الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • 2 تعليقات

بسم الله الرحمن الرحيم

 

جواب سؤال

 

الدور الدولي في الأزمة السورية!

 

 

السؤال:

 

(وصف هولاند الغارات الروسية على حلب بأنها "جريمة حرب") (بي بي سي عربي، 20-10-2016)، وكان ذلك بعد أن جرت مراسم افتتاح مركز ثقافي ديني أرثودوكسي روسي في باريس دون حضور بوتين، وذلك في 19-10-2016 حيث كان المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف 11-10-2016 قد أعلن أن الرئيس بوتين قرر إلغاء زيارته الرسمية إلى باريس المقررة في 19 الشهر الجاري، وجاء هذا عقب إعلان الرئيس الفرنسي تردده في استقبال بوتين في باريس، وذلك بعد استخدام روسيا للفيتو ضد المشروع الفرنسي بخصوص سوريا ما أوجد توتراً في العلاقات... فما سبب ذلك؟ وما تأثيره في العلاقات الروسية الأوروبية؟ وهل ستتسبب هذه الأحداث في تغيير الأطراف الدولية الفاعلة في الأزمة السورية؟ وبعبارة أخرى هل سيكون دور للاتحاد الأوروبي وانحسار للدور الروسي؟ وجزاك الله خيراً...

 

الجواب:

 

حتى يتضح سبب ذلك، وتأثيره وهل سيترتب عليه تغيير في الأطراف الدولية الفاعلة... نستعرض الأمور التالية:

 

أولا: تمخضت فكرة الشراكة الدولية التي فعّلتها إدارة أوباما عن تكليف روسيا بوظيفة دولية في سوريا، وهذه هي الحقيقة في واشنطن، وكان ينطق بها بعض السياسيين الروس عندما يتحدثون عن التعالي الأمريكي في بحث مسألة سوريا مع الروس، وكانت أمريكا وراء تكليف روسيا بمهمة القتل والتدمير في سوريا... وكذلك وراء إبعاد الدول الأوروبية خاصة بريطانيا وفرنسا عن التدخل في حل الأزمة السورية. وفي الأثناء كانت روسيا واثقة بأن هذه الوظيفة الدولية ستحول روسيا تلقائياً إلى دولة فاعلة على المسرح الدولي، لكنها كانت تتفاجأ كلما رفضت أمريكا إشراكها في قضايا أخرى، فحتى الأزمة الأوكرانية شديدة الحساسية لروسيا فإن أمريكا ترى بأن تعاونها مع روسيا في سوريا لا يؤدي إلى الاعتراف بالمصالح الروسية في أوكرانيا، فسوريا مسألة وأوكرانيا مسألة أخرى.

 

وهكذا برزت روسيا دولياً بسبب تدخلها في سوريا وأعادت عسكريتها إلى الواجهة، ورغم انتقاد بعض السياسيين في واشنطن لسياسة الشراكة الدولية هذه، حيث كانت وثيقة الخمسين دبلوماسياً في الخارجية الأمريكية التي طالبت الإدارة بحل منفرد، أي دون روسيا، للأزمة السورية، إلا أن استخدام روسيا كان السياسة المعمول بها في واشنطن. وكانت هذه السياسة الأمريكية وما نتج عنها من بروز لروسيا على الحلبة الدولية تثير غيظاً كبيراً في غرب أوروبا...

 

ثانياً: رأت روسيا مكانتها الدولية تتعزز بسبب سوريا، وأن رداء العظمة قد عاد إليها عن طريق عسكريتها واجتماعات كيري - لافروف بخصوص سوريا، وبذلك انساقت تماماً مع أمريكا في عزل أوروبا عن سوريا، فهي مسرورة بحصر أمريكا للأزمة بينهما، وبخاصة وهي طرف دخيل على منطقة نفوذ أمريكا بتكليف من واشنطن... ولكن دولياً فقد ظهرت روسيا بأنها هي الأخرى كما أمريكا لا تكترث بالدول الكبرى في أوروبا، وربما كانت تنتظر منها الدول الأوروبية أن لا تحذو حذو واشنطن، بل تكون لها عوناً في كسر الهيمنة الأمريكية على الموقف الدولي... وهكذا فقد كان انسياق روسيا التام مع أمريكا يغيظ أوروبا بشكل كبير.

 

ثالثاً: لقد كانت أمريكا هي الجدار الأساس في عزل أوروبا عن الأزمة السورية وحصرت الموضوع بينها وبين روسيا لكن أوروبا في الآونة الأخيرة تراءى لها صدع في هذا الجدار أملت أن تنفذ من خلاله إلى الأزمة السورية على النحو التالي:

 

1- خلال الشهور الفائتة كانت أمريكا تشد خطاها لتحقيق إنجاز في حل الأزمة في سوريا، وذلك لتحقيق نجاح يكتب للرئيس أوباما الراحل قريباً، وكذلك لدعم حملة الديمقراطية هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فكانت اتفاقات أمريكا وروسيا وتشديد روسيا من قصفها الوحشي لمدينة حلب، وكان آخر ذلك الاتفاق الأمريكي الروسي بوقف الأعمال العدائية في سوريا 9-9-2016.

 

2- رفض أهل سوريا الاتفاق، أي رفضوا الخطة الأمريكية، وتبعهم في ذلك كل ثائر مخلص حتى الذين عندهم بقية من حياء لم يطيقوا ذُلَّ الاتفاق فرفضوه وبلغ الرفض ذروته برفض التعاون مع القوات الأمريكية الخاصة التي أدخلها أردوغان ضمن عملية "درع الفرات"، فرأت أمريكا أن يتكثف القصف على حلب بشكل أشد وحشية آملة أن يؤثر في أهل سوريا ومقاوميها فيقبلوا بالخطة الأمريكية أو بشيء منها ذي بال ليُكتب نجاح لأوباما قبل نهاية عهده... ولأن أمريكا تُظهر نفسها مع المعارضة فقد صعَّدت التوتر مع روسيا لتبدو أمريكا كالمعارض لقصف الروس الوحشي... إلى أن كان الإعلان الأمريكي إنهاء التعاون مع روسيا في سوريا...

 

3- وهكذا ظهر تراشق كلامي بين روسيا وأمريكا بلغ ذروته في اجتماعات الجمعية العمومية في نيويورك يومي 20 و 22-9-2016... فكان هذا المأزق الأمريكي المتجدد في سوريا وجنوح أمريكا إلى "استراحة المهادن"، أي فشل تسويات كيري-لافروف وإعلان أمريكا أنها تبحث عن خيارات أخرى، كان هو الصدع الذي شاهدته أوروبا في جدار أمريكا، فهللت الدول الأوروبية من نيويورك أثناء اجتماعات الجمعية العمومية بانتهاء صيغة كيري-لافروف لحل الأزمة السورية، وأخذت تستغل هذا بقوة ليكون لها دور بجانب أمريكا في الأزمة السورية... ثم أخذت توسع الشقة بينها وبين روسيا على أمل إقناع أمريكا بدفع روسيا عن سوريا، وهذا هو منبت التوتر الجديد بين أوروبا وروسيا.

 

رابعاً: لقد كان من الطبيعي أمام هذا المناخ الجديد ورؤية أوروبا للصدع في جدار أمريكا أن تبدأ التصريحات والمبادرات الأوروبية في محاولة للولوج إلى الأزمة السورية، وكانت في مقدمتها فرنسا ومن ذلك:

 

1- مع إعلان أمريكا رسمياً انتهاء التعاون الأمريكي مع روسيا في سوريا فقد اندفعت فرنسا إلى الأمام، وتم الإعلان عن مشروع فرنسي في مجلس الأمن لفرض وقف الأعمال القتالية، وكانت روسيا هي المقصودة. وقد مهدت فرنسا لمشروعها هذا بزيارة وزير خارجيتها ايرولت إلى موسكو 5 و 6-10-2016 لإقناع الجانب الروسي بالمشروع الفرنسي... وكان المشروع الفرنسي يطالب بحظر جوي فوق حلب، وهو عكس التفاهمات الأمريكية الروسية السابقة بضرورة الاستمرار بالمزيد من القصف لإخضاع الثوار، لذلك كانت روسيا محرجة أثناء زيارة الوزير الفرنسي لها، فمن جانب تقول بأن المشروع الفرنسي يبسط الأمور، ومن جانب آخر تتوجس من رفضه. واستمراراً لجهود فرنسا لإنجاح مشروعها فقد قام وزير خارجيتها كذلك بزيارة واشنطن بعد موسكو لضمان الدعم الأمريكي للمشروع في مجلس الأمن.

 

2- أجهضت روسيا بالفيتو في مجلس الأمن 8-10-2016 الجهود الفرنسية كافة... وهكذا اشتعل التوتر بين روسيا وفرنسا ومعها الدول الأوروبية التي رأت في روسيا جداراً جديداً يمنعها من الولوج إلى الأزمة السورية. وكأن أمريكا قد تعمدت إيجاد الصدع في جدارها وإسالة لعاب الدول الأوروبية بعد أن ضمنت ثبات روسيا على الدور الموكول لها من أمريكا.

 

3- تزامنت الزيارة التي كانت مقررة للرئيس الروسي بوتين إلى باريس 19-10-2016 مع هذا التوتر في العلاقات الروسية الفرنسية، ورغم كونها زيارة خاصة لافتتاح مركز ثقافي روسي وكنيسة أرثودوكسية إلا أنه قد جرى الاتفاق على مشاركة الرئيس الفرنسي لبوتين أثناء مراسم الافتتاح هذه. وبسبب ذلك التوتر فقد بادر الرئيس الفرنسي 10-10-2016 إلى إعلان تردده في استقبال بوتين أثناء زيارته الخاصة تلك، في الوقت الذي كان يعلن فيه الكرملين من موسكو استمرار الترتيبات كالمعتاد لزيارة الرئيس الروسي، وهكذا أصبحت روسيا في موقف محرج حيث أعلنت فرنسا أن الرئيس الفرنسي سيبحث مع بوتين أثناء الزيارة الأزمة السورية فقط ولن يشاركه مراسم الافتتاح الذي كان مقرراً من باب المجاملة، (وقال الزعيم الفرنسي أنه لم ينظر في إمكانية زيارة نظيره الروسي إلى باريس إلا على اعتبارها تهدف حصرا إلى بحث الملف السوري، وقال: "لا أعتزم مرافقة بوتين أثناء المراسم "افتتاح المركز الثقافي الروسي" بل أنا جاهز لمواصلة البحث في مشاكل سوريا حصرا، وهذا هو ما أكدته للرئيس الروسي") (روسيا اليوم، 11-10-2016). فغضبت روسيا وتم الإعلان في موسكو 11-10-2016 عن إلغاء زيارة الرئيس الروسي لباريس. وهكذا بلغ التوتر الفرنسي الروسي درجة عالية بين البلدين.

 

4- واستمر التصعيد الفرنسي: (باريس: أفادت صحيفة فرنسية محلية بأن الرئيس الفرنسي فرانسوا أولوند قال إنه لا يعتزم تخفيف الضغط عن روسيا بسبب دعمها للحكومة السورية في قتالها ضد المعارضة ولكنه ما زال مستعدا للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لبحث الحرب الدائرة.) (رويترز العربية، 16-10-2016)

 

5- (انتقد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل بشدة الخميس 20-10-2016 الغارات الجوية التي تشنها روسيا والنظام السوري على مدينة حلب وذلك خلال مؤتمر صحافي مشترك مع ميركل في ختام القمة الفرنسية - الألمانية - الروسية في برلين، فقد وصف هولاند هذه الغارات بأنها "جريمة حرب"... من جهتها، وصفت ميركل الغارات الروسية والسورية على حلب بأنها "غير إنسانية"...) (بي بي سي عربي، 20-10-2016).

 

  • ·    هذه هي أسباب تصاعد سخونة العلاقات الفرنسية الروسية حيث أصبحت تتصدر الأحداث وبخاصة الأزمة السورية... وبخاصة وأن فرنسا مثلها مثل روسيا لا تجيد المناورات السياسية، أي أن التوتر يقود إلى مزيد من التوتر وقد يصل إلى درجة من التشنج في علاقات البلدين...

خامساً: أما عن تأثير توتر العلاقات الروسية الفرنسية في العلاقات الأوروبية بعامة وتداعيات تلك العلاقات فكما يلي:

 

1- إن التوتر الروسي الفرنسي هو توتر في العلاقات الروسية مع أوروبا بكاملها، وبخاصة الدول الأوروبية المؤثرة، بريطانيا وإلى حد ما ألمانيا... فموقف فرنسا وقرارها في مجلس الأمن يمثل الاتحاد الأوروبي بما في ذلك بريطانيا التي لا تزال عضواً فيه، بل إن بريطانيا تنسق سياستها مع فرنسا بشكل كبير، وفرنسا باندفاعها المعهود وجرأتها دون وعي تمثل رأس حربة للاتحاد الأوروبي ولبريطانيا بشكل خاص في السياسات الدولية، وأكثر ما يشير إلى ذلك سرعة تحول التوتر الروسي الفرنسي إلى توتر بريطاني مع روسيا "وبعيد تصويت مجلس الأمن، أكد مندوب بريطانيا في كلمته بشدة على أن الفيتو الروسي يمثل "العار" الذي نعلمه بشأن أعمال روسيا" (العربية نت، 8-10-2016) وأيضاً فقد ذكرت ميدل إيست أون لاين 11-10-2016 (وقال جونسون للبرلمان "إذا استمرت روسيا على نهجها الحالي أعتقد أن هذا البلد العظيم معرض لخطر أن يصبح دولة مارقة"، داعيا الجماعات المناهضة للحرب للاحتجاج أمام السفارة الروسية. وتابع "كل الأدلة المتاحة تشير إلى مسؤولية روسيا عن هذا العمل المروع" في إشارة إلى هجوم على قافلة مساعدات إنسانية.) لتقوم روسيا بالرد في اليوم التالي وفق سبوتنيك الروسية 12-10-2016 (واعتبرت وزارة الدفاع الروسية أن مزاعم جونسون ناجمة عن مرض نفسي عصبي يصيب من يضمر العداء للآخرين. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، إيغور كوناشينكوف إن مزاعم جونسون تمثل أعراضاً لـ"هستيريا العداء لروسيا، والتي تلازم بعض قادة بريطانيا السياسيين")... ثم ذلك التصريح الذي ذكرناه آنفاً: (وصف هولاند هذه الغارات بأنها "جريمة حرب"... من جهتها، وصفت ميركل الغارات الروسية والسورية على حلب بأنها "غير إنسانية"..) (بي بي سي عربي، 20-10-2016)

 

أي أن التوتر مع روسيا يتدحرج ليشمل الاتحاد الأوروبي، وتتعالى أصوات في أوروبا بوجوب الضغط على روسيا وفرض عقوبات جديدة عليها بسبب سوريا... وهكذا فإن فرنسا وبريطانيا وباقي الدول الأوروبية تتجه إلى مزيد من توتير علاقاتها مع روسيا، معربة عن رفضها لروسيا وسياساتها، وكل ذلك على أمل أن يكون لهذه الدول مكان في الأزمة السورية بصفتها القضية رقم 1 دولياً، وليس في نوايا تلك الدول خير للمسلمين، فالمسألة عند الدول الأوروبية ليست المجازر التي ترتكبها روسيا ضد المسلمين في سوريا، إذ كانت مواقف هذه الدول تتسم بالكثير من عدم المبالاة للدماء التي تسيل أنهاراً في سوريا خلال ست سنوات، وإنما المسألة هي أن تشترك هذه الدول بوصفها دولاً عظمى في حل المسألة السورية...

 

2- وقد تسارعت الأحداث في الاتحاد الأوروبي وفق التوتر في العلاقات الفرنسية الروسية، فقد (دعت بريطانيا وفرنسا الاتحاد الأوروبي إلى إدانة الحملة الجوية الروسية في سوريا وفرض المزيد من العقوبات على موسكو... وقال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرو إن الضغط على روسيا يجب أن يكون قويا، مشيرا إلى أن إظهار الاتحاد الأوروبي موقفا موحدا يمكّن من المضي قدما في وقف ما وصفها بمذابح السكان في حلب. وتريد بريطانيا وفرنسا فرض حظر سفر على عشرين سورياً آخرين، وكذلك إضافة 12 روسيًّا إلى قائمة العقوبات التي تضم مئتين آخرين، بينهم ثلاثة إيرانيين، وذلك لدورهم في الصراع الدائر في سوريا...) (الجزيرة، 17-10-2016)... كما أن موضوع العقوبات المالية أصبح يُمارس دون إصدار قرار بالعقوبات فقد (أعلنت شبكة أخبار "روسيا اليوم" أن بنكا بريطانيا جمّد كافة الأرصدة المصرفية التابعة لها، دون أن توضح السبب وراء اتخاذ هذا القرار... ونقلت "روسيا اليوم" عن رئيسة التحرير مارغاريتا سيمونيان قولها - في تغريدة عبر حسابها على موقع تويتر - "أغلقوا أرصدتنا كافة في بريطانيا، كافة الأرصدة! والقرار غير قابل للمراجعة"...) (الجزيرة، 17-10-2016)... (ويناقش القادة الأوروبيون علاقاتهم مع روسيا في بروكسل يوم الخميس 20-10-2016 ومن الخيارات المطروحة فرض عقوبات على موسكو جراء أعمالها في سوريا...) (رويترز عربي، 19-10-2016)

 

3- إذا ما زاد التوتر في العلاقات الفرنسية والأوروبية مع روسيا فإن باب الصراع بين روسيا وأوروبا سيزداد، وقد تظهر تداعياته في أوكرانيا أو أي منطقة أخرى في شرق أوروبا، وقد تفرض الدول الأوروبية عقوبات على روسيا... إن أسباب زيادة التوتر في العلاقات الروسية مع أوروبا كثيرة، وليست محصورة في الأزمة السورية على أهميتها دولياً، وإذا لم تبادر روسيا إلى التعقل في التعامل مع أوروبا فستكون هي الخاسر الأكبر من تدهور علاقاتها مع أوروبا. وفي ظل بروزها في الأزمة السورية فإن روسيا لا تبدي تعقلاً كافياً في علاقاتها الدولية، ففي الوقت الذي يتحدث فيه العالم عن جرائم حرب في سوريا تعود روسيا وتزيد من وتيرة قصفها لحلب، وذلك نابع من قصر النظر السياسي لدى الروس، فهم مطمئنون اليوم إلى علاقاتهم مع أمريكا، ويعلمون أن التوتر الظاهر في العلاقات الروسية مع أمريكا بخصوص سوريا ليس حقيقياً، ففي ظل هذا التوتر أعلنت الخارجية الأمريكية عن عقد اجتماع بين كيري ولافروف في لوزان، وقد عقد فعلاً في 15-10-2016 بعد أن أشركت بعض الأتباع والأشياع حفظاً لماء الوجه لأنها سبق وأعلنت وقف اللقاءات مع روسيا وهي الآن تلتقي معها! في الوقت الذي تقصي فيه أوروبا عن حضوره!

 


4- ويبدو أن روسيا قد أدركت المأزق الذي وقعت فيه، فإن أمريكا جعلتها رأس الحربة في القصف الوحشي، وأوروبا استغلت هذا التوتر المصطنع بين أمريكا وروسيا، فصعّدت الموقف ضد الهجمات الوحشية الروسية... فأرادت روسيا أن تخفف من هذا الضغط الأوروبي فبدأت تتكلم في موضوع الهدنة فقد (أعلنت روسيا عن "هدنة إنسانية" توقف خلالها قصفها لمدينة حلب السورية. وقالت روسيا إنها ستوقف قصفها لمدينة حلب خلال يوم الخميس 20-10-2016 المقبل لثماني ساعات، تبدأ من الساعة الثامنة صباحا بالتوقيت المحلي "الخامسة بتوقيت غرينتش" وحتى الساعة الرابعة عصرا... وتأتي هذه الخطوة بالتزامن مع أنباء عن مقتل 14 شخصا من عائلة واحدة، خلال قصف جوي لحلب...) (بي بي سي عربي، 17-10-2016)... وكذلك وافق بوتين على أن يبحث الموضوع السوري مع الأوروبيين بعد أن رفضه من قبل مع هولاند فقد (أعلنت الرئاسة الفرنسية، أمس، أن الرئيسين الفرنسي فرانسوا هولاند والروسي فلاديمير بوتين والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل سيعقدون"اجتماع عمل" يتناول الأزمة السورية، اليوم الأربعاء، في برلين...) ("وكالات"، صحيفة الخليج، 19-10-2016)...

 

  • ·    وهكذا فإن التوتر الحاصل في العلاقات الفرنسية الروسية قد انعكس على دول الاتحاد الأوروبي ومن ثم أصبحت روسيا في مأزق مع أوروبا وهي تحاول أن توجد لها مخرجاً من هذا المأزق فتلتقي بالاتحاد الأوروبي وتبحث الأزمة السورية بعد أن رفضت بحثها مع هولاند ما تسبب عنه إلغاء زيارة بوتين وتصاعد في سخونة الأحداث فوق ما كانت عليه...

سادساً: أما هل ينتج عن هذه الأحداث تغيير في الأطراف الإقليمية أو الدولية ذات العلاقة في الأزمة السورية... فإنه من غير المتوقع أن يحدث تغيير فستبقى الأطراف الفاعلة الدولية هي هي، أي تبقى أمريكا ووكلاؤها روسيا وإيران وتركيا والسعودية، وأما الاتحاد الأوروبي فحظه ليس ذا بال والدليل على ذلك أنه على الرغم من التصعيد في لهجة أوروبا ضد روسيا ومحاولتها الحثيثة للتقرب من أمريكا ليكون لها دور في الأزمة السورية إلا أن أمريكا دعت إلى اجتماع لوزان في 15-10-2016 وأقصت أوروبا من حضوره، وكانت روسيا بجانب أمريكا في المؤتمر رغم ما كانت تظهره أمريكا من قطيعة مع روسيا وتوتر في العلاقات..! ولما لاحظت أمريكا أن أوروبا انزعجت من هذا الأمر دعت أمريكا إلى اجتماع ترضية في 16-10-2016 مع أوروبا دون حضور الأطراف الأخرى وتجاذبت معهم أطراف الحديث وانفض الاجتماع كما بدأ...

 

  • ·    ولذلك فعلى الأرجح أن الدور الدولي في أزمة سوريا سيبقى محصوراً في أمريكا، ووكلائها روسيا، ثم الأتباع.

هذا من حيث الأطراف الدولية والإقليمية، يمكرون ويكيدون ولكن في الشام وغير الشام رجالاً مخلصين لله سبحانه صادقين مع رسول الله r لن يمكِّنوا أمريكا وروسيا والأتباع من تحقيق مكرهم ومخططاتهم الشريرة للاستقرار في الشام بل سيكون حالهم بإذن الله كأشياعهم من قبل ﴿قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ.

 

 

التاسع عشر من محرم الحرام 1438هـ

الموافق 20-10-2016م

 

2 تعليقات

  • محمد شامي
    محمد شامي الخميس، 27 تشرين الأول/أكتوبر 2016م 20:47 تعليق

    ما شاء الله بارك الله بكم وأيدكم الله بملائكته تحميكم

  • khadija
    khadija الخميس، 20 تشرين الأول/أكتوبر 2016م 22:38 تعليق

    دوما شعلة عطاء ما شاء الله، نفع الله بكم العالمين يا أميرنا وبارك فيكم وفي محبيكم ومناصريكم

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع