رسالة مفتوحة إلى السيد رئيس تحرير وكالة معا، د. ناصر اللحام المحترم لا تعادِ الإسلام، والنفخ في الرماد لا يحيي الأموات
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
حضرة الدكتور ناصر اللحام، رئيس تحرير وكالة معا، المحترم
تحية وبعد:
لاحظنا مؤخرا في مقالاتك محاولاتك النيل من الإسلام ومشروعه الحضاري الذي باتت محاربته تفرض نفسها على أجندة سفارات الدول الغربية في بلاد المسلمين وعلى رأسها أمريكا، وعلى قادة الدول الغربية والشرقية، وذلك بالغمز واللمز حينا، وبالتشويه حينا آخر، وبمهاجمة الإسلام تحت عباءة مهاجمة فصيل أو لون معين تارة أخرى. وفي مقابل ذلك محاولة تمجيد العلمانية والليبرالية والقومية والوطنية بعد أن لفظتها الناس وانفضت من حولها حين أدركت أنها مشاريع الغرب لتفتيت المسلمين وإبقاء حالة الضعف والتبعية والهوان.
فلقد مجّدتَ في مقالك المعنون بـ"أنا مسلم ولست إسلاميا" بقومية حزب العدالة والتنمية ورجب طيب أردوغان ونفيهم لصفة الإسلام عن حزبهم، في حين هاجمت من يرفع رايات غير علم فلسطين في فلسطين في إشارة منك إلى راية الإسلام التي بدأت تملأ الآفاق على حساب أعلام الفرقة والضعف. واعتبرت أن ذنب تلك الجماعات هو أنها: "فلا هي تحترم القيادة ولا العلم ولا النشيد ولا أجهزة الأمن ولا الحدود"، متناسيا أن القيادة التي تتحدث عنها هي ذاتها التي سالمت يهود ووقعت معهم اتفاقيات الذل والتفريط، وتنازلت لهم عن معظم فلسطين، والعلم والنشيد هو ذاته شعار ورمز فرقة المسلمين الذي يحافظ عليه كل حكام العرب والمسلمين كلٌ في دولته، وأجهزة الأمن والحدود هي تلك الأجهزة التي تحفظ أمن المستوطنين وتحرس الحدود التي فرضها الاحتلال اليهودي.
وغفلت عما تسببت به القومية التركية من تراجع تركيا عن مرتبة الدولة الأولى في العالم في ظل دولة الخلافة العثمانية إلى مصاف الدول التابعة التي تطرق بذلّة باب الاتحاد الأوروبي منذ سنوات راجية منهم ضمها إليهم. ونسيت أنّ تركيا أردوغان عضو في حلف شمال الأطلسي الذي ترأسه أمريكا وتضرب به المسلمين أينما أرادت.
وأما التشويه والغمز واللمز بكل ما له صلة بالإسلام فقد كتبت في مقالك المعنون بـ "بوكو حرام": "بوكو معناها تعليم. وقد قرر نحو مئة من العرب والمسلمين في نيجيريا قبل عشر سنوات أن التعليم حرام لأنه نمط غربي من أنماط الحياة الكافرة، فخرجوا مع نسائهم واعتزلوا في الجبال والغابات. وبعد ذلك صاروا يشنون غارات عسكرية ضد الدولة للسيطرة والاستنزاف!!!"
وبذلك فقد غمزت بالإسلام من خلال تجنّيك على الجماعة، فحتى ترجمة اسمها لم تنقله كما هو، فاسم الجماعة هو "التعليم الغربي حرام" وليس التعليم حرام، وهذا الاسم قد أطلقته الدولة عليها وليست هي من تسمت به، والدولة هي التي حاربت الجماعة ولاحقتها واضطرتها إلى مواجهتها. ولكنك أغمضت عينيك عن حقيقتها لتهزأ منها ومن كل ما له صلة بالإسلام، خاصة الحركات والجماعات!!
بل ووصل بك الأمر في مقالك المعنون بـ "لا سمعا ولا طاعة ... من ليس معنا فهو ضدنا" بأن نقلت ملخصا لما أسميته بمفاصل أساسية من أصول العنف الديني حسبما ورد في كتاب للدكتور يوسف زيدان. وكلت له المديح على الرغم مما جاء فيه من تطاول على الأنبياء ووقوعه فيهم واتهامهم بارتكاب المحرمات والموبقات، مخالفا بذلك ما اجتمع عليه أهل العلم الأخيار من وجوب عصمة الأنبياء، وكل ذلك لأنك أردت أن تدلل على نظريتك العوجاء.
حضرة الدكتور المحترم
الزمان هو زمان الإسلام، والصحوة التي يشهدها العالم الإسلامي لم يعد بإمكان الغرب أن يوقفها، فمشروع الإسلام الحضاري المتمثل في إعادة الإسلام الخالص إلى سدة الحكم بات يفرض نفسه على دول العالم كلها، وما هي إلا قليل حتى يأذن الله بالنصر من عنده فيعود الإسلام على أيدي المخلصين من أبناء الأمة، فلا تكن مع أمريكا والغرب وأزلامهم من العلمانيين الذين سخرهم في محاولته النيل من هذا المشروع، ولا يحملنّك كرهُك لفصيل أو تيار معين على معاداة الإسلام ومشروعه العظيم الذي باتت البشرية كلها وليس فقط المسلمون، في أمسّ الحاجة إليه، لإخراجهم من ظلم وجور الرأسمالية والعلمانية والديمقراطية إلى عدل الإسلام ونوره، لتسعد به الأمة والناس أجمعون كما سعدت به من قبل وتربّعتْ بسببه دولة الخلافة على عرش الدولة الأولى في العالم لقرون دونما منازع.
واعلم حضرة الدكتور أنّ الحق أبلج ولا يمكن تغطيته بغربال، وأنّ الغرب وسفاراته مهما أنفقوا من أموال لمحاربة الإسلام ومشروعه فلن يفلحوا في ذلك، ((إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ)) [الأنفال: 36]. وأنّ مشاريع القومية والوطنية والعلمانية التي سوقها الغرب وروج لها ردحا من الدهر في بلاد المسلمين ليحافظ على نفوذه فيها، لم تعد تجد رواجاً أو قبولاً يُذكر، بعد الوعي الذي دب في أوصال الأمة فباتت تتوجه صوب الإسلام، وفقط الإسلام.
فخير لك أن تعود إلى حضن أمتك ومشروعها العظيم ليكون لك سهمٌ في استقدام الخير العميم الذي أزفت ساعته، بدلا من أن تواصل النفخ في الرماد لظنك أنك قد تحيي منه الأموات بعد رقود فيكون بعدها ولات حين مندم.
المهندس باهر صالح
عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في فلسطين