في ظلال ورقة حزب التحرير السياسية الثانية لأهل الشام مشاكل وأزمات
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
مشاكل وأزمات (1) |
معروفة هي جهود الغرب المجرم لحرف ثورة الشام عن مسارها، إذ راح يكيد ويمكر ويقوم بعددٍ من الأعمال ويفتعل عدة مشاكل وأزمات، من بينها:
اعتماد قسمٍ لا بأس به من الجماعات المجاهدة على مسألة الدعم الخارجي (المالي والعسكري) لبدء الأعمال القتاليّة، فلا تفتح أيّة جبهةٍ إلّا إذا توافرت الأموال والأسلحة القادمة عبر هيئة الأركان أو الجهات المموّلة ممّا يرهن قرار هذه الجماعات للخارج، ويفتح الباب أمام الجهات المموّلة لتتحكّم بزمان ومكان الجبهات المفتوحة.
فلا بد من الانفكاك التامّ عن المال السياسيّ القذر، القادم من دول الغرب وعملائها، والجهات التابعة لهم، كي لا يكون للمموّلين أيّ تأثيرٍ على القرارات السياسيّة والعسكريّة للثوّار... والاستعاضة عنه بما يقدمه أهل البر والتقوى من الناس، وبما نمتلكه مهما كان قليلاً، ففي ذلك الغَناء كلّ الغَناء، فالمال النظيف، وإن كان قليلاً عندنا فهو كثير مبارك عند الله تعالى.
مشاكل وأزمات (2) |
انشغال قسم آخر من الجماعات المجاهدة بإدارة المناطق المحررة، ممّا يرهقها ويحمّلها أعباء تفوق طاقاتها، ويضطرّها لإقامة مقرّاتها ضمن المناطق السكنيّة؛ فيؤدّي استهدافها من قبل النظام المجرم إلى إثارة النقمة عليها من الناس، فتفقد جزءاً لا بأس به من حاضنتها الشعبيّة.
مشاكل وأزمات (3) |
النصر يمر عبر الجبهات لا عبر الرباط في المقرات بسبب توافر عدّة عوامل منها طول مدّة الحرب، وتسرّب بعض اليأس إلى النفوس، واعتماد البعض على قرار الخارج في بدء المعارك، وانشغال البعض الآخر بتخديم وتأمين المناطق المحرّرة، تفشّت ظاهرة فتور همم بعض المجاهدين ومرابطتهم في المقرّات، بدل أن يكونوا على الجبهات ليمنعوا النوم من أن تكتحل به عيون المجرمين.
وعليه فإننا نهيب بجميع المخلصين أن يكونوا في المكان الذي يحب الله أن يراهم فيه.
قال تعالى: ﴿وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً﴾
مشاكل وأزمات (4) |
﴿مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ﴾
من المشاكل أيضاً، انحراف بعض الجماعات المقاتلة عن هدف وجودها، وهو مقاتلة النظام وإسقاطه، وتحوّلها إلى القيام بأعمالٍ الهدف منها التكسّب والربح المادّي بالدرجة الأولى، ممّا أدّى إلى تفشّي ظاهرة فرض الإتاوات على المحروقات والموادّ الغذائيّة خلال نقلها من منطقةٍ إلى أخرى.. ممّا أدى إلى تعميم الاتّهام بذلك عند بعض الناس إلى جميع الثوّار.
قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ..﴾
وقال أيضاً: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ﴾
وقال عز من قائل: ﴿قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾
مشاكل وأزمات (5) |
الاقتتال الذي يحصل بين المجاهدين، إضافةً إلى سوء الأوضاع المادّية وشدّة انهمار براميل الموت وصواريخ النظام على رؤوس العزّل، شكّل عامل ضغطٍ كبيرٍ على الناس في المناطق المحرّرة، دفع بعضهم إلى التفكير بقبول أيّ حلٍّ ينهي هذه المأساة الحاصلة.
مشاكل وأزمات (6) |
الضغط الإعلاميّ الكبير، وتصريحات المعارضين العلمانيّين و(الإسلاميّين المعتدلين)، وبعض قادة الثوّار الملمَّعين، وبعض العلماء، جعل بعض الناس يصدّقون أنّه بدون الغرب لن يحدث أيّ تغييرٍ مرجوّ، فلا مانع إذاً من الارتماء في أحضانه، وطلب العون منه... وجعلهم ينسون أنّ كلّ مصائبنا وعذاباتنا في العصر الحديث كان مصدرها الغرب.
قال تعالى: ﴿وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ﴾
مشاكل وأزمات (7) |
سوء فهم كثيرٍ من الجماعات والهيئات للإسلام، وسوء تطبيقها له، وأخطاؤها الكثيرة باسمه، وعدم تقديمها مشروعاً إسلاميّاً متكاملاً واضح المعالم، كلّ ذلك جعل العلمانيّين والقنوات الإعلاميّة يستغلّونه لتنفير الناس من عودة الحكم بالإسلام.. وانطلت الخدعة على بعض الناس.
مشاكل وأزمات (8) |
وجود ما سبق ذكره من المشاكل والعقبات على أرض واقع الثورة، وسوء الأوضاع المعيشيّة، جعل الذين في قلوبهم مرضٌ ممن لا تزال في نفسه روح التأييد للنظام المجرم، جعلهم يطلّون برؤوسهم، ويلومون الناس على ثورتهم، ويذكّرونهم بأسعار ربطة الخبز وجرّة الغاز أيّام النظام، ممّا يشكّل عامل ضغطٍ إضافيٍّ على الناس للقبول بأيّ حلٍّ قادم.