الثلاثاء، 24 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/26م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

خطبة جمعة الاستقرار والطمأنينة لا تكون إلا في الشرع

بسم الله الرحمن الرحيم

 

          أيها المسلمون: إن التقيد بالأحكام الشرعية هو أساس الحياة وهو ثمرة الإيمان، وعلى أساسه يجب أن يكون انضباط سلوكنا. وقد دلت الآيات القطعية الدلالة على ذلك قال تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيدًا (60 وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا) (61) النساء، وقال سبحانه: ( فَلا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) (65) النساء وقال: (وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (7) المائدة فهذه الآيات قطعية الدلالة في وجوب التقيد بأحكام الشرع . وقد جاءت إلى جانب الآيات أحاديث صريحة في الدلالة على وجوب التقيد بأحكام الشرع فقد قال صلى الله عليه وسلم: «تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ» رواه مالك في الموطأ، وقال :صلى الله عليه وسلم «مَنْ أَحْدَثَ فِى أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ».

          أيها المسلمون: إن تقيدنا بهذه الأحكام يجعل حياتنا ذات طابع معين، فنراقب الله تعالى في سلوكنا ليس خوفاً من السلطان وإنما لإيماننا بالله سبحانه جلت قدرته، فالتقيد بالأحكام الشرعية ثمرة الإيمان، وهذه الأحكام منها احكام فردية تتعلق بسلوكنا مع أنفسنا، وأخرى تتعلق بالعبادات، ومنها احكام شرعية تتعلق بعلاقتنا مع الآخرين وعلاقة الناس بالحاكم، فعند إيماننا بالأساس الذي نتقيد بالأحكام بناء عليه، فإن الشرع تكون له السيادة علينا وعلى علاقاتنا وعلى النظام الذي نحتكم إليه، فالحاكم نفسه مقيد بالشرع، لأننا نؤمن بأن الله عز وجل سيحاسبنا على أعمالنا، وهو مطلع علينا، وقد حذرنا سبحانه وتعالى من مخالفة أوامره فقال في سورة النور: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ).

          أيها المسلمون: فلننظر إلى سلف الأمة في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما أمرت بائعة اللبن بنتها أن تحضر الماء لتخلطه باللبن، فقالت لها البنت: ( إن عمر منعنا من ذلك)، فقالت لها الأم: (إن عمر لا يرانا)، فقالت البنت: (إذا كان عمر لا يرانا فرب عمر يرانا). وقد كان عمر رضي الله عنه ماراً فسمع هذا الحوار بين البنت وأمها فزوج هذه البنت لأحد أبنائه، وهذه البنت هي جدة خليفة المسلمين الراشد الخامس عمر بن عبد العزيز- رحمه الله- وهكذا إذا لامس الإيمان قلوب المسلمين يجعلهم يتقيدون بالأحكام الشرعية ويجعلونه سيداً ومسيراً لأعمالهم. ولله در القائل:

وإذا خلوت بريبة في ظلمة والنفس داعية إلى الطـغيان

فاستح من نظر الإله وقل لها إن الذي خلق الظلام يراني

          أيها المسلمون: إن سيادة حكم الشرع هو الذي يضمن للمجتمع الاستقرار، ويضمن للناس الطمأنينة على حياتهم وحقوقهم ومصالحهم، ولذلك نجد المسلمين يتقيدون به ويقفون حراساً على التقيد به بدافع العقيدة  لضبط سلوكهم وسلوك المجتمع به.

الخطبة الثانية

          الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد،

          أيها المسلمون: إن هناك اختلافاً بين سيادة حكم الشرع وسيادة القانون الذي يدعو إليه الغرب الكافر بقيادة أمريكا، فقد كذب رئيس أمريكا كما كذب أسلافه عندما قال: (إن الولايات المتحدة لا يمكنها أن تفرض قيمها على الدول الأخرى) واعتبر أوباما إن سيادة القانون والديمقراطية وحرية التعبير والديانة قيم عالمية، وقال أيضاً: (إن هناك بالتأكيد قضايا تتعلق بحقوق الإنسان في بعض بلدان الشرق الأوسط وينبغي معالجتها، لكن ثمة معتقدات عالمية يمكن تطبيقها وإقرارها كجزء من هويتهم الوطنية) ويقصد بذلك أن تكون سيادة القانون والديمقراطية والحرية هي دين اهل الأرض جميعاً بمن فيهم نحن المسلمين.

          أيها الأحبة الكرام: فالفارق أن الغرب الكافر يريد من الناس احترام القانون، واستطاع أن يوجد رأياً عاماً قوياً في السنوات الماضية لذلك، فأوجد عندهم الاستقرار نوعاً ما، ولكن لم يوجد الطمأنينة، لأن القانون الذي يدعون لاحترامه هو الوضعي الذي لا يرتبط بشريعة الله سبحانه وتعالى، وإنما تمت صياغته في البرلمانات بدعوى أنه حكم الشعب، فبالتالي إن دعوى أوباما والغرب الكافر هو احترام هكذا قوانين من وضع البشر والتي تقوم على الحرية كذباً، مع أنها وضعت من اجل مصلحة فئات معينة في المجتمع الغربي الرأسمالي، فنجد أنه رغم الاستقرار أن الناس اصبحوا يكتشفون عوار هذه القوانين وفسادها، وأصبح الناس يتململون. وعندما أقيمت قمة الأغنياء العشرين في بريطانيا خرجت مظاهرات تكفر بقوانينهم التي وضعوها فتم قمعها  وقُتل بعض الأفراد منهم.

          وعندما كان الانهيار الاقتصادي العالمي أصبح الغرب يجهر بفساد أنظمته وانها تحتاج التغيير من جذورها، لأن الفساد هو في القانون والنظام نفسه. ومن جراء هذا التململ نجد رؤوس الدول الرأسمالية تفكر في كيفية قمع التظاهرات المحتملة ضد النظام الغربي الفاسد، فامريكا لوحدها أنفقت المليارات لصناعة الدروع للشرطة لمواجهة الأيام المقبلة، وتقوية أجهزة الشرطة والأمن.

          أيها المسلمون: إن الغرب الكافر يريد منا أن نحترم القوانين الوضعية، وأن نجعلها سيدة علينا بدلاً من سيادة الشرع، وان تتمتع طبقة دون أخرى وأن ينتشر الفساد في الأرض، ويكون محمياً باحترام الناس لهذا القانون، وإذا حاول مخلص أو كل من تبين له فساد هذا النظام الوقوف أمامه، فإنه يواجه بالقمع أو التعذيب أو القتل.

          أيها المسلمون: لننظر إلى ديننا الحنيف عندما كان اليهودي الهرم يسأل الناس في طرق المدينة فلقيه الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فسأله ما الذي جعلك تسأل؟ فشكا لعمر فقره، فقال عمر: (ما رعيناك حق رعايتك، أخذنا منك في شبابك وأضعناك في هرمك) فكتب عمر رضي الله عنه إلى كل الولاة برعاية كل من مثل هذا الهرم من أهل الذمة، ولم يأمر رضي الله عنه بقمعهم بل حكم فيهم بحكم الله عز وجل.

          ايها الأحبة الكرام: إن القرآن قد شدد علينا ان نجعل الشرع سيداً علينا، قال تعالى مقسماً بنفسه العلية: ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)، أي نفي الإيمان عمن لا يجعل الشرع سيداً عليه. أما ما يكذب به الغرب علينا فهم يريدون تثبيت قيمهم الكافرة علينا التي اشقتهم وأشقت معهم البشرية، قال تعالى: ( وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا)، فالغرب الكافر لم يكفهم الفساد الذي قد اوصلوا له البشرية ملايين الشاذين جنسياً، 75% من الولادات في بريطانيا غير شرعيين، وعدد المساجين والمجرمين في امريكا أكثر من 2 مليون، فهم يريدون نقل باطلهم وفسادهم إلينا ويدَّعون أنهم دعاة خير، فلا بد من الكفر بهم والكفر بكل من يعمل على إزالة الحاجز بيننا وبين أحكامنا الشرعية، وبين إقامة الدولة الاسلامية التي تطبق الاسلام كاملاً وتجعل الشرع سيداً عليها وعلى الأمة ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100) وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آَيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (101) آل عمران.

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع