الأربعاء، 25 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • 1 تعليق
جريدة الراية: أمريكا تستفز كوريا الشمالية لتطويق الصين

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

Raya sahafa

 

2016-02-17

 

 

جريدة الراية: أمريكا تستفز كوريا الشمالية لتطويق الصين

 

 

 

أعلن الناطق باسم الجيش الأمريكي أنّ الولايات المتحدة نشرت في كوريا الجنوبية بطاريةً إضافيةً لصواريخ مضادة للصواريخ من نوع (باتريوت) ردّاً على إجراء كوريا الشمالية تجربة نووية، وإطلاقها صاروخاً بالستياً، وقالت قيادة القوات الأمريكية في كوريا الجنوبية في بيان لها: "إن نشرَ هذه البطارية جزءٌ من تدريبٍ على نشر صواريخ بشكلٍ عاجلٍ رداً على الاستفزازات الكورية الشمالية الأخيرة".

 

أمّا الصين فقد جاء رد فعلها سريعاً على نشر المنظومة، حيث اعترض وزير خارجيتها وانغ يي على نشر الولايات المتحدة للمنظومة، ودعاها لأنْ تتحرك بحذر إزاء نشر هذا النظام الصاروخي المتطور المسمّى (ثاد) في شبه الجزيرة الكورية، وقال بأنّ: "عليها أنْ لا تستغل ذلك كذريعة للتأثير على أمن الصين، وعدم إضافة عامل معقد جديد للسلام والاستقرار في المنطقة"، وأعلنت وزارة الخارجية الصينية عن لقاءٍ تمّ بين وزير الخارجية الكوري الجنوبي وانغ يي ووزير الخارجية الأمريكي جون كيري في ميونخ، وقالت بأنّ وانغ يي أبدى لكيري معارضة الصين الشديدة لنشر نظام (ثاد) الأمريكي للدفاع الصاروخي على الأراضي الكورية.

 

إنّ مشكلة كوريا الشمالية ليست مشكلة عابرة، أو مؤقتة، وحلّها ليس بالأمر المتيسر، وسبب إطالة هذه المشكلة وتعقيدها مرتبط بالصراع بين أمريكا والصين في منطقة شرق آسيا، فأصل المشكلة بالنسبة لأمريكا لا يتعلّق في كوريا الشمالية، وإنّما يتعلق بالصين نفسها، فكوريا الشمالية دولة صغيرة لا يزيد تعداد سكّانها عن خمسة وعشرين مليوناً، وهي دولة فقيرة وضعيفة اقتصادياً، ولا تملك من عناصر القوة سوى ذلك السلاح النووي المحدود، وكان بالإمكان حل مشكلة هذا السلاح لولا التعنت الأمريكي.

 

فأمريكا كانت دائماً ما تتعمّد إبقاء المشكلة على حالها، وعدم حلّها، لتستفيد من التوتر الموجود في تلك المنطقة من أجل فرض نفوذها فيها، ونشر قواعدها ومنظوماتها الصاروخية المختلفة، وإخضاع جميع دول تلك المنطقة لهيمنتها، والاستمرار في مراقبة قدرات الصين وتطويقها وتحجيمها.

والدليل على ذلك أنّ الهدنة التي تمّت بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية لم تتحول إلى سلام بين الدولتين، ولا حتى إلى حسن جوار بينهما، وذلك منذ انتهاء الحرب بين الدولتين في العام 1953 وإقامة المنطقة العازلة المجردة من السلاح على جانبي خط العرض (38) الحدودي الفاصل بينهما، فحالة الحرب الفعلية بين الدولتين الكوريتين ما تزال قائمة منذ ذلك التاريخ، ولو كانت أمريكا جادة في الإصلاح بينهما لما تأخرت لأكثر من ستين سنة.

 

وحتى عندما دخلت كوريا الشمالية في مفاوضات لوقف برنامجها النووي والتي عُرِفت بالمفاوضات السداسية وشاركت فيها كل من: روسيا والصين واليابان والولايات المتحدة بالإضافة إلى الكوريتين واستمرت لعدة جولات خلال الأعوام 2004 و2005 و2006 كانت أمريكا بتشددها تُفسد تلك المفاوضات، وكانت بتضييقها على كوريا الشمالية تُعطّلها، وبالتالي لم تصل إلى نتائج حاسمة.

 

وهذا الأسلوب الأمريكي المقصود في التفاوض والذي لم يمنح كوريا الشمالية الأمل في الحياة الكريمة، وإبقاء العقوبات المفروضة عليها لعشرات السنين، هو ما دفعها في نهاية العام 2006 إلى إجراء تجربة نووية، والإعلان عن امتلاكها للسلاح النووي.

 

ولكن ومع ذلك، وبعد إجراء التجربة عادت كوريا الشمالية - ولديها الرغبة الصادقة في حل مشكلتها النووية مع أمريكا والعالم - إلى المفاوضات السداسية في العام 2007، ووافقت على تعطيل مرافقها النووية، وتقديم جردة كاملة عن جميع برامجها النووية، وقامت بالفعل بتدمير برج التبريد في مفاعل (يونڤبيون) النووي لديها، وفي المقابل قامت الولايات المتحدة برفع جزئي للعقوبات الاقتصادية عنها، ولكنّ المفاوضات بعد ذلك سارت ببطء شديد بسبب الاشتراطات الأمريكية الكثيرة، وتأخر تنفيذ حُزم الحوافز الاقتصادية التي وُعدت بها، بالرغم من حاجتها الماسّة إليها، وهو ما دفعها مرةً ثانية للقيام بالإعلان عن استئناف نشاطاتها النووية، ثمّ زادت حدة الأزمة بعدما نصبت كوريا الشمالية صواريخ أرض/ أرض على منصات إطلاق في البحر الأصفر، وهدّدت بتحويله إلى بحر من نار في حال تعرضها للاعتداء أو لأي انتهاك لمياهها الإقليمية، واستمرت كوريا الشمالية بنهج التصعيد على أمل تليين الموقف الأمريكي، ولكنّ أمريكا صعدّت الأمور واستمرت بسكب الزيت على النار لتزيد من إشعال المنطقة برمّتها، وهو الأمر الذي أوجد توتراً شبه دائم في المنطقة، صاحبه إطلاق تصريحات نارية، وإجراء مناورات عسكرية صاخبة، وأحيانا كان يبلغ الوضع ذروته فتقع اشتباكات محدودة بين الكوريتين، وتحولت هذه الأعمال والأوضاع إلى سمات مألوفة مميّزة للوضع في تلك المنطقة الساخنة من العالم.

وبالإضافة إلى أمريكا هناك قوى أخرى كبيرة وفاعلة في المنطقة وهي الصين واليابان وروسيا، وتسعى هذه القوى الثلاث نوعاً ما إلى التهدئة، بينما تُصر أمريكا على التصعيد، فالاختلاف بين هذه القوى في النظرة إلى حل المشكلة الكورية بات واضحاً، والنظرة بينها تتباين حول طبيعة المشكلة وأصلها، وحول شكل التسوية السلمية المطلوبة لحلّها، وهذا التباين أدّى إلى استمرار الأزمة، واستمرار تداعياتها السلبية على أمن واستقرار منطقة شرق آسيا والعالم في الماضي وعلى المدى المستقبلي المنظور.

 

فواضح أنّ أمريكا وتابعتها كوريا الجنوبية، وإلى حدٍ ما اليابان تنتهج أسلوباً أكثر صرامة مع كوريا الشمالية، وذلك من خلال التلويح بفرض عقوبات اقتصادية جديدة، والتلويح بالقيام برد عسكري قوي إذا ما تكررت الاستفزازات من كوريا الشمالية، فيما تتمسك الصين بمنهج التهدئة والتعاون مع كوريا الشمالية عبر المحادثات السداسية أو ما شابهها.

 

وتبقى القوتان الرئيسيتان في المنطقة وهما الصين والولايات المتحدة هما الدولتين الوحيدتين القادرتين على إدارة دفة التطورات في شبه الجزيرة الكورية سلباً أو إيجاباً، وأهمية القوة الصينية آتية من جهة كونها الحليف الأول والوحيد لكوريا الشمالية منذ فترة طويلة، وهي المصدر الرئيس للغذاء والوقود اللازمين لعدم انهيار النظام الحاكم فيها، خاصة بسبب استمرار فرض العقوبات الاقتصادية الصارمة من قبل أمريكا ومجتمعها الدولي عليها، لذلك فالصين في الحقيقة تملك نفوذا حقيقياً هائلاً - اقتصاديا وسياسيا - على القيادة في كوريا الشمالية، وأمريكا بتحرشها في كوريا الشمالية إنّما تتحرش بالصين.


وقد حاولت الصين عدّة مرّات نزع فتيل الأزمة، فقد بادرت في نهاية عام 2010 باقتراح عقد اجتماع طارئ للمحادثات السداسية من أجل بحث نزع السلاح النووي لدى كوريا الشمالية، وتطبيع العلاقات بينها وبين جارتها كوريا الجنوبية، ولكنّ إدارة الرئيس الأمريكي أوباما وفي إطار ضغوطها على الصين، رفضت المبادرة، واتهمت قادة الصين بأنهم يساعدون كوريا الشمالية في تطوير برنامج تخصيب اليوارنيوم، وفي تشجيعها على شن الهجمات العسكرية علي كوريا الجنوبية، وادّعت أنّ الصين تغض الطرف عن انتهاكات كوريا الشمالية لقرارات مجلس الأمن الدولي، ولاتفاق الهدنة، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية بأنّ بلادها ربما تحتاج إلى إنشاء حلف مضاد للصين في منطقة شرق آسيا، لأن سلوكياتها المهادنة لكوريا الشمالية تُشجع قادة كوريا الشمالية على التمادي في تصرفاتهم الاستفزازية على حسب ادعائها.

 

فإدارة أوباما الديمقراطية تفوقت على الإدارات الجمهورية في استفزاز كوريا الشمالية، وهي تميل أكثر من سابقاتها إلى اتباع منهج أكثر تشدداً وصرامةً تجاه كوريا الشمالية.

 

وفي العام 2012 أجرت أمريكا مناورات عسكرية ضخمة مع سيئول استمرت أربعة أيام، وشاركت فيها حاملة الطائرات الأمريكية (يو إس إس جورج واشنطن)، وفرقاطات وطائرات لمحاربة الغواصات، وطرادات قاذفة للصواريخ مجهزة بنظام إيجيس المضاد للصواريخ البالستية.

 

وها هي أمريكا في هذه الأيام تنشر المزيد من بطاريات الصواريخ، وتُحضّر لإجراء المزيد من المناورات الاستفزازية المماثلة للمناورات التي أجرتها في العام 2012، وما زال يتمركز على الأراضي الكورية الجنوبية 28500 جندي أمريكي.

 

إنّ الإدارة الأمريكية تسعى دوماً في منطقة شرق آسيا إلى المحافظة على صورتها كقوة مهيمنة في منطقة شرق آسيا، فهي ما تزال تُوثق تحالفها الأمني والاقتصادي والاستراتيجي مع كوريا الجنوبية واليابان وتايوان لمواجهة الصين، وتستمر في تخويف هذه الدول من وجود عدو خطير يتمثل في كوريا الشمالية ومن خلفه الصين في منطقة البحر الأصفر، وهو ما يُبرر استمرار وجودها العسكري المكثف في تلك المنطقة، واستمرار مراقبة القدرات الصينية المتنامية ومحاولة تحجيمها وتطويقها.

 

 

 

بقلم: أحمد الخطواني

 

المصدر: جريدة الراية

 

 

 

1 تعليق

  • إبتهال
    إبتهال السبت، 27 شباط/فبراير 2016م 20:45 تعليق

    جزاكم الله خيرا

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع