الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

جواب سؤال

إلغاء مفهوم رجال الدين

 

 

السؤال: ما المقصود بالجملة الواردة في آخر المادة (10): (... وعلى الدولة أن تمنع كل ما يشعر بوجودهم من المسلمين) فهل تعني أن قراراً سيصدر بمنع الشيوخ وأئمة المساجد من اللباس الرسمي (الطربوش والعمَّة والجُـبَّة)؟

 

الجـواب: ليس الأمر كذلك. إن الذي ستزيله الدولة هو مفهوم رجال الدين الموجود عند النصارى، فعندهم لباس خاص (لرجال الدين) يمكنهم من الاختصاص بالتحليل والتحريم دون غيرهم. ثم ظهر مفهوم متعلق به بعد نشوء الرأسمالية، أن تكون السـلطة الروحية محصورة في (رجال الدين) بلباسهم المخصوص المقصور عليهم وحدهم، والسلطة الزمنية بالعلمانيين (رجال الدولة) فلا يجـوز أن يلبس رجـل الحكم عندهم حسب المبدأ الرأسمالي لباس (رجال الدين)، أي هناك فصل للدين عن الدولة مرتبط بالرأسمالية عندهم.

 

نحن في الإسلام لا يوجد عندنا رجال مختصون في تفسير الدين والتحليل والتحريم، وكذلك لا يوجد عندنا فصل للدين عن الدولة فلا سلطة روحية ولا سلطة زمنية. هذا المفهوم وكل ما يدل عليه هو ما يجب إلغاؤه.

 

أما حصر التحليل والتحريم برجال مخصوصين ذوي لباس معين، فهذا المفهوم لا وجود له عند غالب المسلمين، وما قام به الحـزب من نشاط في ذلك قد آتى أكله، فإن كثيراً من الناس صار لا يتجه لأخذ الحكم من هؤلاء الشيوخ ذوي اللباس الرسمي لعدم الثقة بهم.

 

وأما حصر الأمور (الروحية) في أصحاب اللباس (الديني) الرسمي، فكذلك كادت أن لا تكون عند المسلمين، فإن المسلمين اليوم يقبلون على الشيوخ الذين يتكلمون في الحكم والسياسة، ويقدرونهم ويحترمونهم. وأما الشيوخ الذين يركزون فقط على العبادات ولا يتدخلون في محاسبة الحكام فإن الناس ينظرون إليهم بغير تقدير واحترام.

 

ومع ذلك فإن اختصاص الشيوخ وأئمة المساجد بهذا اللباس قد يوجد التباساً عند البسطاء من العامة، فيظنون أن هناك رجالاً مخصوصين بالدين بمعنى العبادة ونحوها، وهؤلاء لا شأن لهم بالسياسة وأمرها، بل هناك رجال دولة لتلك الأعمال.

 

ولذلك فإن الدولة ستعمل على إزالة مظهر اللباس الخاص للشيوخ وأئمة المساجد، وإنما ليس بمنعهم من لبسه بل بإزالة الاختصاص في اللباس مثلاً أن يرى الناس جابي فواتير الماء والكهرباء قد جاء يلبس جبةً وعمةً، أو يرى الخليفة والوالي له عمة كعصر صدر الإسلام الأول، ويرى إمام مسجد يلبس لباساً عادياً، أي إزالة الاختصاص في اللباس، وهذا لا يحتاج إلى قرار بل ببعض الأساليب المناسبة فمثلاً لو ذهبت لأخذ رخصة بناء فوجدت المهندس الذي يخرج معك للكشف يلبس عمامةً، ووجدت المأذون الذي يعقد للزواج يلبس (عقالاً وحطةً)، وهكذا بحيث لا ترى لباساً مخصوصاً بحاكم أو شيخ. وهذا أمر مقبول ومعقول في الإسلام بل هو ما كان المسلمون عليه، فقد كان الخليفة يؤم الناس ويصلي بهم، ولا يستطيع أي مسلم أن يميز الحاكم من القاضي من الرجل العادي من لباسهم، والرجل الذي جاء إلى مسلمين جالسين مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وقف يسألهم من منهم رسول الله؟

 

وعليه فإنَّ الدولة لن تصدر قراراً بمنع لباس الشيوخ بل ستزيل مفهومه وتجعل هذا اللباس غير خاص بمهنة معينة بمفهوم يخالف الإسلام، وكذلك ستصنع مع أي لباس يشعر بأن هناك رجالاً خاصين (بالدين) ورجالاً آخرين خاصين بالدولة. فيلبس كل واحد من الرعية ما شاء من اللباس المباح دون أن يحتكر لباس معين لرجل مختص (بالدين) فيتجه الناس إليه بالسؤال عن الأمور (الروحية)، ويتجه الناس لغيره لسؤاله عن الأمور السياسية، بل يكون المسلمون كلهم يحملون مسئولية الإسلام في شتى مجالاته، ويكون كل من يعلم مسألة هو عالماً فيها سواء أكان معمماً أم حاسر الرأس.

 

الثالث من جُمادى الأولى 1425هـ
21/06/2004م

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع