- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
ولاية السودان: منتدى شباب حزب التحرير بالجامعات الشهري
(هل تُحْدِثُ الوثيقة الدستورية نهضة في السودان؟)
أقام شباب حزب التحرير/ ولاية السودان بالجامعات يوم الأربعاء 2019/8/21م، المنتدى الشهري الذي جاء هذه المرة بعنوان: (هل تُحْدِثُ الوثيقة الدستورية نهضة في السودان؟)
تحدث فيه الأستاذ/ حاتم جعفر (أبو علي سعيد) عضو مجلس حزب التحرير/ ولاية السودان، حيث تناول الوثيقة الدستورية التي وقع عليها المجلس العسكري وقوى التغيير يوم السبت 2019/8/17م، وبيَّن أن الوثيقة حوت العديد من التضليل في صياغتها، وكذلك جرأة سافرة في محاربتها للأحكام الشرعية، والنص على إلغاء كل القوانين والتشريعات التي تخالف هذه الوثيقة.
وذكر المتحدث، أن الوثيقة لم تتناول هوية أهل البلد الإسلامية، بل تحدثت عن الوطنية وبناء الدولة الوطنية الحديثة، وبيَّن أن الوطنية لن تحدث نهضة، فالذي يحدث نهضة هو مبدأ على أساس عقيدة. وأشار إلى أن هذه العبارات ظلت موجودة في كل الدساتير السابقة، ولكنها لم تحدث إلا الشقاء والتعاسة لأهل السودان.
وأوضح أن الوثيقة قد أشارت إلى أن الدولة في السودان هي ديمقراطية. وقال إن الديمقراطية لا علاقة لها لا بالوطن ولا بالإسلام، فليس أهل السودان هم من صنعوا الديمقراطية، ولا هي من الإسلام، فهي نظام الحكم عند الغرب الكافر ويقوم على أساس حكم البشر في المجالس التشريعية وتحدد الحقوق على غير الأحكام الشرعية، وإنما على (أساس المواطنة)، وبيَّن أنه لا تخلو أي اتفاقية أو دستور سابق إلا وقد أُدخلت فيه عبارة (المواطنة أساس الحقوق). وقال هي تعني أن ما نحدده لك من حقوق وواجبات بوصفك مواطناً وجب عليك الالتزام به وليس ما تحدده عقيدتك. وبيَّن أن فكرة الوطنية لا يمكن أن تفجر طاقات الناس ولا تجعل الإنسان يتطلع إلى القيم العليا.
وتناول بالنقد تعبير الحريات الأساسية شارحاً له، بأن هذا التعبير نشأ في الغرب وهي الحريات الغربية الأربع التي يقدسها الغرب الرأسمالي ويعمل على تسويقها في بلاد المسلمين، وهي الحريات (الشخصية، والتملك، والرأي، والعقيدة).. وأكد أن المسلم مقيد بالأحكام الشرعية ولا يجوز له أن يفعل ما يشاء، بل يسير سلوكه وفقاً للحكم الشرعي.
وأشار إلى عبارة (السيادة للشعب) التي وردت في الوثيقة الدستورية، موضحاً أن السيادة تعني المسير للإرادة، وقال جاء في الوثيقة أنها القانون الأعلى وأنها تلغي ما خالفها، مما يقصي حكم الله ويمكَن لحكم الشعب ويركز لتشريعات البشر عبر المجالس التشريعية، وبين أن هذه التشريعات الوضعية هي التي جلبت الظلم والشقاء للناس، مؤكداً أن كل الشعب لا يستطيع وضع التشريعات، مما يجعل مجموعة صغيرة من المتنفذين هي التي تضع التشريعات والأنظمة وإعطاء أنفسهم الحق في تحديد الصواب والخطأ عن طريق الأغلبية! فالشعب لا يستطيع تحديد الصواب والخطأ في كل الأمور، وكذا الحسن والقبح، والحلال والحرام فهذه الأحكام ليس للشعب فيها رأي، وإنما حكم الله وشرعه سبحانه وتعالى.
كما تحدث الأستاذ عن مفهوم السلام الذي جاء في الوثيقة، وأشار إلى أن هذا المفهوم يراد من خلاله إرضاء الحركات التي تحمل السلاح، ليأتوا لسدة الحكم، وبين أن من يحمل السلاح في وجه الدولة في هذه الأوضاع هو شخص بيّنة عمالته وارتباطه بالعدو، لأن تداول السلاح في العالم له جهة معينة فكيف لهذا السلاح أن ينتقل من جهة إلى أخرى دون أن تعرفه الدول التي تصنع السلاح وتصدره ودون رضاها! مبيناً أن نتيجة حمل السلاح والتمرد أدى لانفصال الجنوب، ونشوء حركات تمرد أخرى فأصبح أسهل طريق للوصول لسدة الحكم أن تكون متمرداً فتحمل السلاح.
وأشار إلى أن الذي يريد التغيير الأصل أن يكون له مشروع فكري وليس حمل السلاح والمحاصصة وأشار إلى مادة إلغاء القوانين والنصوص المقيدة للحريات أو التي تميز بين الرعايا على أساس النوع، وأكد أنها مادة خطيرة فهي تدعو إلى إلغاء قوله تعالى ﴿لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ وقال إن هؤلاء يريدون تغيير أحكام الإسلام حتى تلك التي تتعلق بالأحوال الشخصية، موضحاً أن الوثيقة أكدت تعزيز حقوق النساء في السودان حسب المواثيق الدولية (وليس حسب أحكام الشرع)، وضمان محاربة كافة أشكال التمييز ضد المرأة وبيَّن أن في ذلك إشارة واضحة إلى اتفاقية سيداو، وبيَّن أن أي دولة تقول إنها ملتزمة بالقوانين الدولية هي ضمناً ملتزمة بسيداو، وأن الكافرين إمعاناً في إذلال الحكام يفرضون عليهم تضمين فقرة الالتزام بسيداو ضمن الدساتير والقوانين، حتى يساووا المرأة بالرجل.
وحول المؤتمر الدستوري والمحاصصات أكد أبو علي سعيد، أن أي دستور يضعه مؤتمر تتركز فيه فكرة المحاصصات التي قال إنها أصبحت جزءاً من التفكير السياسي المنحط للدول الوطنية التي ستأتي بأحزاب مختلفة تجمعهم في هذا المؤتمر، ليضعوا دستوراً توافقياً، ليس مبنياً على الحقيقة المطلقة وهي النصوص الشرعية، وإنما ترضيات ومحاصصات، فلذلك هم يريدون للبلاد أن تستمر على نهج النظام القديم نفسه.
وأكد أن الوثيقة أشارت إلى توفير الرعاية الصحية، وتوفير التعليم، وتوفير السكن، والخطورة أنها توفير فقط، وليس ضمان إشباع هذه الحاجات الأساسية، وهذه هي طبيعة المبدأ الرأسمالي الذي يعمل على توفير الاحتياجات دون النظر إلى ضمان وصول هذه الحاجات إلى أصحابها، أما في الإسلام فيحرص الإسلام في تشريعاته على توفيرها وضمان إشباع الناس لها.
وأشار الأستاذ إلى أن الوثيقة ذكرت التحقيق في أحداث 3 حزيران/يونيو ولكنها أغفلت الذين قتلوا قبل أو بعد، فلم تتحدث عنهم.
وقال إن من أخطر الأمور التي حوتها الوثيقة فكرة الفيدرالية! وكانت هذه الفكرة في عام 1948م ممنوعة، كان أهل السودان يعتبرونها جريمة عندما عرضت في مؤتمر المائدة المستديرة فثار الناس وهم يهتفون(no federation for one nation) (لا فيدرالية لأمة واحدة) وقال إن هذه الفيدرالية كان يطبقها نظام البشير على استحياء أما الآن فيريدونها سافرة، فهي فكرة غربية خطيرة لتمزيق بلاد المسلمين.
وعن مؤسسات الحكم أشار إلى أن النظام لم يتغير فهو النظام الديمقراطي البرلماني نفسه الذي تشرع فيه البرلمانات الأحكام والقوانين، وعن المجلس السيادي قال الأستاذ إن البلد الأصل أن يقودها حاكم واحد حسب الحكم الشرعي، إلا أن هؤلاء أتوا بمجلس من شركاء متشاكسين، تصدر فيه القرارات بالتوافق أو بأغلبية الثلثين وقد تشهد المرحلة المقبلة مشاكسات أو تجميدا للعضوية كما يحدث في لبنان..
وفي موضوع الحصانة الإجرائية، تساءل الأستاذ حاتم عن خطورة إعطاء الحصانة للمتنفذين، التي لا ترفع إلا عن طريق المجلس التشريعي الذي قد يرفعها وقد لا يرفعها، وقال: هل هذا نظام أمثل وأفضل أم نظام الإسلام الذي مثل فيه خليفة المسلمين مع يهودي أمام القضاء دون حصانة؟
وتناول وثيقة الحقوق والحريات، مبيناً أن 26 مادة تحدثت عن وثيقة الحريات، التي نصت على أن أساس حقوق الإنسان في هذه الوثيقة هو ما ورد في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، ونصت على أن الدولة تحمي حقوق المرأة والطفل كذلك كما جاء في الاتفاقيات الدولية.
وبين أن الاتفاقية نصت على حرمة العقوبة القاسية أو اللاإنسانية وتساءل ما هو المقياس لهذه العقوبة؟ وقال هذه المادة تكفي لحذف كل العقوبات الشرعية بموجب المادة 50 من الوثيقة الدستورية.
قال الأستاذ حاتم إن الوثيقة نصت على حرية العقيدة: لكل إنسان الحق في حرية العقيدة، وقال إن هذا النص يشير إلى قانون فرانك وولف الأمريكي، الذي يعطي الحق في الإلحاد في البلاد الإسلامية وأن أمريكا ستعاقب أي دولة لن تلتزم بهذا القانون.
وفيما يتعلق بالعمل السياسي والحزبي قال الأستاذ/ حاتم جعفر إن الوثيقة تمنع العمل السياسي إلا على الأساس العلماني والوطني دون اعتبار للالتزام بالأحكام الشرعية فيما يتعلق بالعمل السياسي إذ نصت الوثيقة (لا يحق لأي تنظيم أن يعمل كحزب سياسي ما لم يكن لديه عضوية مفتوحة لأي سوداني بغض النظر عن الدين أو الأصل العرقي أو مكان الميلاد).
وفي ختام كلمته قال الأستاذ، الواضح أن واضعي هذه الوثيقة لا يسعون لإقامة الحكم في السودان على أساس فكرة وإنما على قوانين استجلبت من الغرب الكافر لتمكن لأحكام الكفر وأنظمة المستعمرين، ما لم يقم حملة الدعوة بالتضحية بالنفس والنفيس في إطار واجبهم في القيام بالعمل لإقامة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، فهم الذين عاهدوا الله على نصرة الإسلام فعليهم أن يشمروا عن ساعد الجد، إذ إن هذه الوثيقة إنما هي إعادة للباطل، وأن الصولة والجولة إنما للرجال حملة الدعوة الذين يستمدون العون من الله سبحانه ويضحون بكل شيء حتى ينزل الله نصره عليهم فتقوم الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، تجتث نفوذ الكافرين من بلاد المسلمين فيدخل الناس في دين الله أفواجاً.
ثم كانت فقرة المداخلات والأسئلة والاستفسارات التي أجاب عليها الأستاذ برد قوي موفق.
والله ولي التوفيق
مندوب المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
في ولاية السودان