- الموافق
- 3 تعليقات
بسم الله الرحمن الرحيم
2016-03-01
جريدة الراية: التدخل البري في سوريا ورقة ضغط على الثوار يلعب بها آل سعود لصالح أمريكا
معلوم أن حكام السعودية ليسوا أصحاب القرار في اتخاذ مواقفهم الدولية من ذات أنفسهم، وأن مرجعيتهم في ذلك إلى الموقف الدولي في الأمم المتحدة والذي تمثله أمريكا. أضف إلى ذلك الحلف الاستراتيجيي بين السعودية وأمريكا، واتفاقيات الدفاع المشترك، التي تجعل من السعودية حجر شطرنج بيد أمريكا تحركها بحسب مصالحها وأهدافها.
على ضوء هذه العلاقة الأمريكية السعودية، يرتسم المشهد في الثورة السورية والذي تتحكم به أمريكا دوليا. وهو الملف الأساس للإدارة الأمريكية المقبلة على العام الانتخابي، وعليه فقد عجلت الأطراف مناقشات مؤتمر جنيف3، التي سبقها مؤتمر الرياض، علها تصل إلى حل، يستسلم فيه الثوار وتضمن فيه أمريكا مصالحها في سوريا.
وبعد فشل مؤتمر جنيف3 في إيجاد ذلك، وتأجيله إلى ما بعد 25 شباط/فبراير، خرجت الإدارة الأمريكية عن طورها، وهو الأمر الذي عبر عنه التسريب، الذي صرح به المعارض أسعد العشي خلال اتصال الجزيرة بتاريخ 2016/2/7م حيث أبلغ كيري نشطاء مدنيين من سوريا على هامش مؤتمر دعم سوريا الذي استضافته لندن بعيد مؤتمر جنيف3 فقال "علينا توقع 3 أشهر من الجحيم" وقد "طلب من المجتمع المدني الضغط على المعارضة للعودة إلى التفاوض وإلا فإن القصف الروسي الأسوأ لم يأت بعد"، ونلاحظ مدى غضب كيري من المجتمع السوري تحديدا، وهو المجتمع الذي فشلت الأطراف بتمثيله أو استرضائه أو تركيعه.
في هذه الظروف تتخبط أمريكا بالضغط على حلفائها في المنطقة، لزيادة ضغطهم على الثورة بكل الطرق، بغية تركيعهم، مستعملين في ذلك كل الوسائل. وفي هذا السياق تأتي تصريحات السعودية في موضوع التدخل البري.
إن السعودية في ذلك تلعب على حبلين، الأول داخلي وإقليمي، فيه زيادة الخداع والتضليل بأن موقفها دعم الثورة، وأن جميع تحركاتها شرعية لنصرة أهل سوريا. والحبل الثاني في المسار الدولي، والذي فيه خدمة لمصالح أمريكا في سوريا، وهي في ذلك لم تخرج عن لعبة أمريكا في مجال تبادل الأدوار بين المؤيد والمعارض، ومحاولة تبوّؤ موقف دولي بين الدول الكبرى، فتظهر وكأنها صاحبة قرار في هذا الموقف.
في هذا السياق أعلنت السعودية بأنها سوف تقوم بالتدخل البري، ومنذ الإعلان تسمعنا تصريحات ومقابلات بشكل شبه يومي، لوزير الخارجية الجبير والمتحدث العسيري، والتي كلها جاءت بلهجة التهديد والتخويف، مثل أن القرار لا رجعة عنه، وأن التحضير جارٍ ومستمر وسوف يعلن عن الخطط قريبا، وقامت خلال هذه الفترة، باستغلال تدريبات رعد الشمال، كأكبر تدريبات عسكرية في الشرق الأوسط، ومحاولة الربط بين هذه التدريبات وبين التدخل البري، وإرسال الطائرات إلى قاعدة إنجرليك في تركيا، والعمل على تجميع أكبر عدد من الدول في التحالف، والتأكيد على ربط التحالف الإسلامي بالتحالف الدولي، وكل هذا والجيش الروسي والسوري والإيراني يزيدون من حملتهم العسكرية وقصفهم على مناطق المعارضة.
أحدث التصريحات كانت لوزير الخارجية الجبير في مقابلة مع صحيفة ديرشبيغل الألمانية "أن امتلاك المعارضة صواريخ أرض-جو يمكن أن يغير موازين القوى في سوريا" (روسيا اليوم 2016/2/19م). وهي الورقة التي ما زالت السعودية ترفعها أمام الثوار منذ بداية الثورة، وبعد خمس سنوات - وكمحاولة السعودية للتملص من موقف التدخل العسكري - جاءت الآن لتلوح بالورقة من بعيد، لتغطي بها عيوبها، وهي الورقة التي سوف تحسم المعركة لصالح الثوار عسكريا، الأمر الذي لا تريده السعودية ولا أمريكا. وفي اتصال هاتفي أجراه بوتين مع العاهل السعودي اتفق الطرفان على دعم الحل السياسي. (الجزيرة 2016/2/19م) وهو ما يؤكد في الوقت الحالي ابتعاد السعودية عن موضوع التدخل البري وتأجيله إلى وقت لاحق.
إن الحديث عن تدخل بري بهذ الشكل لهو محض تهور وجنون، في ظل الظروف الاقتصادية التي تعيشها السعودية وحربها على اليمن، إضافة إلى أن التصريحات عن التدخل البري كلها تصريحات فضفاضة، تفتقد لخطط استراتيجية، وأهداف واضحة، فالسعودية لم تحدد بشكل واضح من هو المستهدف من هذه العمليات، وهل ستقوم بمحاربة الأسد أو روسيا أو مليشيات إيران وحزب الله، والتي تقتل أهل سوريا وتحارب مع الأسد منذ البداية؟
إن الحديث عن تدخل بري لا يعني سوى دعم الأسد بطريقة خبيثة، ومساعدته فيما يعجز عنه، أي السير في طريق التنسيق معه وليس محاربته.
وعليه فإن غلبة الظن - حتى الآن - بأن موضوع التدخل البري، لا يخرج عن كونه تصريحات ومقابلات، لا تملك من أمرها شيئا، ولا يمكنها أن تتحرك إلا بأمر من أمريكا، وهي في الوقت الراهن مستبعدة ما لم تأمر أمريكا بذلك، وعندها فلن تجد السعودية بداً من التدخل.
وعلى المسلمين في بلاد الحرمين، أن يعوا بأن هذه الحرب، لا تحمل أي صفة إسلامية، بل هي بعيدة كل البعد عن الإسلام، وما هي إلا خدمة لمصالح أمريكا، وأن هذا التدخل - إن حصل - فهو حرب يقوم خلالها المسلم بقتل أخيه المسلم في سوريا، بل وقد يقتل أخاه المسلم من المجاهدين الذين خرجوا من بلاد الحرمين لنصرة الثورة السورية، وأن تكاليف هذه الحرب سوف يدفعها المسلمون لحساب مصالح أمريكا.
إن نصرة المسلمين لا تكون إلا من خلال جيش مسلم يقوده خليفة مسلم، يحكم دولة خلافة راشدة على منهاج النبوة، تعيد للمسلمين حقوقهم وترفع الظلم عنهم، وهذا ما يجب على أبناء بلاد الحرمين والمسلمين كافة أن يعوه.
بقلم: ماجد الصالح – بلاد الحرمين الشريفين
المصدر: جريدة الراية
3 تعليقات
-
بارك الله فيكم
-
جزاكم الله خيرا
-
جزاكم الله خيرا