- الموافق
- 2 تعليقات
بسم الله الرحمن الرحيم
2016-04-11
جريدة الراية: هجمات لاهور تفرض وجوب التغيير
(مترجم)
أودى انفجار قنبلة مدمرة وقع الأسبوع الماضي في حديقة "غولشان إقبال" في لاهور بحياة 72 شخصاً وتسبب بجرح العديد من المدنيين. وكان غالبية الضحايا من النساء والأطفال الأبرياء. وفي أعقاب المجزرة، أعلنت جماعة الأحرار - وهي جماعة منشقة عن طالبان - مسؤوليتها عن الهجوم الانتحاري، وقالت إن الهدف المقصود كان النصارى الذين يحتفلون بعيد الفصح.
وقبل الحادث المأساوي في لاهور، كان كل من الحكومة والجيش قد أعلنا أن "عملية ضرب العضب" بالإضافة لـ"خطة العمل الوطنية" قد ساهمتا بشكل كبير بخفض الحوادث الإرهابية في البلاد. وفي كانون الثاني/يناير عام 2016، قال المعهد الباكستاني لدراسات السلام في تقريره الأمني السنوي لهذا العام إنه كان هناك انخفاض عام بنسبة 48٪ في النشاط الإرهابي في جميع أنحاء البلاد. وفي أيلول/سبتمبر عام 2015، كشفت صحيفة واشنطن بوست عن انخفاض قدره 70٪ في الأعمال المتعلقة بالإرهاب. وبغض النظر عن معنى هذه الأرقام، فإن مجزرة لاهور وردود أفعال الأجهزة الأمنية هو تذكير مدوٍّ بأن باكستان تقع الآن في معضلة الأمن المفرغة التي يبدو أنها تزداد سوءًا كل عام.
وبعد كل هجوم إرهابي، يقوم علماء الدين بإدانته، وتُفرض إجراءات صارمة ضد الجماعات المسلحة المعروفة وما يتبع ذلك من وضعهم في السجون، ثم بعد ذلك تُتهم الهند أو حركة طالبان الباكستانية أو جهة أجنبية غامضة، وقد أصبحت هذه السياسية هي السمة المميزة للحكومات الباكستانية المتعاقبة وقادة الجيش. إلا أن هذه الأساليب التقليدية لم تفشل فقط في وضع حد للعنف، وإنما أيضًا لم تقدم شيئًا يُذكر لأهل باكستان.
إن المطلوب هو مراجعة الأسباب الحقيقية وما يتفرع عنها الكامنة وراء هذه الحوادث التي تعصف بباكستان. ويمكن للشخص العادي أن يلاحظ أنه قبل عام 2001 لم تكن تقع مثل هذه الهجمات. نعم، كان هناك الكثير من العنف، ولكن لم تقع مِن قَبْلُ هجمات انتحارية ضد مؤسسات الجيش والسكان المدنيين. إن السبب الرئيسي وراء كل هذه الهجمات هي السياسة الخارجية الباكستانية المرتبطة بحرب أمريكا العالمية على (الإرهاب) والتي قد تسببت بالوقوع في دوامة العنف، وفي الوقت نفسه لا تملك الحكومة أو الجيش أي فكرة عن كيفية الحد منها.
ويمكن القول، إن العنف في الشوارع الباكستانية قبل عام 2001، كان في الأصل نتيجة للجهاد الأفغاني، أي جراء قيام باكستان بتوجيه سياستها الخارجية لخدمة المصالح الأمريكية في أوراسيا. في ذلك الوقت، كان يُنظر لحركة طالبان والمجاهدين الأفغان على أنهم أبطال وليسوا أعداء، وكانت الأعمال تُموَّل بشكل صريح من الحكومة والمخابرات الباكستانية. وكانت الثقافة الإسلامية التي تبين فضائل الجهاد والاستشهاد يُروَّج لها بقوة في المجتمع وتُدرس بنشاط في المدارس في كافة أرجاء البلاد.
وفي أثناء ذلك، فقدت باكستان عمقها الاستراتيجي في أفغانستان، وقد أصبح اقتصادها يتجه من سيئ إلى أسوأ، وفُقد الأمن، وماتت قضية كشمير، وأصبحت إسلام أباد تواجه القوى المعادية على الجبهتين الشرقية والغربية. بل أسوأ من ذلك، أصبحت أمريكا تستغل باستمرار دوامة الإرهاب في الشوارع الباكستانية لدعم قولها بأن الأسلحة النووية الباكستانية غير آمنة.
ومع ذلك، فإن القيادات المدنية والعسكرية على حد سواء ترفضان الاعتراف بأن علاقة أمريكا مع باكستان هي المجرم الحقيقي الذي يغذي العنف في الشوارع الباكستانية وتضر بوحدة البلاد. وقد فاقمت النخب الباكستانية، القلقة من قطع العلاقات مع أمريكا، من حدة ارتباك القوات التي تمزق البلاد. إلا أنه في المستقبل غير البعيد إذا استمر الأمر على هذا الحال لن يكون هناك باكستان ليحكموها!
إن الرؤية العلمانية التي جعلت من باكستان جمهورية قد فشلت في حماية رعاياها؛ المسلمين وغير المسلمين على حد سواء. وتعمل النخب العلمانية في باكستان العلمانية اليوم بلا كلل لحماية ثرواتهم ومصالح سيدتهم أمريكا.
وتعيش باكستان اليوم حالة تحتاج فيها بشدة إلى رؤية وطريق وقيادة بديلة لتنظيم المجتمع. رؤية حيث يتمكن من خلالها المسلمون وغير المسلمين من العيش معًا في سلام ووئام، وهم بحاجة إلى طريق يمكن من خلالها حماية دمائهم وممتلكاتهم مهما كان الثمن، وهم بحاجة إلى قيادة تمنع أمريكا من التدخل في شؤونهم.
ويمكن لهذا أن ينجح فقط إذا قفز المسلمون في باكستان فوق خلافاتهم وتوحدوا للعمل معًا من أجل إقامة دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾ [الأنفال: 24]
بقلم: عبد المجيد بهاتي
المصدر: جريدة الراية
2 تعليقات
-
جزاكم الله خيرا وبارك جهودكم
-
بارك الله فيكم وسدد خطاكم