- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
2024-05-15
جريدة الراية: الخلافة هي الحل
في مظاهرة نظمتها مجموعة "مسلم إنترأكتيف" في مدينة هامبورغ يوم 27 نيسان/أبريل الماضي رُفعت لافتات كتب عليها "الخلافة هي الحل". ودعت الكلمات التي ألقيت خلال المظاهرة إلى إقامة الخلافة كحل للمشكلات الاجتماعية في البلاد الإسلامية.
السيدة وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فايزر صرحت في حديث مع شبكات الإعلام الألمانية عقب المظاهرة: "إن الذي يريد العيش في دولة الخلافة ويرجع بذلك إلى العصر الحجري يخالف وجهة النظر الألمانية"، وأضافت: "نحن نستخدم جميع الأدوات المتاحة لنا، من المراقبة الاستخبارية إلى التحقيقات المكثفة"، وأكدت فايزر "أن أولئك الذين كانت لديهم خيالات عن الخلافة خلال المظاهرة في هامبورغ كانوا أيضا نصب أعين السلطات الأمنية"، وقالت: "لكن في دولتنا الدستورية لا يمكننا حظر مثل هذه المجموعات إلا إذا تم استيفاء المتطلبات القانونية العالية". وقد فرضت السلطات شروطا صارمة للسماح بالمظاهرة، مثل عدم الفصل بين الجنسين وعدم التصريح بشعارات تنادي بالخلافة، أو رفع رايتها، أو إنكار دولة يهود، أو هتافات معادية للسامية. وأوضحت الوزيرة: "أن هذه القيود تتيح التدخل الفوري والحاسم في حال تم التحريض على إقامة خلافة في ألمانيا أو التحريض ضد اليهود خلال المظاهرة".
ليست هي المرة الأولى التي تقوم فيها الأوساط السياسية والإعلام بالتحريض ضد المتظاهرين سواء منهم من يرفع شعار الإسلام أو يرفع غيره من الشعارات التي تندد بأفعال يهود في غزة والضفة الغربية والمذابح التي يمارسها جنود يهود دون رقيب أو حسيب. والسلطات الألمانية تتذرع بالذرائع نفسها وتقدم الحجج ذاتها، وهي في ذاتها حجج وذرائع مخالفة في أصولها لمبدأ حرية التعبير وحرية التظاهر والحرية الفكرية، كل ذلك يُضرب به عرض الحائط عندما يكون الأمر متعلقاً بالصراع الفكري المبدئي. وسرعان ما يلجأ الساسة أو أصحاب السلطة ويتبعهم الإعلام بتدبير التهم بمعاداة السامية وإلصاقها بمن يستشعرون منه خطرا على مبدئهم أو نفوذهم ومصالحهم مثل حملة الفكر المستنير وعلى وجه الخصوص دعاة الخلافة، حتى أصبح مجرد انتقاد كيان يهود أو شخصيات يهودية ولو ثبت تطرفها، معاداة للسامية وتحريضا ضد يهود.
وقد سبق في عام 2003 أن حظرت السلطات الألمانية نشاط حزب التحرير للأسباب نفسها، وسَنَّت لذلك قانونا خاصا تم تفصيله وصياغته ليتناسب مع حرصهم على إسكات صوت الحق، ومحاربة الفكر الذي يكشف زيف وجهة نظرهم الفاسدة، وطريقة عيشهم السقيمة بما تسمية الوزيرة اليوم قانونا ودستورا يبدل ويعدل حسب الرغبة والمصلحة، ويقال بعد ذلك افتراء إنها دولة القانون!
على أن هذا الحظر ليس جديدا على دعاة الحق على مر التاريخ وفي كل بقاع الأرض، وشواهد ذلك من سير الرسل عليهم السلام تنزلت بها الآيات في كتاب الله لتبين لحملة الدعوة أن الحق يحارب دائما من أصحاب المصالح وذوي النفوذ، وما فرعون والنمرود وأبو لهب وأبو جهل عنا ببعيد. يقول الله عز وجل فيما جاء على لسان فرعون: ﴿فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ * وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ * وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ﴾.
فتوجيه التهم الباطلة وادعاء الإرهاب والتطرف لتبرير ملاحقة الدعاة ومنعهم هو ديدن المتسلطين، ولكن ذلك لم يثن الدعاة عن مواصلة دعواتهم حتى أتاهم نصر الله.
وهذا هو حال حملة الفكر المستنير الذين يحملون الإسلام مبدأ وطريقة عيش وفكرة سياسية، وليس مجرد طقوس أو عبادات تفصل الدين عن الحياة، فهم يصارعون أفكار الغرب ومبادئه بفكرهم المستنير، وهذا ما جعل الغرب وأذنابه في بلاد المسلمين يسارعون في حظر الحزب ومطاردة حملة الدعوة خشية أن ينكشف عوار مبادئهم وهشاشة أفكارهم التي لا يمكن أن تواجه الحق المبين الذي جاء به الإسلام.
يقول الله عز وجل في وصف هذا الصراع بقوله: ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ۚ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ﴾.
والذي يجعل الظلاميين يتمادون في غيهم وفي تجاوزاتهم لدساتيرهم وقوانينهم هو أنهم يعلمون أن دعوة "الخلافة هي الحل" لا تعني حل مشكلة فلسطين أو مشكلة الظلم في بلاد المسلمين فحسب، بل هي دعوة عالمية لحل مشاكل البشرية جمعاء. فالله سبحانه وتعالى يقول: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾.
والذي يجعلهم يشهرون سيوفهم ويسلطون جنودهم على دعاة الخلافة أنهم باتوا يشهدون انتشار هذه الدعوة عالميا، وأن الشعوب تنشد عودة حكم الإسلام بخلافة راشدة، ولم يعد ينطلي عليهم ما يشبهون به أو يحرفونه من تلبيس علماني بالٍ، أو تحريف ديمقراطي فاسد.
وأخيرا، فالأمة الإسلامية اليوم غدت على مفترق الطريق، وقد تبين لها الظلم الذي وقع عليها منذ هدم دولتها قبل مائة عام، وأدركت أسباب ضعفها، وشهدت تكالب الأمم عليها ولمست تواطؤ حكامها مع الكفار. إن الأمة اليوم مدعوة لنصرة الحق ومطالبة باستعادة سلطانها، ولا يكون ذلك إلا بالعودة إلى كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام ببيعة خليفة راشد، وبذلك يستحقون نصر الله سبحانه الذي قال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾.
بقلم: م. يوسف سلامة – ألمانيا
المصدر: جريدة الراية