الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

جواب سؤال: تسرب وثائق مخابراتية والموقف تجاه باكستان

 

 

 

السؤال:

 

 أثيرت هالة إعلامية ضخمة حول تسرب وثائق المخابرات الرسمية من خلال رئيس تحرير ويكيليكس، وخصوصا بالنسبة لاستراتيجية أوباما في متابعة الحرب في أفغانستان وباكستان. فهل حقاً تسرب تلك الوثاق يمثل تهديداً كبيراً على حرب أوباما في هذين البلدين؟ وهل لتصريحات ديفيد كاميرون الأخيرة حيال باكستان وتصديرها للإرهاب علاقة بالأمر؟

 

الجواب:

 

 

قبل الإجابة عن هذا السؤال يجب ملاحظة النقاط التالية :-

1- لم يعد سراً أنّ إستراتيجية إدارة الرئيس جورج بوش في إدارة الحرب الأفغانية فشلت فشلاً ذريعاً. فقد اعتمدت إستراتيجية بوش على دعم كرزاي وإضفاء الشرعية على حكمه وقدرته على الحكم، وتحسين قدرة الجيش الأفغاني، وإشراك العناصر المعتدلة من المقاومة الباشتونية في الحكومة، وممارسة الضغط على باكستان للتحرك ضد طالبان وغيرهم من المسلحين الذين يقيمون في المناطق القبلية. وعندما تولى أوباما السلطة عام 2009 طلب من إدارته إجراء مراجعة كاملة لإستراتيجية بوش.
وتلخصت إستراتيجية أوباما الأولية في أنها أبقت على المبادئ الأساسية التي اعتمدها بوش مع زيادة عدد الجنود الأمريكيين المشاركين في الحرب، ورفع وتيرة الهجمات الموجهة بالطائرات بدون طيار ضد المسلحين على الأراضي الباكستانية، ووضع ضغوطاً إضافية على الجيش الباكستاني للقيام بعمليات في مناطق القبائل، لاسيما في منطقة وزيرستان. وكانت تعديلات أخرى في الإستراتيجية مثل محاولة خفض الخسائر بين المدنيين، وتعزيز المؤسسات المدنية وذلك لجعل هذه الإستراتيجية أكثر قبولاً للرأي العام المحلي والدولي.
ومع ذلك، فإن سعي أوباما المستمر لخفض عدد القوات الأمريكية المنتشرة في أفغانستان بحلول عام 2011 قد قوّض بشكل مستمر الإستراتيجية، وأثار النقاش بين إدارة أوباما والقادة العسكريين الأمريكيين الميدانيين، وعزز الخلافات بين الحلفاء وأنظمة أخرى من مثل النظام الأفغاني والباكستاني. ومن وجهة نظر أوباما فإنّ الجدولة الزمنية للانسحاب أساسية لتعزيز حظوظ انتخاب الحزب الديمقراطي للمنافسة بشكل مؤثر في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2012. ومع ذلك، فإنّ عددا من القادة العسكريين والسياسيين قد اعترض بشدة على إدارة أوباما لطلباته الكثيرة من الجيش الأمريكي في فترة غير واقعية بالنسبة لهم، وقد كان من أبرز تلك الأصوات، صوت ماكريستال الذي أُجبر على التقاعد في وقت مبكر من الجيش الأميركي. وحتى بحلول الجنرال بترايوس محله فإنّ بترايوس غير قادر على المضي قدماً تماماً في تطبيق الإستراتيجية الأفغانية الحالية، فاضطر إلى بذل المزيد من التعديلات على بعض بنود هذه الإستراتيجية. حيث صدرت عدة بيانات من كرزاي تحث قوات التحالف على البقاء وتحقيق الاستقرار في أفغانستان إلى ما بعد عام 2011. في حين احتجت باكستان بشدة على أنّ أمريكا ستتخلى عن أفغانستان مرة أخرى وستترك باكستان في مواجهة الحرب الشرسة مع الباشتون على جانبي الحدود. وبالتالي فإنه، وقبل التسريبات، فإنّ إدارة أوباما قد واجهت، بالإضافة إلى الشكاوى المريرة من أتباعها، واجهت معارضة متنامية داخل الحكومة والطبقة السياسية والجيش الأميركي.

2- عملت الولايات المتحدة خلال التسع سنوات الماضية بلا كلل من أجل إجبار باكستان على القيام بدور أكبر في تحقيق الاستقرار في أفغانستان. وهذا يعني أنّه كان على قيادة الجيش الباكستاني النضال لتغيير عقلية جيشها لخوض الحرب ضد مواطنيها الذين يعيشون في المنطقة القبلية. وكان دور مشرف أساسياً في هذا الصدد، وعندما لم يعد قادراً على خدمة أسياده الأمريكان أزاحوه وحلّ محله كياني على أمل منهم أن يكون أكثر فاعلية من سلفه. لدرجة أنّ الأمريكان أجبروا الحكومة الباكستانية على تمديد فترة ولايته كرئيس لأركان الجيش لثلاث سنوات أخرى. قال رئيس وزراء باكستان جيلاني في وقت تجديد مدة كياني " إنّ نجاح العمليات العسكرية التي تحققت في ظل قيادة الجنرال إشفاق كياني ما كانت لتنجح لولا قيادته"، وقال إنّ "هذه العمليات في مرحلة حرجة، واستمرار نجاح هذه العمليات يتطلب استمراراً في القيادة العسكرية العليا." [فاينانشال تايمز 23/7/2010] ومع ذلك ، فقد أصيب الأمريكان بخيبة أمل من جهود كياني في حشد الجيش الباكستاني لدعم العمليات العسكرية الأميركية في قندهار في التحرك ضد حركة طالبان الباكستانية في شمال وزيرستان، فضلاً عن التحرك ضد الجماعات المسلحة الأخرى. وعلى الرغم من الزيارات العديدة الأخيرة من المسئولين الأميركيين إلى باكستان وتقديم المساعدات المدنية والعسكرية لباكستان إلا أنّ كياني فشل في تحقيق نجاحات ملموسة ضد حركة طالبان والمسلحين للحد من استخدامهم للأراضي الباكستانية. وقد أخَّرَ هذا الفشل البدءَ بعملية قندهار وأثّر على تعهد أوباما خلال حملته الانتخابية بسحب القوات الأمريكية من أفغانستان.

3- وقد نتج عن فشل إدارة أوباما الواضح في أفغانستان، وبخاصة وقد صاحب هذا الفشل مجازر في المدنيين، نتج عن كل ذلك أن فتح الجمهوريون النار على سياسة أوباما في أفغانستان... وكان أن خشي أوباما من تأثير هذه الأصوات في إضعاف حظوظ الحزب الديمقراطي في الانتخابات القادمة، سواءٌ أكانت الانتخابات النصفية أواخر هذا العام أم كانت الانتخابات الرئاسية 2012م
في هذا الظرف بالذات أثيرت ضجة التسريبات الوثائقية.

4- بتفحص دقيق للوثائق التي تسربت والبالغ عددها 90,000 أو نحو ذلك، نلاحظ أنها لم تكشف عن معلومات جديدة حول إستراتيجية الولايات المتحدة في أفغانستان أو باكستان. بل إنّ الغالبية العظمى من الوثائق ذات الصلة بأفغانستان وباكستان تنتقد السياسات التي اتبعها بوش. وهذا ليس مستغرباً فالوثائق مؤرخة قبل تسلم أوباما مهام منصبه وإعلان إستراتيجيته تجاه أفغانستان وباكستان، ولذلك فإن تسريب هذه الوثائق يكشف مساوئ إدارة بوش وليس إدارة أوباما، ما يجعل التفسير لردود فعل الولايات المتحدة الأمريكية المُضَخم حول تسرب الوثائق هو أنّ التسرب كان مدبراً من قِبل إدارة أوباما في البيت الأبيض.
ويؤكد ذلك ما نُشر في موقع "سالون كوم salon.com" في 27/7/2010م بأن محررين من نيويورك تايمز" وهما مارك مازيتي وإرك أشمت "Mark Mazzetti and Eric Achmitt"، قد ذهبا إلى البيت الأبيض قبل أسبوع من تاريخه لاطلاع الإدارة على ما كان يُنوى نشره. وكلهم حصلوا على نجوم ذهبية! ويضيف الموقع قولهم، لقد "فعلنا ذلك لمنح الإدارة الفرصة للتعليق والرد، وقد فعلوا. وقد مدحونا أيضا على الطريقة التي تعاملنا بها مع الوثائق، ولأننا منحناهم فرصة مناقشة الأمر، ولتناولنا المعلومات بعناية لكونها مسؤولية"

[New York Times reporters met with White House before publishing WikiLeaks story, Salon, Jul 27 2010, http://www.informationclearinghouse.info/article26025.htm].

5- وبناء على ما سبق ذكره فإنه يمكننا الجواب على السؤال بأن إدارة أوباما هي التي سربت عمدا تلك الوثائق المخابراتية القديمة لغرضين:
الأول: داخلي بأن تُظهر لمعارضي الإدارة الأمريكية أن أساس الفشل هو في عهد الإدارة السابقة، وها هي الوثائق تثبت ذلك، وأن تلك السياسة السابقة هي التي جعلته يقوم بمراجعة شاملة في الخريف الماضي، وهذا ما صرّح به أوباما عندما قال: "ولئن كنت أشعر بالقلق إزاء الكشف عن معلومات حساسة من ساحة المعركة والتي يمكن أن تهدد الأفراد أو العمليات، ولكن الحقيقة هي أنّ هذه الوثائق لا تكشف عن أي قضايا لم يتم مناقشتها مسبقا مع عامة الناس بالشأن ألأفغاني. والواقع أنّها تشير إلى التحديات نفسها التي دفعتني إلى إجراء مراجعة شاملة لسياستنا في الخريف الماضي."[بي بي سي أون لاين 27/7/2010].
والثاني: خارجي لوضع مزيد من الضغط على كياني لحشد الجيش الباكستاني للتحرك ضد طالبان وجماعة حقاني التي تقع في شمال وزيرستان. ويجب الإشارة هنا أنّه قبل قدوم كياني خلفا لمشرف فإنّه كان رئيسا للاستخبارات الباكستانية ما بين عام 2004-2007. ومن ثم فإنّ في تسرب تلك الوثائق إحراجا لكياني.

6- أما بالنسبة لتعليقات ديفيد كاميرون عن نفاق باكستان، فإن لها وجهة أخرى، فهي للضغط على باكستان والظهور بمظهر الداعم للسياسة الأمريكية في أفغانستان في حين أن المقصود من "وراء ستار" على عادة السياسة البريطانية هو إحراج باكستان أمام الشعب الأمريكي في محاولة منها للإيقاع بين الإدارة الأمريكية والباكستان عندما يعلم الشعب الأمريكي أن المخابرات الباكستانية تدعم طالبان لقتل الأمريكان!
هذا فضلاً عن أن أي تصريح يهز باكستان كدولة بوسمها بالنفاق فإنه يقوى مركز الهند الحليفة لبريطانيا، ويستقطب ولاء عامة الشعب الهندي، وليس فقط حكومة حزب المؤتمر الموالية لبريطانيا، لأن أي موقف مضاد لباكستان من بريطانيا يزيد صلابة العلاقة البريطانية الهندية، وبخاصة وأن كاميرون قد صحب في زيارته للهند وفداً تجارياً كبيراً من الحكومة الحالية البريطانية لمعالجة الانكماش الاقتصادي من خلال إقامة علاقات تجارية قوية مع الدول الأخرى وأبرزها الهند حيث السوق الاقتصادي المتنامي، فتمتين العلاقات الودية بين البلدين ينعكس على النشاط الاقتصادي.

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع