الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

Al Raya sahafa

 

2024-09-25

 

جريدة الراية: تفجير البيجر

الضربات الموجعة لحزب إيران

 

 

 

بعد ظهر يوم الثلاثاء 2024/9/17م، وتحديداً الساعة 3:35، كان المشهد دامياً في شوارع لبنان، لا سيما في العاصمة بيروت، وتحديداً في ضاحيتها الجنوبية، معقل حزب إيران، وفي مدينة صيدا في جنوب لبنان؛ يسقط أمامك سائق دراجة نارية، أو رجل يبتاع الخضار إلى جوارك، أو شاب يقود سيارة، أو بائع في محل أجهزة هواتف نقالة، مع صوت فرقعة تشبه إطلاق الرصاص في مشهد غريب، فهل تم إطلاق النار على أحدهم، أم أن مسيرةً لكيان يهود أردته؟! أصابع مقطعة، وإصابات في الوجه والعينين، أو في الخصر؛ لقرابة نصف ساعة لم يفهم الناس ما يحدث! ثم تبين أن أجهزة البيجر (أجهزة الاستدعاء)، التقنية القديمة التي كانت تستخدم قبل ظهور الهواتف النقالة، كانت هي القاسم المشترك بين كل من سقطوا! والقاسم المشترك الآخر الأهم أن كل هؤلاء هم أعضاء بشكل ما في حزب إيران الذي زود أعضاءه ومنتسبيه بهذه الأجهزة، محاولاً الاستغناء عن الهواتف النقالة السهلة الاختراق.

 

بدأت تتضح الصورة، إنها ضربة موجهة ومدبرة بتقنية غريبة، قيل إنها أصابت قرابة 4000 شخص من حزب إيران، وأصيب أيضاً السفير الإيراني وهو في مكتبه حيث كان يحمل الجهاز نفسه، ثم أعقبها في اليوم التالي تفجير أجهزة اللاسلكي من نوع محدد في أيدي مجموعات أخرى من حزب إيران أصابت حوالي 500 آخرين.

 

لقد كان توقيت هذه العملية النوعية في تقنيتها، عقب يومين من ارتفاع وتيرة التهديدات بحرب واسعة سيشنها يهود ضد لبنان، وارتفعت النبرة أن هناك خلافاً بين المجرم نتنياهو ووزير دفاعه غالانت الرافض لشن هذه الحرب، بحيث وصل الأمر للقول بإقالة غالانت. عاشت المنطقة يومين قبل الضربة نُذر الحرب الأكيدة، وأشيع أن قرار حرب واسعة من ضمنها دخول بري لعمق 22 كم في جنوب لبنان، ولعله ما دفع حزب إيران لتفعيل كل هذه الأجهزة، ليكون على أهبة الاستعداد لاستدعاء عناصره وكوادره اللوجستية، لكن فجأةً تكون الحرب من نوع آخر، سيبرانية قاتلة حيدت بكبسة زر ما يزيد على 5000 عنصر من عناصر حزب إيران، وهو المعلن فقط، دون الحاجة لدخول جندي يهودي واحد ساحة المعركة.

 

كشفت هذه العملية مدى الاختراق الواسع لشبكات توريد حزب إيران، ولعل من توابع ذلك الخرق، هو ما أدى يوم الجمعة 2024/9/20م لضربة قاسية له، بقتل قيادة أركان ما يعرف بقوة الرضوان أثناء اجتماع لهم في منطقة القائم في ضاحية بيروت الجنوبية، أدت لمقتل قائد القوة إبراهيم عقيل ومعه 15 قائداً من هذه الوحدة.

 

ولعل هذا مما يدفع للقول إن يهود قد وجدوا سبيلاً آخر لحرب واسعة من نوع جديد، تستطيع أن تردي بها آلافا من المقاتلين بين جريح وقتيل، دون الحاجة لخوض معركة مواجهة حقيقية، يعلم يهود لا سيما بعد تجربة غزة، خوارهم فيها، ليحق فيهم وصف الله عز وجل: ﴿لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ﴾، مع استمرارهم في استخدام القصف الجوي المكثف على جنوب لبنان، والاغتيال بالمسيرات والطائرات كلما سنحت لهم فرصة.

 

وإن كان حزب إيران، كما أعلن أمينه العام في خطابه عقب ضربات البيجر واللاسلكي، بأنه يتمنى دخول يهود إلى جنوب لبنان برياً، ليروا ما ينتظرهم، إلا أن نتنياهو وأجهزته قد يكونون بمثل هذه العمليات رسموا سيناريو جديدا لنوعية الحرب التي سيخوضونها مع حزب إيران ومَنْ خلفه، دون إعطاء فرصة المواجهة البشرية. ويكون نتنياهو كذلك قد وجه رسالةً أخرى للداخل اليهودي المتطرف الذي كان يطالبه بحرب تقليدية واسعة ضد حزب إيران، التي يعلم نتنياهو الثمن الباهظ الذي سيتكلفه بسببها بعد تجربة غزة، رسالة مفادها أننا قادرون على ضرب حزب إيران وإعطابه دون الحاجة لمواجهة مباشرة، ولا شك أن هذا أكسبه نقاطاً ورفع أسهمه داخلياً وعند هؤلاء المتطرفين من يهود. وبالتالي يكون نتنياهو قد وسع الحرب بطريقة غير تقليدية، ولعلها ما عُرفت منذ سنوات بالحرب الهجينة.

 

أما موقف إيران، فقد كان معزياً مواسياً بالقول، إن لبنان قادرٌ على تجاوز هذه المحنة، وأنّ يهود يجرون المنطقة للحرب، وأنها بحسب مندوبها في الأمم المتحدة، تمارس أقصى ضبط للنفس وتحذر من السلوكيات الحمقاء لكيان يهود، بينما كان موقف حزبها اللبناني متمثلاً في خطاب أمينه العام عقب الضربة، بالتوعد بالرد، وأن طبيعة الرد ستكون خفية، وأن تفاصيلها ستكون حتى داخل الحزب ضمن دائرة داخلية ضيقة جداً، إلا أنه بعد هذا الوعيد، تلقى الضربة القاسية لهيئة أركان قيادة قوة الرضوان، ليعود لسيناريو إطلاق الصواريخ، لكن بعمق أكبر نوعاً ما، وصل لحدود 75كم من الحدود اللبنانية، بنوعية جديدة من الصواريخ قيل إنها من نوع فادي1 وفادي2، تحمل رأساً حربياً يصل إلى 100 كجم.

 

أما بالنسبة لأمريكا، فبحسب سكاي نيوز في 2024/9/18م: "فقد نفى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، تورط الولايات المتحدة أو علمها المسبق بالهجوم المنسوب إلى (إسرائيل)، الذي تسبب في انفجار آلاف من أجهزة الاتصال البيجر التي يستخدمها أعضاء (حزب الله) اللبناني"، وقال في مؤتمر صحفي من القاهرة: "لم تكن الولايات المتحدة تعلم بهذه الحوادث ولم تكن متورطة فيها. ما زلنا نجمع المعلومات والحقائق".

 

ولا يستبعد مثل ذلك، فبرغم كل الدعم العسكري الذي تقدمه أمريكا ليهود، إلا أنه ثبت في أكثر من موقف قيام نتنياهو بحجب معلومات تتعلق بالعمل الاستخباراتي لجهاز الموساد عن أمريكا، وبحسب موقع قناة الحرة نقلاً عن موقع أكسيوس الإخباري في 2024/5/19م: "منع نتنياهو، عدة مرات، قادة الموساد والشاباك من الاجتماع مع أنطوني بلينكن والسيناتور الأمريكي ماركو روبيو، عضو لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، وآخرين، للتحكم بالمعلومات المقدمة لواشنطن، في محاولة لمنع حصول أمريكا على معلومات تتعارض مع خطه.."، ولكن كدأب أمريكا مع كيان يهود، وحفاظها على وجوده، فهي تستوعب فعاله الشاذة. ولو كان هذا العمل من المسلمين ضد كيان يهود لوصمته أمريكا بالإرهاب ولجيشت العالم ضده.

 

لقد أظهرت الأحداث ضرورة أن يسلك المسلمون مسلك الاستقلال عن الصناعات الغربية، وبخاصة المتعلقة منها بالسياسة الحربية، وهذا بالطبع لن يكون في ظل وجود هذه الأنظمة وحكامها العملاء، بل هو سيكون في أصل سياسة الدولة الإسلامية، الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، القائمة قريباً بإذن الله.

 

 

بقلم: م. مجدي علي

 

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع