الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 


جواب سؤال

 

اللباس الشرعي الذي أوجبه الإسلام على المرأة في الحياة العامة

 

السؤال: أنا أحترم حزب التحرير وبخاصة وحدة الرأي التي يلتزم بها شبابه في كتبه وإصداراته... ومثل هذا الالتزام قلما يوجد في الحركات الإسلامية الأخرى... لكني وأنا أقرأ في صفحات الإنترنت لاحظت نقاشاً بين شباب الحزب في الجلباب، فمن قائل إن الجلباب قطعة ومن قائل إنه قطعتان، وكنت أظن أن للحزب رأياً فيه وأن شباب الحزب يلتزمون به خاصة وأن الحزب كان من بين الحركات الإسلامية التي أثرت تأثيراً كبيراً في انتشار الجلباب عند المسلمات... والسؤال: هل غيَّر الحزب سياسته بإلزام شبابه برأي الحزب؟ ولك الشكر.

 

الجواب: في البداية أقول بالنسبة لما ورد في السؤال: إن شباب الحزب المنتظمين في صفوفه ملتزمون تماماً برأي الحزب ولا تغيير في ذلك... وهم لا يختلفون في كون الجلباب قطعةً واحدة: ثوباً واسعاً فوق ملابسها المعتادة يُرخى إلى أسفل حتى القدمين فلا تبقى القدمان مكشوفتين... وكذلك نعم فإن للحزب تأثيراً كبيراً في انتشار الجلباب بين المسلمات، وذلك الفضل من الله، فقد أوفى الحزب موضوع اللباس الشرعي للمرأة، أوفاه حقه، وفصَّله تفصيلاً في النظام الاجتماعي في باب النظر إلى المرأة، فاشترط في اللباس الشرعي أن يكون جلباباً وخماراً يحققان ستر العورة ودون تبرج، أي ليس كل لباس ساتر للعورة يجوز للمرأة الخروج فيه، بل لباس مخصوص فصَّله الشرع تفصيلا... وإليك البيان عن النقاط أعلاه:

 

1- جاء في النظام الاجتماعي أن اللباس الشرعي للمرأة في الحياة العامة هو جلباب وخمار يستران العورة ودونما تبرج... وأنقل لك بعض ما جاء في النظام الاجتماعي حول هذا الموضوع:

 

(... والدليل على أن الشارع أوجب ستر البشرة بستر الجلد بحيث لا يعلم لونه قوله r: «لم يَصْلُحْ أن يُرى منها». فهذا الحديث دليل واضح بأن الشارع اشترط فيما يستر العورة أن لا تُرى العورة من ورائه أي أن يكون ساتراً للجلد لا يشفّ ما وراءه، فيجب على المرأة أن تجعل ما يستر العورة ثوباً غير رقيق أي لا يحكي ما وراءه ولا يشفّ ما تحته.

 

هذا هو موضوع ستر العورة، وهذا الموضوع لا يصح أن يخلط بلباس المرأة في الحياة العامة، ولا بالتبرج ببعض الألبسة، فإذا كان هناك لباس يستر العورة فإن ذلك لا يعني أنه يجوز للمرأة أن تلبسه وهي سائرة في الطريق العام، لأن للطريق العام لباساً معيناً عينه الشرع، ولا يكفي فيه ما يستر العورة فالبنطال وإن كان ساتراً للعورة ولكنه لا يصح لبسه في الحياة العامة أي لا يصح أن يلبس في الطريق العام...

 

وأما لباس المرأة في الحياة العامة أي لباسها في الطريق العام في الأسواق، فإن الشارع أوجب على المرأة أن يكون لها ثوب تلبسه فوق ثيابها حين تخرج للأسواق أو تسير في الطريق العام، فأوجب عليها أن تكون لها ملاءة أو ملحفة تلبسها فوق ثيابها وترخيها إلى أسفل حتى تغطي قدميها، فإن لم يكن لها ثوب تستعير من جارتها أو صديقتها أو قريبتها ثوبها، فإن لم تستطع الاستعارة أو لم يعرها أحد لا يصح أن تخرج من غير ثوب، وإذا خرجت من غير ثوب تلبسه فوق ثيابها أثمت، لأنها تركت فرضاً فرضه الله عليها. هذا من حيث اللباس الأسفل بالنسبة للنساء، أما من حيث اللباس الأعلى فلا بد أن يكون لها خمار، أو ما يشبهه أو يقوم مقامه من لباس يغطي جميع الرأس، وجميع الرقبة، وفتحة الثوب على الصدر، وأن يكون هذا معداً للخروج إلى الأسواق، أو السير في الطريق العام، أي لباس الحياة العامة من أعلى، فإذا كان لها هذان اللباسان جاز لها أن تخرج من بيتها إلى الأسواق أو أن تسير في الطريق العام، أي إلى الحياة العامة، فإن لم يكن لها هذان اللباسان لا يصح أن تخرج ولا بحال من الأحوال، لأن الأمر بهذين اللباسين جاء عاماً فيبقى عاماً في جميع الحالات لأنه لم يرد له مخصص مطلقاً.

 

أما الدليل على وجوب هذين اللباسين للحياة العامة فقوله تعالى في اللباس من أعلى: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ وقوله تعالى في اللباس الأسفل: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ﴾ وما روي عن أم عطية أنها قالت: «أَمَرَنا رسولُ اللهِ r أن نُخْرِجَهُنَّ في الفِطْرِ والأضحى، العواتقَ والحُيَّضَ وذواتِ الخدورِ، فأما الحيّضُ فيَعْتَزلْنَ الصلاةَ وَيَشْهَدْنَ الخَير، ودعوةَ المسلمين. قلت يا رسولَ اللهِ إحدانا لا يكونُ لها جلبابٌ، قال: لِتُلْبِسْها أختُها من جِلبابِها» أخرجه مسلم، فهذه الأدلة صريحة في الدلالة على لباس المرأة في الحياة العامة. فالله تعالى قد وصف في هاتين الآيتين هذا اللباس الذي أوجب على المرأة أن تلبسه في الحياة العامة وصفاً دقيقاً كاملاً شاملاً، فقال بالنسبة للباس النساء من أعلى: ﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ﴾ أي ليلوين أغطية رؤوسهن على أعناقهن وصدورهن، ليخفين ما يظهر من طوق القميص وطوق الثوب من العنق والصدر. وقال بالنسبة للباس النساء من الأسفل: ﴿يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ﴾ أي يرخـين عليهن أثوابـهن التي يلبسنها فوق الثياب للخـروج، من ملاءة أو ملحفة يرخينها إلى أسـفل، وقال في الكيفية العامة التي يكون عليها هذا اللباس: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ أي لا يظهرن مما هو محـل الزينة من أعضـائهن كالأذنين والذراعين والساقين وغير ذلك إلا ما كان يظهر في الحياة العامة عند نزول هذه الآية أي في عصر الرسول، وهو الوجه والكفان. وبهذا الوصف الدقيق يتضح بأجلى بيان ما هو لباس المرأة في الحياة العامة وما يجب أن يكون عليه، وجاء حـديث أم عطية فبين بصـراحـة وجوب أن يكون لها ثوب تلبسه فوق ثيابها حين الخروج، حيث قالت للرسول r: «إحدانا لا يكونُ لها جلبابٌ» فقال لها الرسول r: «لِتُلبسْها أختُها من جِلبابِها» أي حين قالت للرسول: إذا كان ليس لها ثوب تلبسه فوق ثيابها لتخرج فيها، فإنه r أمر أن تعيرها أختها من ثيابها التي تلبس فوق الثياب، ومعناه أنه إذا لم تعرها فإنه لا يصح لها أن تخرج، وهذا قرينة على أن الأمر في هذا الحديث للوجوب، أي يجب أن تلبس المرأة جلباباً فوق ثيابها إذا أرادت الخروج، وإن لم تلبس ذلك لا تخرج.

 

ويشترط في الجلباب أن يكون مرخياً إلى أسفل حتى يغطي القدمين لأن الله يقول في الآية: ﴿يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ﴾ أي يرخين جلابيبهن لأن ﴿مِنْ﴾ هنا ليست للتبعيض بل للبيان، أي يرخين الملاءة أو الملحفة إلى أسفل، ولأنه روي عن ابن عمر أنه قال: قال رسول الله ﷺ: «مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَكَيْفَ يَصْنَعْنَ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ قَالَ يُرْخِينَ شِبْرًا فَقَالَتْ إِذًا تَنْكَشِفُ أَقْدَامُهُنَّ قَالَ فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا لاَ يَزِدْنَ عَلَيْهِ» أخرجه الترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح، فهذا صريح بأن الثوب الذي تلبسه فوق الثياب - أي الملاءة أو الملحفة - أن يرخى إلى أسفل حتى يستر القدمين، فإن كانت القدمان مستورتين بجوارب أو حذاء فإن ذلك لا يُغني عن إرخائه إلى أسفل بشكل يدل على وجود الإرخاء، ولا ضرورة لأن يغطي القدمين فهما مستورتان، ولكن لا بد أن يكون هناك إرخاء أي يكون الجلباب نازلاً إلى أسفل بشكل ظاهر يعرف منه أنه ثوب الحياة العامة التي يجب أن تلبسه المرأة في الحياة العامة، ويظهر فيه الإرخاء أي يتحقق فيه قوله تعالى: ﴿يُدْنِينَ﴾ أي يرخين.

 

ومن هذا يتبين أنه يجب أن يكون للمرأة ثوب واسع تلبسه فوق ثيابها لتخرج فيه، فإن لم يكن لها ثوب وأرادت أن تخرج فعلى أختها، أي أيّة مسلمة كانت أن تعيرها من ثيابها التي تلبس فوق الثياب، فإن لم تجد من يعيرها فلا تخرج حتى تجد ثوباً تلبسه فوق ثيابها، فإن خرجت في ثيابها دون أن تلبس ثوباً واسعاً مرخياً إلى أسفل ثوبها فإنها تأثم ولو كانت ساترة جميع العورة، لأن الثوب الواسع المرخي إلى أسفل حتى القدمين فرض، فتكون قد خالفت الفرض، فتأثم عند الله وتعاقب من قبل الدولة عقوبة التعزير.) انتهى

 

2- واضح من النص أعلاه أن اللباس الشرعي يجب أن يكون ساتراً للعورة، ودونما تبرج، وأن يكون اللباس خماراً يغطي شعر الرأس ويُلف على العنق ويغطي فتحة القميص، ثم جلبابا يُرخى إلى القدمين، وواضح كذلك أن الجلباب قطعة واحدة: "ثوب واسع فوق ثيابها يُرخى ليغطي القدمين فلا تبقى القدمان مكشوفتين" وهذا بيِّن لكل ذي عينين، فكل صاحب بصر وبصيرة يدرك ذلك فقد ورد في النص:

 

- فإن الشارع أوجب على المرأة أن يكون لها ثوب تلبسه فوق ثيابها...

 

- فأوجب عليها أن تكون لها ملاءة أو ملحفة تلبسها فوق ثيابها...

 

- وإذا خرجت من غير ثوب تلبسه فوق ثيابها أثمت...

 

- فبين بصـراحـة وجوب أن يكون لها ثوب تلبسه فوق ثيابها حين الخروج...

 

- ومن هذا يتبين أنه يجب أن يكون للمرأة ثوب واسع تلبسه فوق ثيابها لتخرج فيه...

 

فهو يكرر الثوب مفرداً، والملاءة مفردة للتأكيد: (يكون لها ثوب تلبسه فوق ثيابها... تكون لها ملاءة أو ملحفة تلبسها فوق ثيابها... إذا خرجت من غير ثوب تلبسه فوق ثيابها أثمت... يكون لها ثوب تلبسه فوق ثيابها حين الخروج... يكون للمرأة ثوب واسع تلبسه فوق ثيابها لتخرج فيه...) فهذا التكرار تأكيد لكون الجلباب قطعة واحدة، فهو ثوب تلبسه فوق ثيابها... الخ، وهذا أمرٌ واضح بيِّن الوضوح.

 

وزيادة في توضيح الواضح فإن الآية الكريمة ﴿يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ﴾ تدل على أن الجلباب قطعة واحدة، فإن "من" هنا للبيان أي يُدنين عليهن جلابيبهن، وقد نُسب الإدناء إلى الجلباب، وهذا يعني أن الجلباب قطعة واحدة تُرخى إلى أسفل، ولا يتأتى أن يكون قطعتين حسب ألفاظ الآية الكريمة، لأن الإدناء منسوب كما قلنا للجلباب، فإذا كان الجلباب قطعتين فيجب أن ترخى القطعتان إلى القدمين ومن ثم تكون واحدة فوق الأخرى فيكون الجلباب هو فقط القطعة الخارجية المدناة من العنق حتى القدمين... وهكذا فإن المبنى "الصياغة اللغوية" تؤكد أن الجلباب قطعة واحدة لأن الإدناء نُسب إلى

 

 

الجلباب كما بيَّنا... وبطبيعة الحال هذا فضلاً عما ذكرناه من تكرار كلمة ثوب... وما بيَّناه قبل ذلك من أن الجلباب هو ثوب واسع تلبسه المرأة فوق ثيابها المعتادة ويُرخى إلى القدمين...

 

- وقد شدَّد الإسلام على هذا اللباس الشرعي حتى إنه لم يأذن للمرأة أن تخرج إن لم يكن لها جلباب بل تستعير جلباباً من أختها لتتمكن من الخروج، فلا يكفي أن تستر عورتها بأي ثوب بل بجلباب وخمار ودونما تبرج.

 

3- هذا هو الرأي المتبنى للحزب، وهو ملزم للشباب ولا يصح خلافه... ولكن يبدو أن السائل قرأ في صفحات الإنترنت أقوالاً مخالفة ظنها للشباب بجواز أن يكون الجلباب قطعتين (تنورة وبلوزة أو بنطال وبلوزة أو بنطال ومعطف فوقه إلى الركبة ونحو ذلك) فظن أن الشباب مختلفون في واقع الجلباب... وقد نُعذِر القارئ لأنه قد يكون قرأ رأيا لتارك أو معاقب أو ناكث أو هاوٍ للتشويش فظن هؤلاء منتظمين في صفوف الحزب، وخاصة أننا لا نعمم عن مثل هؤلاء إلا في حالات خاصة... ومن ثم فقد يلتبس الأمر على القارئ في صفحات الإنترنت فيظن أن هناك خلافاً بين الشباب في كون الجلباب قطعة أو قطعتين...

 

ونحن نؤكد للسائل بأن الرأي الذي يقول به الحزب لا يختلف فيه شبابه المنتظمون فيه، فالجلباب قطعة واحدة: ثوب واسع فوق ثياب المرأة يُرخى إلى أسفل ليغطي القدمين فلا تبقيان مكشوفتين... وأما الذين يقولون غير ذلك فقد يكونون من التاركين أو المعاقبين أو من الناكثين أو من هواة التشويش!

 

وهؤلاء ليسوا بشيء أمام الحزب وأمام التزام شبابه بإذن الله.

 

وأختم بما بدأت به: (إن شباب الحزب المنتظمين في صفوفه ملتزمون تماماً برأي الحزب ولا تغيير في ذلك... وهم لا يختلفون في كون الجلباب قطعة واحدة: ثوب واسع فوق ملابسها المعتادة يُرخى إلى أسفل حتى القدمين فلا تبقى القدمان مكشوفتين... وكذلك نعم فإن للحزب تأثيراً كبيراً في انتشار الجلباب بين المسلمات، وذلك الفضل من الله، فقد أوفى الحزب موضوع اللباس الشرعي للمرأة، أوفاه حقه، وفصَّله تفصيلاً في النظام الاجتماعي في باب النظر إلى المرأة، فاشترط في اللباس الشرعي أن يكون جلباباً وخماراً يحققان ستر العورة ودون تبرج، أي ليس كل لباس ساتر للعورة يجوز للمرأة الخروج فيه، بل لباس مخصوص فصَّله الشرع تفصيلا).

 

وإني لآمل أن يكون في هذا الجواب الكفاية في أن للحزب رأياً واحداً في الجلباب كما بينّاه أعلاه.

 

التاسع من محرم الحرام 1440هـ

2018/9/19م

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع