الإثنين، 23 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

Al Raya sahafa

 

2020-06-17

 

جريدة الراية:

قصة سلام ومستنقع حرب في أفغانستان!

 

(مترجم)

 

لقد شهدت أفغانستان، على مدى 40 عاما من الحرب، سلسلة من الدعاية المتعلقة بـ"السلام"؛ وهو مفهوم ينطوي على دلالات مختلفة من وجهات نظر مختلف الأطراف المشاركة في العملية.

 

فعندما يذكر شعب أفغانستان كلمة "سلام"، فإنه يترجمها على أنها وقف للحرب. ومن ناحية أخرى، عندما تتحدث أمريكا عن "السلام"، فإنه ينطوي ضمناً على أنه فرصة لإنهاء أطول حرب أمريكية في التاريخ وإعادة قواتها إلى بلادها من خلال تأمين نفوذها السياسي والاستخباراتي في أفغانستان.

 

وعند الإشارة إلى "السلام"، تراه طالبان بشكل مختلف تماماً، وهو أنه يتعين على أمريكا أن تقبل هزيمتها في الحرب، وأن تحشد قواها للانسحاب من أفغانستان؛ ونتيجة لذلك، ستعود إمارة طالبان أو شبه إمارة إلى الساحة السياسية في أفغانستان. ومن ناحية أخرى، تحاول الحكومة الأفغانية العميلة لأمريكا والقادة السياسيون المؤثرون، الذين كانوا يتصرفون كأطفال أمريكيين في احتلال أفغانستان، أن يتحدثوا عن القيم والمفاهيم العلمانية الغربية التي يدافعون عنها منذ أكثر من عشرين عاماً كمبرر لحماية مركزهم السياسي ومصالحهم الفردية في البنية السياسية المستقبلية لأفغانستان.

 

ويرى الاتحاد الأوروبي هذه المسألة من منظور مختلف يستند إلى القيم والمعايير الديمقراطية مقارنة بالحكومة الأفغانية، وقد سعت أمريكا دائماً إلى الحفاظ على مكاسب السنوات التسعة عشر، مثل؛ حقوق الإنسان والجمهورية والديمقراطية.

 

وعلى الرغم من أن الصين وروسيا وإيران وباكستان تقاوم على ما يبدو وجود أمريكا في أفغانستان، فإن كلاً منها يحمل علاقة متنوعة معها من أجل مصالحه الخاصة في أفغانستان. وبالتالي، فهم قلقون من الانسحاب غير المسؤول لأمريكا من أفغانستان ولا يريدون أن تتحول البلاد إلى ملاذ للمجاهدين. ومع ذلك، فقد حددت جميع الأطراف بوضوح "الإمارة الإسلامية" وتطبيق "الشريعة الإسلامية" كخط أحمر لهم ومحاولة منع عودتها إلى النظام السياسي في أفغانستان. ولذلك، فإن هذا التوافق غير المشروع بين جميع الأطراف سينظر إليه على أنه السبب الوحيد لاستمرار الحرب في أفغانستان. ومثل هذا السيناريو يتعارض مع معتقدات المسلمين والمجاهدين في هذه الأرض، ولكن التاريخ أثبت دائما أن شعب أفغانستان لم يستسلم أبدا لأي مقترحات، أو توقعات لعدم امتثاله للشريعة والدولة الإسلامية.

 

وبالنظر إلى ما تقدم، فإن أي كلمات خادعة مثل "توافق الآراء الوطني والإقليمي والدولي" هي أيضا جزء من هذه الدعاية المتعلقة بالسلام. وفي الوقت نفسه، يتعين على المرء أن يدرك أن العالم الذي يقوم على أساس المبدأ الرأسمالي، حيث يسعى الجميع إلى تحقيق مصالحهم الخاصة، فإن مثل هذه المفاهيم لن تتحقق أبداً بمعناها الحقيقي غير تضليل الرأي العام.

 

ومن ناحية أخرى، يحاول الحزب الحاكم (الجمهوري) في أمريكا استغلال عملية السلام الأفغانية في الانتخابات الأمريكية القادمة، وهم غير صادقين إزاء ادعائهم سحب قواتهم بأكملها من أفغانستان. ولإدراك هذه اللعبة القذرة، يتعين على المرء أن يفهم بالضرورة حقيقة أن أمريكا حكومة تقودها مؤسسات وليس أفراد. في واقع الأمر، لطالما أراد دونالد ترامب أن تغادر القوات الأمريكية أفغانستان في أقرب فرصة ممكنة، كما جاء في اتفاق السلام بين أمريكا وطالبان. ومع ذلك، نكتشف أن مؤسسات أمريكية أخرى عارضت مراراً وجهات نظره، وآخرها وزير الدفاع الأمريكي، مارك إسبر، الذي تحدث مجددا ضد تصريح ترامب بقوله: "إن انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان ليس سوى خيار واحد، وليس خياراً قوياً بشكل خاص".

 

ويبدو أن المسؤولين الأمريكيين وحركة طالبان يضغطون من أجل التطبيق الكامل لاتفاق السلام، وقد وضع زلماي خليل زاد المبعوث الأمريكي للمصالحة إطارا محددا لانسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان بعد 18 شهرا من المحادثات مع ممثلي طالبان في الدوحة. ويعتقد الكثيرون أن هذه الاتفاقية أنهت السياسات والمطالب المتعددة المستويات لأمريكا في أفغانستان؛ وينبغي أن تكون هذه الاتفاقات ذات مستويات طويلة الأمد. ومع ذلك، لا يزال ما يسمى باتفاق السلام له العديد من المنتقدين في واشنطن وبين صفوف طالبان.

 

ويبدو أن أمريكا قادرة على قيادة عواقب هذا الاتفاق من خلال تدليل نظامها العميل في كابول على عدم الامتثال لسياستها الخارجية في المنطقة. وبدلا من ذلك، ستضع العبء السياسي لتباطؤها وقذارتها على عاتق الأفغان، ولكن يبدو أن قادة طالبان لا يمارسون سوى القليل من هذه المناورة.

 

وعلى هذا فإن هذه الاتفاقية سوف تحمل أهمية رمزية واحتفالية لأمريكا لإخفاء هزيمتها وإنهاء أطول حرب في تاريخها، فضلاً عن تضليل الرأي العام سواء في أمريكا أو خارجها. وعلاوة على ذلك، أدى هذا الاتفاق إلى تقليص حركة طالبان، وهي جماعة مسلحة حاربت الاحتلال بوصفها داعية إلى تنفيذ الشريعة تنفيذا كاملا، وتحويلها إلى فصيل سياسي وطني. ويعتبر هذا الانزلاق انتحاراً سياسياً لمجموعة عسكرية، ويعني بشكل ملموس التقليل من شأن تطلعات شهداء الحرب التي استمرت 19 عاماً.

 

ومع ذلك، ونظرا للدعاية المكثفة التي انتشرت بشأن السلام في أفغانستان، لا يزال هذا البلد على مفترق طرق بين الحرب والسلام، ومن المرجح أن تشتد الحرب إلى حد كبير بدلا من السلام. وبصرف النظر عن شعب أفغانستان، لا يوجد فصيل واحد يشارك في هذه الحرب القذرة يريد وقفها لأن كل واحد منهم يسعى إلى تأمين مصالحه وقت الاضطراب. وتجدر الإشارة إلى أن معظم نتائج السلام الأمريكي هي ضد إرادة الشعب التي يمكن من خلالها للمناورين أن يأتوا لاستغلال مشاعرهم وتوجيهها.

 

لذلك، طالما أن الأمة لا تقف ضد سياسات الكفار على المستوى الإقليمي، فإن الانسحاب الزائف للقوات الأمريكية من أفغانستان وصعود الجماعات الوطنية، التي توصف بالإسلامية، إلى السلطة لن يعالج مشكلة الشعب. بل إن مشكلة الشعب الأفغاني، شأنها شأن مشكلة المسلمين الآخرين، لن تحل إلا بإقامة دولة إسلامية موحدة. وحينها، ستكون المبادرات بأكملها في أيدي الأمة محلياً وعالمياً لقيادة العالم من ظلام الرأسمالية إلى نور الإسلام.

 

بقلم: الأستاذ سيف الله مستنير

 رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية أفغانستان

 

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

#أفغانستان
Afghanistan#
Afganistan#

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع