أن يكون عاملاً في الدولة مع الرسول صلى الله عليه وسلم ووجد الرسول صلى الله عليه وسلم يقبّل الحسين فتعجب الرجل من ذلك وأراد أن يفتخر أنه لا يقبّل أولاده، وأن له عشرة من الأولاد لم يقبّل منهم احد قط فقال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مَنْ لاَ يَرْحَمُ لاَ يُرْحَمُ » وصرفه الرسول صلى الله عليه وسلم فهو لا يرحم أولاده فكيف سيرحم الرعية. إن كل هذا الاعوجاج الذي يحدث في الأسر هو لغياب نظرة العقيدة لتكوين الأسرة، وهذا لا يستقيم.

وكذا الجيران فهذه الشحناء لا تستقيم أبداً مع قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «ما زال جبريلُ يُوصيني بالجارِ حتى ظننتُ أنه سيُورثه»، وقال: «ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به»، وعَنْ أَبِي شُرَيْح أَنَّ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: « وَاَللَّه لا يُؤْمِن، وَاَللَّه لا يُؤْمِن، وَاَللَّه لا يُؤْمِن. قِيلَ : يَا رَسُول اللَّه، وَمَنْ هُوَ؟ قَالَ : الَّذِي لا يَأْمَن جَاره بَوَائِقه» الْبُخَارِيّ، وهذا اليهودي الذي كان جاراً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويرمي الأوساخ أمام بيت النبي صلى الله عليه وسلم وافتقدها الرسول صلى الله عليه وسلم فسأل عن اليهودي، وعندما علم بمرضه زاره فكان سبباً لإسلام اليهودي. وهكذا أيها الأحبة الكرام فإن الشحناء بين الجيران  سببها عدم النظرة إلى الجار باخوة العقيدة الإسلامية بحرمة الجيرة في الإسلام.

الخطبة الثانية

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد.

أيها المسلمون: إن الذي يحدث في الأسر بين الأهل وبين الجيران من شحناء هو نفسه الذي يحدث بين النساء من شقاق وكذا في الشارع العام وبين المسلمين، فالأصل عندما يخطيء مسلم خطأ غير مقصود أو لا يرقى إلى الكبائر والمحرمات أن نبحث لأخينا ولأختنا العذر، قال صلى الله عليه وسلم: «من اعتذر إلى أخيه معذرة فلم يقبلها فإنه عليه مثل خطيئة صاحب مكس»، والمكوس من الكبائر كما عدها الامام الذهبي رحمه الله، فكيف بنا نهجر بعضنا ونخاصم بعضنا وهي من صفات المنافقين والعياذ بالله.

أيها المسلمون: إن الرابط الذي يجب ان يربطنا هو رباط العقيدة، والذي يحب أخاه بهذه الرابطة يظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وهذه الرابطة لها توابع شرعية كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُ الأصحاب عند الله : خَيْرُهم لصاحبه ، وخَيْرُ الجيران عند الله: خيرُهم لجاره». أخرجه الترمذي. فكان واجباً علينا أن نجلب الخير لبعضنا، وأن نصلح بعضنا البعض لا أن نحسد بعضنا وأن ننصح بعضنا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إِنَّ الدِّينَ النَّصِيحَةُ ». ثَلاَثَ مَرَّاتٍ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ لِمَنْ؟ قَالَ :« لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ ». أَوْ قَالَ :« لأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ »، وقال صلى الله عليه وسلم: «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتُّ خِصَالٍ وَاجِبَةٌ ، فَمَنْ تَرَكَ خَصْلَةً مِنْهَا فَقَدْ تَرَكَ حَقًّا وَاجِبًا ، لأَخِيهِ عَلَيْهِ : أَنْ يُجِيبَهُ إِذَا دَعَاهُ ، وَأَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِ إِذَا لَقِيَهُ ، وَأَنْ يُشَمِّتَهُ إِذَا عَطَسَ ، وَأَنْ يَنْصَحَهُ إِذَا اسْتَنْصَحَهُ ، وَأَنْ يَعُودَهُ إِذَا مَرِضَ ، وَأَنْ يَتْبَعَ جَنَازَتَهُ إِذَا مَاتَ». أيها المسلمون: هذا بعض ما يتبع محبة بعضنا في الله وغيره مفصل في الشرع، وقد بشرنا الرسول صلى الله عليه وسلم : «قَالَ اللَّهُ ، عَزَّ وَجَلَّ : الْمُتَحَابُّونَ فِي جَلاَلِي لَهُمْ مَنَابِرُ مِنْ نُورٍ يَغْبِطُهُمُ النَّبِيُّونَ وَالشُّهَدَاءُ» وغبطة الأنبياء والشهداء لهم كناية عن حسن حالهم، أي أنهم يستحسنون احوالهم لا إنهم يتمنون مثل حالهم لأن الأنبياء والشهداء أفضل حالاً وأرفع درجة.نسأل الله عز وجل أن نكون متحابين في جلاله وأن يجعل لنا منابر من نور آمين

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع